الغرب والأقباط و مصر

بقلم هانى مراد 

 

يتسأل الجميع عن سر دفاع الغرب المستميت عن الأخوان المسلمين؟في الغرب يقولون لشعوبهم أنهم يقفون ضد الديكتاتورية والحكم العسكري. وأن مبادئ وقيم الغرب كانت دائماً وأبداً تقف مع الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.ويقولون لهم أيضاً أنهم يدافعون عن حكم مدني منتخب بطريقة ديمقراطية، ويقفون مع مجموعة من حقها أن تطالب بحقها في المشاركة في العملية السياسية دون إقصائها، فهذا حقهم الطبيعي في الحياة والمشاركة في صنع مستقبل بلادهم. في مصر الصورة أكثر عجباً وتعقيداً.

لأن الإعلاميون في مصر متلامسين مع حقيقة الأمر الواقع؛ فلا يمكن خداعهم بهذا الكلام. ولا يفهم المصريون كيف يقف الغرب مع الإرهاب المسلح ضد إرادة شعب مسالم.

الأقرب للحقيقة في تصوريأن الغرب قد أنهكته الحروب مع التيار الديني، مجموعات الإسلام الجهادي، وبدأ يشعر أنه لا جدوى في كسب هذه الحرب. وخاصة أن هذه الجماعات إستطاعت على ما يبدو إقناع الغرب أن جميع الشعوب الإسلامية، والتي تمثل فوق المليار نسمة حول العالم، يتعاطفون مع توجهاتهم.والأخطر بالنسبة للدول الغربية هو وجود جاليات إسلامية كبيرة على أراضيهم، يقوم بعض أفرادها من وقت لآخر بعمليات عنيفة يروح ضحيتها الكثير من الأبرياء. 

ولأن الغرب لم يعرف كيف يتعامل مع هذه الجماعات بشكل فعال، قال بعض العباقرة من الخبراء الإستراتيجيين في إداراته المختلفة بإمكانية عقد صفقات مع أكبر تنظيم(الاخوان المسلمين) لجميع هذه الجماعات مبني على تبادل المصالح ليأمنوا بذلك شر إرهابهم ويحققوا مصالحهم في الشرق الأوسط مع التعهد منهم بالحفاظ على أمن إسرائيل. 

لقد عقدت الولايات المتحدة تحديداً إتفاقات إستراتيجية مع جماعة الإخوان المسلمين لضمان نفوذها بالمنطقة ولأن وجود دور لهذا التيار يضمن وجود صراعات دائمة داخل دول الشرق الأوسط, رغم أنهم يعلمون أنها جماعات لا تؤمن بالديمقراطية أو الحرية، وإنها جماعة دينية فاشية لا تؤمن بحقوق المرأة أو حقوق أي أقليات دينية أخرى، وأنها تحارب الحريات العامة والفن، كما أنها ترتبط بعلاقة تاريخية بجميع الجماعات الإرهابية الجهادية وعلى رأسها حماس والقاعدة. وأن كل هذا يتعارض مع أبسط المبادئ التي قامت عليها الحضارة الغربية من إحترام للحقوق والحريات. إلا أن الغرب فضل أن يعقد صفقة مع هذه الجماعات الفاشية. 

فأين غرب أوباما  الذي يدافع عن حقوق إعتصام مسلح يعذب ويقتل المدنيين الأبرياء ويحرق الكنائس ويحرض على حرب أهلية في مدن وشوارع مصر من زعامات الغرب وقت الحرب العالمية الثانية؟

أين زعماء الحلفاء الذين تصدوا للفاشية والنازية أثناء الحرب العالمية الثانية ليحرروا أوروبا والعالم من كابوسهم؟ 

أقول بكل أسف لقد ساوم الغرب على مبادئه حفاظاً على مصالحه وخوفاً من الإرهاب.ولكن الذي لا يفهمه الغرب أن الإرهاب ينهار اليوم أمام المصريين، وما حققه المصريون بإرادتهم ووعيهم ورفضهم لكل ما يمثله الأخوان المسلمين من خطر على مصر والحياة والحرية والبشرية كلها هو إنتصار للغرب، كان يجب أن يقفوا يدافعون عنه لا أن يقفوا ضده ويحاولون إفشاله.

سيظل التاريخ يلاحق كل المشاركين في هذا العار من دعم للتطرف والإرهاب والفاشية الدينية مقابل شعب أراد الحرية والخلاص من هذا الكابوس. 

الأقباط

نقطة عجيبة أخرى مثيرة للحيرة هي موقف الأقباط من الإعتداءات عليهم وحرق كنائسهم.

نقول مرة أخرى للغرب إن المتورطين في حرق كنائسنا وإرهاب الأقباط في مصر هم حلفائكم  المسالمين من الإخوان المسلمين وليست الحكومة الإنتقالية التي خرج 33 مليون شخص ليأتوا بها إلى الحكم من ضمنهم الأقباط.المسيحيون في مصر يعرفون جيداً من تعاليم الإنجيل أن لكل شيء في الحياة ثمن، وأن ثمن خلاص الإنسان الأبدي كلف المسيح حياته على الصليب.لأنه ليس اسم آخر قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص إلا اسم يسوع المسيح.

وقد دفعت الكنيسة منذ مهدها أرواح أبنائها بسرور وهو تؤمن أن دماء الشهداء هي بذار الكنيسة. وأن الكنائس المحروقة هي ثمن إكتشاف حقيقة وطنية المسيحيين وحبهم لبلادهم في أعين أخوتهم المسلمين وتحقيق مصالحة عميقة بين ابناء الشعب العاديين وليس فقط على مستوى القيادات فهو ثمن مقبول جدا لنا.فما بالك إن كان سيعتق جميع المصريين من القهر والإقصاء وكبت الحريات وإذلال النساء وتهميش كل من هو ليس أخوان والرجوع بمصر لغياهب العصور الحجرية.

المسيحيون في مصر أيها الغرب المتهاون يفخر بأن يضحي ويشارك في دفع فاتورة خلاص الوطن وإستعادة كرامته


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com