Print
هل تؤمن الجماعات الدينية بيوم الحساب؟

مدحت قلادة

لدى كل الحضارات منذ فجر التاريخ دلائل تؤكد أن رحلة الإنسان لن تنتهي بالموت،وهناك شهادات محفورة بين ثنايا تاريخأجدادنا الفراعنة العظماء تسجل محاكمة الموتى مثل بردية جنائزية "بطيبة" التي ترجع لحوالي1025 ق.م " يظهر فيها الإله "أنوبيس"وهو يزن قلب الميت بميزان العدالة، بينما الإله "أوزوريسإله الموتى - على اليمين يتابع المحاكمة..."آمن المصرى القديم أن الروح تتعرض بعد الموت لمحاكمة تتناول ما أتاه الميت في دنياه من حسنات وسيئات، فيجازى المُحسن على إحسانه، ويعاقب المُسىء على سيئاته". وكانت المحكمة مؤلفة من 42  قاضياً يمثلون أقاليم مصر، وعلى رأسهم الإله أوزوريس إله الموتى، وكان قلب الميت يوضع في إحدى كفتي ميزان، وفي الكفة الأخرى توضع ريشة تمثل الإلهة"ماعت"إلهة الصدق والعدالة وإبنة الإله "رع"، فإن خفت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه طاهر فيكون مصيره الجنة، أما إذا ثقلت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه آثم فيساق إلى عذاب الجحيم.

امتد الإيمان بالحساب والعقاب منذ عهود سحيقة إلى أن سجلتها الأديان خلال كتبها المسطرة ولذلك لن تستطيع أن تسأل هل هناك حساب وعقاب بعد الموت؟ لأن الجميع سيتهمونك بالكفر والزندقة ففي الدولة الدينية يوجد محاكم تفتيش يحق لكل عابر سبيل أن يرفع قضية ازدراء أديان !!وما أدراك بازدراء الأديان!! ستجد حجافل من الغوغاء والدهماء يصرخون ويثورون سعياًلتنال جزاءك العادل حسب معتقدهم وهو القتل أو الحرقحياً وآخر المطاف تُهجّرْ من مدينتك أو قريتك لتحيا بقية حياتك متخفياًبلا هوية فى احيان كثيرة .

وستندهش حينما تعلم أن الجماعات الدينية التيتصرخبلا هوادة مهدده الكل بيوم الحساب هينفسها خلال اعمالها لا تؤمن بيوم الحساب وحينما تناقشهم يثورون عليك

فعلى سبيل المثال امرأة اُمسكت في ذات الفعل"زنى"يصرخون لتُرجم ثم يتسابقون ليقذفوها بالحجارة حتى تحطيم رأسهاليباروا فيما بينهم من هو الأول لاقتصاص حق الله!!   حاشا لله أن يكون سادياً وإنرُجِمَتْ وماتت على خطيئتها فبعد الموت علاميحاسبها الله؟!! لقد نالت القصاص على الأرضوقٌتِلَتْ ولم تعط فرصة للتوبة .

وإذاشوهد لص يسرقستتعالى الأصواتمناديه بقطع يده!!فيفرحون ببتر يد وبدماء تنهمر ..غير مهتمين أن بعد قطع يده فقد تحول من عنصر إنتاج إلى عالة على المجتمع.. هل هذا سيحتاج إلى حساب بعد الموت بعد أن نال جزاءه على الأرض ببتر يد !! .

وأما المخالفين يحرقونهم وهم أحياء مثلما فعلوا في باكستان مع شاهزاد مسيح /35 عاما/ وزوجته شمة شاهزاد /31 عاما/ كانا يعملان في الفرن بمنطقة كاسور (التي تبعد 50 كيلومترا عن لاهور عاصمة الإقليم) وقد صرحت الشرطة إن صاحب الفرن احتجز الزوجين في غرفة مع أطفالهما الأربعة بعد إتهامهما بحرق صفحات من القرآن .. وتم حرقهما وهما على قيد الحياة في صباح اليوم التالي على يد غوغاء عندما علم السكان المحليون بمزاعم التجديف.. وإنسألت لماذا حُرِقَتْتلك العائلة أحياء؟ فستكون الإجابة أنهم نالوا عقابهم حسب أيديولوجية الغوغاء والدهماء،إذاً فبأي جريمة سيعاقبونيوم الحساب؟!!

هناك سجلات بالملايين للبشر نالوا جزاءهم على الأرض سواءبقطع يد أوبتر أعضاء أو موت حرقاًأو حرماناً. . وحينما تتساءل لماذا؟ تصرخ الجموع: إن هذا عقاب الله .. وهذا جزاء عمله.. ولكن السؤال الآن إن كان هؤلاء نالوا جزاءهم على الأرض ..فهلسيعاقبون يوم القيامة ؟

وإن لم يأخذوا فرصة للتوبة والرجوع عن خطأهم فهل يقيم الله محفل تأديبي لهم؟ حاشا لله أن يكون ساديأويفرح ببتر أعضاء.. وحاشا لله أن يحاسب المخطئين بدون اعطائهمفرصة للتوبة ...

أخيراً مجرد سؤال هل هناك يوم حساب و يوم عقاب؟ هل سينال المخطئ عقاب دون اعطاءه أدنى فرصة للتوبة؟ أين رحمة الله؟ وأين العدل؟ هل هذا يتفق مع جوهر الله المحب؟

أسئلة عديدة نضعها ربما يدرك الإنسانأن غاية الله هيإسعاده وأن الله جل جلالة لا يحتاج لبلطجية تقتص حقه فهوعادل وعدله أساس ملكه .

" لا تدن أيها العفيف، لأنك انت ادنته، صرت مخالفا للناموس لان الذي قال لا تزن قال أيضا لا تدن "

القديس الانبا بيمن

مدحت قلادة

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.