Print

شهر العسل المر

ليلى فريد

شهر العسل الذي نعم به منظرو الإرهاب ودعاته.. مخططوه ومنفذوه في لندن التي استحقت عن جدارة لقب "لندنستان"، هل ستستمر حلاوته طويلا أم ستتحول إلى مرارة العلقم؟!

 

 لسنوات طويلة كانت لندن هي قبلة المطاردين فى أوطانهم، تسبغ عليهم حمايتها وتغدق على حريمهم وعيالهم من جيوب دافعي الضرائب. حظوا فيها بما لم يكن يراودهم في الأحلام من حرية الزعيق بأعلي أصواتهم لاعنين مكفرين محرضين.
 البنوك استقبلت بترحاب الملايين الداخلة إلى والخارجة من حساباتهم.. لا أحد يسأل عن مصدرها أو عن أوجه صرفها.
 الحكومة غضت البصر والمجتمع أشاح بوجهه بينما كانت رسائل الكراهية المنبعثة من مطبوعات دور النشر و محتويات المكتبات ومناهج المدارس التى تحمل الصبغة الدينية وخطب الأئمة ومن المواقع الالكترونية تستشري وتغسل الأمخاخ وتعشعش في الصدور.
 تحت أنف البوليس والاستخبارات تحولت المنازل ودور العبادة إلى ترسانات للأسلحة والمتفجرات وبؤر للتخطيط والتآمر.
 المطارات فتحت أذرعتها للموفدين في بعثات دراسية لباكستان وأفغانستان وعائدين منها بمهارات تدميرية وجماجم تم حشوها بخلطة جهنمية جعلت أصحابها قنابل موقوتة تحلم بيوم أن تنفجر وتأخذ معها ما تيسر من خلق الله.
طالما استضافت بريطانيا مؤتمرات وفرت فرصا هامة للتنسيق بين تيارات أصولية عديدة. بل فى الواقع كانت لندن هى المهد الدى ولدت فيه القاعدة وفيها مارست أنشطتها الباكرة فى جو من الحرية والأمان يتحدى قدرة العقل على التصديق.
 الجماعات التى ’منعت أنشطتها فى معظم دول العالم لآثارها المدمرة مثل حزب التحرير والمهاجرون، وجدت فى بريطانيا الملاذ الآمن.
 على نواصي اكسفورد وبيكاديللي كان من العادي أن ترى رجلا بوجه عابس ولحية كثة يرتدي جلبابا و ’شبشب‘، يدفع بمنشورات في وجه الانجليزيات المتخففات من الملابس احتفالا بيوم مشمس لا يتكرر كثيرا، مع شخطة محترمة يحثهن بها على الهداية.
 كيف وصل الحال إلى هذه الدرجة؟!
 أغلب الظن أن الثمن الباهظ الذي تدفعه بريطانيا الآن هو نتيجة ظروف متشابكة و كوكتيل من الأخطاء الفادحة التي امتدت عبر عقود:
- الحسابات السياسية الخاطئة والمصالح الاقتصادية التي لا تنظر إلى أبعد من مواقع قدميها. بالإضافة إلى الفشل في التعلم من تجارب الآخرين والعجز عن استشراف المستقبل.
فى السبعينيات استقبلت بريطانيا، بلا تخطيط كاف، موجات المهاجرين من الشعوب الأسيوية الفقيرة لاستخدامهم كعمالة رخيصة، وهم من نجحت التيارات السلفية فى استقطابهم.
فى الثمانيات اشتركت انجلترا مع أمريكا فى تسليح مجاهدى أفغانستان. وعندما تحقق الهدف، انقلب المنتشون بالنصر على الحليف السابق.
- فتح باب اللجوء السياسى على مصراعيه بلا تدقيق ولا تعقل جعل بريطانيا قبلة كل الإرهابيين المطاردين.
أعطت الثورة الإسلامية فى إيران لمسلمى بريطانيا وقودا للحماس. بينما ألهبت أحداث البوسنيا وفلسطين والعراق مشاعرهم وعظمت من شعورهم بالاضطهاد و بضرورة الانتقام.
عقدة الذنب التي يعاني منها الإنجليز بسبب تاريخهم الاستعماري ومحاولة التكفيرعنها بالمبالغة في إظهار التسامح مع شعوب المستعمرات السابقة، مع الميل إلى جلد الذات ونقد كل أسس المجتمع، خاصة من قبل الاتجاهات اليسارية، مما جعل الاقتناع باستحقاق بريطانيا للانتقام غير مستحيل.
الفراغ الروحى والتسيب الخلقى بسبب تراجع دور الدين، جعل هجوم الأصوليين على ’مجتمع الضلالة’ لا يقابل بمعارضة قوية الإقناع.
 - أخطاء كارثية اقترفتها الأجهزة المسئولة عن الأمن فى التقليل من خطر الأنشطة المتطرفة و القائمين بها.
انغلاق الشعب البريطاني على ذاته وعدم اهتمام الجار بما يجرى في المنزل الملاصق له وبالأحرى بما يحدث في باقي أقطار العالم، وشيوع الجهل بالآخر وقيمه وثقافاته.
حسن الظن الذي قد يصل لحد الغفلة وافتراض الصدق في كل ما يقال من جانب غالبية الناس العاديين.
المحافظة التى تصبغ المجتمع البريطاني بصبغة يصعب التخلص منها وتعوق رغبته وقدرته على التغيير حتى مع تغير الظروف وطبيعة الأخطار.
 - التشبث غير الحكيم بقوانين لم تعد تصلح للتعامل مع العدو الجديد. والدليل على ذلك أنه قد اتضح أن مرور جمل من ثقب إبرة أسهل من إدانة إرهابي في بريطانيا.
 - الخوف والرغبة في اتقاء شرعدو شرس ليس هناك سقف تقف عنده حدود انتقامه.
 - خداع النفس. فقد شابه حال بريطانيا بعد 11 سبتمبر ما يحدث للإنسان عندما يسمع بخبر وفاة غيره فيردد لنفسه مطَمئنا :"هذا يحدث للآخرين..أما عنى فهو بعيد.. بعيد".
 - الضغوط التي تمارسها جميعات للدفاع عن حقوق الإنسان كثيرا ما تعطي الانطباع بأنها تنحاز بالذات إلى نوعية البشر التي يشكل وجودها خطرا مؤكدا على الإنسانية جمعاء! وإلا فكيف تبرر أن بريطانيا ظلت تقدم رجلا وتؤخر عشرة بخصوص ترحيل أبو قتادة (الذي يعتبر المندوب السامي لبن لادن في أوربا) إلى الأردن حيث تمت إدانته غيابيا بتهم إرهابية، إشفاقا من أن يتعرض شخصه الرقيق لمعاملة فظة هناك؟!
 - انضمام قسم كبير من البريطانيين إلى الكورس العالمي الذي لا يمل من ترديد أن أمريكا هي سبب كل المصائب والمظالم التي تحدث في أي بقعة من الأرض وبالتالي فإن أي عدو لأمريكا (حتى لو كان عدوا للبشرية كلها) يستحق تفهم موقفه والدفاع عن أفعاله.
 - الهجوم الحاد الذي تتزعمه الأحزاب والصحافة والتيارات المعارضة للحكومة والتي على استعداد للتحالف مع الشيطان (إلى أن تفاجئ بانقلاب السحر على الساحر) في سبيل القضاء على خصومها السياسيين.
ربما قد فات أوان إصلاح الأخطاء المتراكمة، فإن:
استطلاعات الرأي تبين أن نسبة مخيفة من الشباب المسلم الذي ولد وتربي في بريطانيا قد تمت برمجته تماما بحيث صارت درجة عدائه للمجتمع تتفاوت بين أبسطها وهو الرغبة في العيش تحت ظلال الشريعة والحلم بأن ترفرف راية الإسلام فوق قصر باكنجهام، و أشدها من استحلال للقتل الجماعي واعتبار بن لادن والزرقاوي وعطا مثلا أعلى يحتذي.
أحياء بكاملها قد تحولت إلى جيتوهات منعزلة عن المجتمع البريطانى الطبيعى وصارت بمثابة حاضنة لتفريخ الإرهابيين.
بعض الأئمة استغلوا فرصة السماح لهم بزيارة المساجين لتجنيد عناصر جديدة من داخل السجون.
العمليات الإرهابية أصبحت من حقائق الحياة في بريطانيا. ففي صبيحة 7 يوليو 2005 استيقظت لندن على تفجيرات انتحارية استهدفت قطارات مترو الأنفاق وحافلة وأسفرت عن عشرات القتلي ومئات الجرحي. ويعرف البريطانيون أن هذه لم تكن الأولي ولن تكون الأخيرة. فعلي سبيل المثال في عام 2000 ألقي القبض على البريطاني ريتشارد ريد المعروف بمفجر الحذاء، و كانت هذه مجرد واحدة من وقائع كثيرة ربما لم يكشف عنها اللثام في حينه.
 ولم يمض أسبوعان على 7 يوليو إلا وقد انكشفت محاولة أخرى مشابهة فشلت فقط بسبب لطف الأقدار. ومنذ ذلك التاريخ أحبطت الشرطة محاولات إرهابية لا حد لها ولا حصر، من أبرزها خطة تفجير طائرات عبر الأطلسي واختطاف جندي بريطاني مسلم للإطاحة برأسه مع بث الصور على شبكة الانترنت ليكون عبرة لمن يرتكب خطيئة مماثلة وهي الخدمة في أفغانستان.
المدارس المدعوة إسلامية والتى تتمتع بدعم حكومي والدعاة الذين رسخت أقدامهم، كلهم يرتعون فى نعيم الحريات المبذولة بلا حساب، ينعمون بحماية القانون بل و بتعاطف المجتمع.
 بريطانيا لم تعد فقط حامية الإرهاب بل صارت مصدرة له، فعلى سبيل المثال:
· لم يتردد شباب بريطانيون في الاستجابة لنداء الظواهري للقتال إلى جانب قوات المحاكم الصومالية المتشددة ولنداء الزرقاوي للسفر إلى العراق في مهام جهادية. كما انتظموا في صفوف المليشيات الإسلامية في مقديشو.
· كان أحمد سعيد شيخ البريطاني المولد من ضمن الذين قاموا بذبح الصحفي دانيل بيرل في باكستان.
· في عام 2002 ألقت السلطات المصرية القبض على ثلاثة بريطانيين،·  أعضاء في حزب التحرير الإسلامي،·  كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية.
· اتهم اثنان من الشباب البريطانى فى تفجيرات أحد بارات تل أبيب عام 2003.
· العقل المفكر وراء تفجيرات بالى خريج جامعة بريطانية.
· فجر محمد بلال البريطانى شاحنة فى نقطة بوليس فى كاشمير.
· يدعم الإرهابيون البريطانيون الكبار- ماديا ومعنويا- المنظمات العالمية المشبوهة.
 ولكن ليس هناك من ثابت سوي قانون التغيير. وقعت أحداث معينة أحدثت هزة في المجتمع البريطاني الذي لا يهتز بسهولة. بدأ الإنجليز وكأنما يعيدون النظر فيما كان يتجنبون التفكير فيه من قبل:
 - الهجمات الانتحارية التي وقعت على ترابهم وبفعل أبنائهم كانت صدمة مروعة.
 - السيناريوهات البشعة لقتل وذبح رهائنهم والتي تابعوها بالصوت والصورة أصابتهم بالغثيان.
 - ردود الأفعال المذهلة في مواجهة مسلماتهم المتعلقة بحرية التعبير، بداية من قتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ إلى الهجوم على البابا بسبب محاضرته الأكاديمية مرورا بالدعاوي الصريحة للقتل التي حملتها لافتات المتظاهرين في شوارع لندن احتجاجا على الرسوم الدانمركية، دفعتهم إلى محاولة استكشاف طبيعة الأقلية التي تعيش في وسطهم.
 وبدأت ملامح تغيير على المستويين الشعبي والحكومي وانعكس صداها على ما يتردد في وسائل الإعلام وفي تفعيل قوانين كانت نائمة:
 - ظهر وكأن عروش أباطرة الإرهاب تهتزمن تحتهم:
أخيرا حكم على أبو حمزة المصري بالسجن. وأبو حمزة هو إمام مسجد فينزربري بارك في لندن، الذي طالما ظهر مشوحا بيده الخطافية المرعبة قاذفا بحمم الكراهية وسموم التحريض. وأحال المسجد إلى مخزن للأسلحة ومراجع فنون القتل والهويات المزورة، وساهم في تخريج أسماء لامعة في عالم الإرهاب مثل زكريا موسوي وريتشارد ريد.
أصدرت المحكمة قرارها بترحيل أبو قتادة إلى الأردن.
 عمر بكري الذي آوته بريطانيا عشرين عاما بعد طرده من السعودية، هرب بجلده إلى لبنان عندما أحس أن يوم القبض عليه قد صار وشيكا.
- اضطر العديد من زعماء المسلمين المعتدلين لإدانة التصريحات المستفزة للمتطرفين مثل إعلان عمر بكري أن العالم أصبح مكانا أفضل بعد 7 يوليو وتلقيبه قتلة 11 سبتمبر "بالعظماء التسع عشر".
- بدأت الأصوات الخافتة المترددة للمسلمين المسالمين الذين لا يريدوا إلا العيش في هدوء في البلد الذي احتضنتهم وأكرم وفادتهم،-  تعلو شيئا فشيئا،-  تدين القتل تحت مسمى الجهاد و تعلن رفضها لادعاء الزعماء المتطرفين أنهم يمثلون كل مسلمي بريطانيا ويتحدثون باسمهم.
- لم يعد من النادر أن يتطوع مسلم بالتبليغ عن خطة إرهابية قبل وقوعها.
- أقدمت الاستخبارات البريطانية على اتخاذ إجراءات غير مسبوقة مثل وضع كل بريطاني مسافر للحج تحت المجهر لاكتشاف من يحتمل انتمائه لمنظمات مشبوهة،-  وحث أبناء الجالية المسلمة على التبليغ عمن’يشك في انضمامه للجماعات المتطرفة. والغريب أن هذه الإجراءات لم تثر عاصفة من المعارضة كما كان متوقعا!
- وسائل الإعلام صارت تتسابق في فضح ما وراء التطرف والإرهاب. وكان من أشد البرامج تأثيرا الفيلم الوثائقي الذي بثته القناة الرابعة في التلفزيون في يناير 2007،-  والتي قام مندوبوها بالتصوير خلسة في عدد من المساجد والمراكز الإسلامية في بريطانيا. وكشف البرنامج عن خطب نارية للسلفيين تحض على كراهية الكفار: المسيحيين واليهود وعلى قتل المثليين وعن فتاوي وتبريرات تحلل زواج القاصرات،-  وغيرها من الأمور المستهجنة من قبل الرأي العام البريطاني.
- لم يعد البريطانيون يترددون في الجهر بأن الجالية المسلمة وزعمائها لا يفعلون ما فيه الكفاية لمواجهة نزعات التطرف.
- عندما صرح جاك سترو رئيس مجلس العموم برأيه القائل أن النقاب يمنع التواصل الشخصي ويؤدي إلى تفرقة مجتمعية،-  حظي بتأييد واسع على عكس الموقف من المعلمة التي أصرت على التدريس للأطفال من وراء النقاب والتلميذة التي أرادت ارتداء النقاب في الفصل.
- سياسة الهجرة المفتوحة أعيد النظر فيها واتخذت خطوات هادفة إلى وضع قيود عليها وإلزام راغبي التجنس باجتياز اختبارات في اللغة والولاء والثقافة والتاريخ.
- حتى المعارضين لسياسات بريطانيا الخارجية أعلنوا أن المطالبة بسحب القوات من أفغانستان والعراق واتهام التدخل البريطاني فيهما،- علاوة على القضية الفلسطينية،-  بأنهما مبررمقبول للغضب والأعمال الإرهابية،-  هو محاولة للابتزاز لا ينبغي الخضوع لها.
- زعيم حزب المحافظين نادي بمنع دخول أمثال الشيخ يوسف القرضاوي لانجلترا. فبرغم أنه أعلن معارضته لعمليات القاعدة،-  فإن تأييده "للجهاد" في بقع أخرى من العالم تجعله في صفوف المحرضين على الإرهاب.
- مشروع بناء المركز الإسلامي الضخم الذي يتسع لحوالى 70 ألف مصلي ويطل على الاستاد المعد للاوليمبيات في لندن،-  بدأ يتعثر بسبب مواقف حكومية وحملات إعلامية ومعارضة شعبية تحذر من أن المنظمة التي وراء المشروع لها خلفية غير مطمئنة.
- محاولة تشبيه الوضع الحالي للمسلمين في الغرب بوضع اليهود تحت قبضة النازي لم تعد مقنعة للرأي العام.
- صيحات الاحتجاج بسبب ’الكبسات’ البوليسية على الأماكن المشبوهة لم تعد تجد آذانا صاغية. والكل يتعجب من أنه عندما يتم القبض على بعض المشتبه فيهم ثم يطلق سراحهم بعد أيام قليلة،-  جرى أثنائها تحقيق قانونى لم يضطر معه المقبوض عليه إلى الاعتراف بجرائم لم يرتكبها تحت وطأة التعذيب،-  يقابل هذا التصرف السليم بهيجان شديد واتهامات للقوى الأمنية بدلا من الاعتراف بعدالتها.
- العديد ممن قدموا أنفسهم على أنهم أمثلة للاعتدال والاستنارة وتسللوا إلى مناصب الناصحين للحكومة والمستشارين للشرطة بخصوص وضع الأقلية المسلمة ومحاربة الإرهاب،-  بدأ الغطاء ينكشف عنهم ليتضح أنه في حقيقة الأمر لا يفصلهم أكثر من شعرة عن غلاة المتشددين.
- سياسة التعددية الثقافية التي طالما تغني بها حزب العمال الحاكم أثبتت فشلها الذريع. ولم يخجل الحزب من الاعتراف بذلك ونادي بضرورة أن يحل محلها اندماج الأقليات في بوتقة المواطنة. وفي خطاب عد علامة فاصلة للتحول أعلنها بلير صراحة: "تبنوا قيمنا أو ارحلوا".
 محاولات التراجع عن الأخطاء وإصلاح ما يمكن إصلاحه تواجه بمقاومة ضارية، ليست من قبل الإرهابيين والمتواطئين معهم فقط، بل أيضا من كل الاتجاهات المعارضة للحكومة البريطانية.
 المقاومون يستميتون في محاولة تصوير ما يجري على أنه ضد الإسلام كدين (وليس فقط ضد الأفكار المتطرفة) وأن المسلمين جميعهم (وليس فقط المحرضون على والمنفذون للعمليات الإرهابية) هم ضحايا.
 يريدون إقناع الشعب البريطانى العاشق لحريته بأن الحكومة تبالغ في تخويف الناس من الهجمات الإرهابية لأجل أن تمرر قوانين مقيدة للحريات. (ولا أحد يفهم كيف يمكن لهذه الدعاوي أن تصمد في مواجهة الحقائق الدامغة للعمليات الإرهابية الناجحة والمحبطة التي صارت جزءا من روتين الحياة في بريطانيا).
 محاولات تحجيم دور المتطرفين وإخراس أصواتهم تكبلها القيود الصارمة التي تتحكم في المجتمع البريطاني والخاصة بتقديس حرية الرأي وحقوق الإنسان والديموقراطية والمساواة. وهو ما استغله هؤلاء – والحق يقال- بمنتهي الفطنة والذكاء.
 العراقيل تأتي من صلب المجتمع البريطاني. فكيف يمكن لانجلترا أن تقف وقفة رجل واحد في مواجهة أعداء مبادئها وفيها أمثال جورج جالوي (أحد مؤسسى الحزب اليسارى: الاحترام) المتيم بصدام؟! وكيف يمكن للندنستان أن تعود لسابق عهدها: لندن وعمدتها كين ليفينجستون يريد لها أن تفرش البساط الأحمر لاستقبال صديقه القرضاوي؟!
ورغم كل هذه المعوقات فإنه من الصعب جدا تصور أن بريطانيا ستستمر مرتعا يصول فيه الإرهابيون ويجولون.
 يبدو أن شهر العسل يقترب من نهايته... وسبحان من له الدوام.

ليلي فريد