في الذكرى السابعة لهجمات 11 سبتمبر

عبد الخالق حسين

 تحيي الولايات المتحدة ومعها العالم اليوم، الذكرى السابعة لهجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، التي أودت بحياة ثلاثة آلاف إنسان، إضافة إلى خسائر مادية تقدر بمئات المليارات من الدولارات.

وقد دفعت تلك الهجمات أمريكا إلى شن حرب ضروس على الإرهاب، كما دخلت في الحرب العالمية الثانية على اثر الغارات اليابانية على بيرل الهاربر وبغباء مفرط ودون أي مبرر، والتي أخرجت أمريكا من حيادها إلى دخول الحرب إلى جانب الحلفاء، والذي أدى إلى تدمير دول المحور وإنقاذ البشرية من شرورها.

وهذه حكمة من حكم التاريخ التي يصعب فهمها بسهولة، حيث يولد الخير من رحم الشر، إذ لولا غباء اليابنيين الذي دفع أمريكا لدخول الحرب العالمية الثانية لربما كانت البشرية مبتلية لحد اليوم بسيطرة دول المحور. وبنفس المنطق، لولا غباء قادة منظمة القاعدة الإرهابية لضرب البرجين في نيويورك والنتاغون في واشنطن، لربما كانت معظم الدول العربية هي الآن تحت سيطرة منظمة القاعدة بإمارة "أمير المؤمنين" أسامة بن لادن، والبشرية تعاني من شرورها.

والغريب أنه رغم اعتراف بن لادن، زعيم القاعدة الإرهابية، مراراً وتكراراً بمسؤولية منظمته بتخطيط وتنفيذ العملية، متباهياً ومعتبراً إياها واحدة من الغزوات الإسلامية الكبرى على "الكفار" إلا إنه مع كل هذا التأكيد من زعيم القاعدة، فمازال هناك من أصحاب نظرية المؤامرة من العرب، يصرون ويلحون على أن المخابرات الأمريكية (CIA)  والإسرائيلية (موساد) هي التي دبرت وقامت بهذه الهجمات من أجل اتخاذها ذريعة لقيام أمريكا "بشن حرب صليبية على الإسلام والمسلمين" على حد تعبيرهم.

وقد عرف بعض النصابين والمحتالين من الكتاب الغربيين عقلية العرب هذه، فدخلوا على الخط وألفوا كتباً ودبجوا مقالات تحاول تكريس نظرية المؤامرة هذه بسفسطة عقيمة تتقبلها العقليات العربية التي تربت وتغذت على هذه النظرية. وقد حقق هؤلاء النصابون أرباحاً طائلة من وراء ذلك.

ثم جاء الإنترنت وقام هؤلاء النصابون بنشر لقطات الفيديو على الـ (youtube) مع شروح عقيمة معقدة وإشارات بخطوط وأسهم إلى هذه الزاوية وتلك، لا تعني بمجملها أي شيء سوى بلبلة وتشويش فكر الإنسان العربي المشوش أصلاً، ليخرج هؤلاء بعقيدة لا تقبل الشك ولسان حالهم يقول: (هل شاهدتم الآن الحقيقة بالصوت والصورة، إنها من تدبير أمريكا، فهل يا عملاء أمريكا مازلتم تكذبوننا)).

المشكلة إن أصحاب نظرية المؤامرة، بإصرارهم على تبرئة القاعدة من الجريمة، يسيؤون إلى أنفسهم وإلى دينهم وإلى عقولهم، أكثر مما يسيؤون إلى أمريكا وإسرائيل، لأنهم بذلك ينكرون الحقائق الدامغة التي تثبت أن جماعة القاعدة هي التي قامت بالجريمة المروعة.

كذلك نرى هؤلاء، ومن باب التشفي، يقولون أن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش قد فشل في حربه على الإرهاب، لأنه فشل في إلقاء القبض على بن لادن، زعيم القاعدة. في الحقيقة هذا الادعاء باطل، لأن الرئيس بوش قد حقق نجاحاً كبيراً في إلحاق الهزيمة بالإرهاب، فإمارة طالبان في أفغانستان صارت خبراً من أخبار التاريخ، وأميرها (عمر محمد) فر بجلده على دراجة بخارية، وهو وبن لادين وغيرهما من زعماء القاعدة وطالبان فارين في كهوف تورابورا المظلمة.

وكذلك نظام البعث الصدامي الفاشي في العراق قد انتهى إلى غير رجعة، وتحرر الشعب العراقي من نظام القبور الجماعية، والحكومة العراقية المنتخبة تحقق اليوم نجاحات ملحوظة وبمساعدة قوات التحالف، في إلحاق الهزيمة بالإرهاب وتنظيف العراق من أدرانه.

أما عدم تمكن الجيش الأمريكي من إلقاء القبض على زعيم القاعدة، أسامة بن لادن فلا يدل على فشل الرئيس بوش في إداء مهمته في حربه على الإرهاب كما يتصور البعض، بل هو دليل على أن الحرب على الإرهاب عملية معقدة وطويلة الأمد لأنها حرب مع عدو شبحي غير مرئي، حرب مع عصابات انتحارية، ولأن الإرهاب هو مرض من أمراض العصر، تغذيه آيديولوجية متلبسة بلبوس الدين والنصوص المقدسة والوعود المعسولة بالجنة وحور العين.

وقد صرح الرئيس الأمريكي منذ البداية، أن هذه الحرب هي حرب طويلة الأمد، وقد تستغرق عشرات السنين. وفيما يخص عدم إلقاء القبض على بن لادن، إذ كما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، دانا بيرينو، "أن الولايات المتحدة نجحت في إلقاء القبض على عدد من قادة القاعدة وإحباط محاولات إقامة ملاذات آمنة لهم... وان الرئيس الامريكي المقبل، كما يسعى الرئيس الحالي جورج بوش، سيستمر في تعقب زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن الى ان يتم القاء القبض عليه".

واضافت الناطقة ان الحرب على الارهاب تتجاوز عمليات البحث عن بن لادن ومساعديه والولايات المتحدة ليست قوة خارقة لكنها " تتعاون مع حلفائها من اجل القبض على بن لادن وتقديمه للعدالة".

وهذا لا يعني أن المعركة قد انتهت بانتهاء دورة رئاسة بوش، فالحرب هي ليست حرب بوش وحده فقط، بل هي حرب كل العالم المتحضر على الإرهاب، وهي عملية ستستمر إلى أن يتم القضاء التام عليه. وهناك مؤشرات كثيرة تؤكد على نجاح هذه الحرب دون ريب.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com