Print

تنظيم دولي للمرتدين برعاية جهات أمريكية ـ ألمانية ـ فرنسية

مســـلمـون ســابـقــا

Ahram Arabi

 محمد عبد الخالق
في الأيام القليلة الماضية‏,‏ تداولت أجهزة الإعلام إعلان إحدي الناشطات في مجال حقوق الإنسان عن تأسيس اتحاد دولي للمرتدين عن الإسلام يسمي بـ‏'‏ المجلس المركزي للمسلمين السابقين في ألمانيا‏'‏ والذي ترأسه الإيرانية مينا عهدي المرتدة عن الإسلام منذ نحو‏15‏ عاما والتي أعلنت أن الهدف من تأسيس الاتحاد هو تأكيد حرية كل فرد في اختيار عقيدته الدينية‏.‏
.

كما تناولت وسائل الإعلام حدث الكاتبة المصرية الدكتورة نوال السعداوي التي صادر الأزهر بعض كتبها واتهمها بعض المتشددين بالارتداد عن الإسلام والتطاول علي ثوابت العقيدة وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة‏ 

إذا كان علماء الأزهر قد استنكروا تلك الخطوة واعتبروها طعنا في الإسلام فإن هذا الحدث يستدعي عددا من الأفكار التي تجب إثارتها ومناقشتها‏,‏ تبدأ من حكم المرتد وحرية الاعتقاد‏,‏ ولا تقف عند حدود الموقف الغربي الصاخب من حرية المصرية نوال السعداوي‏,‏ والإيرانية مينا أهادي والصمت الرهيب الذي أحاط بقضايا التبشير في البلدان الإسلامية والإفريقية‏.‏
وقد باتت الردة من القضايا المثيرة للتساؤلات في الساحات السياسية العربية والإسلامية‏,‏ بينما يراها البعض قضية تجاوزتها متغيرات العصر‏!!‏
وقد شهدت الولايات المتحدة مؤتمرا حول التفسير العلمي للقرآن من منظور علماني بالتزامن مع مؤتمر آخر ينظمه مرتدون عن الإسلام‏,‏ أعلنوا فيه عن تأسيس مجلس أعلي‏'‏ للمسلمين السابقين‏'‏ للتشجيع علي نبذ الإسلام و‏'‏التصدي‏'‏ للهيئات الإسلامية في ألمانيا‏.‏ وبحث أسباب تحول ثقافات الشرق الأوسط من الانفتاح خلال العصور الوسطي إلي مجتمعات دينية حاليا‏'‏ ومسألة حرية التعبير في المجتمعات الإسلامية وضرورة الإصلاح الثقافي وتغير الفلسفة الإسلامية وبناء ثقافة إسلامية عصرية‏.‏
أسماء بعض أبرز منظمي المؤتمر‏,‏ ومنهم‏:‏ مايكل ليدين الباحث في معهد‏'‏ أمريكان إنتربرايز‏'‏ المعروف بتمثيله لتيار المحافظين الجدد‏,‏ وشخصيات أخري من‏'‏ المؤسسة الأوروبية للديمقراطية‏'‏ وهي الفرع الأوروبي لمؤسسة‏'‏ الدفاع عن الديمقراطيات‏'‏ الأمريكية المحسوبة أيضا علي المحافظين الجدد‏.‏
وعبر موقعهم علي الإنترنت قال سلامة نعمات‏,‏ مدير مكتب صحيفة‏'‏ الحياة‏'‏ في الولايات المتحدة وأحد المشاركين في المؤتمر‏,‏ إنه لن يكون هناك موقف واحد بين المشاركين إزاء مسائل العلمانية والإسلام‏.‏
وأضاف سلامة نعمات‏:‏ يسلم المشاركون أن الدين بين الإنسان وربه وليس مسألة تفرض بتفسير معين علي الناس‏,‏ ولكن هناك بين الحضور من سيتحدث عن الجانب السياسي للإسلام‏,‏ ومنهم من يعتقد أن المشكلة ليست في الدين بل في التفسيرات والتوظيف السياسي له‏,‏ وهناك من يقول إنه علماني بمعني أنه ضد تدخل الدين في الحياة العامة‏,‏ والشيء الوحيد الذي يتفقون عليه أنهم ضد التطرف باسم الدين‏.‏
ومن أبرز المتحدثين في أعمال المؤتمر‏(‏ نوني درويش‏)‏ ابنة ضابط المخابرات المصرية في غزة في الخمسينيات من القرن الماضي والتي اعتنقت المسيحية‏,‏ وأطلقت مشروعا أسمته‏'‏ عرب من أجل إسرائيل‏',‏ والتي تقول‏:‏ إن سبب الحروب في المنطقة هو‏'‏ ثقافة الشرق الأوسط الإسلامية‏',‏ وما تسميه‏'‏ دعاية الكراهية التي يتم تعليمها للأطفال منذ الصغر‏'.‏
وسبق أن‏'‏ استقبلها الرئيس الإسرائيلي موشه كاتساف‏,‏ في مكتبه وسلمها وثائق حول قتل والدها من قبل الجيش الإسرائيلي بسبب مسئوليته عن إرسال الفدائيين إلي إسرائيل كما ذكر موقع كاتساب‏.‏
ووفاء سلطان الأمريكية من أصل سوري المعروفة بانتقادها الشديد للإسلام‏,‏ والكاتبة الباكستانية الأصل إرشاد مانجي التي هاجمت الإسلام بعد انتقادها بشدة علي دعوتها لممارسة الشذوذ الجنسي في كتابها المشكلة في الإسلام‏.‏
أما في ألمانيا فقد أعلنت مجموعة من الألمان المنحدرين من أصول إيرانية وعربية‏,‏ عن تأسيس مجلس أعلي‏'‏ للمسلمين السابقين‏'‏ بهدف التشجيع علي نبذ الإسلام و‏'‏التصدي‏'‏ للهيئات الإسلامية في البلاد‏.‏
وتترأس مينا عهدي الإيرانية الأصل والناشطة في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المرأة‏,‏

 

 

 

المجلس الذي أنشئ علي غرار‏'‏ المجلس الأعلي لمسلمي ألمانيا‏'.‏
وتفسر ذلك بالقول بأن تمثيل المسلمين علي اختلاف وجهات نظرهم وأفكارهم انحصر في المجلس الأعلي لمسلمي ألمانيا والذي يعبر من وجهة نظرها عن‏'‏ الإسلام السياسي‏'.‏
وتخضع عهدي لحماية الشرطة منذ عدة أشهر بعدما أبلغت الشرطة بتلقيها وأعضاء في منظماتها تهديدات من متطرفين‏.‏ وهي تعلق علي ذلك بالقول إن الأنشطة التي تقوم بها ليست جديدة وسبق أن تسببت لها في مشكلات كثيرة مع‏'‏ المنظمات الإسلامية‏'.‏
وقد شهدت العاصمة الفرنسية باريس أخيرا اجتماع لفيف من اللادينيين والملحدين من الشرق والغرب لصياغة برنامج ضد ما يرونه خطرا متناميا تشكله الديانات والساسة المتدينون علي الدول العلمانية في أنحاء المعمورة‏.‏
وتزامن موعد اجتماع المؤتمر العالمي للادينيين مع الاحتفال بمرور مائة عام علي صدور قانون الفصل بين الدين والدولة الفرنسي‏,‏ وهي وثيقة مهمة تضع فرنسا إلي جانب الولايات المتحدة كحصنين للعلمانية‏.‏
ويقول رئيس الاتحاد الدولي اللاديني والأخلاقي روي براون‏:‏ مع انزلاق المجتمع الأمريكي نحو الدولة الدينية‏,‏ ومع تزايد التدين بل والأصولية في كل القارات‏,‏ لا بد أن نتخذ موقفا‏.‏
والاتحاد الدولي اللاديني والأخلاقي الذي يشترك مع هيئة فرنسية أخري هي‏,'‏ التفكير الليبرالي‏'‏ والتي تضم مفكرين ليبراليين هو مظلة عالمية للادينيين والعلمانيين والملحدين تضم في عضويتها‏95‏ منظمة من‏35‏ دولة‏.‏
ويقول المدير التنفيذي للاتحاد بابو جوجينيني وهو من الهند إن قيم التنوير في القرن الثامن عشر التي جسدها فلاسفة فرنسيون مثل فولتير وديدرو وفلاسفة بريطانيون مثل توم بين وديفيد هيوم تتعرض لهجوم متزايد‏.‏ واستطرد يقول‏'‏ موضوع المؤتمر وهو الفصل بين الدين والدولة هو قضية مهمة لحرية الضمير في كل مكان‏'.‏
وأضاف جوجينيني لكننا شهدنا في السنوات الأخيرة تغلغلا بطيئا للدين في الحياة العامة في عشرات الدول في الهند ونيجيريا وروسيا وسلوفاكيا وباكستان وبنجلاديش وبريطانيا وأيضا في الولايات المتحدة‏.‏
وعلي الضفة الأخري من المحيط الأطلسي يري اللادينيون والملحدون الأمريكيون أن الأصوليين المسيحيين الذين يساندون الرئيس الأمريكي جورج بوش‏,‏ يوسعون نفوذهم ليشمل المدارس والمختبرات العلمية بل والمتاحف الشهيرة‏.‏ ويرون في هذا تهديدا للتناغم الاجتماعي لا في وجه غير المؤمنين فحسب وإنما في وجه الديانات الأخري‏.‏ وقال رئيس تحرير مجلة‏'‏ البحث الحر‏'‏ بول كيرتز‏:‏ لا شك بأننا علي شفا تحزبات دينية‏.‏
واللادينيون هم حديثو العهد نسبيا في إفريقيا‏,‏ وإن كان بعض مفكري وكتاب القارة الكبار مثل النيجيري وول سوينكا والكيني نجوجي واثيونجو من الأتباع الملتزمين بالفلسفة الإنسانية‏.‏ لكن السكرتير التنفيذي للحركة اللادينية في نيجيريا‏,‏ ليو ايجوي‏,‏ يقول إن غير المؤمنين هناك يواجهون استبعادا وتمييزا منهجيا وانتهاكا لحقوق الإنسان‏...‏ بينما يتصارع المتعصبون الإسلاميون والمسيحيون علي السلطة والنفوذ‏.‏
ويقول أينايا ناريستي من الاتحاد اللاديني الراديكالي إن زعماء الحكومة العلمانية من الناحية الرسمية في الهند‏,‏ وهي دولة تتصارع فيها الجماعات الهندوسية والمسلمة غالبا ما يبرزون الشخصيات الدينية ويشركونها في احتفالات الدولة‏.‏ ويضيف ناريستي حتي الحكومات الشيوعية في بعض الولايات مثل كيرالا تدعم ماليا الاحتفالات الدينية وتقول إن هذا يشجع السياحة‏.‏
ويقول اللادينيون إنه حتي في روسيا التي أخضع الحكم الشيوعي السابق فيها الدين لرقابة صارمة جرت استمالة الكنيسة الأرثوذكسية في النظام الجديد‏.‏
وكثيرا ما يظهر زعيم الكنيسة البطريرك الكنسي إلي جوار الرئيس فلاديمير بوتين الذي كثيرا ما يتباهي بنفسه بالتراث المسيحي لبلاده‏.‏ ويجري الآن تدريس مبادئ الأرثوذكسية بما في ذلك الصلوات في مدارس الدولة‏.‏
ويقول رئيس الجمعية اللادينية الروسية وأستاذ الفلسفة في جامعة موسكو فاليري كوفاكين‏,‏ إن منظمته تشن حملة لم تحقق نجاحا لإدخال الفلسفة الإنسانية كبديل‏.‏
ويقول ابن وراق الذي نشأ كمسلم في الهند‏,‏ وهو كاتب متخصص في ديانات الشرق الأوسط وآسيا إن غير المؤمنين منبوذون في بعض الدول الإسلامية بوصفهم كفارا ويمكن أن يواجهوا في كثير من الأماكن محاكمة رسمية تصل إلي الإعدام‏.*