أوباما والعامل الإسلامى       

كتب منير بشاى – لوس أنجلوس     

فى حوار نظّمته السفارة الأمريكية بالقاهرة صرح كيث أليسون عضو مجلس النواب الأمريكى المسلم أن "أوباما يحظى بدعم عدد من المنظمات الإسلامية فى الولايات المتحدة وتأييد الأمريكيين المسلمين فى العديد من الولايات مثل فلوريدا ونيويورك وأيوا ولوس أنجلوس ومتشجان ولاس فيجاس ونيوجرسى".

وفى مقال نشر فى لوس أنجلوس تايمز صرح أحمد يوسف القيادى فى حركة حماس أن "الحركة (حماس) تحب أوباما" 

ولا شك أن الكثير من مسلمى العالم يعكسون نفس هذه المشاعر تجاه أوباما ويتمنون نجاحه فى الإنتخابات الأمريكية ووصوله إلى الرئاسة. ومع أن أوباما أعلن أنه مسيحى وأنه ليس بمسلم ولكن خلفيته الإسلامية تعطى بعض المسلمين الإحساس أن أوباما هى فرصتهم السانحة فى أن يضعوا شخصا أقرب ما يكون إلى الإسلام فى أكبر المناصب نفوذا فى العالم. وأن هذا من شأنه أن يكّسر الحاجز النفسى عند الأمريكيين ويهيىء الطريق أمام ترشيح مسلم حقيقى فى المستقبل.

 

          إسمه بالكامل باراق حسين أوباما. أمه مسيحية بيضاء وأبوه أفريقى مسلم من نيجيريا جاء إلى أمريكا للدراسة وبعد أن أنجب الطفل باراق عاد إلى نيجيريا وقطع صلته مع أبنه. تزوجت الأم بعد ذلك رجلا مسلما محافظا وهو الذى ربى باراق تربية إسلامية خلال مرحلة طفولته. بعدما كبر باراق قرر ترك الإسلام والتمسك بالعقيدة المسيحية ربما عن إقتناع وقد تكون وسيلة لتحقيق طموحاته السياسية.

 

          إنضم باراق بعد ذالك إلى كنيسة مسيحية مثيرة للجدل، ذات صلات مشبوهة بلويس فارآكان قائد جماعة المسلمين السود بأمريكا، ذات الميول العنصرية العنيفة. وكان راعى هذه الكنيسة جرميا رايت يلقى تصريحات مثيرة مثل إدعائه أن أمريكا هى التى إخترعت مرض الإيدز ونشرته فى العالم. وماتزال كلماته النارية ترن فى المسامع التى كان يصرخ بها قائلا "الله سيبارك أمريكا؟...لالالا... الله سيلعن أمريكا". هذه الكلمات لم تكن عاملا مساعدا لتقدم أوباما فى الإنتخابات بل على العكس قد سببت له إحراجا وجعلت بعض الناس يتركونه ويتساءلون: كيف جلس أوباما فى مقعد تلك الكنيسة يستمع إلى مثل هذه الكلمات دون أعتراض على مدى عشرين عاما؟

 

          نجاح أوباما فى الوصول إلى سدة الرئاسة ليس مؤكدا وإن كانت فرصته فى ذالك جيدة. فالرجل يمتاز بجاذبية خاصة وذكاء كبير ويمتلك قدرة غير عادية فى الإقناع والخطابة. ولكنه ينقصه الجانب العملى والخبرة فى الإدارة.  وحتى وقت كتابة هذا المقال ما يزال أوباما يصارع هيلارى كلينتون على ترشيح الحزب الديموقراطى. ومع أنه متقدم عليها فى عدد الأصوات والولايات إلا أنها ما تزال رافضة لمبدأ الإنسحاب ومصممةعلى المضى فى الصراع إلى النهاية. وهذا من شأنه أن ينهك كليهما ويضعف مقدرتهما على مواجهة مرشح الحزب الجمهورى ماكين فى نوفمبر الذى حصل على تزكية حزبه منذ عدة شهور وخلال فترة الإنتظار يعمل على توسيع قاعدته وتقوية موارده المالية.

 

          مع إفتراض أن أوباما إستطاع أن يتخطى جميع الحواجز التى تقف أمامه، ونجح فى أن يصل إلى منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، كيف ستكون وضع أمريكا فى فترة رئاسته؟ هذاما يناقشه المحللون السياسيون، ولكن خطر فى ذهنى رأى ربما لا تجده فيما ينشر فى الإعلام الأمريكى فى هذه الأيام.

           فى إعتقادى أن خلفية أوباما الإسلامية ستلعب دورا هاما فى الأوضاع داخل أمريكا خلال فترة توليته منصب رئيس الولايات المتحدة. لا أعتقد أن كونه قد ترك الإسلام وإعتنق المسيحية سيكون له تأثير سلبى. على العكس هناك إحتمال أن نرى التيارات الإسلامية العالمية تأخذ دور المؤيد والموالى له لثلاثة أسباب: أولها لإنجاح الرجل صاحب الخلفية الإسلامية فى أداء وظيفته وربما إعادة أنتخابه لفترة رئاسية ثانية. ثانيا لأنهم يريدوا أن يحرجوا جورج بوش ويظهروا فشله فى التعامل مع المشاكل العالمية، بالمقارنة بالنجاح الذى سيساعدوا أوباما على تحقيقه. وثالثا ليظهروا أن المشكلة فى أمريكا ليست الإسلام ولكنها فى السياسة الأمريكية المتحيزة وبذلك يستطيعوا تحسين صورة الإسلام فى أمريكا.

 وعلى ذالك فى تصورى أنه لو أصبح أوباما رئيس الولايات المتحدة قد نرى تعاونا بينه وبين التيارات الإسلامية فى العالم.قد ينتج عنها علاج لبعض المشاكل المستعصية التى يعانى منها الشعب الأمريكى.

* ربما يستطيع أوباما التفاوض مع القاعدة ليوقفوا عملياتهم فى أفغانستان وفى العراق وبالتالى عودة القوات الأمريكية من تلك المنطقة وإيقاف نزيف الدماء وتكاليف الحرب الباهظة والتى تنهك الإقتصاد الأمريكى

* وربما يستطيع أوباما التفاوض مع إيران وعلى أساسه توقف إيران مشروعها لإنتاج القنبلة الذرية. وقد يستطيع أن يبرم معاهدة سلام مع عدو أمريكا اللدود.

* وقد يتمكن أوباما من إقناع الدول الإسلامية المنتجة للنفط من زيادة إنتاجها وبذلك يضمن إستمرار ضخ البترول لأمريكا وهو العنصر الحيوى الذى يبنى عليه الإقتصاد الأمريكى. بل قد يرى المستهلك أنخفاضا فى أسعار النفط عندما يمونون سياراتهم فى محطات البنزين.

* وأهم من هذا كله قد يرى الشعب الأمريكى إنخفاضا ملحوظا فى العمليات الإرهابية التى يقوم بها إرهابيون من خلفية إسلامية ضد أمريكا ويحسوا بنوع من اللأمان.

 وطبعا كل هذا جميل فما المشكلة؟

 المشكلة أن كل هذا الرخاء لن يكون حقيقيا أو دائما. بل هو تكتيكى لغرض معين ولمدى محدد. ولأن لكل شىء ثمن، فإن أمريكا ستدفع الثمن.

           الثمن الذى قد تدفعه أمريكا هو أنها بعد ذلك ستفتح مصراعيها للإسلام أن يقبل من الجميع وينتشر فى كل مكان. وسيتمكن الإسلاميون من بدء عملية السيطرة على السياسة الأمريكية، ومن يملك زمام أمريكا يملك زمام العالم.

 

          ولكن هناك رب فوق الجميع....

 

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com