Print

 

 

 

حتمية  إلغاء خانة الديانة

ورقة مقدمه من الأستاذ : ممدوح نخلة المحامي بالنقض

ورئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان

فندق الكونراد 8/8/2006


 

 

مقدمه :-

 

لا شك أن إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية أو الرقم القومي حاليا أصبح ضرورة ملحة بعد أن تم إلغائه في العديد من الدول بل معظم دول العالم وفي هذا المبحث الموجز سوف نثبت أن وضع هذه الخانة مخالفا للقانون والدستور والمعاهدات الدولية وأيضا لا يتفق مع مقومات الدولة العصرية الحديثة 0

أولا : مخالفة القانون

-    لما كان قانون الأحوال المدنية الصادر برقم 142 لسنة 1994 ومن قبله القانون رقم 260 لسنة 1990 م لم يرد به أي نص علي ضرورة وجود كتابة خانة الديانة في البطاقة الشخصية 0

-    ولما كانت اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 120 لسنة 1965 تنفيذا لأحكام القانون رقم 260 لسنة 1960 لم تتضمن هذا البيان 0

بينما النموذج المعد للبيع في مكاتب البريد (24 ،24 أ ) يتضمن هذا البيان ( خانة الديانة ) بل يحتم استيفائه حتى تستخرج البطاقة الشخصية الأمر الذي يكون قد خالف صريح القانون ويتعين إلغاؤه 0

ثانيا : مخالفة الدستور :-

حيث لم يرد أي نص بالدستور يحتم وضع خانة الديانة بالبطاقات الشخصية وكذلك لم يرد بأي قانون أساسي أخر أي نص علي ضرورة وجود هذا البيان ضمن البطاقات الشخصية بل أن تنص المادة 46 من الدستور تنص علي أن " تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية " 0

وواضح من هذا النص أن حرية الاعتقاد لا يمكن إن تكون مطلقة إلا إذا سلمنا لأصحاب العقائد المختلفة بالتعبير بكل حرية عن معتقداتهم وإبرازها في المحررات الرسمية أو البطاقات الشخصية أو عدم ذكر عقيدتهم في هذه المحررات 0

ثالثا : مخالفة القرار للمعاهدات والاتفاقيات الدولية :-

تنص المادة الأولي من الإعلان العالمي بشأن القضاء علي جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين علي أساس الدين أو المعتقد علي الملأ في 25 نوفمبر سنة 1981 ( القرار رقم 26/55 علي أنه ) :

1- لكل إنسان الحق في حرية التفكير والوجدان والدين 0 يشمل هذا الحق حرية الإيمان بدين أو بأي معتقد يختاره وحرية إظهار دينه أو معتقده عن طريق العبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم سواء بمفرده أو مع جماعة وجهرا أو سراً 0

كما نصت المادة الثانية : لا يجوز تعريض أحد للتمييز من قبل اية دولة أو مؤسسة أو مجموعة أشخاص أو شخص علي أساس الدين أو غيره من المعتقدات 0 وجاء في المادة الثالثة يشكل التمييز بين البشر علي أساس الدين أو المعتقدات إهانة للكرامة الإنسانية وإنكارا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ويجب أن يشجب بوصفه انتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي نادي بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والواردة بالتفصيل في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان وبوصفه عقبة في وجه قيام علاقات ودية وسلمية بين الأمم 0

وقد جاء في هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة رقم 18 :

أ‌-        لكل إنسان حق لحرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره وحرية إظهار دينه أو معتقده عن طريق العبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم سواء بمفرده أو مع جماعة وجهرا أو سراً 0

ب‌-      لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده الا للقيود التي يفرضها القانون وأن تكون ضرورية  لحماية السلام العام والنظام العام 0000

وحيث أن إظهار عقيدة ( ديانة ) الشخص في المحررات الرسمية لا سيما في البطاقة الشخصية من صميم اطلاقات الحرية الشخصية من حيث يحق للشخص إظهار ذلك أو عدم إظهارها 0

-    ولما كانت المادة رقم 23 من القرار الوزاري رقم 1121 لسنة 1995 تتضمن فيما تتضمنه من ضرورة احتواء البطاقة الشخصية علي خانة الديانة الأمر الذي يكون هذا القرار مخالفا للاتفاقات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر وأصبحت جزء لا يتجزأ من تشريعها الداخلي طبقا للمادة

رابعا : من الناحية الاجتماعية

إذا كان التذرع بأن خانة الديانة وضعت من أجل عدم التحايل في أمور الزواج حتى لا

يستطيع للمسيحي أن يتزوج بمسلمة مثلا فان هذه الذريعة موجودة بأن طائفة الشخص ( سني – شيعي – أرثوذكسي – كاثوليكي ) لا تكتب في أي وثيقة رغم جو هريتها في

أمور الزواج بل أن الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية لا يعترفان بالزواج المختلط ويعتبر العقد باطلا بطلانا مطلقاً ولا يجوز توثيقه لدي أي من رجال الدين ومع ذلك فأنه نادراً ما يدعي أحد الأشخاص بأنه ينتمي الي طائفة خلاف طائفته الأصلية ولكن الشائع عملا هو أن يغير الشخص في خانة الديانة بطريق التزوير لكي يسهل له الحصول علي الزواج أو ربما فرصة عمل في دولة ما 0000

*** اذا كان وجود خانة الديانة جوهريا لماذا ألغتها الدولة من وثيقة السفر منذ عام 1980 وكان قبل هذا التاريخ من الأمور المسلم بها !!

*** ما الفائدة التي تعود علي مصلحة الشهر العقاري والمجتمع المصري من كتابة خانة الديانة في عقود البيع والتوكيلات وهل يفرق الأمر شيئاً اذا كان البائع مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو كان الوكيل او الموكل له أي ديانة

خامسا : عدم الملائمة السياسية

ان كثير من دول العالم الا لم يكن جميعها باستثناء أربع أو خمس دول فقط الغت خانة الديانة من البطاقات الشخصية ولعل دولة مثل لبنان وهي دول متعددة الديانات بل أن دستورها يجري علي نظام الحصص والتقسيم الطائفي قامت في عام 1997 بالغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية 0

** ان القول بأن ذكر خانة الديانة أمراً جوهريا في البطاقة الشخصية وان الغاؤه قد يسير بعض الصعوبات يدحضه ان هناك بيانات أكثر جوهرية وأهمية ولا تكتب في البطاقة مثل اسم الأم أو تاريخ الميلاد بالنسبة للأرامل ساقطي القيد 0