من قريب
بقلم : سلامة أحمد سلامة
|
ويحظر التمييز بينهم بسبب الجنس أو الدين, كما يحظر بالتالي مباشرة أي نشاط حزبي وسياسي علي أسس دينية.
واللافت للنظر أن هذا التأكيد علي المساواة في الحقوق والواجبات, قد تضمنته مادة أخري في الدستور القائم وهي المادة الأربعون, ولكن الهدف الذي لايخفي علي أحد من إضافة الفقرة المذكورة في المادة الخامسة, والتي صفق لها الكثيرون, هو بصريح العبارة سد الطريق امام جماعة الإخوان المسلمين لإقامة حزب ديني.
واعتبر نفسي شخصيا من المعارضين لاقامة أحزاب دينية, أو شمولية أو فاشية مهما كان غطاؤها. ولكن ماينبغي أن نلفت النظر اليه هو ان النص الدستوري بالمساواة بين الحقوق والواجبات والذي يعاد تأكيده بمبدأ المواطنة لم يكن محترما ولا نافذا في أي وقت من الأوقات, بل كانت تصدر اللوائح والقوانين التي تنتهك بمنتهي البساطة مبادئ المساواة بين المسلمين والمسيحيين, والأغنياء والفقراء, والمدنيين والعسكريين.
فهناك فئات تستثني من سداد رسوم الأندية الرياضية أو تمنح تخفيضا خاصا لمجرد انتمائها الي واحدة من الفئات الخمس المميزة في المجتمع, ومن بينها الجيش والشرطة والقضاء وأعضاء مجلسي الشعب والشوري.. ونضيف اليها انواعا أخري من الاستثناءات التي تسري في مجالات وخدمات أخري, مثل الاسكان والأراضي والتليفونات والسكك الحديدية وفي الحصول علي تأشيرات الحج, والتعيين في بعض الوظائف.. فضلا عما جري عليه العرف أو صدرت به لوائح وقوانين من تخصيص نسب معينة في الجامعات أو المناصب القضائية أو الشرطة للأبناء الذين يعمل آباؤهم في هذه الوظائف. وكل هذه الاستثناءات تعد انتهاكا صريحا لمبدأ المساواة كان من نتيجته ان أصبحنا في مجتمع تتوزعه فئات تسعي كل منها إلي الحصول علي مميزات ومكاسب تتوارثها.
والذي نحب ان نلفت الأنظار إليه هو أن تفعيل مبدأ المواطنة يقتضي الغاء كل هذه المميزات والاستثناءات والغاء القوانين واللوائح التي صدرت خرقا لهذا المبدأ. ويقتضي تفعيل هذا المبدأ مراعاة نسب الأقباط والمرأة في المجالس المحلية والنيابية والمناصب العليا, والالتزام بحق أصحاب الديانات الأخري في تسجيل دياناتهم في الوثائق الرسمية. وإلزام وسائل الاعلام الحكومية بتقديم برامج دينية تستجيب لحاجات جميع الأديان دون تمييز والغاء مادة العمال والفلاحين.
إن تفعيل مبدأ المواطنة يكاد يكون هو المبدأ الأساسي الحاكم للدولة المدنية الحديثة, التي تنتفي فيها أنظمة التقاضي الاستثنائية والمحاكم العسكرية للمدنيين, وهو يعالج كثيرا من التشوهات في المجتمع ويتسع لأكثر من مجرد منع قيام أحزاب دينية.. هذا بشرط ألا يكون مجرد ستار لتحقيق هدف بعينه!