Print

المسنجر ليس دائما صوت الله!

بقلم منير بشاي

 

       ظاهرة الرسائل التي تصلنا وتطلب أن نرسلها لآخرين ليست جديدة.  منذ عقود وقبل عصر الكومبيوتر وانتشار ماكينات النسخ كانت تصلنا بالبريد رسائل تدّعي انها من الله وتطلب أن ننسخها باليد ونرسلها لعشرات الناس وتعدنا إذا فعلنا بالخير والبركة وتهددنا إذا لم نفعل بالويل والخراب.

       وبعد الكومبيوتر ازداد انتشار هذه الظاهرة بعد أن أصبح الاستقبال والإرسال سهلا لا يكلف شيئا سوى بعض الوقت.  ولكن تأثير هذه الرسائل المزعج وعملية الكذب والخداع المرتبطة بها هي الخسارة الأكبر والتي سنستمر نعانى منها.

        تصلنا اليوم رسائل كثيرة عن طريق المسنجر غالبا ذات طابع ديني تدّعي أنها من الله وتحاول دغدغة مشاعرنا الدينية وتطلب منا نشرها على قوائمنا الالكترونية وفى مقابل هذا تلعب على مشاعر الإحساس بالذنب لو تغافلناها او تعدنا بالحصول على رضاء الله لو نشرناها.  وليس هناك مشكلة لو كانت الرسالة صادقة وأهدافها سليمة ولكن المشكلة تحدث عندما نقع فريسة لمروجي الأكاذيب لتحقيق أغراض خبيثة.  من أجل هذا وجب فحص ما يصلنا من رسائل جيدا قبل ان نتعجل بنشرها فليس كل ما يصلنا في المسنجر صادق وليس كله من الله.

       من القصص التي انتشرت مؤخرا على المسنجر القصة التي تقول إن رجلا مسلما في مصر رأى زوجته تقرأ فى الكتاب المقدس فقتلها ودفنها ودفن معها ابنتيه واحدة رضيعة والأخرى عمرها ٨ سنوات وهما على قيد الحياة.

       وتقول القصة أنه بعد ١٥ يوما حدث أن أحد أفراد الاسرة توفى ولما ذهبوا الى المدافن ليدفنوه وبينما كانوا يحفرون وجدوا الطفلتين أحياء تحت الرمال.

       وتقول القصة أن البلد كلها غاضبة لما فعله الأب ولذلك حكم عليه بالإعدام.

       وتذكر القصة أن الابنة الكبرى عملت حديثا تلفزيونيا تم بثه على تلفزيون الدولة الرسمي وقامت بالحوار مذيعة مسلمة محجبة.  وفي الحوار كشفت البنت سر بقائها مع اختها الرضيعة أحياء بأن شخصا كان يلبس ملابس لامعة وعلى يده جروحا تنزف دما كان يحضر كل صباح ليقدم لها الطعام ويوقظ الأم لتقوم وترضع أختها.

       وتقول القصة أن مذيعة التلفزيون قالت إن هذا الرجل لا يمكن أن يكون الا المسيح (عيسى) لأنه لا يستطيع أحد غيره القيام بمثل هذه المعجزات وأن الدم على يديه دليل أنه صلب.

       وتنتهي القصة بالقول إن المسيح ما يزال حيا ويعمل المعجزات.  ثم يطلب كاتب الرسالة ممن قرأها أن ينشرها على قائمة أصدقائه.  ثم يتكلم بلسان المسيح ويطلب أن يترك كل واحد ما بيده ويقضى النصف الساعة التالية في نشر هذه الرسالة.  وفى الختام يأتي نداء من الله يقول: أنا الله أريد أن هذه الرسالة تغطي العالم كله قبل منتصف الليل.

       واضح أن هذه القصة مليئة بالتفاصيل التي يصعب على العقل أن يقبلها.

       ١- القصة بأكملها لا تحمل اسم من كتبها آو من وضعها في المسنجر ولا تذكر مصادرها وبالتالي لا يمكن التأكد من مصداقيتها. 

       ٢- أن يقتل رجلا مسلما زوجته لمجرد أنها تقرأ الكتاب المقدس أمر مبالغ فيه.  ثم ما ذنب ابنتيه حتى يدفنهما أحياء؟ وأين مشاعر الأبوة؟  وإذا كان القتل لارتداد الزوجة عن الإسلام فلا أظن آن قاضيا في مصر سيحكم بإعدامه.

       ٣- كيف توجد الطفلتان أحياء بعد دفنهما تحت الرمال لمدة أسبوعين؟ وكيف يتركهما عمال الحفر في مكانهما بعد اكتشافهما.

       ٤- ما معني ان المسيح يوقظ الام كل صباح لترضع الابنة ثم يتركها تعود لحالة الموت تحت الرمال؟

       ٥- ان يقوم التلفزيون المصري الرسمي بعرض القصة وتأكيد تفاصيلها وبواسطة احدى مذيعاته لا يمكن تصديقه ولا يمكن ان يحدث في مصر.  هل هناك من شاهد فعلا هذا البرنامج؟

       ٦- أين افراد هذه القصة اليوم وما هو مصيرهم ان كانوا فعلا موجودين؟

       ٧- إن كانت هذه القصة حقيقية وان الله هو من صنع هذه المعجزة فما هدف الله منها؟  الله لا يعمل شيئا جزافا.

وبعد- يبدو ان شخصا يعاني الملل كتب هذه القصة ووضعها على المسنجر في انتظار ان يراها تهز العالم فيحس بنشوة القدرة علي صنع البطولات!

       موضوع هذه الرسائل زاد عن حده وكاد ان يوصم المسيحيين بالسذاجة ويجب أن نعمل كل ما في طاقتنا لوقفه.

       إذا كنت تشاركني هذا الشعور تستطيع ان تساعد بنشر هذه الرسالة.  ولكن سواء فعلت هذا أو لم تفعل فهذا يرجع اليك شخصيا ونتيجة لقناعتك وبدون التلويح امامك بوعد أو وعيد.  هذه رسالة من انسان متواضع وهي تمثل رأيه الشخصي ولا يدّعي أنه تسلمها من الله.

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.