جلسة العصريه وهموم قبطيه
شفيق بطرس
يمتاز شهر يوليو بأنه شهر التقارب والموده وتجمع الأهل والأقارب والأصدقاء ، ففى هذا الشهر تتقارب الأجساد وتتقابل الوجوه عن قُرب وتتلامس الأيادى بالمصافحه ، لأنه كلما ضاقت المسافات بين الناس زادت الألفه و زاد التقارُب وشعرت القلوب بنبض بعضها البعض ، وخاصة لو جمعت الجميع مائده كبيره واحده كموائد الحدائق العامه ( البيكنك ) فتلتقى الأعين المواجهه بعضها بعضاً فى جلسات السمر فى هذا الوقت من كل عام حيث يحتفل الجميع بأعياد الميلاد وتَخَرُج الأبناء من المدارس والجامعات ويساعدنا الطقس المُعتدل وجمال الطبيعه الخلابه فى التجمع فى الحدائق العامه أو فى جلسات جماعيه فى الحدائق الخلفيه للمنازل أو فى المطاعم الكبيره أو صالات الإحتفالات
وتتبارى النساء فى تقديم ما لذ وطاب وإضافة المزيد من الدهون والشحوم على أجساد الرجال وتتبادل حواء إبداء النصيحه وتقديم خبراتها فى الطهو والحرفنه فى الحلويات مع الأخريات ولا يخلو الأمر من بعض النم على الغير الموجودات وسطهن ، ولكن ما يجمع الرجال بعد تبادل الشكاوى من مكائد حواء وإضطادها لهم يبقى المجال مفتوحاً ومتسعاً للوجع العام ألا وهو الوجع القبطى وما يحدث للأهل والأحباء فى مصر من مشاكل متتاليه وردود فعل النظام والأمن وهو ما يتكرر حدوثه بصفه شبه يوميه الآن فى مصرنا الحبيبه ،
وتختلف القصص والحكايات ولكن لها نفس النهايه المأساويه ونفس السيناريو البغيض الممقوت والذى كرهناه جميعاً ولم نعد تحمل حتى سماعه ، نفس الحبكه ونفس العُقده ونفس الحوار ونفس النهايه طبعاً قد مللنا تكرار هذا السيناريو الذى أخذ يتنقل مثل الوباء من بلدٍ الى الآخر ومن قريةٍ الى الأخرى من أقاصى الصعيد حتى أقاصى الدلتا فى الشمال وكل السواحل الشماليه من بورسعيد للأسكندريه والسلوم ، ونغضب ونتفاعل مع الحدث ونطالب بمؤتمرات وشكاوى ، وفى النهايه لا جديد الأضطهاد يتزايد ويتفشى فى كل ربوع المحروسه والأمن يطنش ويزداد طناشاً من حدث الى الآخر وقد زاد الآن أكثر بأنه بدأ يتدخل لصالح الضارب ضد المضروب وأخذ على عاتقه التعضيد والتدخل المباشر بمعداته وقواته ضد المجنى عليهم وذلك بعد أن تفشى الأسلام الراديكالى المتزمت والأفكار الإخوانيه والوهابيه فى كل هيئه ومصلحه فى مصر الآن وأولهم الأمن والداخليه ، وتُغتصب البنات المسيحيات الآن والأمن يتدخل لحماية المُغتصب وحماية أهله من أى شكوى لأهل الفتاه المنكوبه المُغتصبه أو حتى قولة الآه و يكون عقابهم الرمى فى غياهب السجون والمُعتقلات ، والفحول والطلوقه الذين إرتكبوا هذه الفظائع يعطيهم النظام جوائز الفوز وهدايا وعطايا من دولارات البترول العَفِن ويغدقوا عليهم العطايا التى تصل بالآلف من الدولارات حسب قيمة الضحيه وإرتفاع شأن ومستوى عائلتها ،
وإن تجرأ أحداً من المهجر بشكوى أو تقديم وقائع لأى لجنه حقوقيه يكون الإتهام سريعاً ومعروفاً وهو العِماله والأستقواء بالآخر والإتصال بجهات أجنبيه ضد مصر ، وتشتعل الجلسه ويلتهم الرجال الطعام وتجهز النساء الفواكه والكيك ، وتنتفخ البطون ونشعر جميعاً بالإسترخاء وننسى ما كنا نتحدث عنهم الجوعى و العطاشى والمنكوبين المحرومين من أقل حق لهم فى الحياة كآدميين ويتذكر كل منا عمله فى اليوم القادم وإجراءات تسجيل السياره الجديده للأولاد والبنات بعد حصولهم على رخصة القياده وذلك لوصولهم لسن السادسة عشر كما هو متبع فى النظام الأمريكى ، وتتبخر القصص والحكايات ويشكى البعض أننا قلبنا القعده من فرفشه لهموم وغيوم ، ويود كل من أخذ قارب النجاه وذهب بعيداً عن السفينه المنكوبه ووصل لشط الآمان يود أن تغرق السفينه بمن فيها لأنه قد تركها وهاجر ونفد بجلده ، وكأننا نتشفى فى هؤلاء الذين تركناهم فى السفينه المنكوبه ونقول لنتركهم يغرقون ويحترقون طالما النار بعيدة عن ملابسنا ،
هل هذا ما نفعله فعلاً ؟؟؟ هل هذه هى الحقيقه الموجعه أم لا ؟؟؟ ويقول آخر وماذا نفعل ولم ولن يفيد أى عمل قد عملناه من قبل فى تغير أى شىء والمشاكل تزداد يوماً بعد يوم وتشتد ضراوة وقسوه ، ويرد آخر أن العيار الذى لا يُصيب قد يدوش وعلى الأقل نساعد على فضح النظام وتعرية القهر طالما لم نقدر على هزيمته ومواجهته ، ويكون السؤال الذى يطرح نفسه : إلى متى ؟؟ وهل هناك من أمل فى تغير أو تبديل للحال ؟ ويقول آخر تطالبنا بعض الجهات الكنسيه فى مصر بالمشاركه فى العمل السياسى وتشجيع أولادنا على الدخول فى المُعترك السياسى ، حتى إنه قد فكر بعض كبار الأقباط فى التقدم بحزب سياسى قبطى ، وعندما نود حتى المشاركه فى مسيره سلميه هادئه أمام الأمم المُتحده ونطالب ببعض التعضيد المعنوى يرفض البعض فى الكنيسه بالمهجر ويكون الجواب هو السلبيه والبُعد عن المشاكل ونقول طالما يطالبنا البعض فى الكنيسه الأم بمصر بالعمل السياسى الإيجابى ولا نكون سلبيون كما يتهموننا فلماذا نجد العكس والرفض والتخازل فى المهجر؟
وتسحب الشمس آخر خيوطها الذهبيه القُرمزيه من الأفق البنفسجى وتصل آخر أفواج وأسراب الطيور الى أعشاشها للمبيت ويبدأ الليل فى إسدال ستائره الرماديه وينتهى الحوار وتنتهى جلسة العصريه ولا تنتهى الهموم القبطيه ...... مش كده ولا إيييه..
شفيق بطرس