Print

هل نجح مؤتمر المواطنة أم فشل؟؟

بقلم د. سليم نجيب، رئيس الهيئة القبطية الكندية

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.

22 هاتور 1724 للشهداء - 2 ديسمبر 2007ميلادية


شهد مؤتمر المواطنة الذي عقده المجلس القومي لحقوق الانسان المصري -والذي بدأ عمله يوم 25 نوفمبر 2007 في القاهرة مشادات عنيفة وأحداث مؤسفة حول حقوق الأقباط كادت تهدد أعمال المؤتمر وصلت إلى حد التراشق بالألفاظ. وانقسم الحاضرون إلى فريقين أحدهما يدافع عن الأقباط ومصالحهم والآخر يرى أن الأقباط يأخذون أكثر من حقهم. وزاد الأمر إشتعالاً عندما تحدث أحد الحضور وقال أن الأقباط يملكون 30% من ثروة مصر.

وكانت المشادة الأكثر سخونة التي كادت تفسد المؤتمر وتجعله يتحول إلى مساحة للعراك عندما تحدث جناب الأب الورع القمص مرقص عزيز خليل -راعي الكنيسة المعلقة- الذي أكد أن هموم الأقباط كبيرة ولا يستمع إليهم أحد. وإتهم الاعلام وحمله مسئولية إضطهاد الأقباط ورداًعلى بعض الأصوات العالية التي تتهم الأقباط باتهامات كاذبة مضللة وأكمل القمص مرقص كلامه بالهجوم على الشيخ محمد متولي الشعراوي وإتهمه بالاساءة إلى المسيحية من خلال خواطره في تفسير القرآن الكريم والتي كانت تُبَث على قنوات التليفزيون المصري بانتظام وأن الشيخ الشعراوي وصف اليهود والنصارى في أحاديثه بأنهم قردة وخنازير. وأن الأقباط حينذاك أرسلوا العديد من الخطابات لوزير الاعلام آنذاك صفوت الشريف لوقف إذاعة البرنامج ولكنه لم يرد عليهم مما أدى إلى انفجار القاعة وعندئذ رُفعت الجلسة لكي يهدأ الجو (محمد رفعت - المحيط 26/11/2007).

وفي مداخلة المستشار نجيب جبرائيل طالب بالغاء المادة الثانية من الدستور وسط صمت رهيب من الحضور في قاعة المؤتمر ما بين مستنكر ومستفز ومتعجب حيث إعتبر أن وجود المادة الثانية من الدستور باعتبار الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع هي سبب نكبة الحريات الدينية.

هذا هو ما توقعناه وكتبناه عن المسمى "حوار" بين سيد وعبيد إحساناتهم الذي نشرناه في موقع الهيئة يوم 7/11/2007 وتم نشره أيضا بالمواقع الشقيقة تحت عنوان
"قضية الأقباط بين الحوارات والمؤتمرات والمؤامرات" وما نقوله ليس من فراغ فكاتب هذا المقال حاول -بدافع من حبه لمصر وطناً موحداً بأقباطه ومسلميه وبروحه الوطنية التي تعلمها منذ فجر شبابه أيام الزمن الماضي الجميل- حاول الحوار مع بعض المسئولين في الدولة من أكثر من عشرين سنة، محاولا فتح قنوات حوار معهم لايجاد حلولاً سياسية لحل مشاكل الأقباط وما أكثرها وإعمال مبدأ المواطنة الكاملة المتساوي للأقباط والمسلمين فنذكر على سبيل المثال لا الحصر: -

1- الدكتور أسامة الباز المستشار السياسي للسيد رئيس الجمهورية وتم نشره في مجلة الصحوة القبطية -العدد الأول يناير 2000
2- الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع
3- الدكتور محمد أحمد إسماعيل القنصل المصري (سابقاً) بمونتريال - كندا
4- سيادة الوزير د. مصطفى الفقي
5- سيادة السفير الدكتور أحمد ماهر (سفير مصر بواشنطن سابقاً)
6- الأستاذ جمال بدوي رئيس تحرير جريدة الوفد سابقاً
7 المرحوم الأستاذ الكبير حنا نيروز المحامي
8- المرحوم وليم نجيب سيفين وزير الهجرة سابقاً
9- المرحوم الوزير عدلي عبد الشهيد وزير الهجرة سابقاً
10- المرحوم الأستاذ البرت برسوم سلامة وزير الهجرة
11- المرحوم الأستاذ الكبير فؤاد باشا سراج الدين رئيس حزب الوفد

فكما ترون لقد حاولنا فتح قنوات حوار جدي بين المسئولين في مصر والهيئات القبطية في المهجر وللأسف باءت بالفشل لأنهم يؤمنون أو على الأصح يتظاهرون كذباً أن كله تمام التمام ونحن نعيش أزهى العصور إلى آخره من الكلام إياه. حينما كنا نكتب لهم عن مشاكل الأقباط والاضطهاد والتمييز الذي يعيشه يومياً القبطي في مصر يقطعون معنا المراسلات لأنهم ينكرون أن هناك مشاكل للأقباط ولا يريدون الاعتراف صراحة بأن الأقباط مهمشين في بلادهم ولا يعاملون بالمساواة مع المواطنين المسلمين أنهم يريدون إملاءاً وليس حواراً. يريدون صم آذانهم ويعتبرون الأقباط أهل ذمة.

يا حضرات السادة الأفاضل،

إن القضية القبطية ليست في حاجة إلى حوارات ومؤتمرات إن كانت النيات سليمة وحقيقية فانه لديكم ومنذ 36عاماً، تقرير لجنة العطيفي وهو حبيس الأدراج منذ نوفمبر 1972. العبرة ليست بالنصوص ولكن بإعمال وتنفيذ النصوص.

حينما عقدنا في مدينة مونتريال مؤتمراً دولياً قبطياً من 7 - 9 أبريل 2006 لمناقشة أوضاع الأقباط في مصر، حضره السادة الاخوة الأحباء من زيورخ- انجلترا - الولايات المتحدة الأمريكية - وكندا. كان من ضمن المواضيع التي تمت المناقشة فيها، موضوع الحوار مع النظام. وبعد سماع وجهتي النظر من مؤيدين ومعارضين للحوار تم التصويت ديمقراطياً عليه فكانت النتيجة رفض الحوار بأغلبية الأصوات إيماناً منا أن النظام لا يريد حل مشاكل الأقباط وإلا لكان إتخذ بعض الخطوات الايجابية منذ إعتلاء كرسي الرئاسة عام 1981 حتى يومنا هذا.

فالهدف هو تمييع القضية القبطية وشق صفوف الأقباط داخل وخارج مصر وامتصاص غضب الأقباط خصوصا أن الجو الداخلي في مصر هو جو ملبد، متعصب، كاره لكل ما هو غير مسلم - ثقافة التعصب والكراهية وعدم قبول الآخر وتكفير المسيحيين ليلاً نهاراً جهاراً هو سمة العصر الأسود وذلك منذ المدارس الابتدائية إلى أعلى السلطات في مصر.

قبل أن أختتم مقالي أود أن أذكر حضرات السادة الأفاضل المسئولين في مصر أنه أثناء إنعقاد مؤتمر المواطنة حدث للأقباط الآتي:-


1- إختفاء فتاة قبطية تدعى جانيت 22 سنة بمدينة القصير بالبحر الأحمر ولقد توجه بنفسه نيافة الأنبا ثاؤفيلوس أسقف البحر الأحمر يستغيث من الجهاز الأمني ليقوموا بواجبهم بالبحث عن مكان الفتاة.
تم تهديد الأسقف بأنه ان لم يغلق فمه فسيتم خطف أربع بنات آخرين مما جعل بعض الآباء يهرّبون بناتهم من مدينة القصير. حقاً نحن في دولة غياب القانون كما قالها صراحة الوزير السابق سعد زايد في الستينات، أن القانون في أجازة.

2- في حكم وصفه القانونيين بالوهابية التي إخترقت العدالة صدر حكم على شادية القبطية بالسجن ثلاث سنوات وهي تصرخ أنا مسيحية. ماذا يحدث بعد 33 عاماً شادية وبهية مسيحيتين والقضاء يصر على معاقبتهما لأنهما مسلمتين بالتبعية لأن والدهما أشهر إسلامه عام 1964 ثم عاد إلى ديانته المسيحية الأصلية.

3- قساوسة كوم امبو "تبرعوا" بـ 20 ألف جنيه لبناء مسجد بأسوان (بدون تعليق).

وبعد، أنتم تعلمون جيداً أن للأقباط مطلبين أساسيين هما المساواة التامة في حقوق المواطنة بدون قيد أو شرط إذ نحن لسنا أهل ذمة. ولا يمكن أن يتحق ذلك إلا في ظل دستور وقوانين مدنية خالية من أي مرجعية دينية (المادة الثانية من الدستور)، دولة مدنية تفصل تماما بين الدين والسياسة.

والمطلب الثاني هو المشاركة الكاملة في كل مناحي الحياة من إدارة وتحديد مصير وطننا مصر بتواجدنا المتكافئ في كافة المواقع السياسية والتمثيلية والادارية بعد أن عشنا أكثر من نصف قرن من التهميش والاقصاء التي تغلغلت مؤسسيا ومجتمعيا ولن يتم ذلك إلا بترسيخ قيم المساواة والمواطنة والعبرة في التطبيق وليس النصوص فقط.

تجاوب الدولة مع هذه المطالب هو الدليل القاطع لحسن نيتها إزاء الأقباط وليست مؤتمرات النفاق والكلام المعسول والوعود الكاذبة.
 

د. سليم نجيب

رئيس الهيئة القبطية الكندية

 دكتوراه في القانون والعلوم السياسية

محام دولي وداعية لحقوق الإنسان - قاض سابق

عضو اللجنة الدولية للقانونيين بجنيف

Fax: (514) 485-1533

E-mail: This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.  or This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.