بقلم هانى مراد
الحمد لله علي نعمة الْكُفْر
بدأنا تلقي التهاني بعيد الميلاد و رأس السنة الجديدة مبكراً هذا العام.
فلدينا في مصر طابع مميز في تلقي التهاني من بعض الإخوة المسلمين.
بعض هؤلاء المسلمين مولعين بتذكيرنا بأننا كُفَّار و مش هنوّرد علي جنة.
الحمد لله اننا كفار فى نظر الناس الفانون و ليس فى نظر الله فاحص القلوب.
نحمد الله اننا كفرة فى نظر المحرضين على القتل و استباحة الدماء و الأعراض.
نحمد الله اننا كفرة فى نظر من يوحدون الله بألسنتهم و يشركون به السلطة و المال بأفعالهم.
و نحمد الله اننا لم و لن نكفر بالحق و نفضل الموت عليه.
مسألة دخول الجنة و الحصول علي المكافأة الابدية أمر الهي بحت لا يتدخل فيه غير الله( وحده لا شريك له)
مع احترامي لمعتقدات المسلمين و إيمانهم فَلَو اتفق جميع هؤلاء الشيوخ علي منع المسيحيين من القبول الالهي لما استطاعوا منع أصغر مسيحي من ذلك.
فلن يقف اي من هؤلاء الشيوخ علي بوابة السماء و لله الحمد لمنع اي مسيحي من الدخول يوم الدين العظيم.
لست أدري ان كان أي من هؤلاء الشيوخ متأكد أصلاً من دخوله هو شخصياً الجنة بحسب إيمانه و عقيدته الاسلامية !!
فحسب علمي المتواضع ان هذه المسألة بالذات تمثل مشكلة لدي عموم المسلمين ( عدم وجود ضمان او يقين بالقبول الالهي للمسلم يوم القيامة)
لذلك استغل أمراء التكفير هذه النقطة بالذات لايهام بسطاء المسلمين انهم يضمنون لهم الجنة باشتراكهم في العمليات الإرهابية الاجرامية (التي يسمونها جهادية).
عموماً قبول الله لأي شخص أمر خارج عن أيادينا جميعاً..
أنا أتمني السعادة الابدية لكل الناس و يكفي مالاقوه من عذابات هنا علي الارض.
(لكن أمنياتى وحدها لا تكفى)
سأتوقف هنا عن الخوض في الجانب الإيماني و العقائدي
و لنبحث معاً الشق الدنيوي اي ما يخص دنيانا و عيشنا المشترك كمسيحيين و مسلمين في وطن واحد.
من المستفيد علي المستوي الوطني من هذا الكلام؟
قولاً واحداً: من لا يريد خيراً لمصر.
فأقل ما ستنتج عنه مثل هذه التصريحات هو حالة من الاحتقان و بث روح الفتنة بين المصريين .
ان ما صدر من تكفير للمسيحيين و الذين يمثلون اكثر من ١٥٪ من الشعب المصري هو أخطر من حادث الواحات علي الأمن القومي.
و أني اتعجب من استخفاف المسئولين عن أمن الوطن بهذه التصريحات فان فتاوي التكفير أشد فتكاً من تهريب الأسلحة و تكوين خلايا ارهابية او تلقي تمويلات من مخابرات اجنبية.
و يمكننا استخلاص الدروس من تاريخنا المعاصر حيث كانت الشرارة الأولي لجميع الجرائم الإرهابية هي مثل تلك الفتاوي التي أُعتبرت مجرد رأي ديني متطرف...
مثل تلك الفتاوي تعتبر في اي دولة محترمة خطاب كراهية و تحريض علي القتل و تضع قائلها تحت طائلة القانون.
هذه الفتاوي جرائم مكتملة الأركان سواء كانت ممولة من جهات خارجية او مجرد غباء شخصي من صاحبها.
أما آثارها فتؤدي الي تقسيم المجتمع بين مسلمين و مسيحيين،مؤمنين و كفار و تنتهي بتفريق المصريين و تمزيق الوطن و تفكك المجتمع المصري .
الذي يحدث الان لم ينجح حتي الاخوان في تحقيقه وقت انفرادهم بالسلطة.
علي أجهزة الأمن ملاحقة هؤلاء المشايخ ، فهم المادة الخام للارهاب والمصدر الأساسي لتهديد أمن الدولة.
فالتكفير في الاسلام ليس مجرد رأي
و لكنه إستباحة مال و دم و عرض..
و لن أُطيل في هذه النقطة لان التجربة خير دليل.
فمِن قَتل فرج فوده الي محاولة قتل نجيب محفوظ و اغتيال السادات و استباحة دم رجال الشرطة و الجيش و ذبح الاقباط علي الهوية الدينية في كل ربوع مصر وراءها فتاوي تكفيرية.
و لم نري جهة دينية إسلامية واحدة تواجه هذا العنف و هذا الاجرام التحريضي الذي يتم يومياً باسم الاسلام.
كيف يمكننا ان نقول للعالم باننا نحارب الاٍرهاب و هؤلاء ينشرون ارهابهم علي الملأ دون محاسبة.
دعونا نكون صادقين مع أنفسنا و نعترف بشجاعة اننا اول من ينشر الاٍرهاب و ليس من يحاربه.
محاربة الاٍرهاب يجب ان يكون بالعقل أولاً قبل ان يكون بالبارودة.