Print

 

طلال الأنصاري: الهضيبي كان يريدنا جهازاً خاصاً للجماعة..

والخطط كانت تدار في منزله

  كتب   احمد الخطيب    ١٥/ ٣/ ٢٠٠٦

 

يعرض مختار نوح في كتابه شهادة طلال الأنصاري كاملة والمتضمنة لاتهامات مباشرة لقادة جماعة الإخوان المسلمين.
ويقول الأنصاري: إن منزل المستشار حسن الهضيبي المرشد الأسبق شهد الجلسات الأولي لتنظيمه، وكنا نعتبر أنفسنا امتداداً طبيعياً للإخوان المسلمين بعد أن قرأنا كل كتب الجماعة، ولذلك فقد سارعنا إليهم فوراً عقب خروجهم من السجون عام ١٩٧٢، وتحديداً ذهبنا للشيخ علي عبده إسماعيل القيادي الإخواني الشهيد شقيق الشهيد.


عبدالفتاح إسماعيل الذي نفذ فيه حكم الإعدام عام ١٩٦٦، كواحد من قيادات الإخوان، وكان الشيخ علي عبده إسماعيل من بين المفرج عنهم في عهد السادات مع المجموعة الأولي وكان خطيباً لمسجد سلطان بالإسكندرية، وذهبنا إليه وأفصحنا له عن هويتنا فذهل مع وجود هذا التنظيم واستمراره، طوال كل هذه السنوات ولعب الدور الأكبر في تطوير علاقتنا الرسمية بجماعة الإخوان علي ثلاث مراحل، الأولي مع أحد أبرز قيادات الجماعة بالإسكندرية وهو المرحوم محمد إبراهيم سالم ثم المرحلة الثانية مع المرحومة زينب الغزالي، وأخيراً في المرحلة الثالثة بايعنا علي يديه المرشد العام للإخوان الأستاذ حسن الهضيبي وأصبحنا من الإخوان رسمياً.


ويضيف طلال: «قام الشيخ علي عبده إسماعيل بتسليمنا لمحمد إبراهيم سالم وعرفنا به واعتبر الشيخ ضد الخطوة هي بداية تصعيدنا داخل الإخوان وإن كانت ظهرت بوادر فيما بعد أشارت إلي أن سالم كان يعتبرنا مزرعة خاصة له وكان يقوم بتقسيمنا مجموعات كل مجموعة مكونة من خمسة أفراد ودرس لنا فكراً مجرداً علي الطريقة الملكية علي عهد الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ وبهرنا به وبوضوح المفاهيم القرآنية والعقائدية عنده وتأثرنا أيما تأثر واستمر بنا الحال هكذا لفترة، ثم سألنا وماذا بعد هذه الجلسات؟ وماذا عن حال واقعنا المعاصر؟ ولم يكن يجيبنا سالم عن ذلك فنقلنا تساؤلاتنا للشيخ علي عبده إسماعيل باعتباره الأب الروحي لنا

فأغضبه ذلك فأخذني وسافر بي إلي القاهرة وعرفني بالحاجة زينب الغزالي وقدمني لها بشكل مفصل وأخبرها عن المجموعة التي معي فأصابها ما أصاب غيرها من الذهول أن وجدت تنظيماً كاملاً من الشباب متعلقاً بالإخوان ويحفظ فكرهم وينتظر خروجهم من السجون فانفتح قلبها لنا وعلي الفور بدأنا نتقابل معها في منزلها علي مراحل وأفواج فتجلس معنا وتتحدث معنا وتحكي لنا عما عانته ولاقته في السجن علي أيدي الطغاة، وقد حكت لنا ما نشر فيما بعد في كتابها «أيام من حياتي» وكانت هذه الجلسات تتم لتحقيق التعارف ورؤية هذه الأسطورة وسماع تاريخها لشخص ووجدان هؤلاء الشباب، خاصة بعدما عرفنا هذه الشخصية من خلال عدد من مجلة القوات المسلحة وبه بعض صور لزينب الغزالي بملابس السجن البيضاء أثناء التعذيب، وقد تم تسريب هذا العدد من داخل السجن وكنا نتداول هذا العدد سراً حتي قابلناها وتحدثت إلينا.


ويشير طلال في شهادته: استمرت هذه الجلسات لفترة كانت تدعو لنا فيها بقولها الذي أتذكره حتي الآن وهو «اللهم إن هذا غرسك فاحرسه»، ولما سألناه الأسئلة نفسها، التي نبحث عن إجابة عنها لم نجدها عند الغزالي فكانت الخطوة الثالثة واصطحبني الشيخ علي عبده إسماعيل في رحلة قاهرية، وقال لي: سوف أعرفك بالراس الكبيرة، ولم أكن أعلم ماذا يقصد بهذا المعني، فسألته من يقصد فقال فضيلة المرشد.


وكانت هذه الأسماء بالنسبة لنا من الأساطير وذهبنا إلي منيل الروضة، حيث كان منزل المرشد العام للإخوان المسلمين، وأول ما لفت نظري في أول زيارة أن شاهدت كلمة المرشد وقد حفرت علي الباب وكنت أتخيل وقتها أن المنزل سيكون محاصراً بقوات الأمن ووجدت عكس ذلك تماماً ودخلنا المنزل وجلسنا ننتظر الأستاذ المرشد وبدأ التوتر والقلق الذي أصاب الشيخ علي يتسرب إلي في ظل هدوء قاتل للمنزل ودخل علينا المرشد وعرض عليه الشيخ علي كل تفاصيل التنظيم الذي أنتمي إليه ثم طلب مني أن أمد يدي لأبايع المرشد بيعة الإخوان الشهيرة، فمددت يدي وبايعت المرشد مردداً نص البيعة كما كان يقولها الشيخ علي، ثم احتضنني المرشد وبكي وشاهدت دموعه تنساب من تحت نظارته.


ويضيف طلال: جلسنا لدقيقتين ثم خرجنا من المنزل وعدنا للإسكندرية وأشاع الشيخ علي الخبر بين إخوان الإسكندرية وبعض التجمعات الإسلامية وبشكل يحدد شرعية وجود تنظيمنا كإخوان مسلمين في الإسكندرية وقد أخبرت وقتها أحد قيادات الإخوان وهو الأستاذ جمعة أمين عضو مكتب الإرشاد الآن بتفاصيل بيعتي للأستاذ الهضيبي وتعجبت من حالة التدهور التي أصابته وعرفت سببه فيما بعد واستمرت علاقتنا بالمرشد عن طريقي أنا شخصياً وكنت أقابله مرة أو مرتين كل شهر في منزله وتمتد الجلسة لساعة أو اثنتين وأحكي له عن أوضاعنا

ومنهجنا الثقافي وأفرادنا وكان لا يعترض علي أكثر ما أعرض عليه، بل يوافق وأتذكر واقعة حدثت في تلك الفترة تخص اثنين من شباب التنظيم وهما: محمد أنور ومحمد علي حجازي، أغرتهما بعض رايات المتعجلين من شباب التيار الإسلامي بالإسكندرية الذي يريد أن يخوض عمليات جريئة مثل تدمير الكباريهات وضرب بعض الفنانات الداعرات وكنت أنا ضد هذا المنهج ولخوضي من انشقاقهما عن صف الإخوان، قررت أن أرسلهما للأستاذ المرشد بخطاب مني حتي يقنعهما بالاستمرار معنا وكانت هاتان الحالتان الاستثناء الوحيد في لقاءات المرشد، حيث كان قد طلب مني أن تبقي لقاءاتنا سرية لا يعلمها أحد ولا يزوره أحد غيري من الإسكندرية.


وقد استشعرت من المرشد لوماً شديداً علي خطوة إرسال أحد غيري للقائه، خاصة أنه كان ينتوي بداية عصر جديد للإخوان بعد خروجه من السجن وكان يريد إنشاء جهاز خاص للجماعة تابع له مباشرة ويتربي علي عينه وكانت جماعتي هي نواة هذا الجهاز الخاص، ولكنني لقلة خبرتي أفسدت ما كان يريده المرشد إذ لم أستطع كتمان السر ولم أكن مدركاً ماذا يعني أن أحفظ السر عن زينب الغزالي أو محمد إبراهيم سالم وجمعة أمين ولم أكن أدرك أن هؤلاء خارج دائرة السر وقد أدركت ذلك شخصياً، خاصة بعدما تعرض هو شخصياً للوم بعض الإخوان بسببنا وقد علمت أن الهضيبي كان قد أخبر المرحوم عبدالمتعال الجابري أحد قيادات الإخوان بأمرنا وطلب مني أن أتوقف عن الذهاب للمرشد في منزله وأن التعليمات ستصل إلينا من خلال الجابري.


ويؤكد طلال أن الإخوان هم الذين اختاروا صالح سرية لقيادة التنظيم، فيقول: بعد انقطاع لقاءاتي بالهضيبي كانت لقاءاتي مستمرة مع زينب الغزالي وكانت تقدمني لضيوفها باسم حركي وهو «عصام» ولكن في إحدي زياراتي لها وجدت عندها ضيفاً لم أشاهده من قبل عندها وفاجأتني بتقديمي له باسمي الحقيقي وبكل تفاصيل علاقتي بالإخوان وبالتنظيم، الذي أقوده فشعرت بالخوف ثم عرفتني به قائلة: هذا هو الدكتور صالح سرية وكانت منبهرة به وأدركت هي تخوفي من ضيفها فطمأنتني وطلبت مني أن أحكي لصالح كل التفاصيل عن التنظيم الخاص بنا، وما وصلنا إليه وبعدد أفرادنا وببرنامجنا وأنا أعتبر هذا اللقاء هو لقاء تسليم التشكيل التنظيمي الذي كنت أقوده لقيادة صالح سرية،

 الذي أجابني عن كل تساؤلاتي السابقة في عبارات محددة وسلسلة قائلاً: لا سبيل للحركة الإسلامية في مصر إلا الوصول للحكم لقيام الدولة الإسلامية وتطبيق شرع الله، وكانت هذه هي المرة الأولي التي أسمع فيها هذا الكلام بوضوح شديد تحدث معي صالح سرية بالتفصيل عن أساليب وطرق الوصول للسلطة عن طريق الانقلاب، باعتباره الأسلوب الأمثل لحالة مصر وأكد أن السيطرة علي الجيش هي المعيار الحقيقي للوصول للسلطة في مصر، وكان ذلك في تلك الجلسة في وجود زينب الغزالي وهي تبتسم في رضا تام لما تشهده وتسمعه من حوار بيني وبين سرية.


ويؤكد طلال في شهادته علي علاقة الهضيبي بالتنظيم بقوله: فهمت بعد ذلك أن حسن الهضيبي قد توصل إلي صيغة جديدة لاستمرار تنظيمنا وبقائه في يده، ولكن من خلال قيادة أخري هو صالح سرية، وأنا أسمي ذلك مرحلة تسليم وتسلم، وعن علاقة سرية بالهضيبي يضيف طلال: نزل صالح سرية علي إخوان القاهرة وتعددت لقاءات سرية بالمرشد حسن الهضيبي، وقد أخبرنا هو شخصياً أنه عرض علي المرشد أفكاره وآراءه من خلال مذكرة مكونة من ٥٠ صفحة تتضمن فكرة بداية وعهد جديد للإخوان ومنهج جديد للإخوان والتحول من إطار المهادنة إلي المواجهة مع الأنظمة الحاكمة كمقدمة للوصول للسلطة، وأكد لنا سرية أن المرشد وافق علي وجه العموم علي ما جاء بالمذكرة.