Print

ماذا بعد مؤتمر المواطنة؟!

بقلم منير بشاى – لوس أنجلوس

عقد مؤتمر المواطنة الذى نظمه المجلس القومى المصرى لحقوق الإنسان، وانفض، وجاءت نتائجه كما توقعنا أن تكون. ومن وجهة النظر هذه يمكن أن يقال أن المؤتمر نجح فى هدفه وهوشغل الناس بالكلام، والكلام المعاد، بل والوعد بمزيد من الكلام فى المستقبل. فالمواطنة شعار فضفاض لا يمكن تغطية جميع جوانبه فى مؤتمر يستغرق أيام. ومن هنا جاء إعلان المجلس "اعتبار عام 2008 هو عام المواطنة فى مصر تزامناً مع الذكرى الستين للإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى صدر فى العام 1948". كما أعلن المجلس نية عقد مؤتمر قومى آخر للمواطنة فى نهاية العام المقبل.

 فأمامنا على الأقل عاماً آخر لا نسمع فيه غير الكلام عن المواطنة. وفى اعتقادى أن النقاش فى موضوع المواطنة قد يمتد إلى ما بعد ذلك فلابد أن هناك جوانب أخرى للموضوع تستحق النقاش.

 وفى ظنى أن من جاء لنا بهذا الشعار واستطاع أن يشغلنا كل هذا الوقت فى الكلام عنه لابد أنه يتساءل الآن: وماذا بعد أن نناقش كل شئ فى موضوع المواطنة؟ كيف يمكن أن نجعل الناس يستمرون فى الكلام والنقاش؟ وربما هو يفكر فى شعارات أخرى على غرار شعار المواطنة يقدمها للمصريين. ورغبة منى فى المساهمة فى هذا المجهود الوطنى أقدم هذا الاقتراح لشعار قد ينجح فى شغل أذهان الناس بالكلام والنقاش فترة أخرى من الزمن كما نجح شعار المواطنة.

أقترح أن يطلق المجلس شعار "الآدمية" ولا مانع أن يضاف هذا إلى الدستور وحبذا لو وضع فى المادة الأولى منه. وهذا اقتراح لنص هذه المادة: "المصريون هم أبناء أبينا آدم وأمنا حواء وعلى ذلك فجميع المصريين آدميين وبالتالى هم لهم جميع الحقوق وعليهم جميع الواجبات". وفى عام 2009 يعقد المجلس القومى المصرى لحقوق الإنسان مؤتمراً عن "الآدمية" يناقش فيه كيفية تطبيق الآدمية على المواطنين. وبعدها يعلن عن سنة 2010 عام الآدمية وفى نهايته يعقد مؤتمر آخر للمتابعة عن ما تم انجازه فى مجال الآدمية.

 وبعد أن ننتهى من موضوع "الآدمية" يمكن أن يجئ دور "الإنسانية"، وهكذا، والمترادفات كثيرة وكلها تحتاج إلى سنوات من النقاش والتفعيل. وأهوه كله كلام...

 الفائدة التى ستتحقق من هذا كله هو إعطاء الناس بارقة من الأمل فى أن الحل لمشاكلهم هو فى الطريق. وأول من يريدون منهم أن يشعروا بهذا الأمل هم أقباط مصر.

 ولكن الأقباط يعلمون جيداً أن كل هذا الكلام لا فاعلية له، حتى ولو كان هناك نص فى الدستور يؤكده. ففى ظل المادة الخاصة بالشريعة الإسلامية – والتى تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع – لا يمكن لأى مبدأ آخر مهما كانت قوته أن يقف على رجليه.

 فلنتكلم من الآن لعشرة سنوات قادمة. ولنضيف للدستور مواداً للمواطنة والآدمية والإنسانية وما شاء لك أن تضيف، ولكن سيأتى مبدأ الشريعة الإسلامية وينسخ ما قبله وما بعده.

 وستظل هذه المبادئ مجرد ديكورلأغراض التجميل، مجرد حبر على ورق. أو هى كما جاء فى مبدأ الناسخ والمنسوخ من قبيل "ما نسخ حكمه (مفعوله) وبقى خطه (نصه).

 وسيظل الأمر فى النهاية فى يد الدولة، لو شاءت لصححت الغبن الواقع على الأقباط دون حاجة إلى مؤتمرات أو شعارات. مجرد جرة قلم تغنينا عن كل هذا الكلام الكثير والمجهود الكبير والوقت الضائع.