Print

  أقباط مصر...التسلح للدفاع عن النفس خطوة إلى الأمام

Courtsey of Copts-United

04/06/2007

بقلم / نادية عيلبوني                            
دائماً يتكرر المشهد نفسه ، سواء في القرى المصرية التي يختلط فيها المسلمون والأقباط، أو في المدن. دائماً يتم الإعتداء على الأقباط بشتى الطرق البربرية، إبتداء من حرق وتخريب بيوتهم ومحلاتهم التجارية ، ووصولاً إلى قتلهم. أما بالنسبة لتدخل الدولة فلا جديد أيضاً ، فدائماً وأبداً يتقاعس رجال الأمن عن حماية المواطنين المسيحيين مبررين تصرفاتهم الشائنة تلك، بشتى الأعذار.

ما جرى في قرية" بمها" من إعتداء وحشي سافر، ونتيجة لتحريض ديني تم في مسجد القرية أثناء صلاة الجمعة والذي أسفر عن جرح على ما يربو على عشرين شخصاً وحرق 60 بيتاً عدا المحلات التجارية التي تعود ملكيتها لمواطنين أقباط ، ليس هو الإعتداء الأول ولن يكون الأخير بالطبع، إذا ما استمرت ردود فعل الأقباط في مصر على هذا النحو السلبي .

أجل، فقد صار مشهد الإعتداءات المتكررة مثيراً للغضب، كما أن عجز الأقباط عن الدفاع عن أنفسهم صار مدعاة أيضاً للغضب والتساؤل في الأن معاً. ولا ندري على ماذا يعول الأقباط في الحصول على حقوقهم وخاصة حق حماية أنفسهم وممتلكاتهم الشخصية. وخصوصاً بعد أن وضح لديهم بما لا يدع مجالا للشك، أن أجهزة الدولة المصرية متواطئة، وستظل في موقع المتواطىء، طالما بقي الأقباط عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم. أن الشكوى والأنين والتظلم هي من الأمور المُجربة والتي ثبت أنها لا ولن تجدي نفعاً. لأن الذين يعول عليهم في حماية أرواح الناس هم بمثابة طرف أساسي وليس بمحايد فيما يجري . ولعل مناشدة رجال الأمن والسلطات المختصة لوضع حد لهذه الإعتداءات المتكررة باتت من الأمور المثيرة للطرافة والدعابة أكثر مما تؤخذ على محمل الجد. فهؤلاء كما يعلم الجميع أذن من طين وأخرى من عجين إزاء صرخات الأقباط المناشدة للتدخل من أجل تأمين الحماية لهم ومحاسبة المعتدين.

وطالما تخلت الدولة عن حماية مواطنيها فليس على المواطنيين المتضررين من العدوان ، إلا البحث عن طرق أخرى مشروعة للدفاع عن أنفسهم. إذ لا يعقل أن يظل الأقباط على هذا النحو من السلبية ليكونوا عرضة دائمة للأمزجة والأهواء الدينية لتُمارس عليهم كل بذاءاتها بمناسبة وبدون مناسبة.

ولعل لهجة التشكي والتظلم وإنتظار أمر الحماية من تلك الأجهزة الفاسدة هي من الأمور التي شجعت وتشجع على إستمرار العدوان وتكراره بطرق جديدة ومبتكرة وأكثر إيذاء. وطالما عرف المعتدي أنه ليس أمام المعتدى عليه سوى الشكوى والندب فمعنى ذلك أن هذا المعتدي لن يرتدع إلا إذا جوبه بالقوة. ونحن نتساءل ما الذي يمنع الأقباط من شراء السلاح وإقتنائه وإستخدامه في حال الإعتداء عليهم ، أي إستخدمه فقط في حال الدفاع عن النفس؟ ولعل اللجوء إلى هذا الأسلوب، أسلوب الدفاع الذاتي عن النفس هو ما سيجعل المعتدي يفكر عديد المرات قبل أن تمتد يده للنيل من الأخر الذي يفترض فيه الضعف . ولعل وجود قطعة سلاح في كل بيت قبطي صار من الضرورة الملحة التي تحتمها عوامل البقاء، وإلا لا مخرج ولا منفذ من إستمرار تلك الإعتداءات. وعلى الأقباط أن لا ينتظروا فنائهم بتلك الطريقة المروعة . بل عليهم أن يتسلحوا ما أمكنهم ذلك. وأن يردعوا كل معتدي .

ولعل قلة العدد التي يتذرع بها البعض لتغطية عدم المبادرة في الدفاع عن النفس لا تكون مبرراً كافياً لأن وجود السلاح في اليد هو بحد ذاته يكفي لتعديل ميزان القوة بين المعتدي والمعتدى عليه . وأرجو أن لا يُفهم من كلامنا هذا أننا ندعو لحرب أهلية أو أننا ننبذ صيغة التعايش. ولكن طالما هناك إعتداء لا يتوقف بسبب سياسة الدولة المنحازة بالمطلق إلى جانب الأصوليين فإن كل السنن والشرائع والأعراف والسنن الطبيعية تتيح مبدأ الدفاع عن النفس في حال العدوان. وربما نجانب الصواب إذا ما افترضنا أن الصمت والسكوت المهينيين هما الصيغة الأمثل للدفاع عن السلم الأهلي والتعايش. إذ لا يمكننا الحديث عن السلم الأهلي في الوقت الذي يستساغ فيه العدوان على حياة مواطن آمن تحت مسميات بائسة و في ظل هذا الظلم البين والفاضح على مكون رئيسي من مكونات الشعب المصري. وربما كنا نفتري ونكذب ونجانب الصواب أيضاً إذا ما طالبنا الأقباط بعدم التقدم لحماية حياتهم وكرامتهم.

إن قطعة سلاح واحدة أو أكثر في كل بيت ، هي برأينا أثمن وأهم من كل الحاجات التي يقتنيها القبطي في بيته.
لقد تجاوزت إعتدءات الأصوليين والغوغاء كل مدى ولا يجوز بعد ذلك السكوت والوقوف موقف المتفرج في الدفاع عن النفس وعن الكرامة الإنسانية . إن الدفاع عن النفس هو برأينا وبرأي كل عاقل ، هو أضعف الإيمان، فهل يتقدم الأقباط لتحقيق هذا الشرط في حماية أنفسهم وأبنائهم وممتلكاتهم وكرامتهم؟