بعد فتواه بمنع تملك الأقباط أسهما فيه
فتنة بنك فيصل الإسلامي ! 
 

 

محمد البدري

 

بعد فتواه بمنع تملك الأقباط أسهما فيه
فتنة بنك فيصل الإسلامي !
> أصحاب البنك الإسلامي اقتربوا من جماعات التكفير والتمييز علي أساس ديني وهم لا يتطرقون إلي أنواع العملات المتداولة لديهم وعلي رأسها الدولار الأمريكي الصليبي أو الصهيوني المسيحي الذي يبطن العداوة للإسلام حسب أقوال المتأسلمين والأصوليين
> قبول ودائع الأقباط بشرط عدم مشاركتهم في الملكية عودة لنظرية الاستحلال في الجاهلية العربية حيث يكفر البشر دينيا ولكن عرقهم وإنتاجهم هو حلال طيب
> المادة الثانية من الدستور التي تقر بأن الدين الإسلامي هو دين الدولة وأنه المصدر الرئيسي للتشريع هي الثغرة التي ينفذ منها المتربصون لمبدأ المواطنة
> غير مفهوم أن يكون للدولة دين لأن الدين مسألة فردية للمواطن يملكها ويتصرف فيها وفق مصلحته ولا وصاية لأحد عليه لأنه لا كهانة في الإسلام
من أغرب ما تناولته الحياة الاقتصادية مؤخرا هو منع تداول الأسهم تبعا لدين أو عقيدة من يسعي لشراء سندات أو أسهم بنك إسلامي. فكما صدق السذج أو أصحاب الطوية البسيطة أن هناك علوما إسلامية وعلوما لأهل الكفر جاءت فكرة وجود بنوك إسلامية وبكل تضليل ووضعت الصفة الإسلامية بنهاية أسمائها. فأصحاب تلك الخرافات استمرؤوا حال السوق الثقافي الفقير والمعتل بتمرير كذبة أخري بأنه لا يجوز للأقباط المصريين من امتلاك أسهم بنك فيصل الإسلامي. لكن البنك رغم قراره هذا يقبل كثيرا من أنواع العملات داخل خزائنه فهي من صنف الدولار الامبريالي المؤيد لإسرائيل. والاسترليني ومعه الفرنك الفرنسي المعبرين عن الثقافة الاقتصادية للأخوين سايكس و بيكو. وعملات أخري كثيرة لم يكن لها ان تظهر وتصبح ممكنة للتداول إلا بفضل تكنولوجيا الغرب الاستعماري إياه.
الدولار الصليبي
أصحاب البنك لم يتطرقوا الي نوع العملة المتداولة في بنوكهم. فبنوكهم بها كل الأوراق النقدية وهو ذاته يتعيش أساسا علي قيمة الدولار الأمريكي الصليبي طبقا لأقوال المتأسلمين و الاستعماري حسب قول القوميين. وفي قول آخر الدولار الصهيوني المسيحي الذي يبطن العداوة للإسلام حسب قول الأصوليين. وفي قول أهل التكفير عملة أهل الكفر ومنجزات دار الحرب. وفي قول العلمانيين بكل تنوعاتهم وأهل المجتمع المدني بالدولار الأمريكي الذي أنجزه وصاغه وصكه العرق والجهد والإنتاج للمواطن الأمريكي ولكل من عمل علي الأرض الأمريكية. فمن نصدق؟
يوما ما دارت نقاشات حول الاستثمار الأجنبي في مصر. فكان لأهل اليسار محاذير لها وجاهتها في بحثها عن العوائد والمردود وكيفية تقسيم الأرباح بحثا عن الإنصاف. واخرجوا لنا كتابا صغير الحجم في السبعينات يفرق بين الرأسماليين كوطنيين وبين الرأسمالية ذاتها كخائنة للوطن. الكتاب كان يحذر. فمهما كانت سلامة نوايا الرأسمالي فان الرأسمالية ذاتها لها قوانينها التي سوف تجرف اشرف الرأسماليين ليكونوا طوع أهدافها غير الوطنية. مؤخرا ظهر رأي جديد أضاف جديدا بأن الاستثمار الأجنبي يحمل ثقافته معه أينما حل. فالاستثمار يحمل ثقافة أصحاب رؤوس الأموال فيما بين العمل أو الريع. هنا تصبح الخيارات الاستثمارية لها ضوابط إضافية يجب علي الدستور أن يقننها بحيث تتفق ومبدأ المواطنة الكامل التي ذكرت ضمن التعديلات الواجبة مؤخرا ليس فقط للعدل في توزيع عوائد الاستثمار بل وفي حقوق المواطنة أمام المستثمرين.
في السبعينات لم يكن الإسلام السياسي قد أطل برأسه بعد ليضيف بعدا قبيحا علي نوع الاستثمار العربي / الإسلامي. فبنك فيصل الإسلامي الذي أفتي مؤخرا بمنع امتلاك الأقباط أسهما فيه يقترب رويدا من جماعات التكفير والتمييز علي أساس ديني. فالتفرقة بين مواطني الدولة الواحدة هو ما يمكن تسميته بالفتنة. بل إن مقولة فرق تسد علي أساس الدين باتت من صفات التعاملات الإسلامية داخل تلك المؤسسات المالية والتي من الممكن أن تمتد عدواها إلي بنوك أخري لا يعرف أصحابها الفرق بين الاقتصاد ودكان البقال علي النوتة. هذا النوع من الرأسمال البنكي يحمل ثقافة لا تتفق ومفهوم الرأسمالية الحديثة كما نشأت في الغرب حيث المقولة الشهيرة دعه يعمل دعه يمر. أو حتي مبدأ المواطنة الكاملة للدول المتحضرة. فالفتنة التي تروج من خلال البورصة أثناء تداول أسهم البنك المذكور لم تعد من مبادئ اللورد كرومر بل باتت إسلامية المصدر. فرق تسد هنا هي صفة عربية بجدارة وإسلامية حيثما ظهر شعار الاسلمة الاقتصادية او السياسية. فهل التفرقة الطائفية والاحتراب الديني المشهود في العراق ولبنان والسودان مرده الي العروبة واسلامها السياسي في تلك الاوطان؟
ولأن التاريخ من المكروه ذكره أو قراءته فإن أموال الجزية التي هي عرق الكفار والملحدين والصليبيين كانت حلالا طيبا وفي الماضي التعس للمصريين علي أصحاب البنك ومؤسسيه بينما اصحاب المال يصنفون من الكفار واهل ذمة. هنا نجد قضية الاستحلال للجماعات الإسلامية لها ظل في سياسات ذلك البنك فهو يقبل ودائعهم لكن بشرط الا يشاركوا في الملكية. وبكلمات اخري يستحل اموالهم دون مشاركة في ملكية المؤسسة أي المواطنة المالية حيث يجري تكفير البشر دينيا لكن عرقهم وانتاجهم هو حلال طيب يستحق المصادرة علي طريقه الجاهلية العربية. فهل نحن حقا مسلمون عادلون في ظل وطن يصادر فيه حق الملكية للأسهم بينما الأموال حلال ايداعها ليستفيد منها البنك فقط. واي عدالة تلك وأي ثقافة هذه؟ كان اصحاب الكتاب بعنوان " رأسماليون وطنيون ورأسمالية خائنة " سذجا وماركسيينKG 1 لانهم، وفي نفس الوقت، دافعوا عن امة عربية تحمل ما هو افدح من الاستغلال ولا تؤمن بالعمل ولا بالمرور الذي صاغته الرأسمالية أثناء نشأتها.
البورصة والدستور
فالبورصة المصرية هي سوق مصري وليست حكرا علي دين ما او أصحاب أموال محددين. فكل من دخلها فهو آمن بشرط أن يتعامل بشفافية وان تعلن له شروط التعامل المالية شراء وبيعا دون تفرقة عقائدية. وهي أيضا مؤسسة مصرية علي ارض مصرية وخاضعة للدستور المصري وبنوده التي تقول بعدم التفرقة بين المصريين. فالمادة 40 من الدستور تقول " المواطنون لدي القانون سواء. وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين او العقيده ".
وتضيف الماده التالية في حقوق الحرية الشخصية بأنها حق طبيعي وهي مصونة ولا تمس. وعليه فهم متساوون داخل البورصة وسوق المال شراء وبيعا. موقف هذا البنك سيفتح باب الإرهاب ثانية والتفتيش في العقائد قبل الشراء وبعد البيع مع ضرب للدستور المعتل عندنا. فهذه البنود التي تؤكد مساواة الحقوق والوجبات والمواطنة الكاملة تقف المادة الثانية من الدستور عقبة في وجه تحقيق تلك المساواة. بل وتفتح ثغرات لينفذ منها كل من له مآرب مستقبلا، أجنبيا أو مصريا حالما بعودة الماضي الغابر لكي يدفع المصريون الجزية ثانية لصالح بنوك إسلامية جديدة تقبل استباحة عرق الكفار وأهل الذمة. هنا نكتشف مدي الاستغفال في فلسفة أهل الإسلام السياسي بين رفض أهل الديانات غير الإسلامية من الشراء والبيع لأسهم بنوك بها أموالهم. أليست هي نفسها الفكرة القديمة حيث تستباح الممتلكات داخل الاوطان بينما أصحابها يجردون من مواطنتهم بأنهم أهل ذمة؟!
فالماده الثانية من الدستور تنص علي ان الاسلام دين الدوله. واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. فاصبحت هي الثغرة التي يمكن النفاذ منها لهدم مبدأ المواطنة. فإذا كانت الدولة لها دين فما قولها في التفرقة الحادثة في البورصة حاليا؟ فإن يكون للدولة دين هو شيء غير مفهوم لأن الدين مسألة فردية للمواطن يملكه وله حق التصرف فيه طبقا لما يراه في مصلحته. ولا وصاية لأحد عليه لأنه لا وصاية في الاسلام ولا كهانة. فللدولة دائما حق التدخل باعتبارها الوحيدة صاحبة استخدام القانون وكذلك العنف للحفاظ علي الامن والسلام الاجتماعي ولتفعيل المادتين 40 و 41 من الدستور. لكن لانها دولة لها دين حسب الماده الثانية فستحاسب المسلم بمكيال وغير المسلم بمكيال فمصداقيتها تصبح موضع شك وغير متفق مع باقي بنود الدستور بل ومع الميثاق العالمي لحقوق الانسان. البند الثاني هو شرخ في بناء دولة المستقبل اللهم الا إذا كان المشرع يكذب علينا بوعد للمستقبل بينما حركته الي الماضي. فإذا كانت المواطنة هي الاساس ولا تفرقة بين المواطنين علي اساس الدين او العقيده فعلي أي قاعدة تميز الدولة نفسها بأنها دولة دينها الاسلام؟ وهل هي بتوصيفها هذا منحازة لمواطن وضد مواطن آخر ومخالفة للبند 40 من ذات الدستور؟. ولهذا دخل مؤخرا الاجانب ممثلين في بنك فيصل لاستغلال الثغرات الدستورية التي سكتنا عليها طويلا فباتت أوكارا للتطرف والتفرقة بين المواطنين. فبنك فيصل شأنه شأن اعتي البنوك الامبريالية في موضوع الربح وجني الاموال.لكنه يضيف بعدا مخربا للأمن الاجتماعي بالتفرقة علي أساس الدين.
تلك هي أول ما يجب ان يؤخذ في الاعتبار في التعديلات الدستورية المطروحة حاليا للنقاش. فالتغيرات السياسية والاقتصادية التي سادت العالم في العشرين سنة الاخيرة استلزمت تغيرات كثيرة لنصوص هي من كراكيب الماضي ومخلفاته زمن صراع العالم ثنائي القطبية وهي بديهية استلزمت التغيير لو ان المجتمع كان علي بينة لما يجري أولا بأول. وبعد ظهور الحروب العقائدية وما صاحبها من فتن دينية فان التغيرات تلك تستلزم موقفا محايدا للدولة أمام جميع الاديان وأمام المواطنين بعقائدهم المتعددة. ولا ينبغي السكوت كما سكتنا علي التغيرات الاقتصادية السداح مداح وقتها مما ادي لانتشار الفساد الذي نعاني من تناقضاته التشريعية. ما هو حادث في الواقع وما يقول به الدستور وما يتبعه من قوانين لا تفسر شيئا إنما تحمي كل المتربحين في واقع الأمر. وكان انحياز الدولة لدين ما او عقيدة معينة سببا تشجعت به جماعات الارهاب للمزايدة عليها باستخدام الشريعة التي هي اسلامية ولا تطبقها الدولة التي تلحق نفسها بنفس الدين. فالاخوان المسلمون يزايدون علي الدولة ونظام الحكم شأنهم شأن جماعات الارهاب في تسعينات القرن المنصرم لان الدولة لها دين بينما هم، وكما يدعون أكثر تدينا منها. وبالتالي فهم أحق منها في تولي السلطة ولتطبيق الشريعة. هنا يمكن فهم مبدأ " فرق تسد " الكامن في الاعلان عن هوية دينية منحازة لفريق دون فريق واستغله مؤخراً بنك فيصل الاسلامي. بل إن التفرقة وصلت لشق صف المواطن عن دولته. فالاديان بطبيعتها منحازة وهو ما لا ينبغي للدولة ان تتشبه به. ولا يجوز لنا كمصريين تعاقبت علينا كل الاديان وكثير من الثقافات إلا بالتعالي فوق كل تلك التناقضات وأن يكون لنا قانون موحد كما يقول به الدستور من مساواة وليس ما تقول به فرقه لها ميليشياتها بالمزايدة علي الجيش المصري اوصلتها في كثير من الحالات الي صراعات دموية فيما بينها وبين الدولة. فهل الفوضي الخلاقة او الهدامة من فعل اختنا العزيزة كوندي أم كامنة داخل البيت وفي ذهن المواطن والسلطة ونصوص الدستورة. فالمادة الثانية يمكن لمن ليس لديه الجراة علي إلغائها فإنه وعملا بقانون المساواة، يمكن ان تصاغ لتكون مبادئ الشريعة الاسلامية أحد مصادر التشريع مع الإلغاء التام لديانة الدولة لاننا لا نريد لها الحساب علي افعالها يوم القيامة. والسبب ان الدولة ومفهومها عند كل من الرأسماليين او الماركسيين هي ظالمة ومصدر للقهر، أي في النار والله غفور رحيم.
محمد البدري


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com