Print

العنف بإسم الاسلام- المشكلة والعلاج

بقلم منير بشاى

        ليس الهدف هنا إلصاق الاتهامات جزافا خاصة ونحن نتعرض للأديان.  وأدرك ان كل دين مقدس عند اتباعه، ولذلك أقترب من هذه القضية بحرص شديد.

        ولكننا نواجه بظاهرة لا يمكن انكارها ان غالبية الاعمال الارهابية فى العالم ترتكب بواسطة اناس يحملون اسماء مثل محمد ومصطفى وعلى.  ومع ذلك يقال لنا ان هؤلاء لا يمثلون صحيح الاسلام، او يقال انهم يردون على الجرائم التى ترتكب فى حق المسلمين ويشيرون الى أكلشيهات جاهزة مثل الاستعمار الأوروبى والامبريالية الامريكية والمؤامرة الصهيونية.  ولكن الحقيقة هى ان الارهاب الاسلامى سبق الاستعمار وأمريكا والصهيونية بقرون.  وأسبابه تكمن داخل الاسلام.

         اولا: وجود نصوص اسلامية فى القرآن والحديث تكفّر غير المسلم وتدعو الى قتله لمجرد الاعتقاد بأنه كافر او مشرك وحتى ان لم يؤذ المسلم فى شىء.  وهذه بعض الامثلة:

        "فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب" (سورة محمد)

"اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" (التوبة 5)

        "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزيهم ويشفى صدور قوم مؤمنين" (التوبة 13)

        "أمرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله.  فمن قال لا اله الا الله فقد عصم منى نفسه وماله" (البخارى 4: 196)

            ثانيا: وجود حوافز لمن يقوم بهذه العمليات الارهابية مثل الوعد بالجنة لمن يستشهدون حيث يتزوجون بالحوريات ويجلسون على الارائك ويخدمهم الغلمان المخلدون ويأكلوا ما طاب لهم من الطعام ويشربوا من انهار الخمر.  هذا بالاضافة الى حوافز مادية أرضية من الذين يجندوهم.

        ثالثا: وجود شيوخ يدفعون بهؤلاء الشباب لارتكاب العنف باصدار فتاوى تحلل لهم هذا العمل مثل فتاوى الشيخ عمر عبد الرحمن فى التسعينات بجواز قتل الصياغ الاقباط وسرقة ممتلكاتهم.

        رابعا: سكوت الغالبية المسلمة على هذه الاعمال واحيانا رضائهم وتشجيعهم.  فمثلا بعد حادث منهاتن وتفجير البرجين كانت الافراح تعم الدول العربية والاسلامية ومعظم المواليد الذكور اطلق عليهم اسم أسامة افتخارا بما عمله اسامة بن لادن.

        كيف يكون العلاج؟

        اولا: اذا كان السبب هو فهم خاطىء للنصوص فيجب ان تقوم السلطات الدينية بتصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة عند عامة المسلمين.  وقد طلب الرئيس السيسى من الشيخ الطيب تجديد الخطاب الدينى باستبعاد النصوص والمفاهيم الدخيلة على الدين.  ولكن شيخ الازهر متباطىء ومتردد ربما لانه يخشى الاتهام بالكفر من المتشددين الذين تكاثروا فى هذه الايام.

        ثانيا: اذا لم يكن هناك خطأ فى فهم النصوص.  وان النصوص فعلا تكفّر بعض الناس فعلى الاقل لا يجب ان ينصّب الانسان نفسه وكيلا لله على الارض فيقوم بقتال وقتل غيره من الابرياء الذين لم يعتدوا عليه.  ان كان يعتقد ان الله ينظر لهؤلاء على انهم كفار يستحقون النار فعليه ان يترك الحكم فى يد الله فالله اعلم بهم من البشر وهو اعدل العادلين.  ويجب اعادة النظر فى مفهوم الحسبة داخل المجتمع فالدولة هى المنوط بها هذا العمل ويجب ان نتركه لها والا اصبح المجتمع فوضى كل واحد ياخذ القانون بيده وينفذه على من يريد حسب هواه.

        ثالثا: رفض مبدأ الدولة الدينية (الثيوقراطية) او الحكم باسم الدين.  فصل الدين عن الحكم مبدأ لابد ان يتحقق اذا اردنا مستقبلا لهذه الامة.  هذا ما حدث لأوروبا عندما قامت حركة الاصلاح فانتزعت السلطة السياسية من يد الكنيسة وفصلت بين الدولة والكنيسة.  وكانت النتيجة القفزة التى رأيناها نحو اقرار الحريات وتفجير طاقات الابداع والتقدم العلمى واحترام الديمقراطية وحقوق الانسان وما تبع ذلك من رخاء اقتصادى ورفع مستوى الفرد ورقى المجتمع.

        قال السيد المسيح "تأتى ساعة فيها يظن من يقتلكم انه يقدم خدمة لله.  وسيفعلون هذا بكم لانهم لم يعرفوا الآب ولا عرفونى " يوحنا 16: 2 و 3.  نحن نعيش فى عالم طابعه الخداع.  ولا يوجد اكبر من ان يظن انسان انه يقدم خدمة لله بينما هو يزهق روح انسان آخر.  وجذور الخداع هو ان هؤلاء يظنون ان الله هو من يأمرهم بهذا بينما فى الحقيقة ان من وراء القتل هو ابليس.  وقد قال السيد المسيح للقتلة " انتم من اب واحد وهو ابليس وشهوات ابيكم تريدون ان تعملوا.  ذاك (ابليس) كان قتالا للناس منذ البدء." يوحنا 44: 8. 

فمن اجل الانسان بل ومن اجل الاسلام نفسه تعالوا بنا ننبذ العنف ونتعلم كيف نعيش معا على هذا الكوكب متحابين بدون جراح او دماء او دموع.

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.