في أول دراسة بحثية من نوعها:هل يمكن قيام المجلس القومي لحقوق الإنسان بدوره في عملية الإصلاح؟

المجلس تجاهل المسألة القبطية، وتقريره الأول هو الأفضل حتى الآن!
عرض - هاني دانيال

في أول دراسة بحثية تعد الأولى من نوعها تم رصد أداء المجلس القومي لحقوق الانسان منذ نشأته واختيار أعضاؤه، ومقارنة قانون تنظيم أعماله ومبادئ باريس المنظمة للمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، وتحليل الأنشطة والفعاليات التي قام بها، ومدى إستجابة الحكومة لتوصياته، وهل لاقى رهان الحكومة على هذا المجلس نجاحه، أم فاز رهان المنظمات غير الحكومية التي أكدت أن المجلس سيعد بمثابة بوقاً للنظام ولن يقدم جديد لمجال حقوق الإنسان،.

 بل أن الدراسة تناولت بالتحليل العلمي لتقارير المجلس الثلاثة، ومدى إستجابة الرأي العام لما ورد بهه التقارير، وما هو الدور الذي كان على المجلس القيام به؟، وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه في الفترة المقبلة؟

أعد الدراسة الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، وقدمها في إطار تقييم مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني لأداء المجلس القومي لحقوق الانسان، وهي الدراسة التي عكف على إعدادها عبر 4 شهور مضت، وينفرد بنشرها "الأقباط متحدون".

أشارت الدراسة إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان أنشئ بموجب القانون رقم 94 لسنة 2003 إلا أن هذا القانون يعاني من العديد من المشكلات ترجع بالأساس إلى عدم مطابقته للمعايير الدولية المعروفة باسم مبادئ باريس وهي تلك المبادئ المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها و هي المصادق عليها بالإجماع سنة 1992 من لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمرفقة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 134/48 بتاريخ 20 ديسمبر 1993، فمن جهة نصت المادة الأولى من القانون على إنشاء مجلس قومي يسمى المجلس القومي لحقوق الإنسان يتبع مجلس الشورى. إلا أن تبعية المجلس القومي لحقوق الإنسان لمجلس الشورى تخل بإستقلاليته، لأن هذا الأخير لا إختصاصات له -على الأقل حتى التعديلات الدستورية الأخيرة-، ويسيطر على تشكيله الحزب الحاكم، حيث يعين ثلث أعضائه، ومن جهة أخرى، حددت المادة الثانية من القانون إختصاصات المجلس لتحقيق أهدافه -والتي جاءت وفقاً لتقرير مرصد حالة الديمقراطية عن المجلس القومي لحقوق الإنسان- مخالفة للمعايير الدولية وذلك في الإختصاصات الآتية:

حيث إكتفت المادة 3 / 1 ، 3 / 2 ، 3 / 3 ، 3 / 14 من القانون 94 لسنة 2003، بإعطاء المجلس الحق في إبداء آراء ومقترحات وتوصيات فيما يعرض عليه، أو يحال إليه من السلطات والجهات المختصة، بشأن المسائل المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وتعزيزه، وتقديم مقترحات وتوصيات إلى الجهات المختصة في كل ما من شأنه حماية حقوق الإنسان، وإصدار تقارير عن أوضاع وتطوير جهود مصر في مجال حقوق الإنسان على المستوى الحكومي والأهلي. وهنا حرم المشرع على المجلس حقه في الإستماع إلى أي مسألة دون الإحالة إلى جهة عليا، وبالتالي حرمة من التحول إلى جماعة ضغط من داخل النظام كما أشرنا في المقدمة. كما لم يعطي القانون الحق للمجلس في مراجعة الأحكام التشريعية والإدارية أو الأحكام المتعلقة بالتنظيمات القضائية. أو الحق في دراسة التشريعات أو مناقشة مشاريع القوانين المقترحة لتقديم توصيات من شأنها تحقيق التوافق مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان. وحرم المجلس من حق اقتراح تعديل تشريعات، والأخطر حرمانه من التصدي من تلقاء نفسه لأي حالة من حالات حقوق الإنسان، وهي المبادئ التي أكدتها اتفاقية باريس في المادة (3 أ، ب، ج، د).

كذلك المادة 5/ 3 من القانون 94 لسنة 2003 فهي لا تعطي للمجلس الحق في تشجيع الدولة على التصديق على المواثيق الدولية، وتسلب حقه في مراقبة التشريعات الوطنية ومدى مطابقتها للمواثيق الدولية، وتكتفي صياغة النص الوارد في القانون بمتابعة تطبيق الاتفاقيات وحق التقدم إلى الجهات المعنية بالمقترحات والتوصيات.

وحول اللائحة الداخلية للمجلس، إعتبرها الباحث لم تنجح في تحديد إختصاصات واضحة لأعضاء المجلس ولجانه النوعية المختصة، حيث حددت المواد (6،5،4،3) إختصاصات رئيس المجلس كالآتي: هو يتحدث باسمه ويمثله أمام القضاء والغير، ويرأس الجلسات ويدعو اللجان ويتولى رئاستها، ويختص رئيس المجلس باختيار من يمثل المجلس في المحافل والمنظمات الدولية ، وهي سلطات قد تبدو واسعة لرئيس المجلس وخاصة في دعوته للجان وتحديده لممثلين المجلس في المحافل والمنظمات الدولية، إلا أن اللائحة لم تحدد آليات واضحة لاستخدام رئيس المجلس لصلاحيته، ولا طريقة تعامله مع باقي أجهزة الدولة المتعاونة مع المجلس، كما لم تحدد آلية واضحة في إدارة المجلس ولجانه. ومرصد حالة الديمقراطية في مصر، يرى أن المجلس لم يستفد من رئاسة شخصية دولية مرموقة بحجم وخبرة الدكتور بطرس غالي الأمين العام السابق لأكبر المنظمات الدولية، في تطوير عمل المجلس من خلال خبرة الرجل، وإمكانياته وعلاقاته المتشعبة على المستوي المحلي والإقليمي والدولي.

عضويته:

وحول عضوية المجلس،أكدت الدراسة أن المجلس ضم في عضويته 27 عضوا" بينهم 6 سيدات و5 أقباط، والحقيقة أن المجلس ضم من الأسماء المختارة من يتمتعون بمصداقية واستقلالية وأيضا كثير منهم يتمتع بخبرة واسعة في مجال حقوق الإنسان. ويلقون قبول بين أوساط النخب السياسية والحقوقية، الذي جاء التشكيل مفاجئ لهم. فقد ترأس المجلس د. بطرس غالى الأمين العام السابق للأمم المتحدة وهو شخصية دولية مرموقة، ونائبه د. أحمد كمال أبو المجد وهو مفكر قانوني وإسلامي مرموق ووزير سابق في عصر السادات، وهو من الشخصيات العامة التي على الرغم من توليها مناصب حكومية لفترات طويلة، إلا أنه يلقى القبول لدى الرأي العام. كما ضم التشكيل قيادات حركة حقوق الإنسان المصرية التي تتمتع بمصداقية وسمعة حسنة على المستويين الإقليمي والدولي، وهم محمد فائق مؤسس المنظمة العربية لحقوق الإنسان أولى المنظمات الحقوقية العاملة في مصر، وكل من بهي الدين حسن، و حافظ أبو سعده،

حتى الأعضاء المعروفين بانتمائهم للحزب الدولة الحاكم فهم شخصيات مرموقة وعامة تحظى باحترام وقبول من الرأي العام في مصر،وقد شمل التشكيل 9 شخصيات ممثلة للمنظمات الغير حكومية والنقابات والمنظمات الاجتماعية والمدنية، و12 من الخبراء والمختصين وأساتذة الجامعة، و4 برلمانيين والدكتورة سامية المتيم كممثلة لأحد الجهات الحكومية وهي النيابة الإدارية ،إلا أن التعيين جاء بموجب قرار سيادي من السيد رئيس الجمهورية ، ولم يعطى للمنظمات الغير حكومية المعنية بحقوق الإنسان حق اختيار ممثليها ، وكذلك لم يتيح للمنظمات الاجتماعية والنقابات المهنية اختيار ممثليهم، وقد كان اختيار الأعضاء مفاجئ، حتى لبعض من شملهم الاختيار على حسب قولهم،والمجلس وأن ضم بين عضويته ممثلين للتيارات السياسية المختلفة (قومية ، إسلامية، ليبرالية)، فإنه تجاهل تقريبا اختيار ممثلين من التيارات اليسارية، على الرغم من أن بين تلك التيارات العديد من الأكاديميين والباحثين أصحاب الإسهام في حركة حقوق الإنسان المصرية.،ومن 25 عضو نجد أن أثنين فقط هما أعضاء منظمات غير حكومية و هما حافظ أبو سعده و بهي الدين حسن وبانسحاب الأخير لم يبقي في المجلس سوي ممثل واحد للمنظمات الغير حكومية.

واذا كان رئيس مجلس الشورى اعتبر أن السبب الأساسي في عدم إحداث أي تغيرات في تشكيل المجلس هو الاستفادة من خبرة الأعضاء الحاليين و الذين امضوا 3 سنوات اكتسبوا فيها من الخبرة ما يجعل من غير المعقول تغيرهم دون الاستفادة منهم مرة أخري، إلا أن السبب الحقيقي وراء ذلك هو الحفاظ علي مجموعة من الأعضاء قريبة من دوائر الحكم بل و تمثل صمام الأمان للنظام، فالتشكيل الحالي للمجلس بأعضائه المتقدمين في العمر و القريبين من السلطة، يعكس بشكل واضح تشكيل أجهزة الدولة الأساسية من برلمان و حكومة و غيرها من الأجهزة الأساسية، حيث تفضل الدولة الاحتفاظ بأنصارها أطول وقت ممكن، وهو الأمر الذي يؤكد إرتباط المجلس للدولة وهو أمر مفهوم، ولكن تأثره بالثقافة السياسية وبحالة الترهل السائدة في مؤسسات الدولة، وخلو المجلس من "المشاغبين" السياسيين حيث خرج من تشكيل المجلس بهي الدين حسن فيما اعتبره المراقبون غيابا "للمشاغبين" وأبرز المعارضين عن تشكيل مجلس حقوق الإنسان، وعن أسباب غيابه عن المجلس أوضح بهي الدين حسن في أنه لم يوافق على تقديم طلب لتجديد عضويته بالمجلس بسب غياب الإرادة السياسية لدى الدولة لإدخال إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي سنناقشه بالتفصيل لاحقاً.

تقارير المجلس:

وحول تقارير المجلس الثلاثة، إعتبرت الدراسة أن التقرير الأول نال نوعاً من الإعجاب والتقدير لأنه إقتضى في منهجيته بتقارير المنظمات الدولية، وإعتمد على تقارير المنظمات المصرية العاملة في مجال حقوق الإنسان، وقام بتوجيه انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في مصر ومن أهم الإنتقادات التي شملها التقرير: الإقرار بإرتكاب إنتهاكات مؤسفة للحق في الحياة، وأرجع مسئوليتها للسلطات العامة، مثل وفاة مواطنين بشبهة التعذيب أثناء احتجازهم في مقار الاحتجاز، ووفاة البعض منهم نتيجة الإهمال الجسيم ونقص الرعاية الصحية للمحتجزين لدى تلك السلطات، أدان التقرير استخدام العنف والقوة الغير مبررة وإساءة استخدام السلطة عند التعامل مع المتهمين والمحتجزين في مقار الاحتجاز القانونية، ومع ذلك لم يخلو التقرير من بعض الجوانب السلبية أبرزها إنه جاء نظريا في بعض الجوانب، خصص فصلاً كاملاً و هو الفصل الأول، تناول فيه المساهمات المصرية في إقرار الشرعية الدولية والإقليمية لمبادئ حقوق الإنسان، ومدى اتساق الدستور والتشريعات المصرية مع تلك المبادئ، أما الفصل الثاني بأكمله فقد تم تخصيصه للإطار الدولي والإقليمي والقومي الذي دفع إلى تأسيس المجلس،و الفصل الثالث دون أي شيء من التجديد قام بعرض معلومات معروفة لدى الجميع تتعلق بتشكيل المجلس وصلاحياته. أما الفصل الرابع فقد قام بعرض نشاطات المجلس والشكاوى التي أرسلت إليه. والفصل الخامس تناول وضع حقوق الإنسان في مصر في سنة 2004. والفصل السادس والأخير تناول توصيات المجلس فيما يتعلق بتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر.

أما التقرير الثاني فجاء أقل من التقرير الأول في كثير من الجوانب فقد كان من المنطقي أن يتناول التقرير الثاني تقييما مقارناً لوضعية حقوق الإنسان في مصر، خاصة وأنه التقرير الثاني، ومن ثم كان من المتوقع أن يجري مقارنة على أساس التقرير الأول، وذلك بهدف رصد مواطن التقدم والتدهور في حالة حقوق الإنسان في مصر وأسبابها خلال العامين المنصرمين، ولكن كانت المفاجأة أنه على عكس ذلك حاول التقرير الثاني تبرئة المجلس من ردود الأفعال على التقرير الأول، وكأن محرري التقرير حاولوا تقديم اعتذار للدولة عن إقرارهم حدوث إنتهاكات لحقوق الإنسان، نتيجة مسئولية بعض أجهزة الدولة. ويبدو أن ذلك جاء على أثر توجيه وزارة الداخلية انتقادات حادة للتقرير، أكدت فيها أن المجلس ليس له حق التدخل في طريقة إدارة الوزارة في تنظيم السجون ومقار الاحتجاز التابعة للوزارة.

أما التقرير الثالث جاء مثله مثل التقرير الثاني في مستوى أقل من التقرير الأول، فقد تبين لنا منذ صدور التقرير الثاني إنعدام الإرادة السياسية لإحداث أي تغيرات حقيقية وضعف إستقلالية المجلس تجاه الدولة وهذا ما أكده صدور التقرير الثالث، فقد ركز هذا الأخير علي إنجازات المجلس من أنشطة وتطوير مؤسسات متجاهلاً نقاط الضعف التي تشوبه.

واذا تم وضع تقييم عام لأداء المجلس ،يبرز هنا في معركة المنظمات الحقوقية لمراقبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حاول المجلس محاولات مضنية أن يجعل المراقبة تحت وصايته، وهو ما رفضته المنظمات الحقوقية، ودخلت في معركة قضائية وإعلامية، وحصلت على حكم قضائي 27266 لسنة 20 ق بأحقيتها في مراقبة الانتخابات البرلمانية ورفضت وصاية المجلس في ذلك. وفي مقابل اتساع وتعمق الموقف النقدي للمنظمات تجاه أداء المجلس، بادر بعض المسئولين فيه باتهامها بالجملة، بالزعم بأن موقفها النقدي يرجع إلى أن المجلس ينافسها على التمويل، رغم ما هو معروف من أن المنظمات الحكومية، لا تتلقى تمويلها من ذات القنوات التي تمول المنظمات غير الحكومية، حتى لو كان المصدر واحداً!، كما كان للمجلس موقف سلبي تجاه أعضاؤه المنتمين لحركة حقوق الإنسان فقد تم إبعادهم بقدر الإمكان عن لعب دور قيادي بالمجلس وزاد هذا النهج بعد دورهم في صياغة التقرير الأول وقد ضج العضوين بالشكوى من الطريقة التي يدار بها المجلس ومحاولة تهميش دورهم وهو ما أسماه بهي الدين حسن "بالمنهج الأمني" في إدارة المجلس.

المسألة القبطية:

وحول تعامل المجلس مع المسألة القبطية ومشكلات الأقليات الدينية: رصدت الدراسة ملاحظات بهي الدين حسن الذى قدمها من قبل، والتي تتعلق بأن تقارير المجلس وخاصة الثانى منها لم يتناول هذه المشكلات بالجدية المطلوبة واستخدم أحيانا بعض المصطلحات الواردة على لسان مسئولين بالأجهزة التنفيذية للدولة،وهو ما يطرح مرة أخرى إشكالية عدم إستقلال المجلس، فتقارير المجلس فيما يخص مشكلة الأقباط، استخدم ألفاظاً غير منضبطة قانونيا أو حقوقيا، مثل "تضخيم المشكلة"، "قلة عدد الشكاوى" مشيراً بذلك إلى أن المشكلة ليست في عدم المساواة ذاتها، بل الإحساس المتوهم بها، وهو تقييم يتبنى خطاب الحكومة، تتناقض مع ما تضمنته مداولات المجلس في كافة المناسبات، من تحذيرات من مخاطر تهوين الحكومة من جسامة المشكلة، ومن الطريقة غير المسئولة التي تعالجها به، بل يتناقض في ذلك أيضا مع سلوك إدارة المجلس، التي شكلت لجنة خاصة لذلك الغرض، -وهي اللجنة الأولى الخاصة من لجنتين شكلهما المجلس لموضوعات خاصة، مما يعكس إعترافه بجسامة المشكلة، كما تجاهل المجلس كلية قضية البهائيين الذين شغلوا الرأي العام في مصر بعد صدور حكم قضائي بأحقيتهم في ذكر ديانتهم في خانة الديانة في بطاقات الهوية، وعلى أثره يتم تهديدهم بالقتل، وإتهامهم بالكفر من بعض السلفيين، وعاد وألغي مجلس الدولة هذا الحكم.

كذلك تعامله مع جريمة اللاجئين السودانيين، حينما استخدم قيادات المجلس عبارات لا تليق بهم لتبرير موقف الأجهزة الأمنية من استخدام العنف المفرط والقوة الغير مبررة لفض اعتصام اللاجئين العام الماضي وهي كارثة إنسانية لم يكن من المتصور أن يتعامل معها المجلس بتلك الطريق، خاصة أن من المؤكد أنه لم يكن هناك قرار سياسي "بقتل" السبعة وعشرين لاجئا سودانيا أثناء فض اعتصامهم، بما يعني أن هناك هامش من الحركة أمام المجلس كان يمكن أن يساعده في تصعيد لهجته ضد هذه الجريمة.

وختم الشوبكي دراسته بقوله "لا بد من التأكيد على أن وجود المجلس في المجال العام في مصر، واستمرار نشاطه سيظل في صالح الديمقراطية والإصلاح في البلاد، وسيظل ساحة شبة وحيدة يمكن فيها للقوى الإصلاحية الواقعة داخل النظام وخارجه أن تتحاور وربما تتوافق، وتحاول أن تشكل جماعة ضغط على الحكومة من أجل أن تحترم القواعد التي اختارتها للعمل السياسي في البلاد، وأن تختفي التجاوزات والانتهاكات التي لا يوجد "قرار سياسي" ورائها، وباتت تلاحق قطاعات واسعة من المواطنين العاديين، وعلية فمن المهم عدم الإستهانة "بفكرة" وجود كيان مؤسسي يقع في منطقة وسط بين الدولة وقوي المجتمع المدني، وقادر أن يكون قوة ضغط على الحكم دون أن يمثل تهديد للنظام، وربما يساهم في المستقبل بدور أكبر في عملية الإصلاح إذا عرف بالضبط ما هي القضايا التي عليه أن يتشدد فيها، وتلك التي يجب أن كون مرنا، لأن عملية التحول الديمقراطي جرت في معظم بلدان العالم حدثت عقب إيجاد نقطه توافق بين إصلاحيين من داخل النظام وآخرين خارجه، وظلت أفكار الثورة والعصيان المدني استثناء في تاريخ نماذج التحول الديمقراطي وخاصة المتأخرة منها، كما أن الضغط الذي مارسه الشارع في ظل وجود حلفاء له من داخل النظام كان دائما أكثر نجاعة وأقل ثمنا في الأرواح وفي فرص نجاح النظام الجديد، من هذه الإصلاحات التي تجيء بعد القطيعة والعنف والثورة على القديم


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com