العالم السِرّي لغرف إشهار الإسلام في مصر  
                         
جريدة الفجر - الصحفيّ: رامى رشدى

 عندما تدخل مشيخة الأزهر بحديقة الخالدين بالدرّاسة وتصعد سلالم المبني المكون من سبعة طوابق، ستقع عينك علي لافتة مكتوب عليها بشكل واضح "غرفة إشهار الإسلام"، يتردد عليها بشكل أساسي عدد كبير من الأجانب.

 

المصدرhttp://www.elfagr.org/TestAjaxNews.aspx?nwsId=9384&secid=2557

الغرفة والمكتوب عليها تغري بالبحث، فهي من اسمها يعلن فيها من يريدون إسلامهم، أردنا أن نقتحم بكم هذه الغرفة والغرف الأخري الكثيرة المنتشرة في أماكن كثيرة في مصر لمعرفة الإجراءات المتبعة للإشهار، وما دور المؤسسة الدينية الأكبر في العالم ومصر وهي الأزهر في هذا الامر، وهل يقتصر دور علمائها علي إشهار الإسلام، ومن هم رُوّاد هذه الغرف، وهل جاءوا لإشهار الإسلام من أجل الإسلام وحده أم لأغراض أخري، وما هي هذه الأغراض؟

غرفة إشهار الإسلام الموجودة بمقر مشيخة الأزهر في الدور الأرضي مخصصة لإشهار إسلام الأجانب من غير المصريين ومرقمة 104/103، بمجرد دخولك من الباب ستجد مكتبة خشبية أرففها مزدحمة بالكتب الإسلامية، وبها صالون وثلاثة مكاتب، إحدها لمدير الغرفة الشيخ عبدالحليم طه الذي يزيِّل شهادة اعتناق الإسلام بتوقيعه بعد عرضها علي شيخ الأزهر لمباركة الشهادة، والثاني للدكتور محمد البعددي وهو حاصل علي الدكتوراة في علوم الدعوة الإسلامية ويجيد ثلاث لغات هي الإنجليزية والألمانية والفرنسية، ويتولي الحديث مع الشخص الذي يريد إشهار إسلامه ويُنطقه الشهادتين باللغة التي يجيدها الشخص، وإلقاء محاضرة عليه، أما المكتب الثالث فهو أقل حجما ويجلس عليه موظف درجة ثالثة ويتولي أمور تسجيل شهادات إشهارالإسلام واستقبال الوافدين إلي الغرفة.

حضرنا مراسم اشهار إسلام أحد الأشخاص بالصدفة، تركني مدير الغرفة لاعتقاده أنني صديق لهذا الشخص ولكن عندما تعرف علي هويتي الصحفيّة رفض إعطائي أي معلومات عما يحدث، وأكد أنه ينفذ تعليمات الدكتور طنطاوي ومن قبله شيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق بعدم إعطاء أي معلومات لأحد، وفرض حظر علي كل ما يحدث في غرف الإشهار في مصر، وطلب مني الخروج من الغرفة وعدم الحديث عن الحالات الثلاث التي شهدتها.

لم أتعهد لمدير الغرفة بشيء ولذلك فهذه هي الحالات الثلاث:

الحالة الاولي: دخل شاب مصري أسمر البشرة طويل القامة وقال: إن زوجتي تريد أن تدخل الإسلام إن شاء الله، زوجته طويلة القامة ملامح وجهها أوروبية خالصة ترتدي بنطلون جينز وتي شيرت ضيقاً شعرها مكشوف وتظهر عليها علامات الحمل، جلس الزوج والزوجة في الصالون الذي يتوسط الغرفة لملء استمارة بيضاء منقسمة لقسمين، الأول مدون باللغة الاجنبية والثاني بالعربية، وكانت البيانات كالتالي: الإسم جاسمن شوبر، سويسرية الجنسية، الديانة مسيحية المذهب كاثوليكي، الزوج محمد مصطفي مصري الجنسية ومسلم، الديانة التي ترغب الدخول فيها عن اقتناع الإسلام، ثم تدون رقم جواز السفر الخاص بها، بعدها تدون النطق بالشهادتين بخط يدها وتزيّل الاستمارة بتوقيعها وتوقيع زوجها.

يقوم الموظف المختص الموجود بالغرفة بتدوين هذه المعلومات في السجلات الخاصة بكل حالة، سواء ذكر أو انثي ومُدَوّن عليها اسم الشهر وتجهيز الشهادة الخضراء وإعطائها للدكتور البعددي ليقوم بدوره بتسجيل بياناتها الإسلامية واسمها الذي تختاره بعد دخول الإسلام، وتظل هذه الشهادة في مقر مشيخة الأزهر ويتم بموجبها استخراج شهادة اعتناق الإسلام.

بعد الانتهاء من تسجيل البيانات يقوم البعددي بإلقاء محاضرة لا تتجاوز 15 دقيقة باللغة الأجنبية، يتحدث فيها عن الإسلام ومبادئه وأركانه ويعطيهم كتابين يحملان نفس المعاني باللغة التي يجيدها من يُشهر إسلامه وهي من تأليف الدكتور طنطاوي شيخ الأزهر.

وفي اليوم التالي يتم استخراج شهادة اعتناق الإسلام المزيلة بختم الأزهر الشريف، بعد إجراءات بسيطة لا تستغرق أكثر من ساعة واحدة. بعد تسليم الشهادة تنقطع صلة الأزهر وعلمائه بهذا الشخص، ولا يتعامل مع الأزهر مرة ثانية إلا في حدود المعاملات الروتينية مثل استخراج أوراق وخلافه.

محمد مصطفي زوج جاسمين التي أعلنت اسلامها يعمل بائع تحف أثرية مع والده بالزمالك، تَعَرّف عليها في إحدي رحلاته إلي شرم الشيخ، ارتبط بها علي أمل أن يسافر معها إلي سويسرا ويستقر هناك بحثا عن فرصة عمل وحياة أفضل.

قررت جاسمين الرجوع الي سويسرا لكي تضمن لطفلها حياة افضل والحصول علي جنسية بلادها، ذهبت الي سفارة بلادها للحصول علي تأشيرة سفر، والحصول علي إذن هجرة لزوجها ولكن خشيت من رفض سفارة بلادها سفر زوجها لاختلاف الديانة فقررت دخول الإسلام خاصة بعدما أخبرها أنّ إجراءات إشهار الإسلام في مصر لا تستغرق سوي ساعة لا أسبوع كما تتوقع وبالفعل حصل علي شهادة اعتناق الإسلام لزوجته التي ضمن بها جواز المرور والهجرة إلي أوروبا وسافرا يوم السبت الماضي.

الحالة الثانية: كانت علي النقيض تماما، بطلتها سارة الفتاة الجامعية المصرية المُسلمة، تعرفت علي جيمس شيرار الأمريكي الجنسيّة عن طريق أحد أصدقاء الأسرة، الذي يعمل في مجال السياحة بعدما أخبرها أن جيمس صديقه الأمريكي يريد الارتباط بفتاة مصرية جميلة ورشيقة، ورصد لها سيارة فولكس باسات وشقة باسمها في مصر الجديدة والسفر لأمريكا والحصول علي الجنسية الأمريكية بجانب شيك غير محدد القيمة لها.

بدون تردد طلبت سارة التعرف عليه والارتباط به، وقف لها والدها ورفض ارتباطها بهذا الشخص لأنه ليس مُسلما، قالت سارة للدكتور البعددي:طلبتُ مِنْ جيمس إشهار الإسلام مِنْ أجل إقناع والدها به، فلم يتردد لحظة واحدة وذهب معها لمقر مشخية الأزهر بالدَرّاسة للحُصول علي شهادة اعتناق الإسلام لإتمام صفقة الزواج، الطريف!... إنّ كلا مِنْ سارة وجيمس لا يُجيدان لغة الآخر ولا يستطيعان التفاهم إلا عن طريق مُترجم...!

الحالة الثالثة: مختلفة تماما، استيفن الأمريكي الذي يعيش بمدينة نصر نزل مصر مِنْ أجل السياحة ولكن وقف أمامه عائق اللغة، في نفس الوقت تعَرّف علي طالبيْن من اندونيسيا يدرسان في جامعة الازهر الشريف فأخبراه بمنحة شيخ الأزهر لتعليم اللغة العربية للأجانب المُسلمين.

علي الفور قرّرَ استيفن دخول الإسلام وخاصة أنه يريد فتح مكتبة في أمريكا تحتوي علي كتب عربية وإسلامية تكون ثمرة لبيزنس كبير في العالم وهذا لنْ يحدث إلا عن طريق حصوله علي شهادة اعتناق الإسلام من مشيخة الأزهر والحصول علي مِنحة من شيخ الأزهر تؤهله للالتحاق بجامعة الأزهر، علي الجانب الآخر هنأ الطالبيْن الاندوسيّين أنفسَهم بالحصول علي المكافأة المالية الكبيرة التي ترصدها سفارة بلادهم لأى شخص استطاع إقناع أحد بالدخول في الإسلام ناهيك عن جنسيته الأمريكية.

غرفة إشهار الإسلام بمشيخة الأزهر ليست الوحيدة لإشهار إسلام مُعتنقي الديانات الأخري من الأجانب غير المصريِّين، ولكنها تستقبل مَنْ يُشهرون إسلامهم في مختلف دول العالم الاسلامي ولكن ينقصهم الحصول علي صك البركة وهي شهادة اعتناق الإسلام الصادرة من مشيخة الأزهر والمُذيلة بختم شيخ الأزهر والتي تفتح أمامهم الأبواب المُغلقة داخل مصر من حيث الالتحاق بالدِراسة بجامعة الازهر وحرية التحرك دون قيود، وفي بلادهم أيضا وحصولهم علي مكانة مميزة وتضمن لهم المناصب العليا ومعاملتهم معاملة العلماء في الدين الإسلامي، والكلام لمحمد المالي الذي حضر لمقر المشيخة مع أبناء وطنه الماليِّين الدارسين بالأزهر لإشهار الإسلام مِنْ أجل ضمان الحصول علي منحة الدراسة بالأزهر.

تركنا غرفة إشهار إسلام الأجانب غير المصريين بمشيخة الأزهر بالدَرّاسة، إلي غرفة أخري موجودة بالجامع الأزهر تتبع لجنة الفتوي التابعة لمجمع البحوث الإسلامية وهي مُخصّصة لإشهار إسلام المِصريّين مِنَ المَسيحيّين.

بمجرد دخولك من الباب الرئيسي للجامع الأزهر المُطل علي شارع الأزهر بمنطقة الحُسين تجد علي يمينك باباً صغيراً مكتوباً عليه لجنة الفتوي بالأزهر، ولافتة تشير إلي عدم دفع أي رسوم علي الفتوي، ولا توجد أي علامة أو كتابة تدل علي وجود غرفة لإشهار الإسلام في هذا المكان تنفيذا لتعليمات شيخ الأزهر.

بمجرد تجاوزك لهذا الباب تجد مُمَراً طويلا ينتهي بساحة يجلس بها مجموعة من المشايخ وأمامهم بعض طالبي الفتوي، في المَمَرّ تجد غرفة ضيقة لا تتجاوز 2 متر في 2 متر، مكتوباً علي بابها غرفة إشهار الإسلام للمصريين وشروط الراغبين في إشهار إسلامهم وهي إحضار شهادة ميلاد وبطاقة الرقم القومي وعدد 2 صورة فوتوغرافية وإثنين مِنَ الشهُود البالغين العاقلين وعدم دفع أي رسوم لإشهار الإسلام.

تضم الغرفة مكتبين لإثنين موظفين درجة ثالثة بالأزهر، الأول يتولي أمور تسجيل البيانات في السجلات الموجودة أمامه وأمور إشهار الإسلام بنفسه، حيث يكتفي بأن ينطق بالشهادتين أمامه وأمام الشهود الحاضرين معه ليقروا بأن «فلان الفلاني» حَضر إلي مقر الجامع الأزهر لإشهار الإسلام في يوم كذا.

المكتب الثاني للكمبيوتر الذي يتم تسجيل البيانات عليه من أجل استخراج شهادة اعتناق الإسلام في نفس اليوم ليذهب بها بعد ذلك للسجل المدني لتغيير بطاقته...! ولا يتم ذلك قبل المرور علي مباحث أمن الدولة للبت في الأمر والموافقة عليه مِنْ عَدَمِهِ.

لا يوجد أي دور للأزهر وعلمائه في غرف إشهار الإسلام للمصريين والذي يتولي أمور إشهار الإسلام مُجرد مُوظفين لا يعلمون عن الإسلام شيئاً واكتفي بدوره الروتيني في استخراج شهادات بدون رسوم وإزالة الصليب بإجراء عمليات جراحية مجانيّة في مُستشفيات جامعة الأزهر ومُستشفي الحُسين ومُستشفي السيد جلال بباب الشعرية...!

غرف إشهار الإسلام موجودة في معظم محافظات مصر وهي تتبع لجان الفتوي الموجودة فيها مثل غرفة إشهار الإسلام الموجودة في منطقة الوعاظ ببور سعيد والثانية توجد في مكتب بمنطقة سموحة بالإسكندرية.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com