هل سيتحدد مصير الانتخابات الأمريكية من فوق منابر الكنائس؟

بقلم منير بشاى
تكاد الانتخابات الأمريكية أن تتصفى الآن على إثنين، مرشح الحزب الديموقراطي وغالباً سيكون باراك أوباما، ومرشح الحزب الجمهوري وهو جون ماكين.
المعركة الإنتخابية ما تزال تدور رحاها، ومن الآن وحتى نوفمبر يمكن أن تستجد عوامل تستطيع أن تحوّل مسار الإنتخابات من إتجاه إلى نقيضه، ولا شك أن كل طرف يسعى إلى نبش الماضي القريب والبعيد بحثاً عن أمور يمكن أن تساعد على التشكيك في مصداقية الطرف الآخر وبالتالي إثبات عدم أهليته للحصول على ثقة الشعب الأمريكي ليصبح رئيساً للبلاد.

ولكن المسألة التي تشغل الرأي العام الأمريكىي هذه الأيام ليس مجرد رأيهم في المرشحين ذاتهم بل أيضاً في الحاشية المحيطة بهم والأشخاص الذين أثروا عليهم، ومن هؤلاء القسوس أو المرشدين الروحيين في الكنائس التي يحضرونها والذين يلقون العظات التي تحتوي على المبادئ الأخلاقية التي إستمعوا لها على مدى السنين والتي يمكن أن تكون قد تركت بصماتها على تفكيرهم.

منذ أسابيع حدثت ضجة كبيرة نتيجة تصريحات القس "جريميا رايت" قسيس الكنيسة التي يحضرها أوباما والشخص الذي قام بمراسيم زواجه والذي عَمّد أطفاله، وهو يعتبره المرشد الروحي له.
ظهرت تسجيلات لهذا القسيس يدين فيها أمريكا مدعيّاً أنها هي التي اخترعت مرض الإيدز ونشرته على العالم، كما ظهرت تسجيلات لهذا الرجل فيها كراهية لأمريكا مستنكراً الشعار المحبب للأمريكيين والذي يقول "يارب بارك أمريكا" ومستبدلاً إياه بشعار من عنده يقول "يا رب العن أمريكا".
لا شك أن هذا قد سبب حرجاً لـ "أوباما" وأفقده الكثير من المؤيدين، ومع أن أوباما حاول أن ينفي عن نفسه موافقته لهذه الأفكار أو تأييده لهذا القسيس ولكن الكثيرين من الأمريكيين ما يزالوا يرفضون إعفاء أوباما من المسئولية.

ومنذ بضعة أيام قامت زوبعة أخرى بسبب تصريحات مثيرة لقسيس آخر هو القس رود "بارسلي" المرشد الروحي لـ "جون ماكين" مرشح الحزب الجمهوري.
هذه التصريحات تتعلق بهجوم على الإسلام، وهذا بعض مما قاله:
- رسالة أمريكا التاريخية هي أن تحطم الإسلام.
- أمريكا لا تتمم رسالتها إلا عندما تفهم الإسلام فهماً صحيحاً.
- الإسلام هو ضد المسيح ويسعى إلى هزيمة العالم عن طريق العنف.
- محمد أخذ وحيه من أرواح شيطانية وليس عن طريق الله الحي.

وكما كان متوقعاً فإن "جون ماكين" أصدر بياناً يرفض هذه التصريحات ويباعد نفسه عن القس "بارسلي" وعن قسيس آخر هو "جون هيجي" الذي قال مرة أن "أدولف هتلر" قد أرسله الله ليرغم اليهود على العودة إلى إسرائيل. هذا مع أن ماكين في أشد الحاجة لتاييد التيار المسيحي المحافظ الذين كانوا العامل الرئيسي في وضع جورج بوش في البيت الأبيض لمدة  فترتين رئاسيتين. ومن الناحية المقابلة حاول أوباما أن يستغل هذه الحادثة لصالحه ليثبت أن هناك تشابها بين هذا الموقف وما حدث له مع القس جيرميا رايت مركزاً على حقيقة أن الإنسان غير مسئول عن ما يقوله الآخرون.

 ولكن بفحص الأمر نكتشف أن هناك فارقاً بين الموقفين فالقس رايت كان نقده موجها إلى بلده أمريكا أما بارسلى فنقده موجّه إلى الإسلام الذي يعتقد ومعه الكثير من الأمريكيين أنه وراء المشاكل الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد، بالإضافة إلى ذلك فإن أوباما ظل يسمع راعي كنيسته يردد هذه الإدعاءات على مدى عشرين عاماً دون اعتراض وهذا لا يمكن أن يُقال بالنسبة لماكين.

ويبقى السؤال الذي يصعب التنبوء بإجابته: هل الشعب الأمريكي الذي رفض تصريحات جيرميا رايت وإنتقد أوباما عليها -هل سيرفضون تصريحات رود بارسلى وينتقدون ماكين عليها-؟؟؟

هذا والمعروف أن هناك حاجز نفسي وفكري وحضاري يصعب على كثير من الأمريكيين أن يتعدوه، ذلك هو احترامهم للأديان وحرصهم على عدم التدخل فيما يؤمن الآخرون حتى وإن كان ما يؤمنون به عقائد غريبة أو شاذة، وبالنسبة للإسلام فإن الإسلام كونه ديناً فهو يحجب عيون الكثيرين عن رؤية حقيقة أخرى لا تقل أهمية وهي أن الإسلام أيضاً نظام سياسي كامل وقائم بذاته لا يقبل التغيير أو المساومة ولا يستطيع أن يتعايش مع غيره من الأنظمة لأنه يؤمن بأن أحكامه هى تنزيل من عند الله.

 فهل يا ترى ستدور المعركة الإنتخابية الأمريكية بين قسوس أمريكا ومن فوق منابر كنائسها؟
هذا ما ستفصح عنه الأيام والشهور القادمة.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com