هل يصلح الإسلام للبريطانيين؟

أحلام اكرم

بدعوة من جريدة المساء اللندية.. ذهبت للمشاركة في حوار تحت عنوان هل يصلح الإسلام للبريطانيين في لندن.. وإجتمع على المنصة مسلمان من أصول آسيوية..وثلاثة من كبار الصحفيين في لندن.. الحوار كان ساخنا جدا.. لم يكن الهدف التعرض للدين إطلاقا بل كانت أهم اهدافة.. الوصول إلى إجابة واضحه بعد نقاش موضوعي مع نخبه من المؤثرين في الرأي العام حول... هل تقوم الحكومة البريطانية بمنع نشاطات التنظيمات المتطرفه خوفا من تأثيرها على البريطانيين المسلمين.. أم أن معتنقي الديانه الإسلامية قد إندمجوا في المجتمع البريطاني إندماجا ولو نسبيا.. بحث اصبحوا أقدر على إستيعاب خطورة التطرف على مجتمعهم وعلى مستقبل أبناؤهم.. مع الإحتفاظ بحقهم الكامل في حرية العقيدة..

 أحد المشاركين المسلمين. كان أحد الشباب البريطاني المسلم الذي قامت منظمة حزب التحرير بجرة إلى واد عميق من التطرف مستعملة حرب البوسنه.. لتخديرة وإرساء جدار من الحقد والكراهية بينه وبين مجتمعه البريطاني.. تحت مسمى أن الإسلام هو الدين الوحيد الصالح لحل كل مشكلات العصر.. وأنه يجب نشره في كل بقاع الأرض حتى ولو بقوة السيف.. وأنه يجب رفعه إن عاجلآ ام آجلآ فوق قصر بكنجهام..
وبعد سنوات من التخدير العقلي الجاهل أفاق وقبل فوات الأوان ليجد أن القيم التي خدروه فيها لا تصلح لا للزمان ولا المكان وأنها وصفة جاهزة للعنف والقتل بإسم الدين..

وبرغم إختلاف آراء الصحفيين البريطانيين في الإسلام كديانه.... إلا أنهم أجمعوا على رفض.. إستعمال الدين كوسيلة للتحريض على العنف ورفضوا وبشدة أيضا حظر نشاط هذه التنظيمات..
ليس حبا بها بل حماية للقيم البريطانية المكتسبه عبر سنين من الصراع لحماية الحقوق الإنسانية للجميع في ديمقراطية ترسخت عبر إرساء قواعد القانون الإنساني الذي يستند إلى حماية الحق الفردي والمجتمعي في الحرية الفكرية وحرية التعبير وحرية العقيدة لإحساس بالأمن والأمان في المساواة أمام القانون...

الثانية كانت في مناظرة نظمها الملتقى الثقافي المصري العربي البريطاني تحت عنوان مصلحة الوطن والمواطن فإن نظم الحكم وطروحا ت السياسة لا يجب ان تفصل بين الدين والدولة.
شارك د. كمال الهلباوي كمؤيد بعدم الفصل بين الدين والدوله.. مؤيدا للدولة الدينية... و كل من د. صلاح أبو الفضل ود. حسام عبد الله كمعارضين لهذا الطرح من منطلق ان الإسلام دين روحاني مثل بقية الأديان وأنه علاقه شخصية وفردية بين الإنسان وخالقه.. ولكنهم ومع إحترامهم للثقافة الإسلامية إلا انهم وحفاظا على روح الدين ومن منطلق ضمان الحريات للجميع.. والوصول إلى حق المواطنة المتساوية... فإنهم يؤيدوا فصل الدين عن الدولة..

مرة أخرى كان الحوار ساخنا جدا وإن لم يرقى إلى مستوى الحرية الفكرية.. أو حرية التعبير التي تميّز بها الحوار الأول لخوف الحضور من التطرق إلى أية مناقشه قد تمس الإسلام كدين.... إلا أنه نجح في فتح الحوار.. وإن كان مبتورا نظرا لضيق الوقت وأيضا لخوف المشاركين جميعا من الدخول بصراحة وموضوعية في الأسئله الأهم...

هل ستضمن الدولة الدينية الحقوق الفرديه والمجتمعية في الحرية الفكرية.. وحرية التعبير...
هل ستضمن الدولة الدينية حقوق الأقليات مع ما هو معروف في التراث عن العهدة العمرية في موضوع الأقليات..
هل ستضمن الدوله الدينية حق المرأه في المساواة في الملكيه حين الطلاق.. والمساواة في الميراث.. والدية.. وغيرها من الأمور الحياتية الهامه في مجتمع اليوم الذي زادت فيه الأعباء المادية والمعنوية على المرأه..
ومن ثم والأهم... ما هو دورنا كمواطنين بريطانيين في ردم الهوة السحيقه التي حفرها المتطرفون من رجال الدين بين اوطاننا الجديده والوطن الأم.. من منطلق الحرص على مصالحنا.. مستقبل أولادنا في أوطاننا الجديده.. وحرصنا وخوفنا على المنطقة العربيه..
أليس من واجبنا قول كلمة حق في أن الديانات كلها السماوية منها وما اخترعه العقل البشري منها علاقه خاصة وفرديه للإنسان.. وأنه حر في إعتناق ما يناسبه منها طالما أننا جميعا نخضع لقانون مدني واحد..

هل نرفض الديمقراطية التي ضمنت لنا المواطنة الكامله التي نتمتع بها على إعتبار أنها بدعة غربية.. ونصر على أن الدين هو المرجعية الوحيده للقانون وأن الشورى تتساوى مع الديمقراطية... خاصة مع معرفتنا الكامله لما تتعرض له هذه القوانين من تأويلات وتفسيرات متعدده ومختلفه.. فيها الكثير من الظلم والإجحاف لحقوق الأقليات.. ولحقوق المرأه..وأيضا بأن الشورى لا ترتقي بأي شكل إلى مستوى الديمقراطيه التي هي حكم الأغلبيه..
أسئلة عديده راودتني اثناء الحوار وبعده...ثم لماذا وماهو الهدف من هذا الحوار.. هل سيصل المد الديني الإسلامي إلى لندن...؟؟؟؟

 ولكني ذهبت بعد هاتين المحاضرتين لمشاهدة فيلم بريك لين..الذي يحكي قصة فتاة فقيرة من قرية نائيه في بنغلاديش.. زوّجها والدها لرجل في عمرة يعمل ويعيش في لندن.. الفيلم يحكي قصة معاناة الفتاة المسلمه المغتربة.. البعيدة عن كل ما هو عادي ومألوف في قريتها.. إضافة إلى حياتها مع زوج قبيح سخيف يتأرجح بين كونه بريطاني وكونه بنغلاديشي خاصة في معاملته وتربيته لبناته.. ولكن هذا الزوج يصحو فجأة.. في إجتماع لمسلمي المنطقة التي يعيش فيها.. هدفه سلخ مسلمي الحي عن المجتمع البريطاني تحت تبرير التضامن مع المسلمين في كل مكان.. وهنا يصحو الرجل إلى أن مصلحته الأولى ليست مع غرباء حتى وإن شاركوه الديانه ولكن مصلحته في وطنه الجديد الذي كفل له حقوقة الإنسانية بما فيها حقه في المساواة الكاملة مع المواطنين الأصليين....وهذا هو دورنا...

قول كلمة حق تقرّب بين العالمين الشرقي والغربي حتى وإن كانت نقدية وجارحه احيانا للخروج من عملية الجهل والتجهيل التي إستمرأ رجال الدين اللعب بها على عقولنا لتجهيلنا.. أسلمة المجتمع التي لا تبرز إلا على رأس المرأة وجلبابها بينما تتغاضى عن كل الإنتهاكات المجتمعية الواقعه على المرأه وعلى الأقليات هي المثل الأكبر لتطرف العالم الإسلامي.. المناداة بالدوله الدينيه خطر على الجميع ويجب التصدي له. أما خطر التطرف المسيحي.. فإنه وفي ظل الديمقراطية وحرية التفكير.. وحرية التعبير سيجد العديد من المفكرين الذين يتصدون له...

أحلام أكرم

 كاتبة وناشطه في حقوق الإنسان


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com