أخوان الشياطين!
بقلم منير بشاى
قامت الخلافة العثمانية حوالى سنة 1300 ثم أخذت تضعف تدريجيا الى ان انهارت تماما فى سنة 1923 واعلن اتاتورك نهايتها رسميا فى مارس 1924. ومنذ ذلك الوقت ومشاعر الكثيرين من تيار الاسلام السياسى تتوق الى ايجاد بديل للخلافة يعيد المجد الذى ضاع.
وكان على رأس التنظيمات التى ظهرت كرد فعل لسقوط الخلافة العثمانية تنظيم الاخوان المسلمين الذى أسسه حسن البنا سنة 1928 والذى لم يخف هدفه فى انشاء كيان يوحد المسلمين ويأخذ مكان الخلافة الاسلامية.
الايدلوجية الاساسية التى قام عليها تنظيم الاخوان ليست محل جدل بين المسلمين. فغالبية المسلمين يتّفقون على ضرورة القيام بعمل يهدف الى احياء الاسلام وتوحيد صفوفه. ولكن التوجس تجاه جماعة الاخوان بدأ يظهر بعد ان اتضحت طموحاتهم السياسية وأسلوبهم العنيف لتحقيق الهدف. هذا التوجس تحوّل الى خلافات ثم الى صراعات استمرت الى يومنا هذا وهو يشمل الجهاد الدموى عن طريق اغتيال كل من يقف فى طريقهم. وقد نسب للاخوان قتل العديد من القادة السياسيين مثل رئيس الوزراء أحمد ماهر سنة 1945 والقاضى الخازندار سنة 1948 ورئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى سنة 1948 ونسب لهم نسف بعض المحلات التجارية المصرية ونسف بعض مساكن اليهود سنة 1948 كما نسب لهم محاولة تفجير محكمة الاستئناف سنة 1949.
بعد فترة العنف فى عصر الملكية اعتقد الاخوان انهم وصلوا الى هدفهم بقيام ثورة الضباط الاحرار فى يوليو سنة 1952. وكان جمال عبد الناصر هو احد المتعاطفين مع ايديولوجية الاخوان وقيل انه مع عدد من قادة الثورة كانوا اعضاء فى تنظيم الاخوان السرى واقسموا بالولاء والطاعة على المصحف والمسدس فى الغرفة المظلمة.
ولكن رغم اقتناع عبد الناصر بايدلوجية الاخوان ولكنه كن غير راضى عن بعض توجهاتهم المتطرفة. فمثلا عندما طلبوا منه ان يفرض الحجاب على كل نساء مصر رفض وقال لهم اذا كان مرشد الاخوان لا يستطيع ان يجبر ابنته على لبس الحجاب فكيف يطالبوه هو ان يجبر كل نساء مصر على لبس الطرح؟ وكان عبد الناصر لا يمانع من بناء الوحدة عن طريق الالتفاف حول مبدأ القومية العربية اما هم فكانوا يريدون اتحادأ كاملا وفوريا تحت راية الاسلام.
تصادمت التوجهات وكعادتهم حاولوا ان ينهوا الخلاف باغتياله. و نجا عبد الناصر من الموت وتلت ذلك فترة شملت حظرهم واعدام بعض قادتها ووضع العديد منهم داخل السجون.
ولكن عبد الناصر لم يباعد نفسه عن الاجندة الاساسية وهى اسلمة المجتمع وبث تلك القيم عن طريق المدارس وأسند ذلك العمل لكمال الدين حسين احد اعضاء مجلس الثورة. بل ان عبد الناصر هو من انشأ جامعة الازهر التى تمولها الدولة وتخرّج الاسلاميين للعالم الاسلامى كله.
مات عبد الناصر وجاء انور السادات الذى كان لا يتمتع بشعبية عبد الناصر فأراد ان يعوّض ذلك بالالتجاء للدين فظهر بمظهر الرئيس المؤمن واخرج الاخوان والاسلاميين من السجون ليؤيدوه ضد الناصريين واليساريين. ولكن السادات ما لبث ان اصبح ضحية التطرف الاسلامى الذى ساعد على قيامه حيث اغتالوه احتجاجا على توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل.
جاء مبارك بأجندة تميل الى الحذر الشديد فى التعامل مع الاخوان. وكان يريد ان يقلل حدة المواجهة معهم. فلجأ الى عقد صفقة مع الاخوان بحيث يبعدوا عن تهديد كرسى الحكم فى مقابل ان يطلق حريتهم فى الشارع ليفعلوا ما شاءوا.
ترك مبارك للاخوان الحبل على الغارب فى العمل الاجتماعى والدعوى فأنشأوا العيادات شبه المجانية للمرضى والسوبرماركت المدعومة التى تلبى احتياجات الفقراء مع السيطرة على منابر المساجد. وركزوا على شعار "نحمل الخير لمصر" وبدا واضحا انهم نجحوا فيما فشلت فيه الحكومة فى توفير احتياجات المواطن الفقير من اساسيات الحياة. وعندما فتح مبارك الفرصة للترشح للبرلمان كادوا ان يكتسحوا البرلمان لولا ان مبارك لجأ للتزوير ليوقف هذا الزحف.
هبت رياح الربيع العربى واطاحت بالعديد من الديكتاتورين فى عدة بلاد وكانت مصر ممن تأثرت بها. بدأت الأمور بمظاهرات من الشباب الذى كانت كل طموحاته ان تحسن الدولة من احواله المعيشية ولكن خلال ايام ظهر الاخوان ليركبوا ثورة الشباب التى كانت تنقصها الكوادر القادرة على الاستيلاء على مقدرات البلاد. ولم تمض فترة الا واستطاعت المظاهرات ان تجبر مبارك على ترك الحكم مسلما اياه لقيادة الجيش.
حكم الاخوان سنة كانت كفيلة ان تظهر للشعب المصرى حقيقة اهدافهم وهى الاستيلاء على الحكم لصالح تنظيمهم الذى وعد ان يحكموا مصر خلال الخمسمائة سنة القادمة. وبعد ان قام الشعب المصرى بمظاهرات مليونية لبى الجيش نداء الشعب باقصائهم عن الحكم حرصا على مصر وجيش مصر. فخطة الاخوان واضحة وهى تفكيك كليهما لصالح وهم الخلافة.
واليوم تاخذ هذه الجماعة دور العدو اللدود لمصر. اعمالهم الشيطانية هى اخطر ما تواجهه مصر لانها تحبط كل محاولة لاسترداد الاقتصاد لعافيته. ولكن هذا هو قدر مصر والامل ان هذا سوف يتوقف عندما يتيقن الاخوان انه لا أمل لهم فى العودة وان مصر قد لفظتهم الى الأبد.
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.