al masri alyom 

مبادرة نحو أقباط المهجر

 خالد صلاح - المصري اليوم  ٢٤/١٠/٢٠٠٧

لن يفيد مصر شيء إن هي تركت الأصوات الأكثر صخبا تهاجم أقباط المهجر، وتلصق بهم تهم العمالة والخيانة إلي الأبد ثم تغمض السلطة عينيها عما يطرحونه من مشكلات. السلطة إن هي مررت الوضع، علي هذا النحو، فإنما تعزز حالة التطرف والطائفية في الشارع من جهة، وتغلق الأبواب في وجه أقباط المهجر، إلي الحد الذي يضطرهم لسلوك طرق أكثر وعورة ويعمق الشقاق بلا عائد سوي تلويث سمعة مصر.

أقباط المهجر لا يعيشون في مصر، بل قضي معظمهم أكثر من نصف عمره في الخارج، هؤلاء لا يقرأون الواقع المصري بأعينهم المجردة، لكنهم يرون بلادهم من خلال أعين أقباط الداخل.

ويعني هذا، أن ما يردده أقباط الخارج هو في النهاية حصاد ما يرد إليهم من أقباط الداخل بشكل متصل وبلا انقطاع. المشكلة إذن في الداخل وليست في الخارج، فلا تلومن إذن من يصرخ في أوروبا والولايات المتحدة، فهؤلاء لديهم حق الصراخ والحركة. المشكلة أن هناك من أبنائنا وإخوتنا في الداخل من يرفع إليهم الشكوي، وينقل إليهم ما يشعر به في مصر، فلا تصدقوا بعض من يخرج علي الملأ ليقول: (لا علاقة لنا بأقباط المهجر ونرفض أجندتهم السياسية).

 من ينطق بهذا القول هو خائف أيضا، ولكنه يعرف أنه لا شئ يتحدث عنه أقباط الخارج إلا وكان نبعه الأصلي هنا في الداخل ووسط الأغلبية من شعب الكنيسة القبطية.

نحن في حاجة إلي مبادرة متوازية الحركة، تستهدف أقباط الخارج وأقباط الداخل معا. مبادرة تضع المشكلة بكاملها علي طاولة الحوار، وتقطع الطريق علي بعض الأطروحات المتشددة، التي تنجرف إليها قلة من أقباط المهجر، فما المانع أن تتم دعوة أقباط المهجر لعقد أحد مؤتمراتهم هنا في القاهرة، شرم الشيخ مثلا مدينة السلام.

لا أحب أن يكون السلام في شرم الشيخ مقصوراً علي الإسرائيليين وحدهم. دعهم يشعرون بأنهم يستطيعون قول ما يريدون هنا في بلادهم علناً، دون أن نشهر في وجوههم بنادق التكفير والتضليل والخيانة والعمالة.

مؤتمر بهذه الصورة يمكن أن يغير لغة الخطاب لدي أقباط المهجر، ويدعم معسكر الاعتدال في الداخل والخارج، ويقطع الطريق علي أي جهة، يمكن أن يغازلها نشاطهم في المهجر. مؤتمر نستمع فيه أكثر مما نتكلم، تستمع فيه السلطة والأحزاب العلمانية وأساتذة الجامعات ومنظمات المجتمع المدني.

 نعم سنختلف، ونتبادل الغضب، ولن نتفق مع بعض الآراء، لكن الحوار هو أقصر الطرق لتفادي الأزمات، والتواصل هو السبيل لمعرفة الصواب والخطأ. السلطة في مصر تحرك بعثات طرق الأبواب نحو الولايات المتحدة، فلماذا لا نطرق أبواب أقباط المهجر. هم في الداخل، ويمكن أن يكونوا ثروة لنا وجسراً نعبر عليه إلي آفاق أوسع.

 والسلطة أيضا تدعو المحررين السياحيين من الصحف العالمية، علي نفقة الحكومة، لتحسين صورة مصر في العالم. فما الذي يمنع من تحسين صورة مصر عبر أبنائها في الخارج؟ وجهوا الدعوة لوفد من أقباط المهجر لتحسين صورة بلادهم في أعينهم، ولن تنفقوا عليهم مليماً واحداً سوي سعر بطاقات الدعوة، فهؤلاء لهم (بدل البيت ألف بيت في مصر، من الصعيد إلي الإسكندرية).

أنتم تدعون مستثمرين عرباً وأجانب للعمل في مصر، وجانب كبير من أقباط المهجر من كبار رجال الأعمال في بلدانهم، ويمكنهم العمل والمشاركة إن وجدوا يداً تربت عليهم ، وأذناً تسمعهم، وقراراً سياسياً يتبني الحد الأدني من مطالب الداخل، التي يتبنونها هم في الخارج.

افتحوا حواراً معهم باسم حقوق الإنسان .. افتحوا حواراً معهم باسم سمعة مصر في الخارج .. افتحوا حواراً معهم باسم المواطنة .. افتحوا حواراً معهم باسم الوحدة الوطنية .. افتحوا حواراً معهم باسم الحماية من الاختراق .. افتحوا حواراً معهم تحت أي مسمي .. افتحوا حواراً مع أقباط المهجر،

ولا تأخذكم العزة بالإثم، فالدولة ليس من وظيفتها الكبرياء علي أبنائها، والقوي السياسية والحزبية ليس من وظيفتها المزايدة عليهم في الوطنية، والمثقفون المخلصون حقا لبلادهم عليهم أن يسمعوا كل الأصوات، ويطالبوا بالحوار، لا أن يناضلوا لإخراس كل الألسنة.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com