Print

 

أرونا الله "الجميل"؟

بقلم منير بشاى

  

        عن صحيح مسلم ورد هذا الحديث لرسول الاسلام "إن الله جميل يحب الجمال".  وشرحه احد المفسرين فقال "هذا الحديث يعنى ان الله يحب من عبده ان يتخلق بالاخلاق الحميدة ومنها الصلاة والصيام والتزام الخير وكظم الغيظ والعفو عن الناس ومساعدة الغير ورفع الاذى عن الطريق وان تحسن الى من احسن اليك والى من اساء اليك ايضا".  والحديث بلا شك يحمل معانى جميلة، ولكن فى ضوء البشائع التى ترتكب يوميا باسم الاسلام، وآخرها ما حدث فى منطقة العريش، اقدم هذا السؤال:

هل الله "الجميل" يظهر فى مثل هذه الأعمال؟        صعقنا جميعا لسماعنا تفاصيل ما حدث فى تفجير الشيخ زويد بمنطقة العريش.  هذا التفجير الذى راح ضحيته، حتى وقت كتابة هذا المقال، 28 من خيرة جنودنا البواسل. كما اصيب حوالى 30 بجروح خطي

رة وهم جميعا فى حالة صحية حرجة ومن بينهم قائد الكتيبة 101

        والحادث ومعه مئات الاعمال الارهابية تفرض علينا اسئلة محيرة: مع التسليم ان غالبية المسلمين ليسوا ارهابيين ولكن لماذا نجد ان غالبية الارهابيين مسلمين؟  ولماذا كلما رأينا جماعات تعلن الرجوع الى اصول الاسلام الخالية من الشوائب، فاننا بالتالى نرى جماعات تتبنى القتل والتدمير والتفجير وترويع الآمنين؟

من المؤسف انه لا يمر يوم دون ان نقرأ عن القباح

ات التى ترتكب باسم الاسلام فى حق الانسانية وتبررها بنصوص دينية. 

فى 13  اكتوبر 2014 نشرت جريدة "التلغراف" تقريرا عن الاساس الذى يستند اليه تنظيم داعش فى خطف آلاف النساء من الطائفة الأيزيدية العراقية وبيعهن كعبيد للاستعمال الجنسى. 

وفى المقال لا يعترف فقط تنظيم داعش بارتكابه للجريمة ولكن يدافع عن شرعيتها باقوال الفقهاء ونصوص القرآن. 

وهم يقتبسون ما جاء فى سورة النساء 3 التى تبيح للمسلم إغتصاب اسيرات الحرب او من يطلق عليهن اسم "ملكات اليمين".  

ومن الأمثلة التى يستخدمها تنظيم داعش لتبرير افعالهم ما حدث فى "خيبر" حيث اتخذ نبى الاسلام غنيمة امرأة أسرها فى الحرب اسمها "صفية" وكانت زوجة زعيم القبيلة. 

وقد تزوجها الرسول بعد ان عذّب زوجها "كنانة" حتى مات فى محاولة لاجباره على الكشف عن كنز اعتقدوا انه كان يخفيه.  وكانوا قبل هذا قد قتلوا اباها واخوتها. 

وحدث آخر يستخدمه داعش لتبرير العنف وهو ما فعله خالد ابن الوليد (سيف الله المسلول) الذى اغتصب زوجة مالك بن نويرة ثم قتله و قطع رأسه وطبخها ثم أكلها.       

حتى العقوبات التى قصد منها ترسيخ الفضيلة تفتقر للرحمة التى هى من صفات الله الجميل.  

وصلتنا تفاصيل رجم تنظيم داعش فى ريف حماة الشرقى لامرأة ارتكبت الزنا.  

يقف رجل داعش وامامه المرأة ورجل عجوز وهو والدها ويقول لها "الحد الآن هو نتيجة الاعمال التى اقترفتها انت بيدك ولم يجبرك عليها احد ولذلك فعليك ان ترضى بحكم الله فهل انت راضية بحكم الله؟"  وتومىء المرأة بالايجاب. 

ثم يسأل الرجل ابيها ما اذا كان يريد ان يقول كلمة لابنته فيرفض.  

وهنا تتوسل الابنة الى ابيها ان يسامحها ولكن الأب يرفض ويقول لها "أنا لست أباك".  

ثم يقبل على مضد بعد ان ينصحه رجل داعش ان الله سيكافئه ان سامحها. 

 بعد ذلك يربطها والدها بالحبل حول خصرها ويقتادها نحو حفرة بينما تتوسل له: سامحنى..سامحنى.. سامحنى. 

ثم تبدأ عملية الرجم من المتواجدين ومن بينهم والد المرأة بينما تردد المرأة عبارة "اشهد ان لا اله الا الله".       

 فى مجرد اسبوع واحد كانت هناك ثلاث حالات للرجم تمت فى باكستان وحدها وكلها كانت باسم الشرف وبعضها لأتفه الأسباب.  

من هذه امرأة كانت حاملا قتلت رجما بالحجارة هى والجنين الذى فى بطنها لأنها  تزوجت من شاب كانت تحبه على غير رغبة أهلها.  

واخرى ام لطفلين رجمتها اسرتها لامتلاكها "موبايل"!       

اعلم ان قصصا كهذه تثير الاشمئزاز وغير محببة لمن يقرأها.  ولذلك اقدم اعتذارى لكل من تأذى من قراءتها.  

ولكن ان كنا نتضايق من مجرد القراءة فما بالك بمعاناة الضحايا؟  

إن اقل ما يمكننا عمله لهن هو عرض مأساتهن للعالم كله لعل العالم يستيقظ لمعالجة هذه المآسى.       

ولكن الصورة لا تكتمل ان لم نعلن عن جانب آخر يختلف تماما ويقدمه لنا السيد المسيح.       

فى فترة خدمته الجهارية كان السيد المسيح "يجول يصنع خيرا ويشفى جميع المتسلط عليهم ابليس" أعمال 10: 38

وليس من عجب لأن الرسالة التى جاء من اجلها هى " لكى يطلب ويخلص ما قد هلك" لوقا 19: 10.

وقد انعكست هذه المعانى الجميلة فى كلماته التى علّم بها لدرجة ان "الجموع بهتوا من تعليمه لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة" متى 7: 29.       

ومن تعليم السيد المسيح الجميلة قوله "سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك واما انا فأقول لكم احبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم لكى تكونوا ابناء ابيكم الذى فى السموات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين.  لأنه ان احببتم الذين يحبونكم فأى أجر لكم اليس العاشارون ايضا يفعلون ذلك وان سلمتم على اخوتكم فقط فأى فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذى فى السموات هو كامل " متى 5: 43: 48       

ومن جمال اعماله ما قام به فى مدينة نايين.  ونايين معناها مدينة الجمال.  ولكن حتى مدينة الجمال لم تخل من المآسى.  هناك عند باب المدينة كان يسير موكب جنازة لشاب وحيد لأمه الأرملة. 

رأى السيد المسيح الموكب الحزين وتحركت مشاعره تجاه الام الثكلى فتحنن عليها وقال لها لا تبكى.  

ولكن السيد المسيح تعدى كلمات المواساة ومشاعر الحنان وعالج المشكلة عندما تقدم ولمس النعش وامر الشاب ان يقوم من الموت فقام وابتدأ يتكلم فدفعه الى أمه (لوقا 7: 11- 17)       

 ومرة جاءوا اليه بامرأة امسكت فى الزنا.  وارادوا ان يجربوه فيما يرى تكون عقوبتها.  قالوا له ان موسى امر ان هذه ترجم فماذا تقول انت؟  

اما السيد المسيح فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.  ولما كانوا يلحون فى طلب الاجابة انتصب وقال لهم "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها اولا بحجر. ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الأرض".  فاخذت ضمائرهم تبكتهم وانصرفوا مبتدئين من الشيوخ، ولم يتبقى غير المسيح والمرأة.  وربما كانت المرأة تظن ان من سيقوم برجمها من كان بلا خطيئة وهو السيد المسيح نفسه.  

ولكن السيد المسيح منحها نعمة الغفران ومعها اعطاها فرصة فى الحياة قائلا "ولا انا ادينك اذهبى ولا تخطئى ايضا" يوحنا 8: 11.       

والآن يتبقى امامنا بعض التساؤلات.  ايهما يعبر عن جمال الله: من يقتل الناس ام من يعطيهم فرصة للحياة؟

ايهما اجمل: من يصم اذنيه عن توسلات التائب ام من يقول له مغفورة لك خطاياك اذهب ولا تخطىء ايضا؟  وايهما يريدنا الله ان نريه للناس: جمال محبته أم قبح كراهيتنا؟ 

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.