ثورة 30 يونيو.. . بين أخطار الإرهاب وأوهام المصالحة!

على السلمى

 على السلمى

مهما كانت جرائم «الجماعة الإرهابية»، والتى دعت النقراشى باشا عام 1948ومجلس قيادة الثورة، برئاسة عبدالناصر، عام 1954، إلى حلها، فإنها لم تبلغ ما وصلت إليه حالة الإرهاب والعنف الممنهج الذى تمارسه تلك «الجماعة الإرهابية»، منذ الثالث من يوليو وحتى اليوم، ضد مصر وشعبها وجيشها وشرطتها، مستعينة بحلفائها الإرهابيين والتكفيريين وعناصر «حماس» و«القاعدة»!

لقد أصبح المصريون يواجهون حالة حرب حقيقية، ما بين تفجيرات سيارات مفخخة وألغام مزروعة فى مدن سيناء وقنابل تلقى على مدرعات وأكمنة الجيش والشرطة فى كل الأنحاء، وصواريخ أر بى جى، تطلق على أقسام الشرطة ومنشآت مدنية حيوية، ومسيرات دموية تسيّرها «الجماعة الإرهابية» وعناصرها، لكى تعُمل القتل وتشيع الفوضى وتنثر الدماء الطاهرة لمصريين أبرياء، كل جريرتهم أنهم أحبوا وطنهم وخرجوا يدفعون التدمير والقتل عن ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة وعن مواطنيهم!

ورغم التزام القوات المسلحة والشرطة بأقصى درجات ضبط النفس فى مواجهة موجات الإرهاب والعنف، ومع تواضع مواقف الحكومة فى مواجهة إرهاب وعنف أعضاء وأنصار وحلفاء «الجماعة الإرهابية» وتباطئها فى تفعيل قانون الطوارئ والضرب بيد من حديد على كل الخارجين عن القانون من المحرضين على تدمير الوطن، فإن تلك الجماعة التى حظر القضاء أنشتطها، لا تكف عن تهديد الأمن الوطنى وتكدير السلام المجتمعى، متخذة الجامعات ميداناً للاقتتال بين الطلاب، بهدف إفساد العملية التعليمية فى مختلف جامعات مصر وضاربة عرض الحائط بكل قيم الوطنية، ناهيك عن القيم الإسلامية الحقة التى تدعو إلى الاعتصام بحبل الله واجتناب الفرقة وتشتيت القوى وإهدار الدماء!

ويبلغ إرهاب الجماعة وتنظيمها الدولى قمته بمحاولات الاستقواء بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى واستعداء الإعلام الغربى ضد ثورة الشعب فى 30 يونيو، واستجابة القوات المسلحة لمطالب الثوار بعزل محمد مرسى وإنهاء حكم الاستبداد والتمكين والأخونة الذى مارسته الجماعة، غير عابئة سوى برغبتها الجامحة فى السيطرة على مفاصل الدولة المصرية لتحويلها إلى «إمارة» ضمن دولة الخلافة الإخوانية!

وبالتوازى مع الهجمة الإرهابية التى تشنها «الجماعة الإرهابية» تدفقت على مصر موجات من «وسطاء السوء»، من أمريكا والاتحاد الأوروبى وقطر، فى محاولات مستميتة للعودة بالزمن إلى ما قبل 30 يونيو، وإفراغ ثورة الشعب من مضمونها، تارة بالترغيب فى نيل رضا الغرب وتارات أخرى بالتهديد والوعيد بقطع المعونات عن مصر وإنذار القائمين على حكم البلاد الآن بمغبة إقصاء «الجماعة الإرهابية» عن المشاركة فى الحياة السياسية!

ثم حين تبين لوسطاء السوء الأجانب صلابة موقف الشعب فى رفض كل تلك الممارسات القمعية وما أدى إليه ذلك الرفض الشعبى من تقوية موقف الدولة واتخاذها مواقف تؤكد استقلال القرار الوطنى، بدأت موجات الوساطة الدولية فى الانحسار وتغيرت نظرة كثير من الدول إلى مصر، بالاعتراف بأن ما حدث فيها هو ثورة شعبية بامتياز، ناصرها الجيش بوازع وطنى خالص!

ولم يتبق لجماعة الإرهاب سوى تشغيل عناصر من «خلاياها النائمة» لإشغال الوطن وإلهاء الشعب عن قضاياه الجوهرية وتثبيط همته فى إنجاز «خارطة الطريق»، وذلك بتقديم «مبادرات» لما أطلقوا عليه «حل الأزمة»! فرأينا أولى تلك المبادرات يطرحها رئيس الوزراء هشام قنديل المعزول مع رئيسه، ومبادرة ثانية أعلن عنها محمد سليم العوا، وثالثة نسبت إلى حزب النور السلفى. وكان رد الفعل الشعبى من ثوار 30 يونيو هو رفض جميع تلك المحاولات الهزلية. ومن سوء الحظ أن الحكومة قد شاركت فى هذا الهزل، بطرحها مبادرة تحت عنوان «برنامج حماية المسار الديمقراطى»، لم يكن مصيرها بأفضل من غيرها، حيث رفضها الشعب والقوى السياسية ولم تعد الحكومة تتحدث عنها.

وأخيراً بشرنا «المفكر الإسلامى» بخبر تطوعه لحل «الأزمة» وأنه التقى ممثلين من قيادات «الجماعة الإرهابية» الذين هم خارج السجن، وأنه يحمل فى جيبه ورقة تتضمن عناصر تفكيك «الأزمة»، وأنه فى انتظار الموافقة الرسمية للجماعة حتى يتولى عرض تلك المقترحات على «القيادة السياسية». وبغض النظر عن مضمون تلك المقترحات التى لم يعرها الشعب اهتماما، فلم نفاجأ ببيان أصدره محمد على بشر، القيادى بالجماعة وأحد من التقاهم د. أبوالمجد، ينفى تلك المبادرة، ويعلن رفض «الجماعة الإرهابية» لأى مبادرات لا تتضمن عودة مرسى وكذا دستور 2012!!!

وبغض النظر عن البيان الصادر عن د. أبوالمجد، الذى يقول فيه «إنه ينتظر رداً رسمياً من جانب جماعة الإخوان المسلمين على موقفها من المبادرة المطروحة من جانبه للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، والتى التقى بشأنها عدداً من قيادات الجماعة منذ أيام لتحديد موقفها منها، بصدق وصراحة وترفع بعيداً عن كل صور المناورة»، وأضاف «أن المهلة التى منحها لجماعة الإخوان المسلمين لبلورة كل مطالبها بشكل واضح «دون مراوغة أو مناورة» ستنتهى بعد يومين، لنقلها إلى الطرف الآخر المتمثل فى السلطة الرسمية، مشيراً إلى أن المهلة كانت 5 أيام للرجوع لقياداته المُخوّلة بإصدار القرارات فى «جماعته المحيرة»، على حد تعبيره، مشيراً إلى «ضرورة استئناف حوار وطنى جاد حول ما ينبغى أن تلتزم به جميع القوى الوطنية فى المرحلة الانتقالية».

وهذه «المبادرة» المرفوضة شعبياً والتى لفظتها «الجماعة الإرهابية» تثير لدينا ثلاثة أسئلة؛ الأول، من الذى فوًض د. أبوالمجد بطرح مبادرته؟ والثانى، ألم يعلم د. أبوالمجد أن «خارطة المستقبل» التى ارتضاها الشعب يجرى تنفيذها ومن ثم لا معنى لحوار جديد؟ والثالث، هل ما يزال د. أبوالمجد على رأيه الذى أعلنه فى حواره مع جريدة «الوطن» فى الأسبوع الأول من فبراير الماضى أى أثناء وجود مرسى فى الرئاسة، «أقول لمن ينادى بسقوط شرعية مرسى اسكت يا حمار وروح لأمك»، «ولا يوجد أعبط ولا أهبل ولا أجن من شعب مصر»!!

ولله الأمر من قبل ومن بعد!


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com