الإرهاب... والكلاب

23/11/2006

Courtsy of Copts-United.com 

بقلم/ رجاء
يتصيد دعاة الإسلام السياسي أو المتأسلمون في كل وقت وزمان، بعض التصريحات أو التلميحات التي تطلقها الشخصيات العامة التي قد تأتي في سياق حديث هامشي كي تلتقطها لتجعلها كائناً يلتصق ويمس ذلك التابوه الديني الذي في عرفهم لا يجب أن يمس أو أن يقترب منه، .

وتستثمر تلك التصريحات لتحدث عن طريقها حراكاً مجتمعياً أو صخباً إعلامياً، توهم الناس أنه قضية رأي عام تستطيع من ورائها الإثارة والتهييج وتجدها فرصه مهيأة لها كي تلعب بعواطف الناس أو مشاعرهم وتجعلهم يسيرون وراء نهجهم كالقطيع الذي ينطق بما يقولون أو يتبنى ما يعتقدون أو ما يتوهمون! وقد برعوا في أسلوب التهييج هذا، وأصبح لديهم رصيد من الخبرات والنجاح فيه مما جعل بعض الجاهلين من الناس يلتفون حول تنظيمهم الممقوت والذي لا يحمل أدنى صفة شرعية تؤهله للتحدث في أمر ما يهم المجتمع أو في قضية ما يتم تداولها على السنة العامة أو يتناولها بالبحث والاجتهاد الخاصة.
وآخر تلك الأمثلة ما تطرق السيد وزير الثقافة إليه في حديث هاتفي مع أحد الصحفيين ألأيام الماضية إلى الموضة الوافدة التي ترتديها المرأة المسلمة بما يطلقون عليه أو يعرف خطأ باسم الحجاب، وقد أعلن عن ضيقه أو تبرمه بهذا الرداء الذي يقوم على طمس وإخفاء أجزاء من جسم المرأة وهبها الله لها لتزيد في نصيبها من عنصري الجمال والجاذبية وقد قصد تحديداً الشعر الذي أقل ما يوصف بأنه تاج تحمله المرأة على رأسها مما يضفي عليها سحراً وجاذبية.
ولم يكد الرجل يفرغ من حديثه الهاتفي حتى قامت الدنيا ولم تقعد وتأججت نيران ولم تخمد وتراوحت الآراء بينهم بأنه كافر أو زنديق(؟) استناداً إلى أنه قد مس بالأذى شيئاً يعد مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وهو السيف المسلط على رقاب المفكرين والتنويريين ولكل من يتجرأ أن يقول "لا" لأي من الثوابت الجامدة التي قام بوضعها بشر مثلنا ولا يفضلوننا في شيء وهى أيضاً تلك التي توارثها حملة المباخر منذ ألف وأربعمائة وسبع وعشرين سنة، معلنين ولاءهم لها وأنها لن تمس أو تتغير حتى يوم الدين!! وبين من تقدم إلى مجلس الشعب كي يستجوب الوزير في تصريحات وتظاهرات خطابية ديماجوجية، وبين من طالبه مقدماً حتى قبل أن يستقدم الوزير ويشرح وجهة نظره أو حقيقة ما يقصد. وهل يقتضي الأمر بوجوب تركه موقعه جزاء على ما اقترف في حق التأسلم والمتأسلمين؟!
ولقد استنكروا رأي الوزير أن شعر المرأة يلزم أن يكون ظاهراً ليفصح دائماً عن جمالها وهم يدعون زوراً وبهتاناً عكس ذلك وأنه من ثوابت هذا الدين، وهم لا يعلمون أن شعر المرأة أو الرجل من قديم الزمان وهو يحتل مرتبة ذات أساس أسطوري من التكريم والإعزاز والتقدير والاهتمام، فلقد دلت آثار الفراعنة على أن الشعر حسب معتقداتهم من أسرار القوة والعزة للإنسان ما يجعل وجوب إخفاءه في حضرة الآلهة، وعند دخول المعابد للصلاة رغبة منهم في احترام الإله وإظهار ضعفهم أمامه وتجردهم مما يضفي عليهم مظهراً من مظاهر القوة والعزة أمام الآلهة!
وقد انتقل هذا التقليد الذي أصبح يعد موروثاً شعبياً عند كافة الأمم وديانات سارت على نفس النهج من بوذية وهندوسية إلى يهودية ومسيحية، ونذكر أن من تعاليم بولس الرسول أن المرأة لا يمكنها أن تصلي لله ورأسها غير مغطى، أما الرجل فيمكنه ذلك، ونعتقد أن ذلك يعد امتداداً للعادة اليهودية التي تقضي بلزوم لباس المرأة للخمار(غطاء الرأس) أثناء صلاتها.
وما يعنينا في دين الإسلام هو ما انتهجه بشكل يطابق الديانة اليهودية والمسيحية أيضاً، ولم لا فقد أستن لهم نبيهم إتباع سنة أهل الكتاب، وأقدم على إرسال شعره في المدينة المنورة بعد أن هاجر إليها بعد أن كان يفرقه في مكة؟؟ وأصبح المسلم يضع على رأسه قلنسوة عند الصلاة، لنفس ذات الغرض الذي سبقه إليه الأقدمون،أي أنه كان موروثاً شعبياً، ألا يقدم على الصلاة إلا وهو متنازلاً عن مظاهر قوته التي تكمن في شعره وأن يبدو ضعيفاً هيناً أمام الله.
وقد استنت النساء المسلمات سنة الأوليات ومن سبقنهن فقاما بوضع غطاء الشعر أيضاً أثناء الصلاة بما يعرف باسم (الطرحة أو الخمار)
ما يهمنا أن في مصرنا الحبيبة شأن الأمم الأخرى كان الزي غير موحداً، وغطاء الشعر ليس مقنناً، واختلف المظهر بين الطبقات الموسرة، لتتميز في مظهرها عن الطبقات الشعبية، وكان هناك من يرغبن في إخفاء الشعر تحت منديل، بينما أصبح الشعر لبعض الطبقات الغير مغطى سمة لهم وتفنن المبدعون في خلق فورمات جذابة تسر الناظرين، وتجعل من المرأة إنسان لها شخصها وكيانها تتزين أو تتجمل، يكون شعرها فعلاً تاجاً على رأسها، وفي نفس الوقت تحرص كلا من المسلمة وغير المسلمة على غطاء شعرها في حالة الصلاة، وعلى وجه الخصوص للمسلمة التي حضها على ذلك صراحة في حديث له يلزمها بذلك حيث يقول "لا تقبل الصلاة من حائض (أي امرأة بالغة) إلا بخمار "وقد كانت جداتنا وأمهاتنا تسير على نفس النهج، ولم تكن أمهاتنا مفرطات في دينهن، ولم تكن الرذيلة منتشرة بنفس القدر الذي يوجد اليوم في عصر الفريضة المستحدثة، أو عصر الحجاب!! حتى جاء الغزو الوهابي لبلادنا وتشدد المتشددون في لبس الأخمرة (والخمار ليس والحجاب بل هو جد مختلف عنه) ووصلنا إلى ما نحن فيه وهؤلاء المتأسلمون المتشنجون الذين يأتمرون بمصادر تمويلهم لا يعلمون أنهم قد خلطوا الدين بالموروث الشعبي وأصبح ما يتشدقون أنه من تعاليم الدين فلكلورا في حقيقته ،ووصل بهم الحال إلى توصيفه فرضا من فرائض الإسلام!!
تزداد الأصوات وتعلو بالرفض لإرهابهم،ولأصواتهم العالية ونباحهم، فلا يوجد فارق ما بينهم وبين كلاب تنبح والتي لا تنم عن أدنى مظاهر التحضر، بل الغوغائية سمتهم، والإرهاب أهم أدواتهم، وإن لم تنصاع لهم أو لرغباتهم، فالقتل وإهدار الدم ليس ببعيد ونحمد الله أنه من حسن حظ وزير الثقافة أنه غير متزوج، وإلا فكان حكم التفريق واجباً من وجهة نظرهم، ليضاف إلى قائمة من طالبوا بالتفريق بينه وبين زوجته


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com