الأقباط يحتفلون بعيد الميلاد وسط أجواء احتقان
إيلافGMT 15:30:00 2007 الأحد 7 يناير
نبيل شرف الدين
نبيل شرف الدين من القاهرة : وسط أجواء "احتقان صامت" احتفل أقباط مصر بعيد الميلاد، التي بدا واضحاً حرص نجل الرئيس المصري جمال مبارك على المشاركة فيه للعام الثالث على التوالي،
وشهد مقر "الكاتدرائية المرقسية" بحي العباسية شرق القاهرة أكبر تجمع من المصلين، وشارك تسعة من الآباء الأساقفة العموميين في قداس العيد الذي رأسه البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط، الذي حضره عدد من كبار رجال الدولة من المسلمين والأقباط، فضلاً عن ممثلي منظمات المجتمع المدني، وقادة الأحزاب السياسية وغيرهم .
كان البابا شنودة قد وصل يوم أمس إلى مقر الكاتدرائية قادماً من مقره البابوي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون في صحراء مصر الغربية، ومن المقرر أن يعود ثانية إلى الدير يوم غدٍ الاثنين، للاجتماع بالكهنة وعدد من أبناء الشعب القبطي، وتهنئتهم بعيد الميلاد المجيد .
وفي الكنائس القبطية ببلاد المهجر رأس قداس العيد الأساقفة والكهنة في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ودول أوربا وآسيا، وشاركهم في الصلاة أساقفة وكهنة أوفدهم البابا شنودة الثالث إلى هناك لمشاركة الأقباط المهاجرين صلوات واحتفالات عيد الميلاد .
هموم الأقباط
وبينما تصاعدت في مصر مناقشات ساخنة بشأن التعديلات الدستورية المرتقبة التي سيناقشها مجلس الشعب (البرلمان)، فقد طالبت عدة شخصيات ومؤسسات مجتمع مدني قبطية بإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري، التي تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، كما طالبوا أيضاً بتعديل نظام الانتخابات العامة كي يصبح بنظام القائمة النسبية بدلاً من النظام الفردي، مع خضوعها لرقابة دولية، لضمان حصول الأقباط علي نسبة من المقاعد خلال أي انتخابات مقبلة، سواء برلمانية أو محلية أو غيرها
ويرى عدلي أبادير، رئيس منظمة "الأقباط متحدون" التي تتخذ من مدينة زيورخ السويسرية مقراً لها، أن الأقباط في مصر يملكون أجندة مصرية خالصة بالنسبة لنشاطهم السياسي ونشاطهم في مجال المجتمع المدني، وأنها ليست أجندة طائفية كما يروج لذلك خصومها، بل هي أجندة وطنية تصب في صالح كل المصريين، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، وشدد على ضرورة إلغاء المادة الثانية من الدستور، قائلاً إن أي دولة عصرية تحترم أجندة الأقليات وحقوق الإنسان، لا تسمح لنفسها برعاية معتقد طائفة من أبنائها دون الأخرى، وأن الدولة الحديثة لا ينبغي لها إلا أن تضع أطراً عامة تلزم الجميع باحترام كل المعتقدات، ورأى أن إلغاء هذه المادة هو المحك الحقيقي لجدية الإصلاح السياسي .
وأضاف أبادير أن الأقباط كانوا مشاركين بفاعلية في الحياة السياسية لدرجة أن عدد نواب البرلمان الأقباط وصل إلى 27 نائبا في عامي 1938 و1942 ، لكن تمثيل الأقباط في البرلمان انخفض بعد الانقلاب العسكري عام 1952 وتلاشي في كثير من الأوقات، مما أدى إلى انسحاب الأقباط بشكل تلقائي من الحياة السياسية، بعد أن وصلتهم رسالة بأنهم غير مرغوب بهم من صنّاع القرار، ومن دوائر واسعة في المجتمع، بل وصل الأمر إلى حد تسفيه معتقداتهم حتى في وسائل الإعلام المصرية، التي تمتلكها الحكومة، وعلى سبيل المثال ما تصر صحيفة (الأهرام) الحكومية على نشره من مقالات تمس معتقدات المسيحيين وتسفهها، كمقالات زغلول النجار ومحمد عمارة وغيرهما .
عمارة والتكفير
ومضى أبادير قائلاً في اتصال هاتفي لـ (إيلاف) إن عزلة الأقباط زادت في عهد الرئيس السادات الذي لم تكن علاقته طيبة بالبابا شنودة، ولا بالكنيسة القبطية في وقت صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة، كل هذه الأوضاع، وغيرها أدت إلى انسحاب الأقباط بشكل شبه كامل من الحياة السياسية، وتهميش دورهم على نحو تصاعد فيه اضطهادهم.
واختتم أبادير تصريحاته مؤكداً على مطالبته بالفصل الكامل بين الدين والدولة، عبر إصلاحات دستورية وإنهاء التركيز على الدين وعلى دوره في مؤسسات الدولة، والتأكيد بدلا من ذلك على الطبيعة العلمانية للدولة"، وتساءل قائلاً: هل يحصل الأقباط على حقهم بتولي المناصب العليا في الدولة، بما يقترب من النسبة التي يشكلونها في مصر؟ .
يأتي هذا في وقت أقام فيه عدد من المحامين الأقباط دعوى قضائية ضد الكاتب محمد عمارة، اتهموه فيها بأنه "يكفر إحدى طوائف المجتمع المصري ما يهدد بإشعال الفتنة وزعزعة المجتمع"، وذلك بعدما قال عمارة بتكفير اليهود والنصارى في أحدث كتبه الصادرة عن المجلس الأعلى المصري للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف ويرأسه الوزير محمود حمدي زقزوق .
وسبق أن وقعت عدة توترات طائفية بين المسلمين والمسيحيين الذين يشكلون ـ وفقاً لتقديرات الكنيسة ـ نحو عشرة في المائة من سكان مصر الذين يزيد عددهم على 75 مليون نسمة، عدة مصادمات دامية حينئذ، ففي عام 1999 قتل 19 قبطيا ومسلمان، وأصيب 33 آخرون كما دمرت عشرات المحال التجارية خلال اشتباكات استمرت لعدة أيام في قرية الكشح في محافظة سوهاج على بعد نحو 400 كيلومتر جنوبي القاهرة، كما شهدت مدينة الإسكندرية العامين الماضيين صدامات كانت الأعنف من نوعها في سلسلة احتقانات طائفية شهدتها مصر خلال الأعوام الماضية .