أصلحوا الأصل .. تتحسن الصورة

عالجوا الأمراض .. تزول الأعراض!!

 

القس رفعت فكري سعيد راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا مصر

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it. 

طالعتنا جريدة روزا اليوسف في عددها الصادر بتاريخ 23/7/2008  وفي الصفحة الرابعة بتحقيق صحفي للأستاذة فريدة محمد تحت عنوان ( حالة طوارئ  في الوطني لمواجهة مظاهرات الأقباط في الخارج .. وتكليفات حزبية لتهدئة الموقف) وتضمن التحقيق آراء بعض الشخصيات حول المظاهرات وكان من بين هذه الآراء رأيي,

وحوى التحقيق بعض المانشيتات الجانبية التي كتبت ببنط كبير, وكان أحد هذه المانشيتات ( القس المتطرف رفعت فكري يتهم الحزب بسيطرة الإخوان على بعض أركانه لذلك استبعدوا الأقباط من الانتخابات .. ومسيحيو الوطني يردون عليه ) وفي المتن حوى التحقيق بعض العبارات من عينة : ( فيما يعد مفاجأة أيد القس رفعت فكري التظاهرات التي تحدث في الخارج ) , ( وبلغة يمكن وصفها بالحادة تطاول وتحدث بلغة العناصر المتشددة بالكونجرس  قائلاً إن دعمها لحقوق الإنسان مشروط بالمساعدات التي تحصل عليها ) , ( وتطاول أيضاً على تصريحات البابا شنودة ) , وكانت الأستاذة فريدة قد اتصلت بي تليفونياً وتحدثنا حول التظاهرات في الخارج حوالي عشرين دقيقة ولكن يبدو أن الأستاذة فريدة أنتقت من حديثي ما يروق لها ومما يكون مدعاة لاتهامي بالتطرف دون وجه حق  وتوضيحاً لبعض الأمور وتعليقاً على هذه  العبارات الحادة التي وردت بالتحقيق والتي يمكنني – تأدباً مني – أن أسميها تجاوزات لي بعض الملحوظات:-

أولا:- بحكم دراستي في كلية الإعلام أعلم أن من حق الصحفي أن يقول رأيه الشخصي في موضوع التحقيق الذي يقوم به , والموضوعية سمة أساسية يجب أن يتحلى بها الصحفي القائم بإجراء التحقيق الصحفي , والموضوعية تحتم على الصحفي أن يقول رأيه في الموضوع دون المساس بالأشخاص حتى لا يقع تحت طائلة القانون بتهمة السب والقذف , فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية, ولكن يبدو أن الأستاذة فريدة نسيت ما درسته – إذا كانت قد درست _ في كلية الإعلام فخلطت بين الشخص والموضوع وكانت النتيجة اتهامي بالتطرف لمجرد أنني اختلفت مع رأيها وقلت رأياً شخصياً يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ.

ثانياً :- التطرف والاعتدال هي أمور نسبية وليست مطلقة فما يظنه فريق من الناس تطرفاً يراه فريق آخر اعتدالاً  والأمر برمته يتوقف على الشخص ونظرته للأمور وثقافته ومدى سماحته أو تعصبه ومدى حساباته ومصالحه وانتماءاته ...الخ ولهذا فالأحكام العامة المطلقة تتنافى مع  الموضوعية ومع المنهج العلمي في التفكير.

 

ثالثاً:- لست أدري ما المفاجأة في إني أؤيد التظاهرات التي تحدث في الخارج؟ أليست التظاهرات طالما كانت سلمية هي حق من حقوق الإنسان؟ ألم نسمع ونقرأ عن مظاهرات تحدث في كل بقاع الدنيا بشرقها وغربها تضامناً مع الفلسطينيين ومع حقوقهم المشروعة؟!! إذا ما المفاجأة أن يتظاهر بعض المسيحيين  المقيمين في الخارج كرد فعل لمايحدث من بعض المتعصبين في مصر؟!! أم أن التظاهر حلال لجماعة وحرام لجماعة أخرى؟!!

 

رابعاً :- لأكثر من عشرين سنة والإعلام المصري يهاجم المسيحيين الذين يتظاهرون في الخارج مدافعين عن حقوق مسيحيي الداخل وفي الحملة ضد التظاهرات يستعين الإعلام ببعض القيادات الكنسية ورجال الأعمال وغيرهم للتنديد بالمظاهرات, وعلى الرغم من كل هذا,  التظاهرات لم تتوقف ولن تتوقف , والسبب أننا مصرون أن نناقش الأعراض دون أن نعالج الأمراض, فما يقوم به بعض المسيحيين في الخارج هو رد فعل طبيعي لإصرار بعض المتعصبين في الداخل على حبس القانون الموحد لبناء دور العبادة داخل الأدراج وعدم خروجه للنور, وللاعتداءات المتكررة على كنائس وأديرة, ولانتشار جلسات الصلح العرفية بدلاً من تطبيق القانون ومحاسبة المعتدين الأمر الذي يعود بنا إلى دولة ما قبل المواطنة, وللكتابات التي تهاجم المسيحية وتطعن في الكتاب المقدس متهمة إياه بالتحريف والتبديل .. يتظاهر بعض مسيحيي الخارج لهذه الأسباب ولغيرها , أيهما أفضل, أن نهاجم مسيحييى المهجر على تظاهراتهم أم أن نناقش أسباب هذه المظاهرات ونعالج الخلل ونقطع أمامهم الطريق؟!! . بالقطع سيختفي الدخان إذا  كانت لدينا نية مخلصة أن نطفئ النيران, وستختفي الأعراض إذا كانت لدينا رغبة حقيقية أن نعالج الأمراض!!

 خامساً :- بخصوص الحزب الوطني والإخوان فأنا لم أتهم الحزب بسيطرة الإخوان على بعض أركانه ولاسيما وإنني أعلم علم اليقين أن الأجندة السياسية للجماعة المحظورة تتعارض تماماً مع الحزب الوطني, ولكن كل ماقلته أن الحزب الوطني وهو يضم مجموعة من المصريين به عدد من المعتدلين وبه أيضاً عدد من المتعصبين وما الخطأ في هذا ؟!! هل كل أعضاء الحزب الوطني ملائكة؟ أليسوا بشراً ككل البشر فيهم الصالح وفيهم الطالح وفيهم المتسامح ومنهم المتعصب ؟!! وأليسوا جماعة ككل الجماعات فيهم من يخطئ وفيهم من يصيب؟!!  ألم يكن أول من هاجم فاروق حسني وزير الثقافة بسبب أزمة الحجاب هم أعضاء الحزب الوطني؟!! ألا يوجد من يتاجر بالدين من أعضاء الحزب الوطني حتى ولو لم ينتم للجماعة المحظورة مطلقاً؟!! ألا يوجد من داخل الحزب من يريد أن يعود بنا إلى الوراء؟!!  

سادساً :- في ردي على الأستاذة فريدة بخصوص المعونات قلت أنه لا أحد يعطينا معونات لأجل سواد عيوننا فالمعونات التي نأخذها غالباً ما تكون مشروطة بالإصلاح والديمقراطية والتنمية واحترام حقوق الإنسان , فإما أن نأخذها ونلتزم بالشروط وإما أن نرفضها , وفي كلتا الحالتين نحن مطالبون باحترام حقوق الإنسان لأننا وقعنا أمام العالم على مواثيق دولية ونحن مطالبون أن نطبق هذه المواثيق. فالدين الذي يدين به عالم اليوم هو دين حقوق الإنسان ومن لا يلتزم باحترام حقوق الإنسان سواء كان فرداً أو دولة يعرض نفسه للمساءلة والمحاكمة.وعلى أية حال أنا شخصياً لا أتمنى ولا أطالب  أن تنقطع المعونات عن مصر ولا سيما وأننا في مسيس الحاجة إليها  ولكنني أتمنى أن نحترم حقوق الإنسان تماشياً مع حضارة القرن الحادي والعشرين, وأنا لا أقصد هنا حقوق المسيحي المصري فقط ولكنني أتحدث عن المواطن المصري أياً كان لونه أو دينه أو جنسه أو معتقداته .

 وختاماً .. بقي أن نسأل أنفسنا بأمانة وصراحة وشفافية,  مَن الذي يشوه صورة مصر؟ أهم بعض مسيحيي الخارج أم بعض متعصبي الداخل؟!! أعتقد أن الصورة ليست جميلة لأن الأصل ليس كذلك والصورة طبق الأصل!! إن المتعصبين الذين يريدون أن يعودوا بمصرنا إلى الخلف لن يسيئوا  فقط إلى مسيحيي مصر ولكنهم يسيئون إلى كل المصريين مسيحيين ومسلمين , وهروب المسيحيين من المنطقة العربية هو إدانة للمنطقة بأكملها , إن الإصرار على دفن الرؤوس في الرمال لن يجدي شيئاً , أصلحوا الأصل تتحسن الصورة, قاوموا الأمراض تختفي الأعراض , فهل من مجيب؟!!                      


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com