ماذا بعد صدور قرار البرلمان الأوروبي

ضد الحكومة المصرية؟

حركة الإخوان الانتهازيون لماذا لم

تنتقد القرار باعتباره تدخلاً خارجياً؟! 


تحقيق- هاني دانيال


لا تزال تداعيات قرار البرلمان الأوروبي بخصوص انتهكات حقوق الإنسان في مصر مستمرة، وخاصة مع تصاعد حملات الاحتجاج الرسمي والشعبي على هذا القرار، وهو ما دعا البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية إلى النظر في الخطوة المقبلة تجاه مصر، خاصة وأنه جرى اتخاذ خطوات عملية للرد على ما قاله المسئولين الرسميين في مصر ضد البرلمان الأوروبي واتهامه بالازدواجية، وغيرها من الأمور التي اعتاد المسئولين نشرها في حال نشر تقرير أو خروج تصريحات غربية تنتقد أوضاع حقوق الإنسان في مصر.

وبعيداً عن محاولات الشجب والتنديد، أو ترحيب البعض بهذا القرار، وبعيداً عن انتهازية جماعة الإخوان التي استفادت من القرار في أمور معينة ولم توافق على الجزء الثاني، دعونا نتعرف على أصل الموضوع والقصة كلها، وكيفية إدارة الأزمة مع المجتمع الدولي.
في البداية أكد حسام زكي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في إحدى اللقاءات التي عقدتها وزارة الخارجية أنه من الأفضل أن تلتفت تلك الدول إلى ما يعانيه مواطنوها من انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان قبل أن تحكم على حاله دول أخرى، وأن هذا القرار لا تقبله مصر حكومة وشعباً على الإطلاق لأنه يتدخل في شئون داخلية لا يحق الحديث عنها، وعن خطوة استدعاء سفراء الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي قال زكي أن هذا كان من أجل إبلاغهم رفض القاهرة القاطع لمشروع القرار المقدم إلى البرلمان الأوروبي حول حالة حقوق الإنسان في مصر، وما كان من المفروض أن تصمت مصر على هذا، بل كان عليها التعبير عن رفضها وأسفها الشديد مما حدث بالطريقة التي تراها، ومهما حدث ستظل مصر شامخة ولا تؤثر فيها شيئاً!

من ناحية أخرى كان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان شاهداً على ما قبل التصويت على قرار البرلمان الأوروبي، حيث شارك المركز يومي 29 و30 نوفمبر 2007 في مؤتمر دولي في هولندا حول تقييم أثر سياسات حقوق الإنسان، وقد خصص المؤتمر جزء من جلساته حول تقييم سياسات الاتحاد الأوروبي لدعم حقوق الإنسان في مصر، وقد نظم المؤتمر منظمة الهدف من أجل حقوق الإنسان (اللجنة الإنسانية لحقوق الإنسان سابقاً) وشارك فيه نحو 40 مشارك ومشاركة ممثلين لمنظمات غير حكومية وجامعات من هولندا، وممثلين عن المفوضية الأوروبية، ومنظمة العفو الدولية، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، وعدد من المنظمات المصرية.
وأكد معتز الفجيري مدير البرامج بمركز القاهرة أن هذا المؤتمر كان به بعض الملاحظات على الحكومة المصرية، وأن المركز عضو في الشبكة الأورومتوسطية، وبالتالي كانت مشاركته في هذا المؤتمر عادية ولا غبار عليها، أما عن الكلمة التي لم تعجب البعض واعتبروها مقدمة للقرار الأوروبي.. قال الفجيري أنها تركزت على أنه بالرغم من أن حقوق الإنسان هي أحد المحددات الأساسية للاتفاقات المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والحكومة المصرية، والتي كان آخرها إقرار خطة العمل المصرية الأوروبية في إطار سياسة الجوار الأوروبية في مارس 2007، وقد تلقت بمقتضاها الحكومة المصرية مساعدات مالية تقدر ب 558 مليون يورو لتنفيذ مشاريع في مجالات التنمية الاقتصادية، والتجارة، وحقوق الإنسان، والحكم الجيد، إلا أن السياسات العملية للاتحاد الأوروبي مع الحكومة المصرية تتجاهل الاهتمام بإثارة أولويات حقوق الإنسان في مصر بموجب هذه الاتفاقات.

أوضح الفجيري أنه منذ بداية المفاوضات بين الجانب المصري والأوروبي كانت هناك توقعات كبيرة من جانب منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية بأن سياسة الجوار ستمثل فرصة حقيقية لإصلاح مسار الشراكة الأورومتوسطية في مجال دعم حقوق الإنسان، لكن هناك العديد من النواقص التي شابت خطة العمل المصرية الأوروبية المشتركة، والتي خيبت آمال المجتمع المدني حيث صيغت المعايير التي اشتملت عليها خطة العمل بعمومية شديدة، ودون أية أولويات في التنفيذ أو التزامات زمنية واضحة وهو الأمر الذي قد يحولها إلى مجرد نص أدبي غير قابل للتنفيذ العملي، كما تجاهلت الخطة بعض القضايا الهامة والتي تعد من أولويات حقوق الإنسان في مصر مثل سياسات مكافحة التعذيب، وأعطت الخطة ضوءاً أخضر للحكومة لإقرار قانون جديد لمكافحة الإرهاب رغم التحذيرات التي شدد عليها المجتمع المدني أثناء المفاوضات من أن هذا القانون سيمثل خطورة كبيرة على أوضاع حقوق الإنسان والديموقراطية في مصر، كما اتخذت الخطة من التشريعات الوطنية مرجعية لها عند الحديث عن تنمية دور المجتمع المدني، مع إغفال الفلسفة القمعية التي تقوم عليها هذه التشريعات والتي تقيد حرية واستقلال مؤسسات المجتمع المدني.

وطالب الفجيري بضرورة إعطاء أولوية لحقوق الإنسان في أية مباحثات سياسية ودبلوماسية تجمع الاتحاد الأوروبي مع الحكومة المصرية، واعتبار الديموقراطية وحقوق الإنسان أولويات استراتيجية لتحقيق الأمن والاستقرار المستديم في المنطقة الأورومتوسطية، وأن تكون مرجعية القانون الدولي لحقوق الإنسان هي الأساس وعلوها على أية تشريعات وطنية تتذرع بها الحكومات لأية تفسيرات لخطط عمل سياسة الجوار أو برامج العمل المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وشركائه في جنوب المتوسط وخاصة فيما يتعلق بحرية واستقلال مؤسسات المجتمع المدني، كما طالبت التوصيات المفوضية الأوروبية بضرورة وضع خريطة طريق تفصيلية لخطة العمل، توضح الإجراءات والسياسات المطلوبة للوفاء بأهدافها، وأولويات تطبيق بنودها من الناحية الزمنية، وخطة تقييم تفصيلية لمتابعة التقدم في التنفيذ.

على الجانب الآخر قال مدحت قلادة المستشار الإعلامي لـ "الأقباط متحدون" أن الولايات المتحدة الأمريكية أدانت حقوق الإنسان في روسيا ولكن الحكومة الروسية أو الشعب الروسي لم يتشنج ولم تظهر مثل هذه الانتقادات كما ظهرت من الحكومة المصري والرأي العام، خاصة وأن قرار البرلمان الأوروبي اعتمد على معلومات مؤكدة، ولكن للآسف ردود الفعل هذه تثبت مقولة "كلما ازدادت الفكرة هشاشة كلما ارتفع الصوت"، فالدفاع هش، والصوت الذي ظهر صوت غوغائي.
أوضح قلادة أن ما حدث أيضاً يكشف عن تخلف الدبلوماسية المصرية في التعامل مع مثل هذه الأمور، ويثبت أيضاً أن مصر بعد الثورة لا تعمل دبلوماسية، والدليل وزير الخارجية أبو الغيط نفسه حين قال أن الرئيس مبارك يضع السياسات والباقي ينفض، ويثبت أن الوضع عشوائي، بينما يتم إغفال أن السفارات الأجنبية في مصر تنقل بكل دقة ما يحدث، وبالتالي هناك بالفعل انتهاكات لحقوق الإنسان لا يمكن إنكارها بأي شكل كان.

فالواقع يثبت أن هناك اضطهاد، والدليل أحداث الأسكندرية، دشنا، إسنا، أحداث خطف البنات... كلها وقائع منشورة في صحف محلية وعالمية، قضية محمد حجازي التي أثيرت منذ فترة ولا تزال، فلماذا يتشنجوا إذاً؟ لماذا لا يتم الرد بصورة أكثر حضارية؟ لماذا لا يتم الرد بدليل حقيقي وليس بالصوت العالي والتشنج والمعلومات الكاذبة؟

وعن رفض الأحزاب لقرار البرلمان الأوروبي وقبول الإخوان هذا القرار قال قلادة لا يوجد أحزاب في مصر، والأحزاب في مصر أحزاب كارتونية، فهناك أحزاب أمنية، ومنها ما هي حجرة وبها رئيس حزب يقول ما يشاء دون رابط أو ضابط، فلا يوجد في مصر حياة سياسية بالمفهوم المعروف، أما الإخوان المسلمين موقفهم يثبت أنهم انتهازيين ودليل ذلك رد فعلهم على البرلمان الأوروبي، يحاولون الفوز بكل شيء، فإذا نظمت كفاية مظاهرة تجدهم فيها ليقولون نحن هنا، وإذا نظم حزب مظاهرة أو فعاليات معينة تجدهم متواجدون، ولذلك يمكن أن نطلق عليهم حركة الإخوان الانتهازيين!

وحول رد فعل الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب على القرار قال قلادة بأنه عبارة عن آلة وسط المجتمع المصري، وفقد مصداقيته أمام الشعب وأمام المجتمع الدولي، فأسلوب التخوين الذي يستخدمه ضد مؤسسات المجتمع المدني هو نفس الأسلوب الذي يعتمد عليه العسكر، وأثبت غباء سياسي، لأنه يعرف الواقع والكذب ليس في صالحه، وتصرفه بالعصبية يوحي بأنه ليس رجل سياسي، ومن ثم أتوقع أن البرلمان الأوروبي لا يملك إلا فضح هذه الأنظمة، ولكن هذا يضمن تضييق الخناق على مصر، وللآسف الخاسر مصر، بينما النظام يفوز في أمورٍ كثيرة.

وحول الخطوة المقبلة وضمان إنهاء الأزمة أوضح قلادة أنه للأسف الحكومة المصرية اعتادت على الكذب، يمكن أن تعد بالإصلاح، ولكنها لا تقوم بشيء، مصر وقعت على اتفاقيات وعهود كثيرة ولكنها لا تلتزم بشيء، تعمل الآن على التهدئة مع البرلمان الأوروبي.
أسلوب الغوغائية في الصحف الأمنية أو الصحف المرتشية من أجل تجميل الواقع، فالحكومة لا تملك الاصلاح، ولكن ما هو نحن متأكدين منه أن الدول الأوروبية ليس لها مصلحة في المنطقة مثل أمريكا، وبالتالي لن تعمل بمثل ما تفعله أمريكا من ازدواجية في المعايير وردود الفعل.
يبقى أن نشير إلى النقاط التي وردت في قرار البرلمان الأوروبي وأغضبت الحكومة المصرية، وهي كما يلي:


 

1. التأكيد علي أهمية العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي من أجل الاستقرار والتطوير في المنطقة الأورومتوسطية، والترحيب بعملية الإصلاح السياسي التي تسعى السلطات المصرية لتحقيقها.

2. التأكيد على أن احترام حقوق الإنسان قيمة أساسية في اتفاقية الشراكة الأوروبية المصرية وإعادة التأكيد على أهمية الشراكة الأورومتوسطية في تعزيز دور القانون والحركات الأساسية.

3. التأكيد على الدور الإيجابي والرئيسي الذي تلعبه مصر في عملية السلام في الشرق الأوسط ومطالبة اللجنة والمجلس بدعم هذا الدور.

4. مطالبة مصر بالتخلي عن قوانين الطؤاري إذا كانت مصر تريد دعم الديموقراطية ويجب ألا تستبدل حالة الطواري بقانون مكافحة الإرهاب المقترح حالياً والذي يفرض قيوداً استبدادية على نشطاء السلام وحرية التعبير عن الرأي لدى منظمات المجتمع المدني.
نطالب بالإفراج الفوري عن أيمن نور، ونحث اللجنة الأوروبية على الدفاع عنه والقيام بزيارة قريبة له تضم أطباء مختصين لتقديم رعاية صحية جيدة له.

5. المطالبة بإنهاء أي نوع من ممارسات التعذيب أو المعاملة السيئة والتدخل عندما يكون هنالك شكوى حول وقوع حالات تعذيب.

6. المطالبة بضرورة دعم وتعزيز استقلال السلطة القضائية عن طريق إلغاء أو تعديل القوانين التي لا تضمن الاستقلال القضائي خاصة جميع الترشيحات الخاصة بالمناصب العليا في القضاء بما في ذلك مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الدستورية العليا. بحيث لا تكون تلك التعيينات بتدخل مباشر من السلطة التنفيذية.

 

7. التأكيد علي أهمية احترام وحماية حرية المجالس والمطالب القضائية بما يتفق مع البندين 8، 9 من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة من أجل استقلال القضاء.

8. المطالبة بالوقف الفوري لجميع حملات التشهير في وسائل الإعلام وإجراءات الملاحقات والإجراءات التعسفية والتأديبية ضد القضاة الذين يسعون من أجل حرياتهم في التعبير وتكوين الجمعيات.

9. المطالبة بإلغاء إحالة المدنين إلى المحاكم العسكرية وتعديل قانون المحاكم الاستثنائية رقم 25 لسنه 1966 من أجل حصر هذا الاختصاص في محاكمة الضباط العسكريين المتهمين بارتكاب جرائم عسكرية والجرائم المرتكبة داخل الوحدات والثكنات العسكرية فقط.

10. المطالبة بإنهاء تدخل أجهزة الأمن في جميع مناحي الحياة العامة وفي جميع أنشطتها، والمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية، بما فيها الإجراءات القضائية المتخذة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء منظمات تعتبرها الحكومة معادية لها.

11. دعم حملة المنظمات غير الحكومية من أجل حرية التجمعات وتشكيل الجمعيات والأحزاب، والتي بدأت في 13 مايو 2007 بمشاركة 34 منظمة غير حكومية، كمتابعة لأول تقرير جماعي حول "المضايقات الأمنية والإدارية".

12. دعوة الحكومة المصرية لتنفيذ كل بنود الاتفاقيات التي قامت مصر بالتوقيع عليها فيما يتعلق بحقوق اللاجئين عامي 1967 و1969، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمالة المهاجرة وأفراد أسرهم والموقع عليها في 1993، ودخلت حيز التنفيذ في 2003.

13. التأكيد على تخصيص موارد مالية من ميزانية الأنشطة المتعلقة بمواجهة العنف ضد المرأه، وتشديد العقوبات في الجرائم التي تصنف على أنها عنف ضد المرأه، مثل الضرب والإجهاض الإجباري.

14. تقديم دعم قوي للحريات الأكاديمية، وحرية وسائل الإعلام، والحرية الدينية، ووضع حد التميز بين المواطنين على أساس جنسهم أو دينهم أو عرقهم أو أي أساس آخر، ويكون كل ذلك ضمن ورقة العمل المشتركة بين الاتحاد الأوروبي ومصر.

15. الإعراب عن القلق البالغ إزاء تنامي دور التعصب الديني في المنطقة.

16. إبلاغ الرئيس المصري بتمرير هذا القرار للمجلس والمفوضية والحكومات وبرلمانات الدول الأعضاء ودول حوض البحر الأبيض المتوسط التي وقعت على اتفاقية برشلونة وإلى رئيس الاتحاد الأورومتوسطي.

17. مطالبة مصر بوقف العبور غير القانوني للأسلحة والأشخاص والأموال والموارد التي قد تستخدم بصورة سيئة في أعمال إرهابية، وأن مصر ليست فقط جزءاً من المشكلة، وإنما يجب أن تكون جزءاً من الحل.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com