العمل القبطي المهجري: خطوات على طريق الإصلاح

 بقلم منير بشاى – لوس أنجلوس

           

          هذا موضوع خطير يلح على منذ أمد طويل. وأعترف أننى كنت أشفق على نفسى من الخوض فى غماره، حرصا على عدم تحريك المياه الراكدة، والدخول فى إشكاليات جديدة قد تزيد على ما نحن فيه من إشكاليات. ولكننى وصلت أخيرا إلى القناعة بأن العمل القبطى فى المهجر قد أخذ منحنى خطير، وإنه إن لم نتدارك الأمر ونصلح المسار فإن المستقبل لايبشر بالخير.

ولئلا يفهم أننى أنظر هنا إلى الأمور من خلال منظار أسود أؤكد أنه رغم العثرات الكثيرة التى واجهت العمل القبطى منذ بدايته إلا أنه دون شك قد قام بدور هام لا يمكن إنكاره فى الدفاع عن الحق القبطى. وربما يكون السؤال الذى يجب أن نسأله ليس فقط ما حققه العمل القبطى المهجرى منذ قيامه بل ما كان يمكن أن يكون عليه وضع أقباط مصر لو لم يكن هذا العمل موجودا أصلا.

          ولا يمكن أن اكتب فى هذا الموضوع دون الإشارة بكل التقدير الى الدور الريادى الذى قام به الرعيل الأول فى الحركة القبطية وعلى رأسهم د. شوقى كراس ود. سليم نجيب وكميائىالفونس قلادة ومن عاونوهم بالجهد والوقت والمال. هؤلاء بدأوا هذا العمل فى أصعب الظروف وبأقل الإمكانيات ووسط المقاومات من كل إتجاه. وإنتفعت الأجيال التالية من ثمرة تعبهم كما قال الرب يسوع المسيح لتلاميذه "آخرون تعبوا وأنتم قد دخلتم على تعبهم" يوحنا 38:4

          من أجل إستمرار هذا العمل العظيم وإزدياد فعاليته ومن واقع إحساسى بالمسئولية التى لا أشك انه يشاركنى فيها الكثيرون أقترح هذه الأمور:

1. يجب على أقباط المهجر أن يعرفوا حقيقة دورهم. أقباط المهجر ليسوا أوصياء على أقباط الداخل وليسوا أولياء أمورهم. كما أن أقباط المهجر ليسوا ممثليهم القانونيين، فأقباط الداخل لم ينتخبوا أحدا منا للتفاوض بإسمهم، نحن نمثل أنفسنا فقط والمنظمات التى ننتمى لها ونحن متطوعون للدفاع عن إخوتنا. ولكن أى تسوية للقضية يجب أن يقرها الشعب القبطى فى مصر لأنهم وحدهم المعنيون بهذا وليس غيرهم.

2. يجب على أقباط المهجر أن يحددوا ما هو إسلوبهم فى معالجة القضية. وفى إعتقادى أن الإسلوب الصحيح ليس الإهانة الجارحة وفى نفس الوقت ليس المديح المبتذل. يجب أن نفهم أننا لسنا فى عداء شخصى مع النظام المصرى خاصة أن أى تسوية للقضية القبطية يجب أن تمر على النظام وتحظى بموافقته. وفى المقابل ليس من صالحنا أن نلقى بأنفسنا فى احضان النظام ونراهن على أن النظام سينصفنا طالما سنستمر فى التزلف له . إن للنظام حساباته التى يسعى لتحقيقها وهى ليست بالضرورة تتفق مع حساباتنا. أقباط المهجر يجب أن يعرفوا أنهم ليسوا إلا جماعات ضغط تسعى لتحقيق العدالة فى الحقوق والوجبات لإخوتهم داخل مصر وإذا فقدوا هذا السلاح فقدوا تأثيرهم. وهذا لا يعنى أنهم جماعات إبتزاز فاللإبتزاز يسعى لأخذ أكثر من الحق أما نحن فطلاب حقوق هدفها المساواة ليس أكثر ولا أقل.

3 .يجب على أقباط المهجر أن يراجعوا فلسفتهم. فالوضع الراهن يبنى على ردود الأفعال لما يحدث فى مصر. فنحن نتحرك عندما تحدث الحوادث وبعد أن تنتهى كل حادثة نصمت فى إنتظار حادث آخر جديد...وهكذا. مع ردود الأفعال هذه يجب أن نمارس الأفعال. يجب أن نعمل برنامجا مدروسا يهدف الى التعامل مع المشاكل وإقتراح الحلول والمطالبة بها قبل أن تحدث. أن الوقاية هى خير وسيلة للعلاج.

4. يجب أن نفهم كيفية التعامل مع ثقافة الخلاف. الخلافات هى حقيقة واقعة مع جميع البشر. وهى ستكون معنا وستستمر لأن أمخاخنا تفكر بطريقة مختلفة. وكل واحد يعجبه تفكيره ويعتقد أنه على حق. ثقافة الإختلاف تتطلب أن يفهم كل واحد أنه لا يوجد من يملك الحق المطلق ألا الله وحده. وأنه يجب أن نكون على إستعداد أن نرحب بالرأى الآخر. ثقافة الإختلاف تتطلب المرونة فى التفكير والإبتعاد عن التشبث بالرأى واللإستعداد لتغيير المواقف. ثقافة الإختلاف تتطلب أن نفرق بين العلاقات الشخصية والإختلاف فى الرأى وأنه من الممكن أن نتفق على ألا نتفق ونظل أصدقاء. ثقافة الإختلاف لا تنظر الى الناس على أنهم صنفين لا ثالث لهم إما أعداء ألداء أو أصدقاء أحباء.ثقافة الإختلاف تمكن الناس من العمل المشترك حتى مع وجود مساحة من الإختلاف. ذلك لأن الإتفاق الكامل فى الرأى فى جميع الأوقات صعب تحقيقه فى هذه الحياة.

5. يجب أن نعرف أخلاقيات التعامل مع الزملاء فى العمل القبطى والهيئات القبطية الشقيقة. علينا أن نعرف حدودنا وحدود الغير فلا نتخطاها. وفى هذا يدخل ضرورة إحترام النشاطات الموجودة فنتعاون معها ولا تتعدى عليها. محاولتنا إنشاء نشاطات موازية أو مضادة للهيئات القبطية الأخرى القائمة يخلق جوا من الإنقسام والمرارة بدلا من المحبة والتعاون ويعرقل العمل ويفقدنا إحترام وتقدير الشعب.

6. يجب على الحركة القبطية أن تفصل الدين تماما عن نشاطها. مسيحيو مصر ومسلميها غالبيتهم متدينون ومتمسكون بديانتهم، ولن يأتى الوقت الذى يترك طرف فيه دينه حتى يرضى الطرف الآخر. الحل هو التعايش المشترك على أساس إحترام الأديان والإبتعاد عن التعصب والكراهية الدينية. الدين علاقة شخصية بين الإنسان والله ولكن الوطن هومكان يجمع الجميع.

7. نجاح الحركة القبطية رهين بتجديد شبابها. على الشيوخ منا أن يفسحوا المجال للشباب أن يأخذوا دورهم فى العمل ومكانهم فى القيادة. يجب أن ندرس آلية تجذب الشباب القبطى الذى ولد فى المهجر للإنضمام إلى العمل. هذا الشباب لا يفكر بطريقتنا ولا يتكلم بلغتنا وليس لهم نفس إهتماماتنا. ولكن لهم طاقات وإمكانيات وخبرات تضيف أبعادا جديدة غير متوفرة لنا. إنضمامهم لنا مكسب كبير للقضية يجب أن نسعى له. ومن ناحية أخرى على الشباب أن يحافظ على التقاليد الشرقية والتى تطالبهم بإحترام الشيوخ وتقدير دورهم وإلتماس القدوة والنصيحة منهم.

          هذه أفكار كتبتها بعفوية ودون تنميق. لاأدعى أنها تشتمل على الحلول الكاملة أو الوحيدة. ولكن هى محاولة لبدء الحوار من أجل تصحيح المسار. مرحبا بالأراء المتفقة والمعارضة... المهم أن تتوفر لدينا النية الصادقة للإصلاح فعندها سيكون الأمل  مضمونا فى أننا سنعبر متاهات البرية القاحلة وسنصل معا بإذن الله الى أرض الميعاد.

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com