Print

معركتنا الأكبر فى حرب كورونا

بقلم منير بشاى

       كورونا (كوفيد 19) فيروس صغير لا تستطيع ان تراه بالعين المجردة.  ولكن منذ ظهوره  فى الصين، فى النصف الثانى من عام 2019، قد تحوّل الى وباء عالمى يهدد البشرية.  حتى أواخر  مارس 2020 تعدّت الاصابات بالمرض فى العالم عدد المليون، تم شفاء حوالى ربع العدد  والبقية توفى بعضها والعدد الأكبر ما يزال تحت العلاج.  ومن الطبيعى ان عدد الاصابات سيزداد قبل ان يتم حصار المرض ووقف انتشاره.

       لا خلاف على ان كورونا مرض خطير.  تبلغ قوة الكورونا حوالى عشرة اضعاف قوة الانفلونزا العادية.  ومع ذلك فالخسائر فى الارواح للكورونا مجرد الواحد فى المائة من عدد الاصابات.  ولكن تأثير الكورونا على نفسية الناس قد اضر بمعظم سكان الأرض.  هذه هى الخسارة الاكبر فى المعركة الاكبر فى الحرب ضد فيروس كورونا.

       من اجراءات مكافحة مرض الكورونا كان عملية العزل والتباعد بين الناس اجتماعيا وجسدياSocial and Physical Distancing   وهو فرض مسافة بين الناس تبلغ حوالى مترين.  ونتيجة لذلك توقفت المصافحة باليد والاحضان والقبلات.  وصدرت التعليمات بالبقاء فى المنزل لمعظم الناس.  وتم غلق الكثير من الاعمال وتسريح العاملين فيها.  وتم غلق النوادى والمسارح والمطاعم.  وأغلقت دور العبادة بجميع انواعها.  واوقفت الدراسة فى المدارس والجامعات.  وحتى حفلات الزواج تم تأجيلها.  هذا على سبيل المثال وليس الحصر.  وبمعنى آخر توقفت الحياة بكل مباهجها وافراحها.

       فى المقابل اصبحت الوسائل المتاحة للتسلية هى التلفزيون والانترنت والسوشيال ميديا.  وهذه تقوم بعرض مستمر لأخبار ومصائب كورونا وبث المؤتمرات الصحفية المقلقة التى يقوم بها للمسئولون بدءا بالحى ومرورا بالمدينة والمحافظة والولاية ووصولا الى الحكومة الفيدرالية.  هذا بالاضافة الى نقل الاخبار المؤلمة لانتشار الوباء فى العالم.

       كل هذا تسببت فى حالة ذعر عام حطم نفسية الناس وقتل معنوياتهم.  اصبح الكثيرون يتمشون على الارض ولكن كالاشباح، احياء ولكنهم كالاموات، ينتظر كل واحد متى يأتى دوره ليصبح رقما فى الاحصائيات التى يرددها الاعلام على مدار الساعة.

       استطاعت كورونا ان يكون لها اليد الطولى ليس فقط فى معركة المرض الجسدى ولكن أيضا فى المعركة الأكبر وهى المرض النفسى.  استطاعت ان تصيبنا بالشلل النفسى وتأخذ منا بهجة الحياة والأمل فى المستقبل.

       هذا يجب ان لا يستمر.  البحث عن العلاج الجسدى لكورونا يسير بسرعة.  وهناك اخبار مشجعة عن طرق علاج يتم تجريبها.  ولكن مهمتنا الأكبر هى كيف نهزم كورونا فى معركة النفس.

       وهذا يأخذنا الى المخ البشرى.  فى المخ نخزن الافكار والخبرات المؤلمة والمفرحة.  هذه تظل فى العقل الباطن ويتم استدعائها من وقت لآخر فتؤثر على سلوكنا وتسبب لنا الفرح او الحزن.  امخاخنا حاليا اصبحت مخزنا للأفكار السلبية التى نسمعها عن كورونا.  ومن وقت لآخر تطفو هذه الأفكار على السطح فتسبب الشعور بالكآبة والفزع.  والحل هو ان نقلل من تعرضنا للأفكار السلبية وبدلا من ذلك نشحن المخ بالأفكار الايجابية.

       ما نحتاج اليه هو ان نبعد عن التلفزيون والكومبيوتر بعض الوقت.  ونحاول ان نقرأ كتابا مبهجا او نتمشى فى مكان هادىء او نتجاذب الحديث مع أصدقاء مريحين او نستمع الى ترانيم جميلة او موسيقى هادئة او نأخذ خلوة روحية مع الله لنتأمل فى كلماته المطمئنة فتزداد علاقتنا قربا بالآب السماوى المحب صانع الخيرات وضابط الكل.

هذه الجرعة الايجابية اشار لها الرسول بولس بوحى من الله عندما قال: "أخيرًا ايها الاخوة كل ما هو حقٌّ كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كلُّ ما هو مسرٌّ كلُّ ما صيتهُ حسنٌ ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا". فيلبى 4:.8  وايضا "لا تهتموا بشىء بل فى كل شىء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله.  وسلام الله الذى يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم فى المسيح يسوع. فيلبى 4: 6 و 7

       فى يوم من الايام، اتمنى ان يكون قريب، سنهزم كورونا ونقضى على تأثيرها على اجسادنا.  وسنفعل ذلك بالعلم الذى هو هبة من الله المذخّر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم.  والى ان يحدث هذا يجب ان لا  نمكّن كورونا من تحطيم نفسياتنا ومحو البسمة من على وجوهنا.

        كورونا تجربة صعبة ولكنها، مثلما أتت، ستمر...

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.