هاني مراد يكتب: موقف المسيحيين من ثورة 25 يناير

هاني مراد يكتب: موقف المسيحيين من ثورة 25 يناير 

 

ما هو موقف المسيحيين من ثورة 25 يناير ؟ الكثيرون يتهمون المسيحيين بأنهم ضد ثورة يناير وانهم فلول فى غالبيتهم والحقيقة ان هذه احد التهم الجاهزة من قبل النظام الحاكم الأن والتى سيستخدمها لتشويه اى طرف يعارضة تماماً كما كان يفعل النظام السابق. علينا ان نعترف اننا كمسيحيين فى مصر تعودنا مخاطبة السلطة الحاكمة ولم نتعود أن نخاطب شركائنا المصريين فى الوطن وآن الأوان أن تتحول خطابتنا من أسفل لأعلى لأن تكون على مستوى واحد وهو شركاء الوطن من المصريين العاديين الذين نكون معهم نسيج الوطن الواحد. لكى تكون الأمور واضحة أمامنا نحن المسيحيين قبل أن تكون واضحة أمام باقى المصريين علينا أن نعترف بالأتى : -ماذا كانت حالة المسيحيين فى عهد النظام السابق ؟ وأنا هنا لست مطلقاً بصدد مقارنة حالة المسيحيين أيام مبارك بحالتهم التى بالطبع تدهورت للأسوأ فى ظل حكم الإخوان المسلمين...

سأحاول إيجاز مشاكل الأقباط (مسيحيي مصر ) المزمنة والتى لم تتغير بعد ثورة يناير فى نقطتين رئيسيتين : 1-الحرية الدينية تتمثل فى: نظرة واحدة على ترسانة القوانين والموافقات اللازمة لإستخراج ترخيص كنيسة فى مصر تظهر ما يتمتع به المسيحيون من تمييز ومقاومة من الدولة فى أبسط حقوقهم..
ناهيك عن الضغوط التى يتعرض لها المسيحيون خاصة من الطبقات الفقيرة للتحول للإسلام. الى خطف الفتيات القاصرات واغتصابهن وتزويجهن بالإجبار لمسلمين حسب نظام ممنهج لإذلال وإهانة عائلتهم ومحاولة وضع المجتمع المسيحى كله فى حالة خزى وعار ..

الهجوم على المسيحيين وعلى عقيدتهم ومحاولة تحقير كل منهما فى المساجد ووسائل الإعلام ومناهج التعليم وانتقال ذلك إلى الحياة اليومية بين المواطنين..

أما عن الظلم الذى تعرض له المسيحيون فى مصر فهو يتمثل اساساً فى إنتهاك المادة الأولى من الدستور والتى تنص على أن جميع المصريين متساوون أمام الدولة والقانون بصرف النظر عن كونهم مسلمين أو مسيحيين وهذا طبعاً غير موجود فى الواقع , بدءا من التمييز ضد المسيحيين فى مسألة بناء الكنائس حيث لا يخضع المسلمون لنفس الشروط فى بناء مساجدهم. والتمييز فى الوظائف العليا والتمثيل المسيحى فى البرلمان وحرمان أى مسيحى من الإلتحاق ببعض القطاعات فى الدولة مروراً بعمليات التهجير الجماعى لعائلات مسيحية بأكملها والإعتداء على الأقباط وممتلكاتهم بصورة منهجية وعدم محاسبة الجانى وفى كثير من الأحيان تتم معاقبة الضحية وإنتهاء الأمر بجلسة عرفية يتم فيها مساوأة الجانى بالمجنى عليه. هذان هما الشيئان اللذان يبحث عنهما الأقباط : الحرية والعدالة ولكن ليست الحرية على طريقة خيرت الشاطر من سحل للمتظاهرين السلميين بالإتحادية ولا عدالة من حاصروا المحكمة الدستورية العليا وعطلوا أعمالها وأنتهكوا إستقلال القضاء.
بقى أن نفهم أن النظام السابق كان نظاماً فاسداً مستبداً, فسرق أموال المصريين وعطل الحياة السياسية وضيق على الحريات ليبقى فى الحكم للأبد. هذا النظام فعل مع الإخوان ما تفعله الداخلية مع البلطجية, فأمام الناس وحسب الظاهر كانت الداخلية منوطة بحماية الأهالى والمواطنين من البلطجية الذين يكدرون الأمن ولكن الحقيقة التى أدركها المصريون بعد الثورة أن الداخلية كانت تستخدم هؤلاء البلطجية عند اللزوم لتنفيذ اهدافها وأهداف النظام السياسى أنذاك : هكذا إستخدم النظام السابق الإخوان المسلمين كفزاعة فى الداخل وفى الخارج ليؤكد للجميع أن بديله سيكون كبوساً كارثياً. ولكن النظام السابق هو من ساعد هؤلاء ليكونوا من هم عليه اليوم : التيار الإسلامى هو التيار الوحيد الذى سمح له النظام السابق طوال أكثر من ثلاثة عقود بممارسة العمل العام والسياسى ..
فإزدادت قوتهم وإنتشروا فى كل مكان و حققوا نفوذاً وشعبية, وبقدر ما كان النظام السابق يستبد ويفسد بقدر ما كان التيار الإسلامى يقدم نفسه للشعب المصرى المسكين على أنه البديل والمنقذ, فكان النظام السابق سبباً مباشراً فى إزدياد نفوذ هذا التيار وإزدياد شعبيته. كان جميع المصريون يكتوون من ظلم وفساد وإستبداد نظام مبارك بما فيهم المسيحيين وفى العاميين الأخيريين من حكم مبارك إزدادت حدة الإعتداءات على الأقباط ( حادثة نجع حمادى فى ليلة عيد ميلاد 2010 – إعتداء الأمن المركزى الوحشى على أقباط كنيسة العمرانية ووقف بناء الكنيسة – حادثة كنيسة القديسين ليلة رأس السنة 2012 والتى راح ضحيتها عشرات من المصلين الذين لم يكد يأتى ذكرى الأربعين لإستشهادهم حتى كانت نهاية نظام مبارك ).
لا يوجد مسيحى على أرض مصر لم يكن يئن من نظام مبارك وظلمه للمصريين عموما وللمسيحيين خصوصاً. وإن جاء نظام فى مصر أسواء من نظام مبارك فلن نقول أبداً على الشر خير ولا على الظلمة نوراً..فالنظام الحالى أكثر استبداداً بما لا يقاس وهو بكل المقاييس نظام ظالم و فاشل وسيسقط كما سقط من كان قبله. على المسيحيين أن يفهموا بأن الحرية والعدل لن يتحققا إلا بإتحاد جميع المصريين معاً لتحقيق حلم الدولة المدنية الحديثة التى نساهم فيها كلنا معاً لبناء وطن واحد غير منقسم نعيش جميعاً بداخلة متساويين فى الحقوق و الواجبات لا تمييز فيه لمسلم عن مسيحى.
إن حركة التاريخ لا يمكنها الرجوع للوراء. تجربة الإخوان الفاشلة لن تستمر و ستسقط لأنها ضد حركة التاريخ ولأن الشعب المصرى الذى ثار ضد الإستبداد لن يسمح أن يحكمه فرعون جديد. الثورة مستمرة وعلى المسيحيين أن يكونوا يداً واحدة مع باقى المصريين الرافضيين للإستبداد و الظلم والمطالبين بالعيش والحرية والعدالة الإجتماعية. لأننا لن نسترجع حقوقنا المسلوبة كمسيحيين إن لم نسترد حقوقنا المسلوبة جميعاً كمصريين...
لقد تخلصنا من نظام فاسد هو السبب فى كل ما نحن فيه الآن و سوف نتخلص من كل ما نحن فيه
فمصر لن ترجع للخلف بل سوف تتقدم نحو مستقبلها العظيم

© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com