ثقافة قبول الآخر وحرية العقيده

هانى عزيز الجزيرى

 حقوق الانسان هى عالمنا الجديد الذى فرض نفسه وبقوه على واقعنا المتجمد الذى لايقبل التجديد ولا التحديث بسهوله . وهذا أمر ليس بجديد على المجتعات العربيه التى لاتستوعب الاجتهادات ولا المستحدثات العالميه بل تعتبرها تحديات لحاضرها وماضيها وتدعى انها اعتداء على أعرافها وتقاليدها وعاداتها . والغريب ان تتفق السلطه والشعب على هذا المفهوم . فالسلطه تعتبر ان اى تجديد سوف يزعزع تمركزها وسيطرتها على مقاليد الأمور . أما الشعب وباٍيعاز من السلطه أيضا يرفض هذا التجديد متصورا أنه اعتداء على دينه وقيمه وخصوصياته.

ومن هنا نجد أن ثقافة قبول الآخر تخطو خطوات متعثره . ولاأكون مبالغا اذا كان حكمى عليها انها تخطو للخلف

والثقافه فى المعجم :العلوم والمعارف والفنون التى يطلب العلم منها والحذق فيها .

ثقف : صار حاذقا فطنا . ثقف الشىء : أقام المعوج منه وسواه .

ثقف الانسان : أدبه وعلمه وهذبه

قبول : من قبل بمعنى استجاب ( قبل الله دعاء فلان )

ويقال قبل الخبر بمعنى صدقه . تقابلا : لقى كل منهما الآخر

تقبل الشىء : رضى عن طيب خاطر . أستقبل : كلمه تدل على الملاقاه بالترحيب . قبل : لثم (من قبله)

ألآخر : هو أحد الشيئين

ولذلك نجد أن كلمة قبول كلها محبه واستحسان بينما كلمة الآخر تدعو للفرقه والانقسام . ولكننا سنستخدمها فقط لتوضيح المعنى المقصود

من هو الآخر رجل وامرأه . غنى وفقير مسلم وغير مسلم  ابيض واسود

 

مصرى وغير مصرى .

أيضا الآخر يمكن أن يكون بسبب العقيده السياسيه . ماركسى وليبرالى  ناصرى ووفدى . يمين ويسار شرق وغرب شمال وجنوب .

وعلينا تقبل الآخر تحت أى وضع لأن هذا الآخر هو المتمم

واذا أكملنا اسم المحاضره ستكون ثقافة قبول الاخر وحرية العقيده سنجد اننا سنتجه الى مسلم وغير مسلم على أساس ان المسلمين هم الأغلبيه العدديه . وسنهمل أيضا الآخر العرقى لأن فى رأيى أننا كلنا مصريون بعضنا مسلم والبعض مسيحى وحتى العرب الذين جاءوا مع الاسلام ومابعد الاسلام اصبحوا مصريين بحكم الزمن وتتابع الأجيال .

مثلما نأتى بثمره ونقطعها الى قسمين . اليست هى ثمره واحده لها نفس الخصائص.

فى داخل كل منا احساس قوى ربما لانفطن له ولكنه متأصل فينا وهو حب الناس . وحب الخير وحب الحياه

فمثلا جارك انت تحبه دون ان تدرى وربما تشكو منه كثيرا . وأذا ظهرت مشكله بينك وبينه ربما تكون محرجا فى مفاتحته واذا فاتحته يبدأ العتاب ثم يعلو الصوت ثم يحتد الحديث فيتدخل البعض وتهدأ الأمور وتلوم نفسك ثم تبدأ المصالحه وربما تعتذر وتجد جارك لايقبل اعتذارك بل يصمم هو على الاعتذار وينتهى الموضوع بالمصافحه والتنازلات من الطرفين .

هذا هو المعتاد فى حياتنا كمصريين لأن المصرى طيب ويحب الخير والحياه

ولكن لو ظهر شيطان التطرف وحول القضيه الى مسيحى ومسلم ستجد التحزب والانشقاق . وربما أصحاب المشكله لم يتنبهوا لاٍختلاف العقيده .

ولكن اذا القى متشدد أو متطرف هذه البذره فى الارض تشتعل المعارك ونجد الوضع ينقسم الى فريقين فريق مسلم وفريق مسيحى وهكذا لن تنتهى المشكله أبدا لأنه لاتنازل .

وللأسف يوجد كثيرون من مشعلى الفتنه الآن بيننا على غير طبيعتنا . أصبحنا نصنف أنفسنا هذا مسيحى وهذا مسلم ونسينا كلمة أنا مصرى

كى نجعل الآخر خارج مصر .

لو أنصتنا لشيطان الفتنه سنجد الآخر هو جارى وزميلى فى العمل وصديقى فى النادى او المقهى والجالس بجوارى فى الفصل فى المدرسه او المدرج فى الجامعه . ولكن ان قلت انا مصرى سنجد الآخر خارج حدود هذا البلد . وفى هذه الحاله سأنعم بمحبة صديقى وزميلى وصاحبى . ولن أجد غضاضه أو تأنيب ضمير فى محبة هذا الصديق . لأن الدين هنا ليس حائلا بيننا .

تصوروا لو ان الدين سبب معاداتى لأنسان . الدين هو الذى يفرق .

هل الأديان جاءت لتعلمنا الكراهيه أم لتعلمنا الحب .

انا مصرى تنهى أى خلاف بينى وبينك أيها الجار الحبيب أيها الصديق الوفى . أيها الزميل الغالى .

أنظروا لو حدثت حالة وفاه فى مكان ما . من الذى يخدمنى ويقف بجانبى وألجأاليه ويخفف عنى ويسرع الى مواساتى ويحمل العبء معى .

انه جارى وصديقى وزميلى قبل قريبى .

 لو قلت انا مصرى ستنتهى كل مشاكلنا الطائفيه

هل شعر أحد ولو للحظه أن هناك مصريا واحدا لم يفرح لفوز المنتخب المصرى لكرة القدم حينما فاز ببطولة أفريقيا . ان الفرحة عمت كل القلوب . ولم يكن بيننا فى هذه اللحظه الآخر . كنا كلنا واحد وليس هناك آخر . لو قلت أنا مصرى ستنتهى كل الخلافات .

نحن نمتلك بلدا ليس له نظير . نيل وبحرين وحضاره وشعب واهرامات وسلام ماهو المطلوب اذن . مصر هى المحبه . وهى الخير من بداية الزمان . جاء ابراهيم وساره اليها فوجدوا الأمان .

جاء يعقوب ونسله وعاشوا فى خيرها . موسى تهذب بكل حكمة المصريين . المسيح جاء الى مصر لينشد الأمان .

لو فكرنا فى مصر سنجد ان ثقافة قبول الآخر تنطبق على ماهو ليس مصرى .

ولو فكرنا بطريقة مصر لن نجد آخر لأن مصر استوعبت الجميع .

لأن مصر هى أصل الدنيا ومركز الكون والموحده قبل ظهور ديانات التوحيد . بل ان قصة نوح وجدوها على لوحات أثريه عليها كتابه مخروطيه وعلى لوح منها من 6 اعمده موجوده فى المتحف البريطانى .

الطب بدأ فى مصر والصيدله فى مصر والتحنيط فى مصر والسلم الموسيقى الخماسى والسباعى فى مصر الكيمياء من مصر وكان اسم مصر كيمى ومنها اشتق الكيمياء . الأهرامات والهندسه فى مصر الفلك والتقويم وتقسيم السنه والأشهر والايام والفصول من مصر

واذا اضطررنا لأن نستخدم تعبير الآخر فانا اقول ان الانسان عدو مايجهل ولذلك علينا التعرف لكل ماهو غير معروف لنا كى يكون العدو ليس عدوا . واذا كنا واثقين من انفسنا فرأى الآخر لايخيفنا .

ان تقوقعنا وانكماشنا الحضارى والثقافى بسبب فكرة المؤامره المسيطره على تفكيرنا وأسلوبنا فى التعامل والتى هى أصلا نشأت لتعليق أخطائنا وسلبياتنا على الآخر الذى يحيك لنا المؤامرات . لنبرر تقصيرنا وقصر نظرنا الى الأمور .

أيضا يجب قراءة مابين السطور . فلا يوجد شىء مطلق فى الحياه الا الموت فما قبل الحياه نحن نجهله . ولكن ماهى الحقيقه المطلقه التى تجمع البشر جميعا . انه الموت

فالديانات مختلفه والاجناس مختلفه حتى لو رجعنا كلنا الى آدم وحواء

(سام . حام . آرى ) والألوان مختلفه (أبيض وأسود وأصفر )

يوجد مطلق آخر فى الدنيا وهو الانسان رجل كان أو امرأه هو انسان

ومكوناته : لايوجد انسان بأكثر من عينين وأذنين ويدين ورجلين وأنف واحده وفم واحد وكليتين وقلب واحد

فالآخر هنا لو كان انسان بأنفين او كبدين !

نعود للانسان الطبيعى . فنجد المشاعر مشتركه . الخوف بدرجاته

الشجاعه بدرجاتها . الحب بدرجاته وهكذا .

واذا تكلمنا عن الأديان هل لاتقتل مقصوره على الأديان الأبراهيميه . أم هى مطلب انسانى .

هل الصينيون لم يعوا هذه الحقيقه أو اليابانيون .

بالعكس انا فى اعتقادى ان هذه الشعوب وهم الذين نعتبرهم اصحاب ديانات غير سماويه هم اكثر منا سعاده واكثر منا ادبا واكثر منا تفاؤلا .

بل انهم ذواقون اكثر منا . فهم يقدرون الزهور والورود ايما تقدير

ونحن هنا بيننا من ينادى ان اهداء الزهور هى من عادات الكفر والكفره

احيانا اشعر ان السودانى بلونه الأسمر هو اقرب الشعوب الى قلبى وأألفه بسهوله . فهل هو آخر بالنسبه لى لأن لونه أسمر

نفس الاحساس مع السورى او اللبنانى .

ويقل هذا الأحساس مع السعودى او العراقى ويقل اكثر مع المغرب العربى

هل هناك اسباب معينه . ربما تكون فى تكويننا .

ايضا تجد اليونانى قريبا منك ثم الايطالى والفرنسى ولكن البرتغالى لايرقى الى هذه المنزله . ايضا السويدى او المجرى

الصينى ايضا اصبح مألوفا لنا ولكن الماليزى او البنجلاديشى انا استغربه

دون النظر الى اللغه او العقيده .

ربما تكون الثقافه المترسبه *1

الثقافه والشعور بالغير

فى الماضى كان المصرى يتميز بوعيه التام باٍنتمائه الى مصر

ولكن تغير الوضع الى لامبالاه

وتحول الوضع الى ضعف شعور المواطن بالمواطن الآخر نتج عنه ضعف فى الشعور بما يخص الوطن نفسه .

واصبح الغالبيه فى عزله عن الوطن ولايهمه الاالمصلحه الشخصيه حتى اذا دعوت أحدا لحضور ندوه او مؤتمر تجده يسألك وما العائد من هذا

وبالعاميه ح يدفعوا كام وبلغة الشباب فيها مصلحه .

واذا تطاولت وطلبت منه الانضمام الى مركز حقوقى او حزب وطلبت منه استخراج بطاقة عضويه تجد الاجابه ( الجنيه غلب الكارنيه )

ولذلك علينا ان نجد فى عمل تنشئه سياسيه للشباب لأنه اصبح مطلب بالغ الاهميه . لأن مشاركة الشباب ستساعد فى تشكيل مستقبل الوطن

ومما لاشك فيه ان المدرسه ثم الجامعه ثم الاحزاب السياسيه وايضا الاعلام يمكن ان تتكاتف لتضع برامج متكامله للثقافه الوطنيه *2

حرية العقيده*

الاعلان العالمى لحقوق الانسان *3

الدستور المصرى*4

 

الاديان

الاسلام حين جاء كان هناك ديانتين سماويتين يعترف بهما الاسلام

ولذلك تعامل معهما بعهود ومواثيق تحفظ حقوق الانسان فى ظروف ذلك الزمان .

ويقول حسين العودات فى كتابه العرب النصارى الصادر عن الأهالى للطبع والنشر دمشق  1992

انتشرت النصرانيه فى بلاد العرب قبل الاسلام انتشارا واسعا ولكن كان النصارى افرادا فى قبيله او مجموعه منها ونادرا ماكانت القبيله بكاملها على النصرانيه كما تفاوت تنصر العرب بين منطقه واخرى فقد كان تنصرهم كثيفا فى نجران والحيره وغسان وبادية الشام وشمال سوريه

بينما كان فرديا فى الحجاز . الاان النصرانيه كانتموجوده ومعروفه لدى العرب جميعهم . وكان تنصر الافراد كان يأتى تلقائيا غالبا اذا تنصر ملوكهم وامراؤهم او رؤساء قبائلهم فالناس على دين ملوكهم

وكان تنصر رئيس القبيله نفسه يعود لأسباب كثيره قد تكون ايمانا دينيا او اسبابا سياسيه او اقتصاديه او قوميه او شخصيه فقد تنصر زعيم قبيله الضجاعمه بعد ان دعا احد الرهبان الله ان يرزقه ولدا . وتنصر النعمان ملك الحيره بعد ان شفى من مرض عصبى على يد اسقف نصرانى .

وفى الوقت نفسه كان الحوار اللاهوتى يتم بين الأساقفه والمقربين منهم والأغنياء من القبيله وقادتها اما افرادها فكان تنصرهم دون التعمق فى اللاهوت . وغالبا ما أقلمت القبائل العربيه النصرانيه وطبعتها بطابعها وأخضعتها لظروفها . وتأثرت بتراثها الثقافى وبتقاليدها فكانت نصرانيتهم كأنها نصرانيه خاصه ابنة الظروف المحيطه بأتباعها من العرب .

كان الصراع موجودا بين القبائل العربيه التى على المذهب النسطورى والأخرى التى على مذهب الطبيعه الواحده وكان ظاهره دينى واسبابه الحقيقيه سياسيه واقتصاديه تعود الى الصراع بين القبائل خاصة بين غسان التى كانت على مذهب الطبيعه الواحده ومن والاها من القبائل العربيه وبين الحيره النسطوريه ومن والاها .

وفى نجران انتشرت النصرانيه انتشارا واسعا ويقال انها انتشرت على يد فيميون وهو كان مقربا من الحواريون وجاء الى اليمن وبشر بالنصرانيه  وفى رأى آخر ان تاجرا من اهل نجران يدعى حنان او حيان قام ايام

يزد جرد الاول (399-420 م)برحله تجاريه الى القسطنطينيه ثم ذهب منها الى الحيره وفيها تلقى مبادىء النصرانيه ودخل فيها . فلما عاد الى نجران بشر فيها بالنصرانيه حتى تمكن من نشرها بين حمير .

وبعد الاسلام صالح الرسول (ص) نصارى نجران وعقد معهم اتفاقا شاملا صار اساسا لعقود الذمه فيما بعد بين المسلمين والنصارى فى الجزيره العربيه .

كان المسلمون يعتبرون اصحاب الكتاب اهل ذمه وعقد الذمه هو عقد بين المسلمين وبين فئه كتابيه من المجتمع حددت بموجبه الحقوق والواجبات لكل من الطرفين اى حقوقهم على الدوله بأعتبارها دولتهم وحقوق الدوله عليهم باعتبارهم جماعة منها .

ان عقد الذمه هو عقد بين الدوله ( وهى دوله اسلاميه اساسا )

وبين مجموعه من رعاياها لهم دين آخر حددت بموجبه (اى العقد )

حقوق كل من الطرفين وواجباته .

اما المسلمون فكانوا بالمقابل يدفعون الزكاه ويدفعون الصدقه ايضا لبيت المال ويعفى الكتابى منهما

عقود الرسول

كان الرسول هو اول من كتب عقود الذمه مع اهل الكتاب ولعل اهم هذه العقود واكثرها وضوحا هو عقده مع اهل نجران ذلك لأن نصارى نجران كانوا تجمعا كبيرا  وخرج وفد نجران الى الرسول وكان مؤلفا من اربعة عشر رجلا من اشرافهم والبعض يقول ستينا فيهم العقب وهو امير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والسيد وهو صاحب رحلهم ومجتمعهم  والاسقف وهو حبرهم وصاحب مدارسهم فدخلوا المسجد عليهم ثياب الحيره فقاموا يصلون فى المسجد نحو الشرق فقال رسول الله دعوهم ثم أتوا النبى وتجادلوا معه جدالا طويلا يقال انه استمر ثلاثة ايام وشارك فيه يهود . وفى النهايه قبلوا الصلح على شروط أشترطت عليهم وأشترطوها هم وكتب لهم بذلك كتابا وبعث اليهم عمر بن حزم وكتب لهم عهدا

ولقد تكرر هذا العقد بين الرسول واهل الذمه فى مناطق اخرى مثل تبوك واهل الدومه بالحيره

وكانت شروط هذا العقد هى دفع الجزيه وعدم االربى . اماالحقوق فهى ان تحمى الدوله اموالهم وانفسهم وارضهم . ويقول السرخسى فى هذا المجال لانهم قبلوا عقد الذمه تكون اموالهم وحقوقهم كأموال المسلمين وحقوقهم وان تضمن لهم الحريه الدينيه وحريه العباده وحمايه اماكن العباده .

لقد حافظ الرسول (ص) على عهده وأوصى المسلمين بالمحافظه على هذه العهود وكان يؤكد دائما ان ( من ظلم معاهدا او كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه الى يوم القيامه )

وهناك حديث أم سلمه أن الرسول أوصى عند وفاته فقال

الله الله فى قبط مصر فاٍنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عده وأعوانا فى سبيل الله

 

القرآن والنصارى 5

وهكذا ظلت فكرة اهل الذمه مسيطره على الدول المتعاقبه فى حكم مصر ومابين خليفه عادل وخليفه غير عادل وخليفه متدين وخليفه متعصب عانى شعب مصر الى أن جاءت الدوله العثمانيه فأستعاضت بمفهوم أهل المله بدلا من أهل الذمه . لأنها فتحت بلادا جديده لايوجد بها مسلمين .

كان العثمانيون قبل سقوط القسطنطينيه قد احتلوا اجزاء من البلقان ذات أكثريه مسيحيه ارثوذكسيه وقد وجدوا أنفسهم لأول مره أمام مناطق كامل سكانها من ديانه أخرى . وكان العثمانيون مضطرين لمداراتهم لأن هؤلاء حلفاء طبيعيون لبيزنطه التى كانت مازالت قاءمه وتشكل الهدف التالى للعثمانيين ,ولأن هؤلاءالرعايا فى الوقت نفسه على عداوه مع أوروبا الكاثوليكيه باٍعتبارهم أرثوذكسا يتبعون بيزنطه والكنيسه الشرقيه .

ولذلك أظهر العثمانيون أنفسهم حماة الكنيسه الأرثوذكسيه كما أظهروا أنفسهم فيما بعد حماة الحرمين الشريفين . وفى الواقع منحوا أساقفه هذه الكنيسه اٍقطاع بعض الأراضى . وتقربوا بذلك من عامة الشعب . وأصدر السلطان محمد الفاتح نظام المله الذى قسم رعايا الى ملل حسب أديانهم وأعطى لرجال الدين المسيحيين على طوائفهم ماهو موكول الى رجال الدين المسلمين على طوائفهم . وكانت أكبر الملل اثنتان هما ملة الاٍسلام وملة الروم الأرثوذكس  وكان الأرمن واليهود يعدون فى جملة الملل

ولم يكن هذا النظام فى وقته يعتبر تقسيما طائفيا يهدف الى استصغار طائفه او عدم الاٍعتراف بحقوقها بل كان يهدف لتثبيت حقوق الطوائف وواجباتها وايجاد توازن بين هذه الطوائف

ولقد حاول السلطان سليم الأول فيما بعد ان يجعل البلدان التى ضمها لامبراطوريته اسلاميه خالصه ولكن وكما يقول أحد الوزراء العثمانيين كانت تقوم فى وجهه المله ويحاجه شيخ المسلمين ويقول له بلا محاباه ليس لك على النصارى واليهود الا الجزيه . وليس لك ان تزعجهم على أوطانهم

القرن التاسع عشر

كان القرن التاسع عشر قرن التحول الكبير فى موقف الدوله العثمانيه

من الملل المذهبيه بعد ظهور دوله محمد على فى مصر والتحول الكبير الذى أحدثته الثوره الفرنسيه . فصدر خط شريف كولخانه وخط شريف همايون ودستور 1876 وكانت اجراءات ابراهيم باشا ايضا لها دلالاتها

ابراهيم باشا

آلت الدوله العثمانيه الى الضعف واستنجد السلطان العثمانى بمحمد على وجيش مصر لاٍخماد الثورات والتمرد المستشرى فى الامبراطوريه

ودخل ابرهيم باشا سوريه عام 1831م وفور وصوله القدس استن قوانين وانظمه جديده للتعامل مع المسيحيين منها الأمر البيورلدى الذى جاء فيه

فى القدس معابد وأديره يأتى اليها كل المسيحيين واليهود من كل مكان وكانت تفرض عليهم ضرائب باهظه فى أداء فرائضهم ورغبة منا فى استئصال هذا العسف نأمر باٍلغاء هذه الضرائب بلا اٍستثناء وتلغى الضرائب المفروضه على الأديره والمعابد والكفاره التى تجبى من المسيحيين عند دخول كنيسة قبر السيد المسيح او عند التوجه الى نهر الشريعه وسيعاقب بكل صرامه كل من يخالف ذلك .*6

خط شريف كولخانه (6)

خط الهمايونى 7

دستور 1876 (8)

الدين المسيحى

الدين المسيحى أسهل كثيرا فى توضيح موقفه من الآخر وسأكتفى بآيتين من الاٍنجيل لو أقر بهم أى مسيحى لن يكون هناك آخر

أحبوا أعدائكم .أحسنوا الى مبغضيكم . باركوا لاعنيكم . وصلوا للذين يسيئون اليكم .

فاٍذا كان دينى يلزمنى ان احب اعدائى فأين الآخر هنا

فأقصى آخر لى هو عدوى ومطلوب ان احبه فما بال الآخرين .

أنا أسأل أكثر المسيحيين تطرفا . هل المسلم عدوك

هل جارك المسلم او زميل العمل المسلم عدوك حتى لو هناك خلافات اومضايقات بينك وبينه .

هل هناك مسيحى واحد يستطيع ان يستغنى عن أصدقائه أو زملائه المسلمين . فكر فى الأمر جليا أغمض عينيك وفتش فى ضميرك

لاتجعل الاٍحتقان يتملكك ويؤثر على رؤيتك للأمور . ومثل السامرى الصالح واضح الدلاله

هوليس آخر بل هو جزء منى . من طفولتى وشبابى وشيخوختى

هو جزء من فرحتى وحزنى وانتصارى وانكسارى

حينما كنت اعمل تحقيق عن أبطال اكتوبر كنت اجد مصريين بحق

لاتجد فيهم اى تعصب ولاتستطيع ان تفرق بين مسيحى ومسلم

من خلال حواره وكلهم متمسكين بهذه الروح حتى الآن .

الآيه الثانيه  أعط مالقيصر لقيصر ومالله لله

وهنا نجد ان عليك واجبات فى الدنيا وواجبات لله

ومن واجبات الدنيا المحبه والخير والعمل الصالح  

ايضا هنا نجد مبدأفصل الدوله عن الدين لأن قيصر هو الدوله والله هو الدين وكما يقول د/ صلاح الزين يمكن ان نفصل الدوله عن الدين ولكن لايمكن ان نفصل الدين عن الدوله .

ولكننا نجد الآخر فى الطوائف الأخرى

فنجد من يهاجم الكاثوليكى ومن يهاجم البروتستانتى

وأنا فى رأيى ان المسيح حينما بشر بالمسيحيه كان يقصد مسيحيه واحده لا يمتد اليها ذراع بشر . أما الفروق التى حدثت فهى المقصود بها ذراع البشر لأن الناس هم الذين فسروها حسب فكرهم وثقافاتهم وبيئتهم وأهوائهم وفسادهم وصلاحهم وأعتقد أن أغلب هذه التفسيرات والتى تحولت الى خلافات لن تنال من أصل العقيده ولكن أيضا هو عدم قبول الآخر .

أما مشكله البهائيين فهى تجسيد فعلى لعدم قبول الآخر

اشخاص مصريون يعيشون بيننا هويتهم مصريه . مادخل معتقداتهم فى مصريتهم . ولماذا كل هذا النفور منهم .

من حقهم ان تكون لهم اوراقا رسميه . وأن يمارسوا صلواتهم بما يكفله لهم مواد الدستور والقانون المصرى والدساتير الدوليه الممثله فى الاٍعلان العالمى لحقوق الاٍنسان .

أيضاالقرآنيين والشيعه .

ومن هنا نرى اننا مازلنا فى القرن الثامن عشر من ناحية التطبيق الفعلى فمازلنا نتكلم عن الخط الهمايونى والمساواه فى الوظائف وبناء الكنائس

وازدراء الاديان وحرية العقيده . نحن مازلنا نعانى من مشاكل القرن الثامن عشر . كلما نتقدم خطوه نجد أنفسنا نتراجع خطوتين .

بل ان الوضع تطور مع ضعف الدوله الى حد التعصب

فالحد بين التدين والتعصب خط لاطول له ولاعرض وحد الحريه الشخصيه حرية شخصيه أخرى ويجب أن تقف الحريه الاولى عند الثانيه فالخط الفاصل بين التدين والتعصب الدينى هو الحد الفاصل بين حريتين على وشك الاصطدام

كل متدين يحاول بالفكر أو القول اٍكراه آخر على أن يعتنق معتقده هو فهو متعصب

وكل رجل يستاء من أخيه فى الوطنيه والبشريه والاٍنسانيه لخلاف فى الدين هو متعصب بالقول

وكل رجل يعتدى على آخر لهذا الغرض فهو مجرم شرعا

تخلى عن مفهومك القديم واترك فرصه للمحبه والتفاهم

برتراند راسل الفيلسوف البريطانى له مقوله

ان الأغبياء متأكدون جدا بينما الأذكياء يملؤهم الشك

وهناك مثل طريف على هذا

أرسطو الفيلسوف المعروف ظل يعتقد ان عدد أسنان المرأه أقل من عدد أسنان الرجل وقد سجل أرسطو هذا فى كتبه وهذه فضيحه علميه ستظل تطارد أرسطو مابقى من الدهر . وكان يمكن للفيلسوف العظيم ان يتجنب هذا الخطأ لو طلب من مدام أرسطو أن تفتح فمها وعد أسنانها

ولكنه لم يفعل ولم يأتى بباله لأنه كان متأكدا جدا ان عدد أسنان المرأه أقل من عدد أسنان الرجل .

مالفرق بيننا وبين الأجانب

من الأشياء الفارقه بيننا وبين الأجانب سرعة التغيير وسرعة قبول الجديد

هم يقبلون الجديد فى لحظة ميلاده ونحن مازلنا نقلبه شمالا ويمينا فنتأخر عن مائة جديد

مشكلتنا تبدأمن التربيه التى تمجد الماضى دون ان تحترم الحاضر والمستقبل

والاِستغراق فى الماضى يصيب المستقبل بالتوقف

وكما قال الشاعر

يفاخرون بأجداد لهم سلفوا          نعم الجدود ولكن بئس ما خلفوا

تقدم الغرب  لماذا ؟

-ترجيح جانب الفعل والعمل . بمعنى النظر الى العمل بوصفه قيمه مطلقه

- ترجيح جانب العقل . أى الاٍيمان بقدرة العقل على حل جميع المعضلات

- ترجيح اللانهائى ويقصدبها فكرة النمو الكمى اللانهائى وغير المحدود فى الانتاج والاستهلاك

تأخر الشرق لماذا ؟

الحضارات التقليديه وهى مازالت غارقه فى أنماط التفكير الأسطورى والغيبى والتفكير غير العلمى مع نظم شموليه غير ديمقراطيه

- ظاهرة التميز الطبقى فى تطبيق القانون مما يجعل من يخالفون القانون ممن ينتمون الى الطبقات العليا فى المجتمع يفلتون من الملاحقه القضائيه وبالتالى من العقاب . فى حين ان الطبقات المتوسطه يتعرضون دائما للملاحقه والعقاب فى حالة مخالفاتهم القانون فيحدث احساس بالآخر

ولهذا من أبرز مقاييس التقدم الحضارى هو سيادة القانون على الجميع بغض النظر على الفوارق الطبقيه .

وكلنا سمعنا عن المخالفه التى وقع فيها رئيس وزراء بريطانيا . وتعرض اولمرت للتحقيق بشأن قضية رشوه .

- تجاهل الحقيقه والاٍبتعاد عن رد الأسباب الى أصولها ورد أسباب الفشل الى عالم ماوراء السيطره الانسانيه حيث يتحكم الغيب وتنعدم الاراده الانسانيه مثل ان احد الاشخاص يسأل عن انه لم يوفق فى عمل فيقال له هذا بسبب عدم صلاتك .

ويسأل كمال أبو المجد عن أى عصر هذا الذى نعيشه ثم يجيب أما العصر فاٍنه عصر مدهش بكل المقاييس وأما أمتنا فاٍنها أمة المندهشين .

شعوب منطلقه للأمام متسابقه مشغوله بالغد والمستقبل ونحن هنا ننقب عن درر كامنه تركها الأولون .

أجيال هناك تحقق ثورات متعاقبه فى التقدم والتكنولوجيا ونحن هنا مشغولون بالنظر الى الماضى .

أمم تتسابق بالفعل والحركه والاٍبداع الى مواقع القياده ونحن هنا يهمنا اللفظ الأنيق وشعارات تصف أمورا غير عمليه

شعوب وامم تتقارب وتتلاقى رغم ما بينها من اٍختلاف ثقافه وتباين رأى وتفاوت مصلحه ونحن نبحث بكل قوه عن موضوعات للخلاف .

الحل

التحول بالفكر الدينى من مركزية الاٍنسان الى مركزيه الحياه الاٍنسانيه

بمعنى عدم نزع الاٍنسان والعالم الاٍنسانى من واقع الطبيعه .

والحاجه الى فهم جديد لله والانسانيه وللعالم والروحانيه

هل تنكر أن الشمس تعطى ضوءها للصالحين والطالحين

هو ده ربنا هو ده الله . الله يقبل كل الناس

فمن أنت كى تقبل هذا وترفض ذاك

- العوده من حلم السيطره الى قبول التعدديه

الحل مصر ................ الوطنيه

سوف نقبل الآخر لو كان هناك آخر وسوف نحل عقدنا ونرحم معتقداتنا . ونمارس حريتنا ونعيش حياتنا لو رجعنا لمصريتنا

ولنتذكر معا ثورة 1919

حاول الاحتلال الوقيعه بين المسلمين والمسيحيين فاٍجتاح الشعب تعصب وطنى

 ونسى الناس اٍنتمائاتهم الدينيه

 وحل الوطن و الوطنيه

 محل الاٍسلام والمسيحيه .

 هانى عزيز الجزيرى

منسق جبهة المليون مصرى

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.

0124744023

24305293

  


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com