Print

الإخوان المسلمون مصدر اضطهاد الأقليات والمرأة

أشرف عبدالقادر

 إيلاف 

من ينظر إلى أوضاع الأقليات في العالم العربي والإسلامي والمرأة يستاء مما وصلت إليه أمورهم، في حين أن الأقليات في العالم المتحضر تتمتع بحقوقها كاملة، فمشكلة العالم العربي والإسلامي الكسول ذهنياً، والمريض بمرض الحنين إلى الماضي، والذي يحكمه الأموات من وراء قبورهم، هي نظرته الدونية لكل من الأقليات والمرأة، فغير المسلم لا يتساوي بالمسلم لعدم الكفاءة في الدين،

والمرأة هي نصف رجل لعدم الكفاءة في الجنس، وأقدم نفسي كمثل على إمكانية تغيير العالم العربي والإسلامي،حيث كنت حتى العام 1990 نصيراً للإخوان المسلمين،  

متبني لكل أفكارهم، مدافع عنها حتى الموت، ولما لا وديننا يملك الحقيقة المطلقة الثابتة والصالحة لكل زمان ومكان، ولما لا وكتابنا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولكن بعد أن أتيت إلى فرنسا، اكتشفت عالماُ جديداً، عالماُ لا مكان فيه للحقد والكراهية والأنانية والنرجسية الدينية المريضة، عالم التفاضل فيه مبني على "الكفاءة" في العمل بغض النظر عن اللون والدين والعرق،وجدتني أنا المصري المسلم المهاجر أتمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها الفرنسي عدا التصويت في الانتخابات لأنني لم أطلب الجنسية الفرنسية، فسألت نفسي كيف يكون (العدل – والمساواة – والإخاء) الذي هو شعار فرنسا "كفراً" وأقلياتنا ونسائنا في بلادنا تمتهن كل يوم باسم الإسلام؟فاكتشفت أن الإخوان المتأسلمين هم السبب الرئيس لهذا الظلم و لهذا الاضطهاد وثقافة الكراهية للأقليات والمرأة. كيف؟ بسيطرتهم على التعليم والإعلام والخطاب الديني بسيطرتهم على الأزهر، فملئوا المناهج التعليمية بالنصوص المحرضة على كراهيةالآخر ونعته بـ"الكفر"، ففسر المدرسون المتأسلمون للتلامذة سورة الفاتحة في قوله تعالي"غير المغضوب عليهم ولا الضالين" بأن : " المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم المسيحيين"، واختاروا من الأحاديث ما يحقر من شأن المرأة،بالإضافة إلى فرضهم الحجاب عليها، الذي جعلوه ركناً سادساً من أركان الإسلام،وبمناسبة الحديث عن الحجاب قرأت هذا الشهر في روزاليوسف العدد 4109 الصادر بتاريخ 10/3/2007 أن هناك مدرسة حكومية تفرض الحجاب على المسيحيات في "العياط" في صعيد مصر.إلى هذا الحد بلغ اضطهاد المتأسلمين للأقلية القبطية في مصر، فالفكر المتأسلم إقصائي، فقد علموني أن"الدين عند الله الإسلام" و"أن من يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه"، فأخذت هذا على أنه حقيقة مطلقة ثابتة وغير قابلة للنقاش، فلا مكان لأي دين آخر على الكرة الأرضية لغير الإسلام، أما عن المرأة فعلموني أنها قرينة الشيطان، لأنها تغوي الرجل"إن كيدهن عظيم"، ولما لا وحواء هي التي أغوت آدم وأخرجته من نعيمه الأبدي في الجنة، ولم يكتفوا بالأحاديث التي تحقر من شأنها، بل وحرموها من رغبتها الجنسية بالختان وجعلوه من الإسلام، على الرغم من أننا نعرف أنه عادة فرعونية قديمة حيث لم يثبت أن النبي ولا الصحابة قد ختنوا بناتهم، وحرموها كما حرموا الأقليات من المناصب الهامة، كالقضاء مثلاً بدعوى أن المرأة عاطفية ولا تستطيع إصدار الأحكام، كما حرموها والأقليات أيضاً من الإمامة الكبري فـ "لن يفلح قوم ولو أمرهم إمرأة".

انقلبت على الإخوان المسلمين عندما اكتشفت أنهم أس البلاء لأمتنا العربية والإسلامية، وأنهم بوق ثقافة الكراهية ضد المرأة والأقليات، وعندما اكتشفت لغتهم المزدوجة التي يجيدونها، فهم يرفعون شعارات تدغدغ مشاعر المسلمين البدائية للسيطرة على الرأي العام، لكن مرادهم هو السلطة والسلطة فقط، وبعدها سيكشرون لنا عن أنيابهم، والعصا لمن عصى، وقدم لي التاريخ أمثلة حية من إيران والسودان وأفغانستان، لقد أقنعوني بأن رسالتنا هي هداية العالم أجمع، ونشر الإسلام في العالم كله إن طوعاً وإن كرهاً، ولا أعرف لماذا يريدون هداية العالم للدخول في الإسلام، ولماذا لا يتركونه على "كفره" لتبقي الجنة لهم وحدهم خالصة، لا يزاحمهم فيها أحد؟

ما الذي حررني من ثقافة كراهية اليهود والمسيحيين التي كنا نتعلمها صباح مساء؟ الثقافة، هي المحررة من الجهل والتجهيل، أدركت في فرنسا أن الآخر ليس عدوي بل رفيقي وصديقي، معرفة الآخر وفهمه حررتني من أكاذيب الإخوان المسلمين. فنحن مصابون بمرض "رهاب" الآخر،خوفاً على أنفسنا وديننا، أذكر إنني عندما أتيت إلى فرنسا كانت تعمل فتاة شابة جميلة معي،و كنت معجب بها، وبمجرد أن عرفت أنها يهودية ابتعدت عنها وخفت منها وشعرت أنها قبيحة و إنني غير مخلص لا لديني ولا لوطني،وحاولت أن أكتب رواية جعلت أبطالها يهود يتآمرون على مصر. إلى هذا الحد بلغ بنها رهابنا من الآخر، في حين أنه إنسان مثلي ومثلكم، وأذكر أيضاً وأنا في مصر وفي فترة تأسلمي،كان لي صديق مسيحي أعزه كثيراً اسمه "نزيه"فقلت له ذات يوم:أريدك أن تسلم. فسألني:لماذا؟ قلت له: لأني أعزك كثيراً ولا أريدك أن تدخل النار. فضحك وقال: ولماذا سأدخل النار؟. فقلت له: لأن الجنة مكتوب على بابها"لا إله إلا الله محمد رسول الله" ولن يدخلها إلا المسلمون.نعم هذا هو الفكر الإخواني المنغلق على نفسه الذي هو سبب مصائبنا كلها.

لا سبيل للأقليات والمرأة لنيل حقوقهم إلا بنشر ثقافة التسامح، وفتح الوعي الإسلامي المنغلق، وإعمال العقل في النصوص التي نقف أمامها صماً وعمياناً، نحن بحاجة ماسة لإعادة النظر في مدرسينا المتأسلمين، ومناهجنا الدراسية المملوءة بالنصوص التي تحث على كراهية الآخرالمغاير والمرأة، بإدخال مبادئ التعريف بالأديان في الابتدائي، وتدريس تاريخ الأديان والأديان المقارنة في الثانوي والجامعة، حتى يعرف الأطفال منذ صغرهم أن يدنهم ليس هو الدين الوحيد، بل هو دين من الأديان، وأن هناك أديان سماوية وأديان غير سماوية معترف بها، وحتى يعرف الأطفال أيضاً أن لهم شركاء في الوطن، أذكر إنني عندما كنت أعمل مدرساً في مصر في إحدى مدارس محافظة المنوفية في العام 1987 كانت هناك تلميذة واحدة مسيحية في المدرسة،اسمها "نجاح" قيل أنها الآن راهبة في الدير، وحكت لي هذه التلميذة أن تلامذة المدرسة يرجمونها بالحجارة بعد انتهاء اليوم الدراسي وهي عائدة إلى بيتها،لا عن ذنب فعلته بل لأنها مسيحية، إلى هذا الحد بلغت بشاعة انتشار الفكر الإخواني المتأسلم في مصر.

أما عن الإعلام المرئي والمسموع، فعلينا أن نعيد النظر في البرامج التي تقدم في التلفزيون، حيث يجب تقديم برامج هدفها نشر ثقافة الحب والتسامح واحترام المرأة،وأستغل فرصة حديثي عن الإعلام وأطرح على المؤتمرين أن يتبنوا معي فكرة إنشاء فضائية لنعلي بها من شأن الإنسان كقيمة والعقل كمرجع،فضائية حرة، عقلانية ومستنيرة،لنوقف بها زحف الفكر البدوي السلفي الوهابي في "إقرأ" و"المنار" و"المجد" و"جزيرة" القرضاوي. حيث أن صوت العقل غائب في أرض الإسلام، مما أدي إلى انتشار الخرافة والتدجيل والهذيان عن المؤامرة "اليهودية الصليبية" التي تريد القضاء على الإسلام والمسلمين، وكذلك على أزهرنا أن يرشد خطابه الديني ويفرض على دعاته ألا يمسوا الأديان الأخرى بسؤ، ولا يسخروا من صلواتهم ولا من عاداتهم، وكذلك عدم تكفيرهم ونعتهم بـ"أولاد القردة والخنازير" من على المنابر.أدعو جميع أغنيائنا إلى فضائية تنويرية تقف ضد الفضائيات الظلامية العديدة، فضائية واحدة يا ناس...

 إن حل مشاكل الأقليات يتمثل في كلمتين لا ثالث لهما، "المواطنة" والعلمانية"، اللذان هما جناحي "الديمقراطية" التي تطير بهما، وبدون ذلك لا أمل للأقليات ولا للمرأة لنيل حقوقهم، لكن لماذا يرفض المتأسلمون "العلمانية"؟، لأنه في ظلها تمارس جميع الأديان شعائرها بحرية، فالعلمانية ليست ضد الدين، كما يدعون بل هي في خدمة كل دين، وفي ظل العلمانية تصبح الدولة "أمة" لكل مواطنيها دون تفرقة لدين أو لجنس، كما قال صديقي الشيخ المستنير جمال البنا "الإسلام دين وأمة" وليس "دين ودولة" كما يدعي إخوان الشياطين،فيرفضون العلمانية لأنهم يريدون دولة دينية تعيد الجزية وملك اليمين، هم يريدون خلط الدين بالسياسة لإيقاظ الفتن و الحروب، لأن هذا هو المناخ المناسب لهم للمتاجرة بالدين والثراء والوصول إلى السلطة. فلو استتبت الأمور وانتعش الاقتصاد، فستكتشف الجماهير الغفيرة التي يسوقونها خلفهم كالأنعام بأنهم مضللون، وهذا ما اكتشفته أخيراً، وأحمد الله أنني اكتشفته و إلا لزلت حتى الآن خروفاً في القطيع، أتغدى بالأكاذيب، وأتعشي بالأوهام..

وأسأل المتأسلمين هل الأقليات والمرأة إناس و بشر؟ فإذا كانت الإجابة المنطقية التي يقبلها كل عقل سليم هي :نعم. علينا إذن أن نتعامل مع الأقليات والمرأة من منطلق البشرية والإنسانية، فنحن جميعاً إخوة في الإنسانية قبل أن تفرقنا الأديان، لقد خلق الله الدين لخدمة الإنسان وتنظيم حياته، ولم يخلق الدين ليكون سبباً في الحروب والفتن، الدين عبارة عن علاقة فردية بين الإنسان وربه، وليس هوية أو جنسية كما يدعي المتأسلمون، فنحن أخوة جميعاً في الإنسانية وفي الله، فكن يهودي أو مسيحي أو مسلم، أو أي دين آخر، أو حتى لا تأخذ بدين:
فأنت أخي مادمت معترفاً بي / آمنت بالله أم آمنت بالحجر
ليكن هذا شعار "منظمة الدفاع عن الأقليات والنساء " الوليدة، وليكن شعار لسان حالها كمنبر للأقليات،مقولة الأزهري المستنير والمصري الصميم سعد زغلول:"الدين لله والوطن للجميع