Print
           H7FJ            
نقل العمل القبطى الى داخل مصر- هل يحل المشكلة ؟


منير بشاى – لوس انجلوس

المؤتمرات الحقوقية القبطية تهدف الى فحص وبلورة هموم الأقباط واخراجها الى النور فى محاولة لأيجاد حلول لها. هذه هى الغاية العظمى من العمل القبطى اما اين يجب ان يعقد فهو أمر ثانوى . وشخصيا لا أرى اننا يجب ان نتخذ من المكان موقفا جامدا سواء كان بالرفض او القبول .وفى رأيى ان المكان الذى يكفل لهذه المؤتمرات اكبر فرصة للنجاح هو الأفضل . ولو ثبت ان هذا المكان المثالى الذى سيحقق الأهداف المرجوة هو فى كوكب المريخ لكنت اول المحبذين له ولطالبت بالادخار من قوتنا وقوت أولادنا لنحجز مكان فى اول مركبة فضاء متجهة للمريخ . فلا يوجد امر يمكن ان يضفى سعادة للنفس قدر معرفة ان هناك بارقة امل فى ان القضية القبطية فى طريقها الى الحل النهائى .

عقد اقباط المهجر بالمشاركة مع بعض اقباط الداخل عدة مؤتمرات فى اوربا وامريكا وكندا . وكان السبب الرئيسى فى اختيار المكان حسب اعتقادى هو قربه من مكان تواجد معظم المشاركين . فمن الطبيعى ان يجتمع الناس قريبا من حيث يعيشون . هذا ولا انكر ان اختيار المكان لا بد انه ايضا له صلة بحيث يوجد تكثيف اعلامى يساعد على بث فعاليات المؤتمرات الى انحاء العالم .

ويبدو ان هذا الامر الذى يتعلق بنشر فعاليات المؤتمرات الى العالم قد اصاب البعض باعراض حساسية شديدة .وتدخلت العواطف الشرقية الجياشة منكرة على الاقباط الفعل "المشين" الذى سيؤدىالى فضح انفسنا امام الاجانب ونشر غسيلنا الوسخ على الناس . وهوتفكير غريب فى ظل المتغيرات التى تجرى فى عالم اليوم وفى ظل العولمة ووسائل الاتصلات الحديثة التى لا يمكن معها التغطية او التخبئة . كما انه من الغريب ان يزعجنا نشر اخبار المظالم بينما لا يزعجنا بنفس القدر معرفة ان هذه المظالم جزءا من واقعنا المعاش . وهو تفكير عميق الجزور فى تكويننا الذى ينعكس فيما نردده من مقولات مثل "اذا بليتم فاستتروا" الذى يركز على ضرورة ستر البلوى ولايهتم بازالته.

من هنا جاءت الشعارات التى اخذت تتردد فى الآونة الاخيرة مثل "مشاكل الاقباط هى جزء من مشاكل مصر" و "لايجوز مناقشة هموم الاقباط الا داخل البيت المصرى" و "الالتجاء الى الرأى العام العالمى هو محاولة للاستقواء بالاجنبى ضد الوطن".وتحولت هذه الشعارات الى كليشيهات تستخدم فى مناسبة وغير مناسبة. و ما كان مجرد رأى انسان يحتمل الصواب او الخطأ سرعان ما تحول الى مبادىء ثابتة لا تحتمل الشك ولا تقبل النقاش وكأنها وحى منزل من عند الله .

ازاء هذا التحريم والتجريم لعقد المؤتمرات القبطية خارج مصر ومع التلويح بأتهامات الخيانة والعمالة وجدنا بعض الأقباط ينصاع الى الاستجابة ومحاولة الظهور بالوطنية كما فرضت عليهم . فبدأ البعض بمحاولة نقل نشاطهم الى داخل مصر,وعقدوا مؤتمرا برعاية محامى قبطى فى القاهرة . ولكن للأسف فان النتائج الأولية لهذه المحاولات لم يحالفها التوفيق . وما زال عالقا بالأذهان الملاحقات القانونية التى تعرضت لها قيادات أحد فروع منظمة قبطية كندية فى مصر عندما قبض عليهم ووضعوا فى السجن رهن التحقيق لمدة ثلاثة اشهر وهو الحد الأقصى المسموح به قبل ان يقرر القضاء اخيرا براءتهم واطلاق صراحهم . والمشكلة فى اعتقادى ان هؤلاء ظنوا انهم يستطيعوا القيام بنشاطهم فى مصر بنفس حرية الحركة والأسلوب المسموح به فى كندا . ولكنهم ادركوا أخير ان قواعد اللعبة تختلف جذريا بين البلدين . وادى هذا الى ان تقرر هذه الهيئة تجميد نشاطها فى مصر.

ما نخشاه من محاولة الاصرار على قصر عقد المؤتمرات داخل مصر هو الرغبة فى احتواء هذه المؤتمرات امنيا والتأثير على مقرراتها . وسترينا الايام القادمة ما اذا كان هذا حقيقة ام مجرد ظنون.

وبعد هذا كله فالأمر الذى يحيرنى و ما يزال غامضا فى ذهنى هو انه بما ان القضية القبطية واضحة كالشمس ... وبما انها قتلت بحثا... و بما ان الحل هو فى يد الرئيس الذى يستطيع ان يقوم به بمجرد جرة قلم تحمل توقيعه وتستغرق ثوان من وقته ...فلماذا كل هذا العناء؟ لماذا لا تحل مشكلات الأقباط فلا يكون هناك احتياج لمؤتمرات سواء فى المريخ او واشنطن او حتى فى القاهرة؟

ولماذا لانستثمر وقتنا الثمين الضائع لبناء مصر؟