رؤوس الجسور وأمل العبور
شفيق بطرس
لو أن مسافراً وجد أمامه جبلاً شامخاً يسد عليه الطريق ، فأن هذا المسافر يختار واحدا من ثلاثة : إما أن يرجع ، وأما أن يصمد ويواصل طريقه ويجتاز عائق الجبل مستغلاً ما لديه من أمكانات النجاح ، وإما أن يلقى بنفسه على حائط الجبل يبكى ويستغيث .. والبكاء هو ما يفعله الأقباط فى المهجر حتى الآن .. أنه البكاء أمام حائط المبكى إلى أن يضيع الوطن .. ويصبح الوطن كله حائط مبكى .. !!
بهذه الكلمات المعبرة القويه أنهى الشيخ الوقور والدكتور أحمد صبحى منصور كلمته أمام المؤتمر ومنها أستأذن فضيلته لتكون نفس الكلمات مدخلاً لحديثى اليوم عن مؤتمر الأقباط فى شيكاغو والذى إنعقد فى الفترة 20 و 21 من أكتوبر 2007 ، ولو تأملنا أن هذا المسافر هو أقباط المهجر وقد صعد الجبل فعلاً ومن رأيى المتواضع أنه العقبات التى تواجهنا هنا كأقباط المهجر والمنتشرون فى كل قارات العالم أجمع وهنا الأختلاف فى الرأى بأن الجبل الذى يواجهنا فى المهجر هو البيت الداخلى وكيفية ترميمه وإعادة بناءه من جديد وعندما نفعل هذا نكون قد أصبحنا يداً واحدة وكلمة واحدة يستطيع الطرف الآخر إيما كان هذا الطرف أن يسمع ويتحاور ويجيب إن أراد ، ولكن أن نكون أطرافاً متناثرة ورؤوس تقفز هنا أو هناك لن نكون بذلك قوة مؤثرة تُهاب ويُحسب لها ألف حساب ، ومن وجهة نظرى أيضاً إنه عندما نتسلق هذا الجبل ونتجمع سنرى من الطرف الآخر من الجبل محيطات تفصلنا عن الوطن الأم وعن الطرف الآخر الذى نريد أن نصل الى حلول معه ، ويكون الهبوط من أعلى الجبل وهو طبيعياً أسهل من الصعود وتكون النقطة التالية هى مد جسور التفاهم مع الطرف الآخر فى الوطن الأم مصر ، ولكن هذه الجسور هندسياً تريد دعامات ورؤوس جسور يرسى عليها الجسر الممدود للطرف الآخر ،
ومن هنا نرى ضرورة توحيد البيت القبطى فى المهجر وضمان شرعية وإحترام كلمته وتجاوب الجميع على الأقل مع البنود الأساسية والأبتدائية لأيدولوجية واحدة مع إحترام الأختلافات فى مناهج العمل ، نريد تقارب كل رؤوس الجسور وتكاتفها لنصنع بذلك دعامة قوية فى الطرف القبطى بالمهجر لنضمن ثبات الجسر الممدود للوطن الأم ونجاح العابرون فوقه وثبات أقدامهم ، عندما ننجح فى هذا نريد من الطرف الآخر أن يكون جاهزاً أيضاً برؤوس الجسر فى الوطن الأم مصر لكى يرسى عليه جسر الحوار والتفاهم ونضمن النجاح حتى ولو بتقدير مقبول فى بداية فترات التفاهم ونتدرج حتى نصل بإذن الله تبارك إسمه وتوفيقه الى درجة الأمتياز ونحل مشاكل الوطن المجروح بهذا الجرح الخطير والذى يحاول البعض أن يستهين به وبما سيحدث لجسد الوطن من مضاعفات خطيرة ومميتة لا قدر الله فى حين ترك هذا الجرح ينزف ويتعرض للقروح والألتهابات والتى نحن جميعاً فى غنى عنها ،
وكما تفاهمنا فى بعض البنود المتاح ذكرها فى ورش العمل مع أحبائنا الأعلاميين المصريين من داخل الوطن وكان أكثرهم من الأخوة الأحباء المسلمين ، وقد قلت بالحرف الواحد أن ثلاثون عاماً من عُمر الشعوب وحقبات التاريخ لا تُذكر بشىء وكأنها نقطة فى بحور القرون من الأعوام بمعنى إننا لو نبدأ من الآن نعلم جيل الحضانة والأبتدائى : القيم السامية والمحبة وإحترام وقبول الآخر ومبادىء حقوق الإنسان وإحترام آدميته وإنه لا فرق بين البشر ولا تمييز يُميز به طرف على الآخر فالكل فى الوطن أخوة والكل سواسية ولا يوجد تمييز عرقى أو جنسى أو دينى وهى مبادىء المواطنة الكاملة من الصغر نزرعها فى أطفالنا ونرتجى من هذا الجيل الجديد كل خير مع الأعتراف الكامل بالقيم الروحية والدينية وتدريسها كل واحد على حسب دينه فى حصة الدين وفى المنزل ولا أكثر من هذا ، كذلك مقاومةالإعلام الهدام والمُخرب لعقول العامة كمثل تمثيليات ومسلسلات وأفلام لها أهداف تخريبية تهدم الوحدة الوطنية وتجرح فى الطرف الآخر . كذلك البحث عن نقاط التقارب بين الأديان والتركيز عليها لندرسها لتلاميذ حضانة وإبتدائى بدون فصلهم دينياً وتكون الدروس لجميع الفصل مثل : الأمانة ، الصدق ، التسامح ، الحب ، الرحمة ، الكرم ، إحترام الآباء وكبيرى السن وآداب الكلام والمحادثة والى آخر هذه القيم الجميلة ، مع محاولة التقرب بحذر من الكبار مثل إعدادى وثانوى ممن قد فاتهم قطار الإصلاح وعلى الأقل تكون هذه خطوة كبيرة فى طريق بناء المستقبل وأذكر هنا زارع النخيل الذى يزرع النخلة وهو يعرف تماماً أنه سيراعيها ويتعب طوال حياته حتى تكبر وهو يعى تماماً إنه لن يأكل من ثمرها ولكنه يزرعها ليجنى من ثمارها الأجيال القادمة وهذا أجمل ما فى العطاء ، فلا يخنقنا الإحباط واليأس ونتفاءل ونزرع نخلة ونرعاها ليأكل من ثمارها أجيال المستقبل فى وطن عامر بالحب ونؤسس رؤوس الجسور لنضمن سلامة العبور . مش كده ولا إيييه ........ شفيق بطرس