al masri alyom

الوهابيون الجدد

 بقلم  شارل فؤاد المصري

أفزعني فزعا شديدا القرار الذي اتخذه مالك فندق جراند حياة بمنع تداول الخمور في الفندق الذي يملكه، ويطل علي أعظم مجري مائي في الدنيا، وهو نهر النيل.

القرار الذي اتخذه الشيخ السعودي، له مغزي عميق ليس في كونه منع بيع شيء تحرمه الأديان، ولكنه يوصل رسالة مفادها أننا نحن شيوخ السعودية نفعل ما يحلو لنا في مصر، بغض النظر عن أن هذا الفعل يسخر من قوانين الدولة أو نظمها أو دستورها أو حتي يؤثر علي أمنها القومي أو مكانتها وسمعتها العالمية.

القرار، الذي اتخذه السعودي، يصب في السيطرة التي تسعي السعودية - من خلال أموالها ونفطها - لفرضها علي مصر، وهذه السيطرة، التي بدأ الإعداد لها منذ سنوات طويلة للأسف، لاقت نجاحا في الشارع المصري وبعض مؤسسات الدولة، وحققت بعض النجاحات علي المستوي الدولي والمحلي، ونتج عنها مشكلات لا حصر لها، بدءا من موجة التشدد الديني التي تجتاح المجتمع المصري، وانتهاء بعدم قبول الآخر وتكفيره.

الثقافة الوهابية، التي غزت مصر، اعتبرها الكاتب الكبير جمال الغيطاني تعمل علي «تخريب الثقافة في مصر» وأنها «أشد وأكثر إضرارا بها من إسرائيل».

لقد خطف السعوديون الدور المصري بالمال، والآن يحاولون خطف شعب مصر من الداخل بأفكارهم الوهابية التي تتنافي مع أبسط قواعد حقوق الإنسان .

كثير من القراء قد يعتقدون، من الوهلة الأولي، أنني أدافع عن تقديم الخمر في الفنادق، ولكن هذا ليس صحيحا بالمرة ولكنني أدافع عن بلد انتهكت قوانينه وكرامته وسيادة اتخاذ القرار فيه في وضح النهار، دون أن يتحرك أحد، لدرجة أن السيد وسيم محيي الدين، وهو «مصري» ويشغل منصب نائب رئيس غرفة المنشآت الفندقية، قال في تصريحات صحفية لزميلنا يوسف العومي نشرتها «المصري اليوم» يوم الجمعة الماضي إن الغرفة ليست طرفا في الخلاف القائم بين شركة حياة العالمية ومالك «جراند حياة - القاهرة»، موضحا أنه من حق المالك أن يتصرف كيفما يشاء في أملاكه، بأن يمنع فيها الخمور أو الرقص أو أي شيء من هذا القبيل، وأن له الحق أيضا في الإصرار علي موقفه الرافض تداول الخمور، شريطة أن يتوصل إلي حل وسط مع شركة الإدارة، وفقا لبنود العقد المبرم بين الطرفين.

الأمر يتعدي العقد وأملاكه إلي سيادة الدولة، وقوة تطبيق القانون فيها ومدي التزام الأجانب به، وما فعله لا يستطيع أن يفعله أي مصري مهما كانت حيثيته في بلادهم.

ولنضرب مثلا بأن هذا السعودي كان يمتلك مطارا وليس فندقا في مصر، أو حتي يؤجره، هل كان يستطيع التصرف بالمخالفة للقانون في أن ينقل مثلا شحنات من السلاح ليضعها أو يخزنها في قصره أو منزله باعتبار أنه يتصرف في أملاكه؟ أعتقد أن الأمر لن يكون كذلك، السعودي يستخدم سلاح الثقافة الذي هو أشد فتكا من الأسلحة العادية لأنه يسيطر علي العقول.

الموضوع جد خطير، ولابد من اتخاذ قرار حاسم فيه، يعيد إلي مصر هيبتها، ويضع مثل هؤلاء في حجمهم الطبيعي لأن ما حدث هو ضد الدولة المدنية بكل مفرداتها، ويكفي ما نراه في بلادنا من الوهابيين القدامي ومصر لا تستطيع احتمال الوهابيين الجدد.

المختصر المفيد:

إن رأيت ظلم الفقير ونزع الحق والعدل في البلاد فلا ترتع من الأمر، لأن فوق العالي عالياً يلاحظ، والأعلي فوقهما.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com