الحق والحقيقة في العدالة المصرية

 

 

بقلم د. سليم نجيب، رئيس الهيئة القبطية الكندية

أصدرت المحكمة الادارية العليا -بتاريخ 9 فبراير 2008- حكما قضائيا ألزم وزارة الداخلية ومصلحة الأحوال المدنية بإثبات الديانة المسيحية بالبطاقة الشخصية للمسيحيين الذين أسلموا ثم عادوا للمسيحية مرة أخرى. كما ألزمت المحكمة وزارة الداخلية بأن تشير في البطاقة "أنه سبق اعتناقه الاسلام لفترة محدودة".

نود -بادئ ذي بدء- أن نوضح أن المحكمة الموقرة لم تشر ولم تذكر في حيثياتها أية إشارة من قريب أو من بعيد عن المادة 46 من الدستور المصري الخاصة بالحرية الدينية كما لم تشر إلى المادة الأولى من الدستور الخاصة بالمواطنة -أي لم تذكر أو تشر بتاتاً إلى الدستور المصري إطلاقاً.

في الواقع ان المحكمة أرادت أن تحل تلك المشكلة أو المعضلة عن طريق حل إداري جهنمي يرضي الأقباط ظاهريا والدولة عالمياً أمام العالم. وفرح الأقباط في عفويتهم المتسرعة ناسيين ما وضعته المحكمة الموقرة من قيد خطير خبيث ملفت للنظر لمن يتعمقون ويفهمون معنى ومغزى إضافة تلك الجملة المسمومة التعصبية "إنه سبق إعتناقه الاسلام لفترة محدودة".

أيها الاخوة الأقباط،


لا تفرحوا سريعاً بالفتات الظاهر شكلاً فالحكم لم يستدل ولم يستند إلى أية مادة من الدستور بل هو حكم خطير خبيث للغاية لمن أسلموا ثم عادوا إلى المسيحية.

هل البطاقة الشخصية تحولت إلى تاريخ حياة حاملها؟؟؟

ما دخل بند الديانة أن يسرد فيها قصة حياة وتاريخ حاملها؟؟؟ إن غرض بند الديانة: إما مسلم أو مسيحي فقط لا غير. ماذا يهم للغير معرفة ديانة حامل البطاقة.

إن هذه الاضافة الشيطانية الخبيثة "سبق إعتناقه الاسلام لفترة محدودة" هو إعتراف رسمي بأنه مرتد كافر وهي نقطة سوداء سترافق حاملها أمام كافة الجهات الحكومية من أكبر مسئول فيها إلى أصغر مسئول فيها، وسيكون منبوذاً من المجتمع وخطر على حياته لأنه مرتد رسمياً كافر في نظر الاسلام.

باختصار تلك الاضافة الرسمية ستفتح أبواباً جديدة للمشاكل خاصة في حالات تعامل حاملي هذه البطاقات مع المتشددين وما أكثرهم والحمد لله وهم متواجدون عند أكبر رأس إلى أصغر رأس في دولتنا السنية. هذه الاضافة الخبيثة المسمومة هي بمثابة إستعداء للأغلبية المسلمة على حاملي البطاقة وبمرور السنين سيواجه الأقباط المرتدين العائدين للمسيحية صعوبات تلو صعوبات في كل مناحي حياتهم لأنهم مرتدون وكافرون في نظر الاسلام ويحل قتلهم في أي وقت من الزمان وبدون عقاب.

ومن عواقب هذه الاضافة الخبيثة -في البطاقة الشخصية- أنه ستزداد المشاكل وتتصاعد وسيزداد تتعصب أكثر فأكثر لدرجة أن يكف القبطي العائد للجوء إلى القضاء لتصحيح خانة الديانة مكتفياً بما هو مذكور في بطاقته :الديانة مسلم وذلك حرصاً على حياته وأكل عيشه في البلد ولكن اللي في القلب في القلب، لأنهم منبوذين من المجتمع الاسلامي.

يا حضرات الأحباء،،


لا تتسرعوا بالفرحة فلنتعمق فيما سيحدث مستقبلاً من مشاكل وعقبات فطالما الدولة لا تعترف رسمياً وعملياً بالمادة 46 من الدستور الخاصة بالحرية الدينية فهذا يعني أن الدولة لا تريد إحترام تلك المادة الدستورية وسيظل الحال على ما هو عليه بل أسوأ مما هو عليه.

يجب علينا ألا نكتفي بالقشور الظاهرية ولنستمر بمطالبة الدولة باحترام المادة 46 من الدستور المصري والمادة 18 من الميثاق الدولي لحقوق الانسان وإحترام حقوق الأقلية القبطية بمساواتها التامة بالأغلبية المسلمة تطبيقاً فعلياً لا بالأحضان والخطب والأكاذيب والتضليل والصحف الصفراء.


ولن يضيع حق وراءه مطالب،،
والساكت عن الحق شيطان أخرس،،،

 

د. سليم نجيب

رئيس الهيئة القبطية الكندية

 دكتوراه في القانون والعلوم السياسية

محام دولي وداعية لحقوق الإنسان - قاض سابق

عضو اللجنة الدولية للقانونيين بجنيف

Fax: (514) 485-1533

E-mail: This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.  or This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com