Print

الرجولة

بقلم منير بشاى

 

عندما كتب الرسول بولس الى أهل كنيسة كورنثوس "كونوا رجالا تقووا" (1كو 16: 13) كان يخاطب الذكور والاناث على حد سواء. فالرجولة لا تعنى بالضرورة انتماء جنسيا، ولكنها تعبر عن مجموعة من الفضائل مثل الجدعنة والشجاعة والشهامة والوفاء المطلوبة من كل البشر. 

والرجولة تعنى شجاعة الاعتراف بالخطأ وتحمل مسئوليته. ولكن منذ زمن ابونا آدم وامنا حواء والانسان يتنصل من مسئوليته ومعها يتنصل من رجولته. 

بعد ان اكل ابوانا من الشجرة المحرمة حاول آدم لوم حواء ولوم الله "المرأة التى جعلتها معى هى اعطتنى من الشجرة فاكلت" وبالمثل حاولت حواء لوم الحية "الحية غرتنى فاكلت". ومن وقتها رسب الانسان فى اختبار الرجولة. 

كتعويض عن الرجولة الحقيقية قد يلجا الانسان الى استعراض القوة. ولكن الرجل ليس الضخم البنية القوى العضلات المفتول الشوارب الذى يرتعب من منظره كل من يراه، ولكنه الانسان الذى يصون ويحمى ويحس الناس معه بالامان. 

وليس الرجل هو الفظ اللسان الشرس الاخلاق المتبلد الاحساس ولكنه من يرثى للمسكين ويتعاطف مع مأساة المظلوم. الدموع فى عينى الرجل لا تنتقص من رجولته بل تزيد من انسانيته. 

لا تحتاج مع الرجل الى عقود وتوقيعات وشهود وتوثيقات ومحامين وقضاة وشرطة لتاخذ حقك منه. الرجل اذا وعد اوفى، واذا قال كلمة يمكنك ان تعتبرها ميثاق. 

اذا اوكلت للرجل عملا تستطيع ان تثق بانه سينجزه بالمواصفات التى التزم به وفى الموعد الذى وعد به. وتستطيع ان تتاكد انه قد وضع اسمه على المحك كالضامن. واذا تطوع الرجل لعمل يمكنك ان تتيقن على انه سيقوم به على احسن وجه دون احتياج لتذكير او متابعة او مراجعة. 

ولكن الرجولة كانت وما تزال عملة نادرة فى كل زمان. فمثلما بحث الله عن آدم فوجده مختبئا وراء الاشجار، فالله ما يزال يبحث عن الرجل فينا "وطلبت من بينهم رجلا يبنى جدارا ويقف فى الثغرة أمامى عن الأرض لئلا اهلكها فلم اجد" (حزقيال 30: 22) 

الرجل لا يحتاج ان يسمع الناس تقول له إنه رجل. أهم شىء عند الرجل انه عندما ينظر فى المرآة لا يخجل ممن يراه.