Print

43781‏السنة 131-العدد2006اكتوبر19‏26 من رمضان 1427 هـالخميس

مواقف
بقلم : أنيس منصور

مكسوف؟ نعم والله العظيم مكسوف من نفسي ومن أهلي ومن أبناء ديني‏..‏ فكلما قال أي أحد شيئا تافه عن المسلمين‏,‏ مع أننا نستحق اسوأ شيء في الدنيا بسبب سلوكنا غير المتحضر‏,‏ غضب الناس وانزعجوا وراحوا يستخرجون أحاديث القيامة وعذاب القبر ونهاية العالم‏..‏ أناس يرون أن الهجوم علي الإسلام هو قيام القيامة‏,‏ وأناس يرون أن موعدها الغد بسبب التليفون المحمول؟‏!‏ هل هناك هلس وهيافة أكثر من هذا‏...‏‏

أضرب لك مثلا‏..‏ ولا أدعي البطولة ولا أنا أيوب في الصبر ولا يونس في الضلام‏..‏ وإنما أنا واحد من ألف مليون يعرف بالعقل‏..‏ كان لي صديق عزيز وكنا لا نفترق وعندي حكايات وروايات أشكالا وألوانا‏..‏ وكان صديقي هذا يشتم المسلمين ليلا ونهارا‏..‏ ومعه حق فهو ـ في رأيه ـ واقع تحت اضطهاد ديني‏!!.‏

وأنه لو كان مسلما لأعطوه درجة وأرسلوه في بعثه‏,‏ ولكن لأنه قبطي فعلوا به كذا وكذا‏..‏ وكنا نضحك‏..‏ وبعد عشر سنوات من هذه الصداقة الحميمة والتي أعتز بها حتي اليوم ـ يرحمه الله ـ اكتشف بمحض الصدفة أنني مسلم‏,‏ واندهش جدا‏...‏ وشعر بالخجل لأنه يشتم المسلمين ليلا ونهارا‏..‏ ولم اعترض‏..‏ فهذا رأيه وعنده مبررات‏,‏ وصداقتنا لا علاقة بها بالدين‏..‏ وإنما الذي بيننا أفكار وتجارب ورحلات وعلاقات وما أسعدنا معا وما أحزننا وما أبكانا‏.‏

وقد ذكرت منذ أيام أن لي مئات من الأصدقاء من الأقباط والكاثوليك واليهود والشيوعيين الملحدين‏..‏ وسعداء بما يربطنا معا‏..‏ ولم يحدث مرة واحدة أن سألني أو سألت أحدا عن دينه‏..‏ وأنا مالي‏!.‏

لأن ديني يقول‏:‏ لكم دينكم ولي دين‏!.‏

ورويت في كثير من كتبي أنني وأنا طفل لم يمض يوم واحد في حياتي لم يتردد علي لساني‏:‏ جرجس وبطرس وكوهين عشرات السنين‏..‏ وكان يحدث أن نتناوب الوقوف في المحلات التجارية نساعد في البيع في محل المقدس بولس بالمنصورة ومرة في محل سعد كوهين لبيع الدبابيس‏..‏ ولا خطر علي بالي أي شيء مما نراه اليوم عيبا وعارا‏..‏ يعني إيه؟ يعني أننا تأخرنا كثيرا وضاق أفقنا حتي ضاق بنا‏!.