رداً علي إستغاثة أهل قرية الطيبة

 

 

بقلم الدكتور منير داود

  
نشرنا حديثاً مقالنا بعنوان "كم قسي الظلم عليك ...... كم سعي الموت إليكِ "  واليوم نجد أنفسنا ملزمين بالرد علي إستغاثة الدكتورالمثلي لمساعدة أقباط مصر ،  وفي هذا المجال نفيد بأن أقباط المهجر  لوقا نادي والتي نشرت في موقع الأقباط الأحرار  تحت عنوان " رسالتى الى اقباط المهجر: ايه اللى عملتوه لينا؟ " وهنا نريد أن نلقي بعض الضوء علي ما قمنا به وما يجب أن نفعله تجاه هذه المواقف ، يجب أن ندرس نوعيات أقباط المهجر لكي نتوصل إلي الطريقة ينقسمون إلي فئات مختلفه . 
 

الفئة الأولي :- وهي تمثل العدد الأكبر الذي لا يتحرك من تلقاء نفسه بل ينتطر رأي رجال الكهنوت ،  فهم لم يفطموا بعد من مشكلة وضع كل أمورهم تحت تصرف الإكليرس ، وهم في هذا الوضع  لم يدركوا بعد أننا نخضع لكنائسنا روحياً أما في أمورنا الحياتية فنحن نتعامل مع المجتمع الذي نعيش فيه كمواطنين علينا واجبات ولنا حقوق نطالب بها ، وأهم هذه الحقوق أن نلزم الدول التي نعيش بها علي مساعدتنا لتحقيق مطالب أهلنا المحاصرين في مصر، ليتحقق الأمل الذي يسعي إليه جميع  نشطاء المهجر والهيئات القبطية بمواقعها وغرفها علي برامج البالتوك ، حيث أنهم يسعون جاهدين لتوعية هذه الأغلبية الصامتة وفي تشجيع وتشديد الركب المخلعة ، والتي تدعي التزامها بالإيمان المسيحي وتتخذ من السلبية عذراً في عدم المشاركة في نشاط المعنيين بالعمل القبطي  ، وهنا نذكرهم بأن السيد المسيح طلب من الآب قائلا " الذين أعطيتني إياهم لا أريد أن تأخذهم من العالم بل أن تحفطهم من الشرير الذي في العالم "  وهذا يعني أن المؤمن الحقيقي يجب أن يتعامل مع العالم في كل مطالب الحياه ،  وأهمها الحرية التي بدونها نصبح عبيداً للشيطان وللآخرين من أتباعه ، ومن هذه الفئة أيضاً من يطالبنا بالصلاة  فقط والإكتفاء بها وهنا نذكرهم  بالقول المأثور لقداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث "لا بصلاة هارون وحدها ولا بحرب يشوع بن نون وحده كان يحدث إنتصار بل بكليهما معاً" ،  فلا يجب لهؤلاء أن يتشدقوا بمعتقداتهم الخاطئة وتدينهم الناقص الذي يريدون أن يفرضوه علينا ، بل ومنهم من يقول أن الكتاب قد علمنا محبة الأعداء ولا يجب أن نتصرف إلا من منطلق هذه المحبة ، وفي هذا نقول : أن المحبة لا توجد مع الخوف ، والذين لا يطالبون بحقوقهم  - خشية الضرر بأهلهم- هم خائفون ، والمحبة التي يقول عنها الكتاب أنها تطرح الخوف إلي خارج غير موجودة في قلوبهم لأن الخوف قد حل محلها ، إذ يضع بولس الرسول الخائفين علي رأس القائمة التي لن تدخل ملكوت السموات , وهم في خوفهم أيضا يحاولون زرع الخوف في قلوب الضعفاء مدعين ومنذرين بالخطر الذي سيحدق بأقاربهم وذويهم لو تحركوا أو تحدثوا أو طالبوا بحقوقهم المسلوبة ، وهنا نقول لهم " ما يضر الشاة  بعد ذبحها أن تسلخ" , فماذا سيفعلون بهم أكثر من ذلك ؟ .  والكثير من هذه الفئة لهم مصالح مع الحكومة ، أبسطها إستجداء السلطات في المعاملات المميزه وتسهيل أمورهم في ذهابهم وإيابهم ،  فعندما يتحرر هؤلاء من تلك الأخطاء المسيطره علي عقولهم ستكون فاعلية أقباط المهجر أكثر بكثير مما هو عليه في هذه الآونة .#

الفئة الثانية :- وهي كثيرة إلي حد ما وهي تمارس سياسة "أن الأمر الذي لا يعنيني  لا أريد أن أتدخل فيه ، فأنا أريد أن أريح أعصابي وأتفرغ للحصول علي رزقي ", ولهؤلاء يجب أن نقول " ما أستحق أن يولد من عاش لنفسه فقط " فأنهم بجمع أموالهم وتكديسها  يذخّرون  لأنفسهم غضباَ في يوم الدينونة و نحن نقول لهم : عودوا إلي صوابكم وأعملوا في حقل خدمة إخوتكم قبل أن يباغتكم صوت الرب " يا غبي .. تلك التي أعدتها لمن تكون " .

الفئة الثالثة :- فهي فئة شبابنا الذين تأمركوا أو تتطبعوا بسلوك  الدول التي يعيشون فيها وهم بهذا لا يبالون بما يحدث لأباهم وأخوتهم في مصر ومنهم من يقول " أنا ميهمنيش مصر " ونخشي أن يكون تأثير مهدي عاكف الإخواني الغادر قد أصابهم بالعدوي وبمبادئه الهدامة , حيث قال " طظ في مصر وأبومصر واللي في مصر " , ونقول لهؤلاء الشباب : إن النبتة التي لا جذور لها تموت سريعاً من حرارة الشمس أو برودة الليل ،  وأنهم لو أستمروا في هذا الطريق فلن يكون لهم مستقبل ولن تستقيم لهم قامة ونصيحتنا لهم أن يعودوا إلي صوابهم وينفذوا تعاليم السيد المسيح  التي تنادي بأننا جميعاً أعضاء في الجسد الواحد ،  ولا يجب أن يتركوا أعضاء الجسد في مصر في معانتها وعدم القدرة علي الدفاع عن نفسها وليطبقوا كلام بولس الرسول "‘إذاً نسعي كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا " وليتمثلوا بالأقلية من إخوتهم الشباب الذين يعيشون في الطهارة في بلاد يسيطر علي أجوائها فساد الملذات والشهوات ، والذين صاروا بحق عطرا لرائحة المسيح الذكية , وأنطبق عليهم قول الكتاب أنهم "نورالعالم وملح الأرض"

الفئة الرابعة :- هي التي وضع الله في قلوبهم الكفاح والعمل في سبيل تحقيق الأمن والمساواة لإخوتهم في مصر،  وهذه هي الفئة الشجاعة الباسلة الغيورة التي طرحت المحبة من قلوبهم الخوف إلي خارج ، وهم في محبتهم هذه يضحون بالنفس والنفيس ، ولا بيالون بما يحدث لهم حيث قد تشبهوا و أحتذوا بأبطال الإيمان الذين تحدث عنهم بولس الرسول  في رسالته إلي العبرانيين .

وهذه الفئة تنقسم بدورها  إلي عدة نوعيات:·       

فمنهم  من يتشجع وقتياً ويتأثر بالأحداث وينفعل بها ويطالب العاملين بالدفاع عن حقوق الأقباط أن يتحركوا ،  ويعمل معهم في هذا المضمار بكل حماس ،  ثم يتأثر بطول أناة رجال الكهنوت وتأخرهم في الأستجابة - وربما بعدم أستجابتهم -  للأحداث الشائكة ،  ثم يتذرع بسلوك رجال الكهنوت ويمتنع عن المشاركة بعد أن ينطفئ لهيب ثورته  ويصبح ضمن الأغلبية الصامتة ، إلي أن تحدث مصيبة أخري فيتحرك قلبه من جديد وتعم الثورة نفسه ، فيعود مطالبا ومنضما للمكافحين ، وسلوك هذه النوعية نجده  ممثلاً في الزرع الذي نبت في تربة جيدة ولكن عمقها صخري  ، مما يجعلها تفقد نموها و حماسها بالتأثيرات الطبيعية ،  متمثلة في تخاذل من كانوا من المفترض أن يقودوا العمل   .

·        وهناك نوع أخر تتغلب عليه الظروف المادية والحياتية وتبعده تدريجياً عن المشاركة الفعالة ثم يستمرئ العزلة عن المشاركة في العمل وهو بهذه الطريقة  ينضم إلي الأغلبية الصامتة التي لا تتحرك إلا بأوامر من رجال الأكليروس .

·        كما أن هناك مجموعة من المكافحين تعمل في أوقات الأزمة ثم ينتابهم فترات من التوقف والأسترخاء  عندما تهدأ الأمور نوعيا ً.

·         أما ألنوع الأخير فهم الذين يعملون  ليلاً ونهاراً ،  فهم يقومون بالعمل المنظم سواء كان هناك أحداث دامية أو أحداث أقل عنفاً أو حتي لو توقفت الأحداث لفترة قليلة  ، وهؤلاء هم الذين ينطبق عليهم قول الكتاب  "غيرة بيتك أكلتني " وهم يعملون بالقضية القبطية تحت أي ظرف , ويفكرون بها حتي في نومهم، وهؤلاء هم المخلصون حقاً لعمل الرب ، فهم يؤدون كل أعماله  بأيادٍ  لا تعرف الأرتخاء ، ولا يأبهون بتحذيرات من يحاولون إسكاتهم وينصحونهم فقط  بتوبتهم والذين يظنون أن الحقوقيين يجب أن يكونوا خانعين حتي يظهروا توبتهم لرجال الدين - الذين يخطئون فهم التوبة -  وهنا نود أن نوضح أن التوبة الحقيقية لا يمكن أن توجد في قلب خائف لأن التوبة هي في مخافة الله فقط  ، أما هؤلاء المتخاذلون فأن توبتهم ناقصة أو غير موجودة والدليل علي ذلك الشهيد العظيم مارجرجس الروماني (فمَن مِن هؤلاء ممن يدعون القداسة في العصر الحاضر) أكثر توبة أو أقدس من مارجرجس الذي مزق منشور الأمبراطور؟.  ومن منهم أكثر توبة أو أقدس من الثلاث فتية  أو من دانيال النبي  ؟ .

وهل يتنافي وجود الشجاعة مع التوبة في قلب واحد ؟ و هنا تسألني ما علاقة ماذكر بالرد علي إستغاثة أهالي الطيبة ؟ .

والجواب علي ذلك أنة إذا أردنا العلاج الناجح وتقديم الغوث لأهالي الطيبة  وكل أهالينا في مصر ، فلابد من إستئصال أورام التخاذل و الإستكانة والتلذذ بالذل ،  الذي يصور لنا أن الأضطهاد هو الطريق الوحيد لدخول ملكوت السموات ،  فكان من الواجب أن يحركوا ضمائر شعوبنا - بدلا من المخدرات المكثفة التي يبثونها في عقولهم   بتعاليمهم الخاطئة -  

حتي يفيق هذا الشعب من غيبوبتة الطويلة ، ويتفاعل مع الأحداث بقوة جبارة حتي يتجدد مثل النسر شبابه. وهنا نود أن نذكرهم بقول الشاعر أبو القاسم الشابي :       

إذا الشّعْبُ  يَوْمَاً  أرَادَ   الْحَيَـاةَ       فَلا  بُدَّ  أنْ  يَسْتَجِيبَ   القَـدَر      وَلا بُـدَّ  لِلَّيـــــــْلِ أنْ  يــــــَنْجَلِــي      وَلا  بُدَّ  للقَـــيْدِ  أَنْ   يَـنْكـَسِـر 

إخوتي وإخواتي : إن العلاج الحقيقي يبدأ بعد تشخيص المرض عندئذ يكون العلاج ناجعاً , لذلك يجب أن نلغي من الكيان القبطي كل السلبيات المذكورة كي نقدم دواءاً شافياً حتي ولو كان مراً .وأن أردتم أحبائي أن تعرفوا ما قمنا به , فأننا نطمـأنكم بأننا قد أوصلنا المشكلة إلي كل المعنيين وننتظر التحرك السريع  ولقد كان لتكاتف وترابط قادة أقباط المهجر الدور الفعال في قبول الطعن الذي قدموه بشأن القس متاؤس عباس وهبة والذي قام بتقديمه نيابه عن أقباط المهجر والداخل سيادة المستشار الدكتور نجيب جبرائيل ، الأمر الذي وافق عليه سيادة النائب العام بعد أن رفض من القضاء ، وبهذا وضع جناب القس متاؤس في مكان لائق - بسجن طرة - وإرتدي الزي الكهنوتي بعد خلعه ملابس السجن ، وسُمح له بالزيارة من عائلتة وأحبائه وسيادة المستشار نجيب ، وسيقوم بزيارته سيادة المستشار ممدوح نخلة الخميس الموافق 23 الجاري ، كما سمح له بدخول الطعام من الخارج .

ومن ناحية أخري  سيصدر الرئيس مبارك قراره قريباً بمعاملة أطفال مصر بالتساوي بين المسيحين والمسلمين في شأن حضانة الأطفال ، وكان ذلك بناءً علي المطالبات المكثفة من قادة أقباط المهجر والإلتماس المقدم للسيدة سوزان مبارك ، وقد أعلمتنا الدكتورة  مشيرة خطاب بموافقة الرئيس مبارك علي المذكرة التي تطالب بالمساواة  .هذا وما يجب أن نقوم به الآن هو عمل مؤتمر صحفي عالمي – في نيويورك وواشنطن -  تتبعه مسيرات أمام الأمم المتحدة والبيت الأبيض وكل المنظمات الحقوقية والبرلمانات الأوربية في عواصم العالم الحر،و السفارات المصرية في كل عواصم العالم ونحن نأمل أن يفك حصار أهالي قرية الطيبة قبل أن يعرف العالم كله المأساة التي يعيشونها  !وإن كانت الحكومة المصرية لا تريدنا أن نتمادي في أحراجها  وكشف مؤامراتها للعالم كله ،فعليها تصحيح الأمور علي المائدة المصرية – التي يتشدقون بها دائما – بدلا من  حلها عن طريق محاكم العدل والمحافل الدولية ، وهذا ما نأمله .

وللحكومة المصرية أقول :  كفاكم  أستعبادا لهذا  الشعب المسكين ، وإختلاق الفتن والمنازعات بين أشقائه في محاولاتكم المستميتة للبقاء في الحكم ، ولماذا تطبقون المبدأ الأستعماري " فرق تسد " ؟   وللشعب المصري بمسلمية ومسيحية أقول : تكاتفوا ولا تنخدعوا بالمؤامرات المغرضة التي تدبرها الحكومة لتلهيكم بخلق النزاع بينكم لتطول مدة أستعبادها لكم  .

ولأقباط المهجر أقول : قفوا صفاً واحداً واعملوا معاً أيها القادة الشرفاء حتي يكون النصر حليفكم  ، أما أصحاب الركب المخلعة والمتخاذلين فأقول لهم : أفيقوا قبل أن يأتيكم يوم لا ينفع فية الندم  و قبل أن يتم فيكم المثل القائل

" أُكلت يوم أُكل الفرس الأسود"  ،

وأرجو ألا تتباطؤا في الوحدة  حتي لا ينطبق عليكم قول الشاعر :

                                          وكنت أمرتكم  أمري بمنعرج اللوا              فلم تستبينوا النصح إلا ضحي الغد  

والله بفك كرب المأسورين ويعيد لمصر المحبة التي عاش فيها وبها –من قبل - كل المسيحيين والمسلمين .ولأهالي الطيبة أقول  : أنتظروا الدواء قريباً                  


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com