al masri alyom

 سيادة المواطن أحمد لطفي «١ -٢»

 بقلم  شارل فؤاد المصري

وصلني هذا الرد من المواطن أحمد لطفي، الذي طلب مني عدم نشر وظيفته المرموقة - تواضعاً منه - رداً علي المقالين المنشورين بعنوان «حديث التاكسي» و«حنانيكم علي مصر»، يقول فيه:

أود أن تسمحوا لي بتعليق موجز علي مقالكم الأخير، بتاريخ الثاني من مارس بعنوان «حنانيكم علي مصر»، ولكن قبل أن أعلق اسمحوا لي أن أروي لكم وربما لقرائكم، وذلك فيما لو رأيتم أن نشره يدخل في نطاق المسموح، طبقا لسياسة جريدتكم ذات القيمة والقامة، أقول اسمحوا لي أن أروي وقائع القصة التالية، التي جرت كل وقائعها معي شخصياً منذ حوالي ثلاثة شهور،

وقد اقتبست لها عنوانا يشبه عنوان مقالكم المنشور بالجريدة، في السابع عشر من شهر فبراير الماضي، قبل أن أعلق علي مقالكم «حنانيكم علي مصر».

حديث المطعم

* في صباح أحد الأيام قررت ـ علي غير عادتي ـ أن أتناول إفطاري في أحد مطاعم الأكلات الشعبية الشهيرة في الإسكندرية، لاحظت أثناء انتظاري تقديم الطعام علو صوت جهاز التسجيل داخل صالة الطعام ـ بصورة ملفتة ـ بالقرآن الكريم.

* طلبت من النادل خفض الصوت، أو إغلاق الجهاز، لاسيما أن شاشة العرض الضخمة داخل الصالة تبث تسجيلا لمباراة في كرة القدم، وأن الحضور جميعا كانوا قد انصرفوا لمتابعة وقائعها دون صوت «نظرا لخفض صوت التلفاز لأدني درجة»، ولم يستجب النادل.

* جاء رئيس الخدمة، وشرحت له ما سبق أن أوضحت، مضيفا أن متابعة المباراة تلهينا عن سماع القرآن، وأن المفروض أن نستمع للقرآن بإنصات كما يأمرنا ربنا في كتابه العزيز: «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون» صدق الله العظيم.

وأضفت أن هناك أسرة مسيحية قررت هي الأخري أن تستمتع بنوع من تغيير الروتين المعتاد وتتناول إفطارها في غير جو البيت «وهو ما وضح لي من ارتداء الأم سلسلة عنق يتدلي منها الصليب».

* أبي رئيس الخدمة أن يستمع لما أقول، ونظرات عينيه تتهمني بالكفر والزندقة، وقال إن اليوم هو الجمعة، وهو يوم مبارك يستبشر فيه أصحاب المطعم بسماع القرآن في الصباح بالذات، فقلت له: حسناً، إذا كان هذا هو رأي أصحاب المطعم ورأيكم أنتم جميعا، فهو بالقطع ليس رأي الأسرة المسيحية الجالسة في أحد الأركان، فلماذا نفرض عليهم أن يستمعوا إلي ما لا يرغبون، وربما ما لا يفهمون، أو علي أضعف الفروض، ما لا يلقي في نفوسهم هوي ولا قبولا؟!، لاسيما أن هذا مكان عام، لا يصح ولا ينبغي أن يفرض فيه أصحابه ولا العاملون فيه ذوقهم- لاحظ أنني لم أقل دينهم ـ علي الحاضرين وينسحب كلامي هذا أيضا علي عرض مباراة كرة القدم في صالة المطعم، لأن من الحاضرين بالقطع من لا يحب مشاهدة المباريات.

* انصرف رئيس الخدمة واعداً ببذل ما يستطيع، وأنا هنا أستخدم تعبيره حرفيا، وسيري ماذا يمكن عمله في هذا الشأن ولسان حاله يقول إنه لم يقتنع بأي مما قلته له، وغاب حوالي ربع الساعة وأنا في انتظار ما ستسفر عنه المحاولات المضنية لخفض صوت القرآن.

* مشيعاً بنظرات عدم الرضا، تركت المطعم وانصرفت، رافضا بالطبع دفع فاتورة طعام لم أتناوله، وقائلا: إن هذا هو أقل تعويض عن إفساد متعتي والآخرين.

إلي هنا بدأت بعض الأسئلة تتوارد إلي ذهني، وهي:

١- لماذا لا نحترم نحن تعاليم ديننا قبل أن نطلب من الآخر احترامه؟

٢- لماذا نسعي لفرض ذوقنا علي الآخرين؟

٣- لماذا نحاول فرض ديننا علي الآخر، ليس هذا فحسب، بل إننا نريده أن «يري الله بعيوننا»؟

٤- لماذا نبذل كل هذا الجهد من أجل أن يثبت أحدنا أنه علي حق وأن الآخر علي ضلال؟

٥- ماذا سنجني لو افترضنا- جدلاً- أن كل المسيحيين دخلوا في الإسلام أو العكس؟ أليست كل الأديان منزلة من عند الله سبحانه وتعالي، أو لم يقل سبحانه: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك» صدق الله العظيم.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com