تجديد الخطاب القبطى فى المهجر

بقلم منير بشاى – لوس أنجلوس

نجاح أى عمل رهين بمدى مرونته وقدرته على تقييم الذات وتغيير المسار. وهذا ينطبق على العمل القبطى فى المهجر. وفى رأيى أنه إذا أردنا لهذا العمل أن يستمر وأن يقوى علينا أن نقف فى لحظة صدق مع النفس ونسترجع الماضى ونتعلم منه كيف نخطط للمستقبل. ولا أظن أحدا يختلف على أن الوضع الراهن للعمل القبطى فى المهجر يحتاج الى تفعيل. فالأسلوب الذى ربما كان مناسبا منذ نصف قرن من الزمان لم يعد يساير إحتياجات القضية ومتطلبات العصر ويحتاج الى أن يرتقى إلى مستوى أعلى من النضوج. ورغم أن هناك محاولات للتحديث والتغيير فهى بطيئة ومحدودة. وهذا ما دفعنى إلى تقديم بعض الإقتراحات من أجل محاولة تجديد خطاب العمل المهجرى. مرة أخرى أؤكد أن هذه مجرد أفكار قصدت بها بدء الحوار. لست أدعى أنها شاملة كاملة بل هى قابلة للحذف والزيادة والتغيير. ويكفى ان يكون هذا المقال قد أدى الغرض منه لو نجح فى إثارة إهتمام أكبر عدد من الناس ووضع الموضوع على طاولة النقاش من جديد.

 

وفى إعتقادى أن تجديد الخطاب يتطلب منا:

(1)            أن ننتقل من مرحلة الصراخ إلى التعبير الهادف

لقد كان للصراخ دوره وأهميته فى يوم من الأيام وقد أدىالغرض منه ووضع القضية القبطية على الخارطة. ولكن آن الأوان أن ننتقل من هذه المرحلة إلى مرحلة أكثر تحديدا ووضوحا فالمزيد من الصراخ لن يفيدنا كثيرا وعلينا أن نقدم الآن قضيتنا بإسلوب واضح محدد وبأسانيد قانونية منطقية لا يمكن دحضها.

(2)            أن ننتقل من مرحلة العمل العشوائى إلى العمل التخطيطى

فى وقت من الأوقات كان كل من يستطيع عمل شىء يقوم به دون تخطيط أو تنسيق. يجب أن ننتقل من هذه المرحلة البدائية إلى مرحلة التخطيط المدروس. أن العمل العشوائى قد يبعدنا عن الهدف وربما يرجعنا إلى الوراء وهذا لا يخدم القضية بل يضرها.

(3)            أن ننتقل من مرحلة المثالية الساذجة إلى الواقعية العملية

علينا أن نعرف ما نريده وما يمكن أن نحققه. ليس من الحكمة تضييع الوقت والطاقة فى مطالب نعلم أنها لن تتحقق. علينا أن نطالب بما يمكن تحقيقه ونسعى إلى تغيير المناخ الذى يساعد على تحقيق المطالب التى يصعب تغييرها فى الوقت الحاضر. لاأنادى هنا بالمساومة على الحقوق ولكن إستخدام الذكاء للوصول للهدف.

(4)            أن نتحول من الإنغلاق على أنفسنا إلى الإنفتاح على العالم

التأثير على الرأى العام له أهميته القصوى فى النجاح. لن نستطيع تحقيق الهدف بمفردنا علينا أن نعرف من يمكن أن يساعدنا وأيضا من يمكن يضر مجهوداتنا. وعلينا أن نعرف كيف نكلم العالم الخارجى بأللغة التى يفهمها. لم تعد قضايا حقوق الإنسان شأنا داخليا بل هى قضايا لها صبغة العالمية تهم ذوى النفوذ فى العالم. هؤلاء يجب أن نسعى إلى ضمهم إلى صفنا.

(5)            أن ننتقل من تصرفات الهواة إلى العمل الحرفى المؤثر

العالم اليوم يتجه إلى التخصص ويسمع ويقدر رأى ذوى التخصص. علينا أن نجند طاقات قبطية متخصصة فى القضية سواء فى القانون أو الإعلام أو السياسة. ومن حسن الحظ أنه أصبح لدى الأقباط الآن كوادر متخصصة فى هذه المجالات. نحتاج أن نضع الشخص المناسب فى المكان المناسب. وعلينا أن نسعى إلى الإستعانة بخبرات من الخارج التى لا تتوفر لدينا.

(6)            أن ننمو من مرحلة الذاتية إلى مرحلة الموضوعية

هناك من قد يعتقد أن إشتراكه فى العمل القبطى يحقق لهم الوسيلة للشهرة أو الصعود للنجومية. مثل هؤلاء لا يعملون للقضية بل لأغراضهم الشخصية. وعلى هؤلاء أن ينمو من هذه المرحلة الطفولية وإلا سيكشفهم الشعب القبطى إن آجلا أو عاجلا ويكون مصيرهم الفرز والإستبعاد.

(7)            أن نتحول من العمل الفردى إلى العمل الجماعى

نجاح العمل يتوقف على قدرتنا فى أن نتخلص من الفردية ونعمل معا بروح الفريق. هذا يتطلب مهارة خاصة وحس يتمتع بالمقدرة على العمل مع الآخرين ليكمل الواحد الآخر فى إنسجام وتناغم. الأفراد يوجدون اليوم ويختفون غدا أما العمل الجماعى فيستمر وتتضاعف قوته مع الأيام. ومن أجل هذا أتمنى أن نصل يوما إلى توحيد جهودنا والتنسيق فيما بيننا كجماعة حتى وأن كان من الصعب توحيد صفوفنا.

أدرك أن كتابة هذا الكلام أسهل من تنفيذه. وأعلم أن التنفيذ يحتاج إلى قدر كبير من البلوغ والإنضباط فى الثخصية وإسلوب العمل بالإضافة إلى المزيد من الموارد والطاقات والكفاءات. ولكن أعلم أيضا أن نجاحنا أو فشلنا -لاقدر الله- يتوقف على نوع الخطاب الذى ننتهجه. إنها محاولة للتحدى أضعها أمام نفسى وأمام إخوتى. قد يبدو الهدف صعب التحقيق بعيد المنال ولكن المطلوب منا هو مجرد أن نبدأ. إن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.

 


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com