Print

                   

فرحة ما تمت أخذها الغراب وطار  

اقلاديوس ابراهيم – لندن *

كثيرا ما يتعرض البشر في القضاء بالمحاكم الارضية الى صدور حكم ظالم بحقهم نتيجة ادلة ملفقة  او قاض متعصب وقد يكون مرتشي. وقد يكون الظلم نتيجة تضليل العدالة وغيرها . لكن ان تكون الامور واضحة كالشمس، والادلة صحيحة والدفاع يقدم اوراقه الثبوتية التي يثبت بها براءة موكله، ورغم ذلك يحكم القاضي بالادانة او يصدر حكما يراه البعض عادلاً بينما سيترتب على هذا الحكم مشاكل كثيرة ، وهنا لا يكون الحكم عادلاً بقدر ما هو تسويف للامور.

 وما حدث في قضية ”العائدين الى المسيحية“ في مصر ما هو الا تسويف وحيدة عن العدالة الواضحة، فبعد عدة تأجيلات ومباحثات ومداولات للنظر في قضية اولئك الذين اعتنقوا الاسلام ورغبوا في العودة الى ديانتهم الاصلية وهي المسيحية، اصدر القاضي حكماً باحقيتهم في العودة للمسيحية ، والى هنا الكلام جميل..

كما جاء في الحكم ايضا أن على وزارة الداخلية ان تمنحهم الاوراق الثبوتية ومن بينها بطاقة الرقم القومي التي تثبت انهم مسيحيون.. والى هنا ايضا الكلام جميل. .لكن.. والمصيبة هي في ”لكن“ لأن ما جاء بعد لكن هو الظلم بعينه، فقرار عودتهم للمسيحية صاحبه سيف حاد سينزل يوماً ما في المستقبل على رقاب هؤلاء العائدين ليفصلها عن اجسادهم . فما هو هذا السيف ياترى؟السيف الحاد هو كلمة ”مسلم سابق“ التي ستضاف في خانة الديانة للعائدين الى المسيحية. وربما يسأل قارئ وما الضرر في ذلك؟ نقول ان الضرر في انه اذا اعتلى الاخوان المسلمين عرش مصر لا قدر الله، واستلموا الحكم ونادوا بتطبيق الشريعة الاسلامية ، فاول من ستقصف رقابهم هؤلاء المسلمون السابقون باعتبارهم مرتدين، هذه واحدة، اما الاخرى فهي المشاكل التي سيواجهها المسيحي ”المسلم السابق“

عندما يذهب لتخليص اوراق له في المصالح الحكومية وغيرها لابد انها ستلقى تعثراً، ولا بد سينظر اليه بازدراء من جانب المتأسلمين المتعصبين. وقس على ذلك الكثير من المشاكل والمتاعب التي سيواجهها ” المسلم السابق“

. فهل هذا من العدل؟!! بالطبع لا. انه حكم يعيد الى اذهاننا الظلم الذي وقع على اجدادنا عندما كان يحكم عليهم بارتداء زي بلون معين وتعليق صليب ثقيل حول رقابهم لدرجة انه بسبب ثقل الصليب كان يترك علامة زرقاء حول الرقبة، ومن هنا جاءت عبارة ”عضمة زرقاء“ التي تقال على الاقباط. 

فالصليب الثقيل  تحول الى عبارة مكتوبة في بطاقة الرقم القومي  مسيحي ”مسلم سابق“

.العجيب ان من بين هؤلاء المسيحيين المسلمين سابقاً، ناس ليس لهم دور اصلا في طلب الدخول الى الاسلام، فما ذنب الطفل الرضيع او الصغير الذي يترك احد والديه المسيحية ليدخل الاسلام. فهو بالتبعية يكون مسلماً ، وعندما يكبر ولا يرغب في البقاء مسلماً لأنه ولد مسيحياً واجبر على التحول للاسلام بسبب تحول احد والديه، وهنا الطامة الكبرى فهو يعامل في بطاقة الرقم القومي ”مسلم سابق“، وعليه تحمل تبعية ذلك. 

وقد تابعنا من قبل مشكلة السيدة شادية التي تحول والدها الى الاسلام وهي طفلة عمرها سنتين ولما كبرت وتزوجت وانجبت ابناء وفي غمرة الاستعداد لحفل زواج ابنها يقبض عليها البوليس ويتم سجنها بتهمة التزوير في اوراق رسمية، حيث اكتشف المسئولون انها مسلمة وتعيش كل هذا الزمان كمسيحية. وتم الافراج عنها لكن القضية لم تنتهي.

أحكام كثيرة تصدر لتعطي انطباعا مفرحاً ، لكن قراءة مستقبلها يجعلنا نردد المثل القائل ”افرحة ما تمت اخذها الغراب وطار“. 

* المقال مأخوذ عن "الرسالة الاخبارية" التي تصدر للجالية القبطية في المملكة المتحدة.