الحقوق القانونية للعائدين إلى المسيحية
كتبت : وفاء شعيرة

Rosa on line
 أصدرت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار «عصام عبدالعزيز» - نائب رئيس مجلس الدولة أحكاما نهائية برفض ستة طعون أقامها «عبدالمجيد العنانى» المحامى ضد ستة أحكام كانت محكمة القضاء الإدارى قد أصدرتها بأحقية ستة أقباط أسلموا بالعودة مرة أخرى إلى الديانة المسيحية الأسبوع الماضى، 

وتغيير أسمائهم وديانتهم إلى المسيحية بالبطاقة الشخصية. وأوراقهم الرسمية، المحكمة رفضت الطعون الستة لأن المحامى الذى أقامها غير ذى صفة، وباعتبار أن صاحبة الحق فى تقديم هذه الطعون هى «وزارة الداخلية» والتى صدرت أحكام محكمة القضاء الإدارى ضدها.. برفض هذه الطعون تعتبر الأحكام التى أصدرتها محكمة القضاء الإدارى نهائية، ومن حق
هؤلاء الستة العودة
مرة أخرى
إلى المسيحية
فى الأوراق
الرسمية.

الطعون المرفوضة تحمل الأرقام 21955 و16833 و21954 و21956 و21957 لسنة 52 ق. ع، أقيمت ضد كل من «زينب ماهر أمين» و«آية مكرم جبران» و«محمد أحمد على مراد» و«عماد عاشور مصطفى» و«نادية محمد صلاح الدين»، وهذه أسماؤهم التى يرغبون فى تغييرها فى الأوراق الرسمية بأسماء مسيحية، وعلى سبيل المثال القضية الخاصة بعماد عاشور مصطفى محمد بدأت بإقامته دعوى رقم 24967 لسنة 59 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد كل من وزير الداخلية، ورئيس مصلحة الأحوال المدنية، ووزير العدل طالبت فى نهايتها بإصدار حكم قضائى بأحقيته فى الحصول على بطاقة تحقيق شخصية تحمل اسمه المسيحى، وتسجل المسيحية فى خانة الديانة، وتعود القضية إلى 14 نوفمبر عام 1999، حيث أقر «عماد» باعتناق الدين الإسلامى، وغير اسمه من «فيليب شنودة صليب» إلى «عماد عاشور مصطفى محمد»، وفى 27 مايو عام 2001 وبموجب إجراءات دينية وكنسية عاد «عماد» أو «فيليب» مرة أخرى إلى الدين المسيحى أمام بطريركية الأقباط الأرثوذكس، وتقدم لمصلحة الأحوال المدنية لإعطائه بطاقة تحقيق شخصية بالاسم والديانة السابقين قبل إشهار إسلامه، إلا أن المصلحة رفضت طلبه فأقام دعواه أمام القضاء الإدارى مستندا إلى أن رفض مصلحة الأحوال المدنية تغيير الاسم وخانة الديانة يعد أمرا مخالفا للدستور والقانون، وأثناء تداول المحكمة للدعوى تدخل «عبدالمجيد العنانى» - المحامى - متضامنا مع وزارة الداخلية ومطالبا برفض دعوى «عماد». لكن محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار «فاروق عبدالقادر» - أصدرت حكما برفض قبول تدخل «العنانى» وقبلت دعوى «عماد» وأحقيته فى العودة إلى المسيحية فى الأوراق الرسمية. محكمة القضاء الإدارى قدمت حيثيات الحكم فى ثمانى صفحات، وقالت إن «العنانى» ليست له مصلحة شخصية ومباشرة فى طلب التدخل فى الدعوى، كما أن وزارة الداخلية رفضت تنفيذ طلبات «عماد»، لهذا يجب الحكم بعدم قبول طلب التدخل لانتفاء المصلحة، واستمرار حكم القضاء الإدارى، أما عن أسباب الحكم بأحقية «عماد» فى العودة إلى المسيحية فقالت محكمة القضاء الإدارى إن المشرع المصرى أوجب على كل مواطن مصرى يبلغ ستة عشر عاما أن يطلب الحصول على بطاقة تحقيق شخصية تتضمن البيانات الخاصة به ومنها الديانة، وأضفى المشرع على هذه البطاقة أهمية خاصة بأن جعلها فى ذاتها دون غيرها حجة على صحة البيانات الواردة فيها، وإمعانا من المشرع فى التأكيد على أهمية تلك البيانات، أوجب على المواطن التقدم بطلب لتحديث البيانات الواردة فى بطاقته الشخصية إذا طرأ عليها أى تغيير وإلا يتعرض للعقوبة المنصوص عليها فى المادة 66 من قانون الأحوال المدنية 143 لسنة 1994، وهى غرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على مائتى جنيه، وقالت المحكمة إن وزارة الداخلية امتنعت عن تغيير اسم «عماد» إلى «فيليب» وديانته من الإسلام إلى المسيحية لأن هذا يعتبر ردة والقاعدة الشرعية أنه لا ردة فى الإسلام.

والمحكمة تراقب مشروعية ما استندت إليه وزارة الداخلية كسبب لقرارها بتغيير اسم وديانة «عماد»، ولما كان الدستور المصرى قد كفل مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، فلا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، كما أن الدولة تكفل حرية العقيدة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، كما أن جميع المواثيق الدولية الحديثة كفلت حرية العقيدة والفكر والرأى لكل فرد، كما أن الشريعة الإسلامية سبقت تلك المواثيق والدساتير منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان إذ قررت تلك الحرية فيقول الله تبارك وتعالى فى القرآن الكريم «لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى» الآية رقم 256 من سورة البقرة، كما يقول تبارك وتعالى فى الآية رقم 99 من سورة يونس «ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، وعلى ذلك فإن رفض وزارة الداخلية تغيير اسم وديانة «عماد» يعتبر تدخلا لا مبرر له من جانبها ويشكل إجبارا منها له على اختيار عقيدة ودين معين هو ليس راغبا فيه، كما أن إثبات بياناته الجديدة إنما هو مجرد إثبات واقعة مادية بحتة تتعلق بحالته المدنية فى المستند المعد لذلك، وهو بطاقة تحقيق الشخصية، ومادام موجودا فى هذا المجتمع حيا يرزق، وبالتالى فإن إثبات بياناته الجديدة يعد حماية للغير ولأى فرد يتعامل معه، ولكل سلطات الدولة يتعين إثبات الديانة الحقيقية لـ «عماد»، وهى المسيحية، وكذا اسمه الحقيقى حتى يكون المتعامل معه على بصيرة من أمره، ليس فقط من حيث الاسم، وإنما من حيث الديانة أيضا دون الوقوع فى ثمة غلط.

من جانبها لم تطعن وزارة الداخلية على هذا الحكم وغيره من الأحكام فى نفس الموضوع، ولكن «عبدالمجيد العنانى» - المحامى - قام بالطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالبا إصدار حكم نهائى بإلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى لأنه إخلال بموجبات النظم العامة للدولة، وفى طعنه قال «العنانى»: إن هذا الحكم مخالف للقانون والدستور والشريعة الإسلامية.

وفى الشهر الماضى أعدت هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية العليا تقريرا قانونيا فى القضية طالبت فى نهايته بإصدار حكم قضائى نهائى بقبول طعن «العنانى» وإلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى. وقال التقرير الذى كتبه المستشار «عبدالقادر حسين قنديل» - نائب رئيس مجلس الدولة - إن «العنانى» له مصلحة فى التدخل فى الدعوى باعتبار أن الحكم الصادر فيها سيتعدى أثره إليه، فارتداد «عماد» عن الإسلام أمر مخالف لما استقرت عليه الآراء الفقهية والفتاوى الصادرة من جهات الاختصاص، وخروج على أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام، مما يؤثر عليه - العنانى - وعلى أفراد أسرته من جراء عمليات التبشير التى تستهدف النيل من الدين الإسلامى، وبالتالى يجب الحكم بقبول تدخله، وقال التقرير أنه إذا كان الدستور المصرى ينص على أن الإسلام دين الدولة، ويكفل حرية العقيدة، وحرية ممارسة الشعائر، وأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، كما ينص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة على حرية الفكر والوجدان والدين، إلا أن الدستور ذاته لا يجيز ولا يخول التلاعب بالأديان واتخاذها مطية يمتطيها الفرد متى شاء لأن الأديان أسمى وأقدس من ذلك، وأن من دخل الإسلام بكامل حريته دون إكراه فيتعين عليه أن يلتزم بأحكامه وقواعد الدين الإسلامى ومنها أحكام الردة، ولما كان لا يوجد نص تشريعى ولا تنظيم قانونى وضعى يبين حكم من يدخل الدين الإسلامى ولا من يرتد عنه، فضلا عن عدم وجود عرف يحكم المسألة، فمن ثم يتعين الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، وكان مقتضى هذه المبادئ أن من أسلم ثم رجع عن إسلامه يعتبر مرتدا، ولا يجوز التحجج فى هذا الشأن بإجازة قانون الأحوال المدنية لإجراء تغيير أو تصحيح فى الجنسية أو الديانة أو المهنة بناء على أحكام أو وثائق صادرة من الجهات ذات الاختصاص، فتفسير القانون على هذا النحو يسمح فيه للمرتد بإثبات ديانته الجديدة بما يخالف النظام العام ويخالف الدستور، كما لا يجوز التحجج بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان، حيث إن طبيعة هذا الإعلان تمثل لونا من الاتفاق فى الرأى بين أفراد المجتمع الدولى على معايير تطمح الدول إلى تطبيقها، وهى بهذا ليست لها الطبيعة الملزمة للمعاهدات المصدق عليها التى تلتزم بتطبيقها الدول الموقعة عليها، كما أن تطبيق نص المادة التى تكفل حرية العقيدة، وممارسة الشعائر الدينية الواردة بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان لا يجوز إن خالفت النظام العام وعادات وأخلاق المجتمعات، كما لا يجوز الاستناد كذلك إلى الدستور المصرى الذى ينص على حرية العقيدة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وعدم التمييز بين المواطنين، فهو مشروط بعدم مخالفة ذلك للنظام العام وأخلاق وعادات المجتمع المصرى، بل إنه لا يجوز إجبار غير المسلمين على اعتناق الإسلام، حيث كفلت لهم الدولة حرية الديانة، وحرية ممارسة الشعائر مادام ذلك فى نطاق النظام العام والآداب العامة، ولكن حين يعتنق غير المسلم الدين الإسلامى بكامل حريته وإرادته عليه أن يلتزم بتعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية التى من ضمنها عدم جواز الارتداد عن الإسلام، وإلا كان السماح بغير ذلك يؤدى إلى فتح باب التلاعب لما لتغيير الديانة من آثار خطيرة فى الإرث والنسب والزواج والطلاق، ومن ثم يتعين عدم السماح بتغيير الديانة وفقا للهوى والأهواء والمصالح الشخصية لحماية المجتمع وللغير والالتزام بالنظام العام وأخلاق المجتمع.

لكن المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار «عصام عبدالعزيز» لم تأخذ بتقرير هيئة المفوضين، وأصدرت حكمها النهائى، فرفضت طعن العنانى فى جلسة الاثنين الماضى، وقالت إن وزارة الداخلية لم تطعن على حكم محكمة القضاء الإدارى باعتبارها الخصم الأصيل فى الدعوى، ولهذا رفض الطعن. قضية «عماد» والخمسة الباقين لم تكن القضايا الوحيدة التى تنظرها محكمة القضاء الإدارى، ولهذا فإن قرار رفض الطعن فيها له أهمية كبرى، حيث ربما شكل مؤشرا للقياس عليه فيما بعد، فهناك ما يزيد على 120 قضية مازالت منظورة فى المحكمة، منها الدعوى رقم 17295 لسنة 61 ق أقامها «هانى رشدى الزقم» ضد كل من وزير الداخلية ومساعد الوزير رئيس مصلحة الأحوال المدنية قال فيها بأنه ولد لأبوين مسيحيين أطلقا عليه «هانى رشدى ميخائيل»، ولظروف معينة قام بإشهار إسلامه سنة 1987، وتسمى باسم «هانى رشدى الزقم» إلا أنه عاد إلى الديانة المسيحية بتاريخ 1989، وتم قبوله بالكاتدرائية، ويمارس طقوس العقيدة المسيحية منذ هذا التاريخ حسبما جاء فى دعواه التى يقول فيها: «وحيث إننى تقدمت لوزارة الداخلية بطلب استخراج بطاقة الرقم القومى وشهادة ميلاد باسمى المسيحى - الاسم الأصلى - والديانة المسيحية إلا أن الوزارة لم تتحرك، وحيث إنه لما كانت الشريعة الإسلامية قد سبقت دساتير العالم بأكمله على تقرير حرية العقيدة «لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى» الآية رقم 256 من سورة البقرة كما جاء سورة فى يونس الآية رقم «99» «ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، كما جاء فى نصوص دستور 1971 فى مادتى 40 و46 اللتين تؤكدان على حرية العقيدة وأنه لا إكراه فى الدين، فإن «هانى» يقر فى دعواه بحاجته إلى بطاقة الرقم القومى، حيث سدت فى وجهه أية جهة يسعى للعمل فيها، مما عرض حياته للخطر، كما أنه يعيش بلا هوية سيما أن البطاقة الشخصية تكشف عن الحالة الدينية لصاحبها من خلال البيانات المدونة فيها، ومنها ديانته واسمه وتاريخ ميلاده، وهى السند الوحيد الذى يتعامل به مع جميع الأشخاص والجهات، لهذا فهو يطالب بإصدار حكم قضائى بأحقيته فى الحصول على بطاقة رقم قومى باسمه وديانته المسيحية. وهناك أيضا الدعوى رقم 8791 لسنة 61 ق التى أقامها «جون ألبير ميخائيل»، وتحمل وقائع شبيهة بما ذكرته دعوى «هانى»، وإن كانت تضم بعض التفصيلات المختلفة منها إصرار «جون» على عدم اعتناقه للإسلام أساسا، حيث يقول «ولدت لأبوين مسيحيين وتسميت «جون ألبير ميخائيل» ولظروف معينة قامت الأم بإشهار إسلامها وإسلامى، وقامت بتغيير اسمى إلى «عبدالرحمن أحمد حسن محمد» إلا أننى لم أتخذ أى إجراء بشأن إشهار الإسلام، وأمارس طقوس العقيدة المسيحية، وتقدمت لمصلحة الأحوال المدنية بطلب استخراج شهادة ميلاد بديانتى المسيحية واسمى المسيحى، إلا أن المصلحة لم تحرك ساكنا، لهذا أطالب بحصولى على شهادة ميلاد بديانتى المسيحية واسمى المسيحى، لأننى بلا هوية وخاصة أنها السند الوحيد الذى أتعامل به مع جميع الأشخاص والجهات.

أما الدعوى رقم 7779 لسنة 61 ق فأقامتها «غادة فاروق شحاتة جرجس» وطالبت فى نهايتها بإلزام مصلحة الأحوال المدنية بتسليمها بطاقة تحقيق شخصيتها بالاسم والديانة المسيحيين، وقالت «غادة» إنها من مواليد أول أكتوبر عام 1966 لأب وأم مسيحيين، إلا أنه تم إشهار إسلامها باسم «غادة محمد فاروق شحاتة»، وفى أول أغسطس سنة 2000 وافق المجلس الإكليريكى المسئول على عودتها إلى الكنيسة الأرثوذكسية وديانتها الأصلية «المسيحية»، إثر ذلك تقدمت لمصلحة الأحوال المدنية بطلب تعديل ديانتها فى خانة الديانة ببطاقة الرقم القومى الخاصة بها، وبالتبعية تعديل اسمها إلى الاسم المسيحى الخاص بها قبل إشهار إسلامها، إلا أن مصلحة الأحوال المدنية غضت الطرف عن طلبها استنادا إلى أنها أصبحت بعودتها إلى ديانتها الأولى المسيحية مرتدة، وذلك بالمخالفة للشريعة الإسلامية والدستور والقانون، وفى دعواها قالت إن رفض تعديل خانة الديانة والاسم ببطاقتها مخالف للدستور المصرى وبالتحديد المادة الثالثة منه، التى تنص على أن «السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية»، كما أن الرفض يخالف المادة 40 من الدستور التى تنص على أن «المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو اللغة أو العقيدة»، وكذلك يخالف المادة 41 من الدستور التى تنص على أن «الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس»، ويخالف الرفض المادة 46 منه التى تنص على أن «الدولة تكفل حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية»، وأشارت الدعوى إلى أن عدم تغيير اسم الشاكية وديانتها مخالف أيضا لقانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 وتحديدا المادة 47 التى تنص على أنه «لا يجوز إجراء أى تغيير أو تصحيح فى قيود الأحوال المدنية المسجلة عن وقائع الميلاد والوفاة وقيد الأسر إلا بناء على قرار يصدر بذلك من اللجنة المنصوص عليها فى المادة السابقة» - «لجنة متخصصة للتغيير» - وهذا يعنى إجراء التغيير أو التصحيح فى الجنسية أو الديانة أو المهنة، وفى قيود الأحوال المدنية المتعلقة بالزواج أو بطلانه أو التصادق أو الطلاق أو التطليق أو التفريق الجسمانى أو إثبات النسب بناء على أحكام أو وثائق صادرة من جهة الاختصاص دون حاجة إلى اللجنة الخاصة بتغيير أو تصحيح القيد، وبالتالى فإن امتناع مصلحة الأحوال المدنية عن التعديل بعد تقديمها المستندات الدالة على عودة الشاكية إلى الديانة المسيحية مخالف لقانون الأحوال المدنية، كما قالت «غادة» فى دعواها أن عدم الموافقة على عودتها إلى المسيحية مخالف للشريعة الإسلامية، حيث إن الشريعة الإسلامية سبقت تلك الدساتير والقوانين وكفلت تلك الحرية، فقد قال الله تبارك وتعالى: «لا إكراه فى الدين، قد تبين الرشد من الغى» الآية رقم 256 من سورة البقرة، كما يقول تبارك وتعالى فى الآية رقم 99 من سورة يونس «ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين».

وذكرت الدعوى أن رفض المصلحة تغيير اسم الشاكية ودينها يعد تدخلا لا مبرر له من جانبها، ويشكل إجبارا منها لها على اختيار عقيدة ودين معين هى ليست راغبة فيه. كما أن إثبات بياناتها الجديدة إنما هو مجرد إثبات واقعة مادية بحتة تتعلق بحالتها المدنية فى المستند المعد لذلك، وهو بطاقة تحقيق الشخصية مادامت موجودة فى هذا المجتمع حية ترزق، وبالتالى فإنه لصالح الغير ولأى فرد يتعامل معها ولكل سلطات الدولة يتعين إثبات الديانة الحقيقية لها وكذا اسمها الحقيقى حتى يكون المتعامل معها على بصيرة من أمرها وليس فقط من حيث الاسم إنما من حيث الديانة أيضا دون الوقوع فى ثمة غلط، وبالتالى فإن مصلحة الأحوال المدنية تكون ملتزمة قانونا بإثبات حقيقة الديانة التى تعتنقها حفاظا على حقوقها الدستورية وحفاظا أيضا على حقوق الغير، كما أنه لا يسوغ بحال من الأحوال أن تتخذ مصلحة الأحوال المدنية من سلطتها الإدارية المخولة لها قانونا وسيلة لإجبارها على الاستمرار فى الإسلام.

ومن ضمن هذه القضايا أيضا الدعوى التى أقامتها «عنايات ذكى سليمان عوض»، وقالت فيها أنها من مواليد سبتمبر عام 1952، لأبوين مسيحيين، وتم إشهار إسلامها بذات الاسم وصدر قرار اللجنة بتغيير ديانتها من المسيحية إلى الإسلام، وعادت إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بموافقة من المجلس الإكليريكى، وعلى أثر ذلك تقدمت لمصلحة الأحوال المدنية بطلب تعديل ديانتها فى خانة الديانة ببطاقة الرقم القومى الخاص بها إلا أن المصلحة غضت الطرف عن طلبها على سند من القول المرسل بأنها أصبحت بعودتها إلى ديانتها الأولى المسيحية مرتدة وذلك مخالف للشريعة الإسلامية لهذا أقامت هذه الدعوى. كما أقام «سامى نصيف لبيب» الدعوى رقم 18121 لسنة 61 ق قال فيها أنه من مواليد المنيا فى أول يوليو عام 1960 لأبوين مسيحيين، وفى أول أغسطس عام 1988 تم إشهار إسلامه، وفى أبريل العام قبل الماضى وافق المجلس الإكليريكى المسئول عن ذلك بعودته للكنيسة الأرثوذكسية، وتقدم لمصلحة الأحوال المدنية لتغيير خانة الديانة ببطاقة الرقم القومى الخاصة به فرفضت المصلحة لهذا أقام هذه الدعوى. مع تكرار تلك الوقائع، وفى ظل الحكم القضائى النهائى، الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا، فإن السؤال الذى يطرح نفسه هو: هل يحق لكل مسيحى أسلم العودة مرة أخرى إلى المسيحية، وإثبات ذلك فى بطاقته الشخصية وأوراقه الرسمية دون اعتراض من مصلحة الأحوال المدنية، وهل هذا يعنى أن محكمة القضاء الإدارى عليها أن تصدر أحكاما بالأحقية فى العودة إلى المسيحية، وهو ما يوضحه المستشار «عزت رياض» - رئيس هيئة قضايا الدولة الأسبق - قائلا: إن الأحكام القضائية التى أصدرتها المحكمة الإدارية العليا يوم الاثنين الماضى أحكام نهائية واجبة النفاذ، لكن فى المقابل يحق لوزير الداخلية الطعن على أى حكم تصدره محكمة القضاء الإدارى فى هذا الشأن، ومن حق المحكمة الإدارية العليا عند نظر دعوى مشابهة أن تحيلها إلى دائرة توحيد المبادئ بمجلس الدولة لوضع مبدأ قانونى نهائى فى مثل هذه الدعاوى، كما يحق لمحكمة القضاء الإدارى أن تصدر أحكاما مخالفة لأحكام سبق أن أصدرتها بهيئة مستشارين مختلفين، وذلك لأن لكل محكمة وجهة نظر وتقديرها وأسبابها القانونية، فكل مواطن له الحق فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى، وإقامة أية دعوى قضائية، والطعن على الأحكام أمام الدرجة الأعلى.

من جانبه قال المستشار «عصام عبدالعزيز» - نائب رئيس مجلس الدولة والقاضى الذى أصدر الحكم الأخير: إن السبب وراء رفض المحكمة الطعون على هذه الأحكام أن مقدمها - المحامى - ليست له صفة، كما أنه سبق أن انضم فى هذه الدعاوى أثناء نظرها أمام محكمة القضاء الإدارى متضامنا مع وزارة الداخلية، لكن محكمة القضاء الإدارى رفضت تدخله، وبذلك فإن علاقته بالقضية قد انتهت بإصدار المحكمة حكمها، كما أن صاحبة الحق فى الطعن كانت وزارة الداخلية، وهى لم تطعن، ولكن فى حالة طعنها، فمن حق المحامى أن ينضم معها فى الطعن، وبالتالى يوضح المستشار «عصام عبدالعزيز» أن المحكمة الإدارية العليا رفضت الطعن من حيث الشكل، أما من ناحية الموضوع فإن المحكمة لم تنظر إليه لرفض الدعوى شكلا، ولكن إذا قامت وزارة الداخلية بالطعن فيما بعد على أحد الأحكام فى الميعاد القانونى، فهنا ستنظر المحكمة الإدارية العليا الدعوى من ناحية الموضوع. أما عن تقرير المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا الذى طالب بإصدار حكم بقبول طعن المحامى لإلغاء الحكم يقول المستشار «عصام عبدالعزيز» أن «تقرير المفوضين هو رأى قانونى، وليس ملزما للمحكمة»، ويؤكد أن ما يترتب على أحكام الإدارية العليا يوم الاثنين الماضى، هو أن الأحكام أصبحت نهائيه وعليه فإن من صدرت لهم أحكام بتغيير الاسم والدين من حقهم التغيير، ولكن مادامت المحكمة الإدارية العليا لم تنظر الموضوع وإنما رفضت الطعون من ناحية الشكل، فيحق لمحكمة القضاء الإدارى التى تنظر الدعاوى الأخرى، أن تصدر أحكاما مخالفة برأى قانونى مختلف، من خلال هيئة مستشارين مختلفة عن تلك التى أصدرت حكمها بأحقية المسيحى المسلم فى العودة إلى المسيحية.

للمستشار «فاروق عبدالقادر» - رئيس محكمة القضاء الإدارى الأسبق - الذى أصدر أحكاما بأحقية «المسيحى المسلم» فى العودة إلى ديانته الأولى رأى محدد وواضح، حيث يقول: لابد أن نعترف بأن الدين رابطة بين الخالق والمخلوق، وهناك فتوى دينية سابقة قرأتها بأحقية من أسلم فى العودة إلى المسيحية، وقد كتبت أسباب حكمى فى الحكم، ولابد ألا نحمل الأمور أكثر مما يجب، فعلى الجميع التعامل بشفافية إذ كيف يكون شخص مسيحياً، ويجبر أن يكون مسلما، هذا بالإضافة إلى أنه ليس هناك نص فى القرآن يخص حد الردة، فالحدود المذكورة فى القرآن هى «حد الزنى» و«حد السرقة» و«حد الحرابة»، كما أن الدين المسيحى دين سماوى مثل الإسلام ولا يمكن اعتبار من يرجع إليه كافرا!


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com