ما جرى كوم اللوفى!!
يرسم الدكتور حامد عبدالله بطب القاهرة صورة قلمية لما جرى فى قرية «كوم اللوفى» جديرة بالتأمل من طبيب يشخّص المرض الطائفى تشخيصاً دقيقاً. نصاً يقول:
مقالات متعلقة
خرطوش الملك خوفو!!
صمت القبور..
كان فيه بلد اسمها مصر!!!
مجموعة من البلطجية غفيرة، تميزهم الجلابيب القصيرة، كالثعابين يزحفون وهم غاضبون وثائرون، ليس من أجل ألا يجدوا ما يأكلون، ولا من أجل أنهم من مخلفاتهم يشربون، ولا من أجل أطفال لهم لا يتعلمون، ولا يعالجون، ولا حتى يحيون، ولكن لرجم وحرق آمنين يصلون!!!
* المكان (قرية كوم اللوفى) بمحافظة المنيا، والتى حاول فيها أهلها (المصريون) بكل براءة أو سذاجة للأسف أن يأخذوا تصريحاً لبناء كنيسة، ففشلوا طبعاً بكل بساطة!! فحاولوا إقامة صلواتهم التى قد تخفف من أحزانهم على شهدائهم داخل أحد بيوتهم، فحدث كالعادة رجمهم وحرقهم، فصدقت نبوءة الإنجيل أنه سيأتى يوم يتقرب فيه إلى الله أحدهم بقتلهم!!
* اكتمل السيناريو المخزى المتكرر بصمت مريب من كل أجهزة الدولة كالعادة مع القبض على بعض (المتورطين) من المسلمين الذين يعتدون، والمسيحيين الذين يصلون!! وأعقب ذلك اجتماعات بتسميات مختلفات وبنتائج متشابهات من عينة (بيت العيلة.. العقلاء.. الحكماء.. إلخ) فقد أسفرت عن منع الصلاة فى البيوت، وتحديد أمكنة بعيدة تعجيزية لبناء الكنيسة، وشروط بنائها أن تكون من دور واحد فقط وليس لها منارة أو صليب وتكون للصلاة فقط بدون أى أنشطة أخرى، وعذراً لعدم وضع علامات للتعجب لأنها قد تنفد ولا تنفد شروط بناء الكنائس فى مصرنا المنكوبة.
* استكمالاً للسيناريو المخزى، سنجد المعدين والمعدات فى برامج الحرائق والمكلمات يرقصون طرباً ويحنون شوقاً ويهجمون طلباً للضيوف والضيفات الذين سينحصرون فى ما هو آت:
مسؤول تنفيذى يخفى تعصبه والله مبديه من عينة: إنه سينفذ القانون ولكن مع مراعاة (الخصوصية) و(مشاعر المسلمين) التى قد تؤذى من الصليب لا مؤاخذة! وهذه ليست من عندى بل حدثت فعلاً من محافظ سابق!
أحد المشايخ أو السلفيين (الذين تستخدمهم الدولة بكل غباء كبديل للإخوان المجرمين كمن يستبدل العقرب بالثعبان) وسيبدأ بديباجة ركيكة من أنه (نصارى مصر) فى أعيننا وسنأخذ بالنا منهم (وكأنهم ضيوف أذلاء عند السيدة والدته وليسوا مواطنين) ولكن كله بشرع الله!! وشرع الله عندهم وفى مناهجهم ومناهج الأزهر (واسألوا إمامهم ابن القيم) ألا تبنى فى دار الإسلام كنيسة وإذا هدمت بفعل الزمن لا يعاد بناؤها ولا يدق فيها ناقوس (جرس لامؤاخذة) ولا يرفع عليها صليب ولا يجهرون بشعائرهم، وأن (يزنق )المسلم المسيحى إلى أضيق الطريق كما ضيق عليه عيشته كلها!!
* هذه هى نتائج (المادة الثانية) التى لا تمت للإسلام، والتى وضعها السادات الراعى الأول للإخوان لتأبيد حكمه، فكان أن قتله باسمها إخوان الشيطان!
إن هذه المادة فى دستور الدولة، بالإضافة إلى تعصب وتحيز أجهزة الدولة والانبطاح أمام السلفيين الدواعش ونقود الوهابية السعودية من قبل الدولة يقتلون تماماً أى أمل فى مصرية الدولة، ويحولون مصر إلى إمارة داعشية لا دولة!
* إن مصر التى عرفت الدولة الوطنية الموحدة من عهد (مينا) قبل العالم بآلاف السنين وبشّرت بالعدل والقانون من عهد الآلهة (ماعت) آلهة العدل قبل الإسلام والمسيحية بآلاف السنين أيضا توشك أن تفقد كل ذلك بانبطاحها أمام أموال البدو ووهابيتهم وتعصبهم وقبليتهم التى طالت حتى بعض مشايخ الأزهر وتوشك أن تنحدر بها فى نفق مظلم خطير يحكمها فيه العرف بدلاً من العدل والبلطجة باسم الدين بدلا من القوانين والتعصب الدينى بدلاً من الانتماء الوطنى.
لقد حانت لحظة الحقيقة وإجابة الدولة الصريحة عن السؤال: هل المسيحى مواطن مصرى أم ذمى يخضع لبلطجة وريالات اللحية والعقال؟! فإذا كانت الأولى فيجب فرضها من الدولة بالأفعال قبل الأقوال! أما إذا كانت الأخرى فسيلوح فى الأفق كابوس التقسيم والانفصال! وحينها أخشى أن نبكى كالنساء على وطن لم نحافظ عليه كالرجال!