مكسوف؟ نعم والله العظيم مكسوف من نفسي ومن أهلي ومن أبناء ديني.. فكلما قال أي أحد شيئا تافه عن المسلمين, مع أننا نستحق اسوأ شيء في الدنيا بسبب سلوكنا غير المتحضر, غضب الناس وانزعجوا وراحوا يستخرجون أحاديث القيامة وعذاب القبر ونهاية العالم.. أناس يرون أن الهجوم علي الإسلام هو قيام القيامة, وأناس يرون أن موعدها الغد بسبب التليفون المحمول؟! هل هناك هلس وهيافة أكثر من هذا...
أضرب لك مثلا.. ولا أدعي البطولة ولا أنا أيوب في الصبر ولا يونس في الضلام.. وإنما أنا واحد من ألف مليون يعرف بالعقل.. كان لي صديق عزيز وكنا لا نفترق وعندي حكايات وروايات أشكالا وألوانا.. وكان صديقي هذا يشتم المسلمين ليلا ونهارا.. ومعه حق فهو ـ في رأيه ـ واقع تحت اضطهاد ديني!!.
وأنه لو كان مسلما لأعطوه درجة وأرسلوه في بعثه, ولكن لأنه قبطي فعلوا به كذا وكذا.. وكنا نضحك.. وبعد عشر سنوات من هذه الصداقة الحميمة والتي أعتز بها حتي اليوم ـ يرحمه الله ـ اكتشف بمحض الصدفة أنني مسلم, واندهش جدا... وشعر بالخجل لأنه يشتم المسلمين ليلا ونهارا.. ولم اعترض.. فهذا رأيه وعنده مبررات, وصداقتنا لا علاقة بها بالدين.. وإنما الذي بيننا أفكار وتجارب ورحلات وعلاقات وما أسعدنا معا وما أحزننا وما أبكانا.
وقد ذكرت منذ أيام أن لي مئات من الأصدقاء من الأقباط والكاثوليك واليهود والشيوعيين الملحدين.. وسعداء بما يربطنا معا.. ولم يحدث مرة واحدة أن سألني أو سألت أحدا عن دينه.. وأنا مالي!.
لأن ديني يقول: لكم دينكم ولي دين!.
ورويت في كثير من كتبي أنني وأنا طفل لم يمض يوم واحد في حياتي لم يتردد علي لساني: جرجس وبطرس وكوهين عشرات السنين.. وكان يحدث أن نتناوب الوقوف في المحلات التجارية نساعد في البيع في محل المقدس بولس بالمنصورة ومرة في محل سعد كوهين لبيع الدبابيس.. ولا خطر علي بالي أي شيء مما نراه اليوم عيبا وعارا.. يعني إيه؟ يعني أننا تأخرنا كثيرا وضاق أفقنا حتي ضاق بنا!.