Print

فى الممنوع

 بقلم  مجدى مهنا 
  

 أيا كانت الأسباب وراء أحداث الفتنة الطائفية التي وقعت في قرية «بمها» مركز العياط.. نزاع علي قطعة أرض بين مسجد وكنيسة أو قيام أقباط القرية بتحويل أحد منازلهم إلي كنيسة لممارسة شعائرهم الدينية، أو أي سبب آخر، فهذا لا يبرر الجريمة التي ارتكبت في حق الأخوة الأقباط، ولا يبرر اقتحام منازلهم، وحرق بعضها، والاعتداء علي قاطنيها.

.

إن للقضية شقيها الجنائي والسياسي، ويجب عدم الخلط بينهما.. النيابة العامة مطالبة بتطبيق القانون بحزم علي مشعلي الفتنة وعلي المحرضين لها، وأن تطالب بتوقيع أقصي عقوبة علي من يثبت تورطه في تلك الأحداث المؤسفة.

والدولة مطالبة هي الأخري ببحث الشق السياسي، وعليها أن تتوقف عن معالجة الموضوع بطريقة سطحية، كأن تقلل من حجم ما حدث، وتدفع شيخ الجامع الأزهر إلي لقاء سريع بالبابا شنودة، ثم يصدر بيان مشترك بينهما يقول: إن كل شيء بين عنصري الأمة «عال العال» وأن ما حدث هو مجرد حادث عابر، لا يؤثر في متانة العلاقة بين المسلمين والأقباط.

لقاء شنودة وطنطاوي لا معني ولا قيمة له في الوقت الحاضر، ولن يغير من الواقع الأليم في شيء.

علي الدولة وقيادتها السياسية ألا تتجاهل الحقائق، وأن تدرك أن الخطر القادم الذي يهدد مصر هو ضرب وحدتها الوطنية، وأن هذا الخطر أصبح وشيكا، لأن النفوس علي الجانبين ليست صافية، والقلوب علي الجانبين لا يملؤها روح الإخاء والمحبة.. كما تقول التصريحات والبيانات الرسمية.

إن المسلم ـ وأتحدث عن الأغلبية ـ يشعر بأن المسيحي استقوي في السنوات الأخيرة، وأن هذا الاستقواء لا يقتصر علي المطالبة بالحقوق المشروعة له، إنما يمتد إلي الحصول عليها علي حساب الإساءة إلي الإسلام وإلي معتقداته الدينية، مثل القضية المثارة مؤخرا، التي تتعلق باعتناق الإسلام ثم الارتداد عنه لأسباب دنيوية، وليس إيمانا بحرية العقيدة.

هناك من المسلمين من يعتقد أن هناك مؤامرة علي الإسلام، ويزكي من هذا الشعور غياب الدولة وغياب دورها في هذا الملف.

علي الجانب الآخر، هناك قلة من الأقباط تحاول بجميع الطرق إشعال نار الفتنة، بعلو صوتها وافتعال الأزمات، وآخرها الحكم القضائي الذي صدر برفض تغيير خانة الديانة في البطانة الشخصية.

وللأسف فإن موقف الكنيسة أسهم في إشعال الأزمة، لأن المسيحي عندما يترك دينه من أجل أن يطلق زوجته، يكون قد هدم ركنا من أركان الدين المسيحي، بأن سمح للبشر بتفرقة ما جمعه الرب، إضافة إلي إثم آخر هو النفاق الاجتماعي والخداع.. فكيف تقبل الكنيسة عودته إليها مرة أخري؟

قضايا كثيرة مغلوطة، وهناك من ينفخ في النار، والدولة تقف متفرجة، وتخلت عن دورها، وتركت جهاز الأمن يعالج الموقف، مع أن تدخل الأمن ربما يزيدها تعقيدا، ولن يعجب تدخل أحد الطرفين المسلم أو المسيحي، وربما لا يعجب الطرفين معا.

إن أخطر ما في هذا الملف هو غياب دور الدولة، وتحركها يأتي بعد فوات الأوان.

نعم، للأخوة الأقباط حقوق، ونعم لهم مشكلات.. مطلوب من الدولة حلها، وعلي الدولة أن تستجيب لبعض هذه المطالب طالما أنها لا تمس مكانة الإسلام في الدولة المصرية.

وكما للأخوة الأقباط مشكلات مع الدولة، فإن للمسلمين مشكلات أكبر مع الدولة.. ولكن أين هي الدولة؟ إنها تظهر فقط عندما يتهدد أمن النظام، وما يجري من أحداث الفتنة كفيل بإسقاط النظام، لكن الدولة لا تدرك بعقلها الصغير هذه الحقيقة