الحق في الخوف
حنان فكري
أعادت استراتيجية حقوق الإنسان المعلنة خلال الأسبوع الماضي, الروح للعمل الحقوقي في مصر, أعادت له الشرعية التي انتزعت منه بفعل التشويه, والانجراف خلف اتهامات سائلة, ناتجة عن شائعات مغرضة, عارية عن الصحة. روحا جديدة, يمكن لكل واع أن يشتم عبيرها في نصوص تنبئ عن ذهنية واضعيها, وتعلن بدء انفراجة طالما انتظرناها, لتؤسس وتكرس لشرعنة الصورة الذهنية الإيجابية عن العاملين في مجال حماية حقوق الإنسان, بعد أن تعرضت هذه الصورة لهزات عنيفة علي مدار عشرة أعوام مضت, تحالفت فيها قوي الفساد والعناد والأحقاد ضد كل العاملين بهذا المجال دون فرز أو تمييز, أو اعتبار لمصلحة الناس.
الشق الثاني, الخاص بالمساواة والعدالة, والمواطنة, كيف يمكن تنفيذه علي المستوي المؤسسي, وما زالت المستويات القاعدية في بعض المؤسسات الخاصة والعامة مخترقة بأفكار مشوهة أو متطرقة أو متشددة, رافضة لثقافة حقوق الإنسان وللآخر الديني؟ المساواة هي أن يحصل الجميع علي أنصبة متساوية من الفرص والحرية والكرامة والحماية والرعاية, بغض النظر عن الفروق الفردية, بينما العدالة هي أن يحصل الأشد ضعفا وهشاشة ـ سواء بسبب الطبيعة أو العدد علي القدر الكافي من الحقوق الذي يرفعه إلي مرتبة المساواة. وهنا أتحدث عن أكثر من فئة تحدث عنها الدستور تواجه ثقافة الفرز في المجتمع, وهو ما يتطلب الحصول علي قدر أكبر من الفرص علي كافة المحاور, وهو ما ينبغي معه تنقية التشريعات من بعض الثغرات التي يتم استخدامها أحيانا ضد مبدأ المواطنة والمساواة.
كما يمكن تنفيذ كل ما سبق وما زال الخوف يتملك البعض من الإفصاح عما يوجعه أو يعانيه, من تنكيل من قبل الذين دأبوا علي إهانة المواطنين وإهدار حقوقهم, ولن يكون انصياعهم للتجديد سهلا؟ والخوف ذلك الحق الوحيد الذي يمارسه الناس دون إفصاح كيف يمكن ضبط نفوس البشر؟ نحن نحتاج ضمانة لتطهير العقول, لإعادة تأهيل المجتمع ثقافيا لممارسة ثقافة حقوق الإنسان من جديد.