بعد إسنا – أين ؟

بقلم / منير بشاى – لوس انجلوس

لم يكن الإعتداء الاخير ضد أقباط إسنا مفاجئة لأحد . ففى ظل الجو العام الذى يسود مصر هذه الأيام والمشحون بمشاعر الكراهية والتعصب الأمرالطبيعى أن تحدث مثل هذه الأعتداءات . وفى غياب تبنى برنامج عملى لعلاج المشكلة فالمتوقع ان الاعتداءات ستستمر وتتصاعد . ليست هذه نظره متشائمة ولكنها واقعية تماما يؤيدها ما يجرى فعلا على الساحة فى العقودالأخيرة وبالذات منذ قيام ثورة 52 وعملية التركيز على القومية العربية على حساب هويتنا وثقافتنا وانتمائاتنا المصرية الوطنية .

ونتج عن هذا معاملة الأقباط كغرباء فى وطنهم وأعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية وتهميشهم فى جميع مناحى الحياة . وتطورت الأمور الى أسوا مع زيادة الجرعة الدينية وظهور تيارات  العنف الأصولى التى أدت الى سلسلة من الهجمات الشرسة ضد الأقباط . بداية بالخمسينات من القرن الماضى وحادث السويس الشهير ومرورا بأحداث الخانكه والزاوية الحمراء ثم امبابه وكفر دميان وسمالوط وملوى والمنيا ومنشية ناصر وأسيوط وطما وطهطا وقنا وصنبو وفى نهاية القرن بقرية الكشح وانتهاء بالأسكندرية وبمها والأن بمدينة إسنا .  والسؤال الأن ماذا بعد اسنا ؟  متى وأين سيطل علينا الأرهاب بوجهه القبيح  بهجمة جديدة يروع فيها الأقباط المساكين العزل ويقتل النساء والشيوخ والأطفال ويحرق ويدمر المساكن والمتاجر والمزارع والكنائس؟

فى صميم المشكلة يأتى دور التشخيص الخاطئ . ولا أظن أن الخطأ قى  التشخيص هو نتيجة جهل بالأمور بل فى اعتقادى أنها محاولات من المسئولين يانكار الواقع و دفن الرؤوس فى الرمال وأقناع أنفسهم أن المشكلة غير موجودة او أنها ليست من الخطورة التى هى عليها . ويتصورون بذلك أن الزمن كفيل بالعلاج . من التشخيصات الخاطئة التى نسمعها بعد كل اعتداء المزاعم التى تقال أن الذى قام بها هو شخص مختل العقل أو أن الأمر مجرد نزاع بين فردين أو أنها تصرفات من صبية ، ثم بعد ذلك نسمع الشعارات التقليدية عن النسيج الواحد والمحبة والالفة التى تسود الجميع وكيف أنهم يجاملون بعضهم بعضا فى الافراح والأتراح ولاتوجد مشاكل بالمرة بينهم  .

وهذا التشخيص الخاطئ طبعا لا يمنع وقوع المحظور ، الذى يقود الى خلل أخر وهو العلاج الخاطئ . من أساليب العلاج الخاطئ هو البطء فى استجابة قوات الأمن للحوادث والذهاب عادة بعد أن تتم الجريمة . أيضا من الأساليب الخاطئة هو اجراءات العلاج التجميلى مثل اصدار بيانات الأدانة والشجب والأستنكار بالكلام دون عمل . وكذلك ما رأيناه متبعا فى الأونة الاخيرة من محاولة عمل مجالس صلح عرفى لإنهاء النزاع دون اللجوء الى القضاء وضمان معاقبة الجناة وتعويض المتضررين . أيضا من الممارسات الخاطئه والظالمة فى نفس الوقت هو محاولة الإدانة الجماعية والقبض على الظالم والمظلوم مراعاة للتوازنات فى المجتمع وبعد ذلك غالبا ما يعفى عن الطرفين وتنتهى الأمور بأحساس المظلوم بالغبن وأحساس الظالم أنه لا يجد من يردعه ويضع حدا لجبروته وسطوته .

والحل هو فى يد الدولة وحدها وذلك إذا توفرت لديها الإرادة للبدء فى برنامج يحل المشكلة من جذورها . ولكن حتى الأن يبدو أن هناك قناعة لدى الدولة أن علاج مشاكل  الأقباط سيفتح عليها أبواب جهنم من جهة المتطرفين الذين سوف يتهموها بالتودد والتقرب من المسيحيين الكفار.

والدولة طبعا تزايد على التيار الاسلامى المتشدد وتريد أن تظهر نفسها انها اكثر اسلاما منهم وأكثر تشددا ضد الكفار..

أعود للسؤال : بعد إسنا -  أين ؟

طالما لا يوجد برنامج لحل المشكلة من الجزور فالأمر لا يتعدى الأنتظار حتى نسمع عن حادث جديد ... فى مكان جديد..

وكان الله فى عونكم يا أقباط مصر


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com